أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “المشكلة الأساسية التي يعانيها لبنان تكمن في الفساد الكبير الذي يتمثل بالثقافة والمناخ والجو السائد في المستويات العليا من السلطة، حيث نشعر كحزب أننا غريبون عن أورشليم، فعلى سبيل المثال قال لي احد المسؤولين الكبارفي الدولة عندما كنت أطرح عليه وجوب العمل من أجل مكافحة العمولة إن المشاريع الكبيرة في الدول المتطورة لا تنجز من دون هذه العمولة التي تأخذها شركات وساطة كبيرة وبالرغم من أن ما قاله هذا المسؤول صحيح في الدول الكبير، إلا انه يتم تطبيقه في لبنان بشكل معتور تماما، باعتبار أن لا وجود لشركات وساطة كبيرة في لبنان كي تؤدي هذا الدور، في حين أن السياسيين والنواب والوزراء أو من ينوب عنهم يؤدون هذا الدور ويحلون مكان الشركات الوسيطة من أجل الحصول على العمولة”.
كلام جعجع جاء خلال لقاء “شباب ضد الفساد” الذي نظمه مكتب السياسات العامة في حزب “القوات اللبنانية” بالتعاون مع مصلحة الطلاب في المقر العام للحزب في معراب، في حضور وزراء القوات اللبنانية: نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني، وزير الشؤون الإجتماعية بيار بو عاصي ووزير الإعلامي ملحم الرياشي، النائب فادي كرم، المرشحون: جورج عقيص، فادي سعد وجوزاف اسحق، عضو مجلس إدارة المنظمة الدولية للشفافية المحامية الدولية ندى عبد الساتر، ممثلين عن عدد من المنظمات الطلابية في أحزاب: الكتائب اللبنانية زخيا الأشقر، الوطنيين الأحرار جورج ناصيف، الحزب التقدمي الإشتراكي صالح حديفة والتيار الوطني الحر جهاد سلامة، الامينة العامة لحزب “القوات” شانتال سركيس، رئيس مصلحة الطلاب شربل الخوري، عدد من رؤساء الدوائر والخلايا في مصلحة الطلاب وحشد كبير من الشباب والشابات.
وقال جعجع: “المعادلة لديهم بسيطة وهي أنه من الأفضل أن يتم إنجاز المشروع لو خسرنا القليل من المال كعمولة إلا أن المعادلة عندنا مغايرة تماما فنحن نعتبر أن الافضل هو إنجاز المشروع من دون هدر أي قدر من المال حتى لو كان صغيرا جدا”، موضحا أن “ما نعمل عليه اليوم هو الإنتهاء من الفساد على هذا المستوى من اجل تغيير المناخ العام في الدولة، الامر الذي من الممكن ان يوفر على الشعب اللبناني قرابة الـ4 او الـ5 مليارات دولار، فنحن بحاجة لمسؤولين يتصرفون “حيث لا يجرؤ الآخرون”.
وتابع جعجع: “توفيرنا لهذا القدر من المال سيمكننا من سد عجز الخزينة الأمر الذي سيوقف الإنحدار الإقتصادي، وفي ظل النمو الصغير الذي يمكننا تحقيقه سنتمكن من قلب عجلة الإقتصاد بالإتجاه المعاكس والتقدم ولو ببطء”، مشيرا إلى أن الدول المتطورة لا تسأل عن العمولة بسبب نموها الكبير إلا أننا في لبنان لا يمكننا أن ندفع اي عمولة في ظل الدين العام الكبير الذي يناهز المئة مليار دولار”.
وقال: “نحن لم نوافق على الموازنة هذا العام لأنها لم تتضمن أيا من الإصلاحات التي كنا نطمح إليها، وفي هذا الإطار أسأل ما الضار من مشاركة القطاع الخاص في إدارة قطاع الإتصالات والكهرباء، فعلى سبيل المثال لقد أبدى هذا القطاع استعداده من أجل بناء معامل الكهرباء وتسليمها للدولة منجزة في مهلة لا تتعدى السنة ونصف السنة وكل ما يطلبه بالمقابل هو التعاقد مع شركة كهرباء لبنان من أجل شرائها الكهرباء منه وبكلفة أدنى بكثير من الذي نشتري به اليوم”.
وأكد جعجع ان “معالجة الفساد يبدأ من أعلى الهرم وعندما ننتهي من هذا المستوى ننحدر إلى المستويات الأخرى فإدارات الرقابة موجودة إلا أن العطب الأساسي يكمن في مستويات اعلى، حيث يتم تعطيل عمل هذه الإدارات الرقابية بتدخلات المسؤولين والوزراء”.
ولفت جعجع إلى أن وزراء “القوات اللبنانية” قدموا للناس أداء جديدا في ممارسة السلطة، اعطوا الناس الأمل بأنه يمكن إصلاح هذا البلد”.
وقال: “نحن على أبواب انتخابات نيابية، وفيما يتم التوظيف في بعض الوزارات، قام وزير الشؤون بإنهاء عقود 400 موظف وهذا مثال على التصرف المختلف”.
وشدد جعجع على أن “الوزير يجب أن يكون وزيرا ولا يمكنه أن يكون نائبا في آن معا”، لافتا إلى أننا “اعتدنا على وزراء يأتون إلى الوزارات من أجل القيام بخدمات لشعبيتهم أو مرجعيتهم الحزبية، إلا أن هذا الأمر لم يقم به وزراء “القوات” وإنما خدموا الجميع بغض النظر عن الإنتماءات الحزبية وهم بادائهم هذا أكثر وزراء فادوا حزبهم”.
