إيلي الفرزلي – جريدة “الأخبار”
في ترشيحات حركة أمل، اسم يفضّل العمل في الظل على الظهور الإعلامي. قد لا يبدو اسمه معروفاً عند كثير من اللبنانيين، لكن في «الحركة» كل الأجيال تعرفه. هو الذي رافق الإمام السيد موسى الصدر في البدايات وأكمل الطريق مع «الأخ نبيه بري» ولا يزال. المرشح عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي محمد نصرالله ليس من المنطقة، لكنه يعد بأن يكون على قدر آمال من يمثّل
بين نصرالله والحركة تضيع الفوارق. عمره من عمرها، وتاريخه من تاريخها، هو الذي لم يخرج يوماً من عباءة الإمام الصدر.
بدأت تجربته الحركية مع الصدر في عام 1974، وصار عضو منطقة في عام 1975، قبل أن ينتقل إلى الأردن طالباً للدراسة في عام 1977، بمنحة من حركة أمل. كان الصدر حينها يعطي الأولوية القصوى للتعليم، واثقاً بأنه الطريق الوحيد لمواجهة التحديات القادمة. تلك المنحة، كانت واحدة من عشر تقدمها الدولة الأردنية سنوياً للإمام الصدر، إضافة إلى منح من دول عربية أخرى كسوريا والجزائر.
عاد الحركي الشاب من الجامعة إلى الحركة، مجازاً في إدارة الأعمال والاقتصاد. في عام 1980 تفرّغ محمد نصرالله في الحركة، ولا يزال متفرغاً حتى يومنا هذا. باختصار، كانت «أمل» وظيفته الوحيدة طوال حياته المهنية – الحزبية. تنقل في مناصب عدة، كان أولها مسؤول منطقة بئر العبد، قبل أن يرأس إقليم بيروت لعشر سنوات. بعدها تسلّم مسؤولية المكتب التربوي المركزي، ثم المكتب الثقافي المركزي، وصولاً إلى رئاسة الهيئة التنفيذية، في عام 2006، وهو المنصب الذي لا يزال يشغله حتى اليوم، فضلاً عن عضويته في المكتب السياسي للحركة منذ عام 1983، ولاحقاً هيئة الرئاسة.
في التصنيف الحركي، يعتبر نصرالله ركيزة الجناح المتدين في «أمل». وصفحته على تويتر تؤكد هذا التصنيف. للمناسبة، استحدثت الصفحة في اليوم الذي رشّحه فيه الرئيس نبيه بري للنيابة، وأول الغيث كان «برنامجنا الانتخابي كانتمائنا الحركي سنحاسب أنفسنا عليه أمام الله».
خلال ثلاثة أيام من افتتاح الصفحة، كانت الأولوية للشهداء الذين لا يغيبون عن أحاديث «الحاج أبو جعفر»، تماماً كما الإمام الصدر الذي عاهده وعاهد الشهداء وأهالي البقاع الغربي ولبنان على أن يبذل الجهد لخدمتهم «وأن يوفّقنا الله في مهمتنا الجديدة».
يحمل نصرالله كل إرثه الحركي، متفهماً وجود جو اعتراضي في القرى الشيعية في البقاع الغربي. هم يسألون: ألا يوجد في المنطقة كوادر قادرة على ملء المقعد المخصص لهم؟ وهو يعتبر نفسه، ثقافياً وأخلاقياً واجتماعياً، جزءاً من نسيج تلك المنطقة، كما كل لبنان. يسأل «أيهما يفيد المنطقة أكثر، مرشح من خارجها يؤمن بمبادئ أبنائها وثقافتهم المقاومة، أم مرشح من داخلها لا يؤمن بهذه المبادئ»؟ وعليه، يبدو أبو جعفر واثقاً من أن أهل المنطقة يدركون أهدافهم الاستراتيجية وهم لا يضيعيون البوصلة.
في قيادة الحركة، ثقة أيضاً بأن موجة الاعتراض لن تدوم طويلاً، انطلاقاً من تفهم حقيقة أن وجود قيادي من طينة نصرالله، سيعزز تمثيل المنطقة في المجلس النيابي وينقل نبضها وحاجاتها إلى مركز القرار.
في وعوده إلى أبناء المنطقة، يسعى أبو جعفر إلى الحذر من المغالاة. يعد بتقديم أقصى ما نستطيع ضمن الإمكانات والظروف المتاحة، قائلاً إن لمن ينتخبه عليه حق الصدق بالتعامل والقيام بالواجب الممكن خدماتياً ورقابياً تشريعياً.
المرشح الذي يستعد لافتتاح مكتب دائم في المنطقة، سيكون له منزل هناك أيضاً، على أن يزورها في كل نهاية أسبوع، تماشياً مع متطلبات الترشيح ثم العمل النيابي. هي نقلة نوعية يتهيأ أبو جعفر لأن يخطوها من رئاسة الهيئة التنفيذية، التي هي بمثابة رئاسة حكومة الحركة المؤلفة من 23 عضواً، إلى النيابة حيث سيكون واحداً من 128 نائباً يمثلون الأمة جمعاء. لكن هل سيعني ذلك استقالته من منصبه الحزبي؟ يقول مرشح «أمل» في البقاع الغربي إن نظام الحركة لا يمنع الجمع بين منصبين، سياسي وحزبي، إلا أن ذلك تحدده في النهاية طبيعة العمل وظروفه في المرحلة المقبلة.