غداً هو اليوم العالمي للمرأة، وفي هذا اليوم يسيل الحبر سخياً مقالات وكلمات، وتزدحم المنابر بالخطباء والمتكلمين، دفاعاً عن حقوق المرأة، ودعماً للمساواة مع الرجل
وأضاف الرئيس عون، ماذا عن الثلاث مئة والأربعة وستين يوماً الباقية من السنة؟ أين هي المرأة فيها وأين حقوقها؟.. بين ضياع الحقوق واستعادتها اثنان معنيان، الرجل والمرأة، ثم القوانين التي تربط بينهما
كما وقال، إن مجتمعاتنا هي ذكورية بامتياز، تبدأ منذ الولادة حيث ينتظر الجميع ولادة الصبي، وحيث يكنّى الأب والأم باسم الصبي ولو كان أصغر أولادهما، ما يرسّخ في اللاوعي الجماعي فكرة أن المرأة هي مواطن من الدرجة الثانية، ومن هنا يبدأ التمييز والاجحاف
ومن الناحية الاقتصادية صرح الرئيس عون قائلاً: في سوق العمل، الإدارة غالباً للرجل، والوظائف الأساسية في معظمها له، بينما في الفعالية والانتاج نجدهما متكافئين، لا بل نجد المرأة في أحيان كثيرة تتفوق على الرجل خصوصاً لما تتميّز به من صبر ومثابرة والتزام، وسلاسة في التعاطي مع الآخرين
ومن ناحية أخرى قال الؤئيس عون: في السياسة، الدور الأساسي والقيادي للرجل، هو رئيس الحزب، هو النائب، هو الوزير… ولو حصلت بعض الاستثناءات
كما وتطرق الرئيس الى القانون قائلاً: في القوانين المدنية لا يزال هناك عدم مساواة في البعض منها على الرغم من أن الدستور اللبناني لا يحمل أي تمييز بين المرأة والرجل، أما في قوانين الأحوال الشخصية، فالإجحاف بحق المرأة واضح، وإن على درجات، ويختلف من طائفة لأخرى
وأضاف: الحقوق الغائبة والقوانين المجحفة، للأسف، لا تزال موجودة ولن أعددها اليوم، فكلكّم تعرفونها، منها ما يتسبّب به التشريع والقوانين، وبخاصة قوانين الأحوال الشخصية، ومنها ما تغطيه رواسب تقاليد وأعراف وثقافة وتربية
كما وسلط الضوء الرئيس على المساواة وقال: مطلوب اليوم ، يُختصر بإزالة الفوارق القانونيّة والاجتماعيّة بين الرجل والمرأة، وتعزيز المساواة بالممارسة، على قاعدة الكفاءة والجدارة
وأضاف:أول الطريق تبدأ بترسيخ القناعة في مجتمعنا وتربيتنا وثقافتنا بأنّ المرأة والرجل متساويان في الحقوق والواجبات، وأن المرأة شريك أساس في بناء الوطن والمجتمع، وفي صنع القرار السياسي
ثم قال: بعدها تأتي المعالجة التشريعية في المجلس النيابي، لإقرار ما يلزم من القوانين التي تشكّل التطبيق العملي لمقولة التساوي في الحقوق والواجبات. وهنا لا بد من تضافر كل الإرادات حتى لا توضع العراقيل وتضيع القوانين
وصرح الرئيس: يبقى الأهم دور المرأة نفسها، ولها أقول: يعلّمنا التاريخ وتطور المجتمعات أن الحقوق تؤخذ ولا تعطى، فاسعي وراء كل ما تعتبرينه حقاً لك، وخصوصاً في العمل السياسي
ووجه كلامه الى المرأة قائلاً: لا تنتظري أن يتنازل لك الرجل عما يعتبره دوره وحقه، لا تنتظري أن يعطى دورك كمنحة أو هبة من خلال كوتا ما، خذي المبادرة واعتلي المنابر، افرضي حضورك وخوضي غمار السياسة من باب الفاعل لا المتلقي، وإن وجدت فيك مقومات القيادة أقدمي ولا تتردي
وفي نهاية كلامه قال الرئيس عون: لا تسمحي للمجتمع الذكوري أن يؤثر على تفكيرك وأقول ذلك لأن الإحصاءات الانتخابية مؤخراً أظهرت أن المرأة نادراً ما تعطي صوتها لامرأة
وختم: نصيحتي للجمعيات التي تعنى بالمرأة وبحقوقها: وحدّوا جهودكم ووحّدوا مطالباتكم. اجعلوا من صوت المرأة واحداً؛ ففي وحدة الصوت قوة له، وبقوّته تزداد فعاليته
لا يزال هناك قوانين في تشريعنا تجاه المرأة تشكل نقطة مسيئة، لحضارتنا وثقافتنا، لبيروت أم الشرائع ولأول مدرسة حقوقية في العالم، ولكنها قبل كل ذلك تشكل نقطة مسيئة لضمائرنا ومشاعرنا، وقد آن الأوان لتعديلها.