اكتفت وزارة الداخلية بتجهيز مركزين نموذجيين مزودين بمصاعد كهربائية لتسهيل مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنّين في العملية الانتخابية المقررة في 6 أيار من أصل 1800 مركز اقتراع
تشهد وزارة الداخلية ورشة لا تهدأ. التحضيرات اللوجستية تتسارع لإنجاز العملية الانتخابية. لوائح الشطب. صناديق الاقتراع. العوازل الجديدة. المحابر. الشاشات. المكننة. استعدادات لإقفال المهلة الرسمية لإنجاز اللوائح. ألوان اللوائح وكل ما يتناسب ومستلزمات القانون الجديد.
وحدها التجهيزات المتعلقة بكيفية مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في الانتخابات لا تزال ضعيفة، علماً بأن هذه الشريحة من اللبنانيين باتت تشكل “نسبة 15 بالمئة من المجتمع اللبناني حسب إحصاءات عام 2011 التي وردت في تقرير للبنك الدولي»، وفق اتحاد المقعدين اللبنانيين.
في الاستحقاقات الانتخابية من 1992 حتى 2016 (نيابية وبلدية)، انتهكت السلطات المتعاقبة حق هذه الشريحة بالانتخاب والترشح. تمثل ذلك في أمور كثيرة؛ أبرزها غياب تجهيزات الحد الأدنى التي تسهل وصول هؤلاء إلى المراكز والأقلام للاقتراع.
هذا الواقع دفع الهيئات التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، ومنها اتحاد المقعدين اللبنانيين، إلى المناداة بحق الأشخاص المعوقين المشاركة في العملية الانتخابية ترشيحاً واقتراعاً. ومع كل دورة انتخابية، يعيد الاتحاد تذكير الوزراء المتعاقبين على وزارة الداخلية والبلديات بضرورة تسهيل هذه المشاركة، ولا سيما بعد إقرار القانون 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوقين، وتبني هيئة الوزير فؤاد بطرس في قانونها الانتخابي مطالب الحملة، ثم إدراجها في قانون الانتخابات 25/2008، المعدل بموجب القانون 59/2009. وبناءً عليه، أطلق الاتحاد في عام 2005 حملة “حقي” الوطنية، الهادفة الى تأمين “مشاركة سياسية فعلية للأشخاص المعوقين في لبنان».
ومع الشروع بالتحضير للانتخابات المقبلة، جددت “حقي” حملتها، وتقدمت من وزارة الداخلية بدراسة تتضمن الاقتراحات الهندسية الواجب اعتمادها في مراكز الاقتراع، حتى تصبح قادرة على استقبال الأشخاص المعوقين للإدلاء بأصواتهم.
تقترح هذه الدراسة “تجهيز 10 مراكز نموذجية لاقتراع ذوي الاحتياجات الخاصة والمعوقين، في المحافظات والمدن الكبرى، على أن يتم اختيارها في مدارس تعود ملكيتها للدولة، بحيث لا تنحصر غاية تأهيلها بفترة الانتخابات»، كما أشار أمين سر اتحاد المقعدين اللبنانيين جهاد اسماعيل، الى أن الدراسة تلحظ جوانب تقنية تتعلق باعتماد “لوائح خاصة بالمكفوفين مكتوبة بلغة “برايل” (الكلمات النافرة) تأتي فوق اللائحة العادية المعتمدة، وذلك حتى يتمكن المكفوف من الاقتراع بمفرده، من دون الحاجة الى مساعدة أحد، وبمغلفات مصممة خصيصاً، فضلاً عن اقتراح برامج تدريبية لرؤساء الأقلام والمندوبين، لتسهيل التواصل بينهم وبين ذوي الاحتياجات الخاصة، وتخصص لوحة ذكية في مراكز الاقتراع وشاشة يعرض عليها بلغة الإشارة للصم معلومات تعرض كل متطلبات عملية الانتخاب.
تبلغ الكلفة التقديرية للتجهيزات المطلوبة، وفق الدراسة، قرابة 50 ألف دولار بدل تأهيل كل مركز، وتتضمن تركيب مصاعد كهربائية وتجهيز مداخل أقلام الاقتراع والمراحيض وغيرها، يقول اسماعيل لـ«الأخبار».
وأكد اسماعيل أن وزارة الداخلية أبدت موافقتها المبدئية على الدراسة، لكن الخطوات العملية لم تنطلق بعد، وسط مخاوف من أن يشكل عامل الوقت، مجدداً، عائقاً يحول دون اقتراع المعوقين، ويأمل أن تكون دورة الانتخابات المقبلة مختلفة عن سابقاتها، فيصار الى الاستفادة من أخطاء الماضي وتلافيها، ويعوّل على حماسة وزير الداخلية نهاد المشنوق وشجاعته في مقاربة الأمور بطريقة غير تقليدية.
في المقابل، أكدت وزارة الداخلية أن البحث في هذا المجال قطع شوطاً مهماً، غير أن تجهيز هذا العدد من مراكز الاقتراع غير ممكن. وأشار المكلف بالإشراف على التحضيرات للعملية الانتخابية الدكتور خليل جبارة الى أن العمل سيقتصر على تجهيز مركزين نموذجيين فقط من أصل 1800 مركز اقتراع، وستزود بمصاعد كهربائية، على أن يحدد مكانهما الجغرافي في سياق عملية تحديد مراكز الاقتراع التي تقوم بها الوزارة.
وقال جبارة لـ«الاخبار” إن دراسة اتحاد المقعدين قيد الدرس من ناحية الإمكانية التطبيقية، غير أن وزارة الداخلية، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية وجمعيات المجتمع الأهلي المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة، وبينها اتحاد المقعدين اللبنانيين، تعمل على مجموعة خطوات من شأنها تسهيل اقتراع المقعدين وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنّين، ومن بينها تأهيل مركزين نموذجيين، وإعطاء الأولوية للمدارس التي فيها طبقات أرضية كي يتم اختيارها كمراكز اقتراع وإصدار تعميم عما قريب من وزير الداخلية بتسهيل دخول ذوي الاحتياجات الخاصة الى داخل مراكز الاقتراع.
تقنياً، وزارة الداخلية في طور تخصيص مغلف يساعد المكفوفين على قراءة الورقة المطبوعة سلفاً، وسيتم إعداد أفلام مصورة بلغة الصم لشرح قانون الانتخاب، موجهة لأصحاب الإعاقة السمعية واعتماد لوائح مكتوبة بلغة برايل للمكفوفين، “على أن كل ذلك سيكون مسبوقاً بحملات إعلانية مكثفة بدأت حول آلية الانتخاب، ومن ضمنها تلك المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة” يقول جبارة.
المصدر: صحيفة الأخبار