وختم جعجع: “للشعب اللبناني فرصة في 6 أيار من أجل مكافحة الفساد بالتغيير. ويجب أن يدرك الجميع أنه عندما يرتشي الناخب من أجل الإقتراع ليمصلحة طرف ما فهذا هو الفساد بذاته وفي هذه الحال يكون الناخب يشجع المسؤول على الفساد، لذلك أدعوكم كجيل صاعد الا تلجأوا لأي طرف من أجل حل مشاكلكم مقابل صوتكم”.
حاصباني
من جهته، قال حاصباني في مداخلته: “هناك نية صادقة وصريحة بأن نقف بوجه مد الفساد المستمر بتدمير مجتمعنا منذ مئات السنوات باعتبار أن للفساد مستويات عدة”، مشيرا إلى أن “هناك شركات للمياه المعدنية تهمل مسألة تخزين المياه أو التعبئة ويتواطأ فيها موظفون مع مسؤولين في الرقابة وهذا مثال على أن الفساد منظومة كبيرة يشترك فيها أشخاص باعوا ضميرهم وبرروا ما يقومون به وستسمعون قريبا بإقفال شركات مياه كبيرة لأن الفساد لا يهدر فقط المال وإنما يهدر الأرواح”.
وتابع: “تجربتي في مكافحة الفساد في وزارة الصحة وصلت إلى مكافحة الهدر المالي من أجل تخفيض المصاريف، باعتبار أنه الأخطر عندما تختلط المقاربات الفاسدة للعمل مع عدم وجود الضمير وتنتج حالات تسمم ووفاة وحالات سرطانية”.
وشدد حاصباني على أن “الشفافية هي خطوة كبيرة باتجاه مكافحة الفساد، من هنا تأتي أهمية الحكومة الإلكترونية من أجل تخفيف الإحتكاك المباشر بين المواطن والموظف من أجل الحد من استغلال الموظفين لمواقعهم الوظيفية”، معتبرا أن “محاربة الفساد تتم أيضا بتفعيل المؤسسات الرقابية ونحن لطالما طالبنا بتفعيلها، حيث لا يكون هناك أحد فوق القانون حتى لو كان وزيرا أو حتى الحكومة مجتمعة”.
وختم حاصباني: “سلاح المحاسبة بين أيديكم في 6 أيار كما يمكنكم تسليط الضوء على اي حالة فساد تشاهدونها وعلينا ألا نخاف من الملاحقة القانونية لأن هذا حق لنا ونحن مستمرون في هذا النهج لأنه لا يصح إلا الصحيح”.
الرياشي
اما الوزير ملحم الرياشي، فأكد في مداخلته أنه يجب أن “تلغى وزارة الإعلام في لبنان إن كنا نريد أن نكافح الفساد”، معلنا أن “مرسوم الهيكلية الجديدة لوزارة الإعلام قد أنجز ورفع إلى مجلس الوزراء من أجل التصويت عليه وتحويل وزارة الإعلام إلى وزارة تواصل”.
وقال: “القوات اللبنانية” تقوم على العمل المؤسساتي وليس على العمل الفردي”، مشيرا إلى أن “قضية إنشاء نقابة للمحررين أساسية جدا بالنسبة لي لأن هؤلاء هم صناع الرأي العام فإذا ما كان الإعلامي مرتهنا للسياسي، عندها يصبح الرأي العام مرتهنا أيضا إلا أنه عندما نؤمن للاعلامي صندوقا للتقاعد وضمانا للشيخوخة يصبح حرا ويتحرر معه الرأي العام”.
وختم الرياشي: “في هذه الإنتخابات هناك من يريدون بناء الدولة وآخرون يريدون ان يبيعوها. نحن اتخذنا الخيار الأول إلا أن من ينتهجون الخيار الثاني فقد نسوا أن هناك حزبا سيناضل بكل ما لديه من قوة من أجل الوصول إلى دولة قوية تشبهنا وتشبه أجدادنا”.
بو عاصي
وعقب الوزير بو عاصي بمداخلة، قال فيها: “بالنسبة لي لا كبيرة أو صغيرة في الفساد لأن الفساد هو نهج قبل أن يكون ارتكابا، وعندما يدفع المواطن الرشوة للموظف في الدولة من أجل الحصول على خدمة هي بالأساس حق مشروع له يتحول المواطن إلى زبون والموظف إلى تاجر الامر الذي لا يجوز، لذا علينا قبل تقوية أجهزة الرقابة تعزيز منظومة القيم في المجتمع من أجل أن نقتلع الفساد من رؤوس الناس”.
وأشار بو عاصي إلى أن “مفهوم المال العام غامض ومن هنا أتت الفكرة السائدة في مجتمعنا بأن سرقة المال العام ليست سرقة، فيما المال العام مقدس وهو مجموع عرق جبين كل الشعب، وهذا المفهوم هو الذي يجب أن يتم إدخاله إلى رؤوس الناس عبر الأحزاب”، مشددا على أن “منظومة القيم في الدول التي لا فساد فيها وتتمتع بديمقراطية عريقة تقدس تعب الشعب، حيث تأخذ الضرائب من أجل أن تعطي الناس الخدمات بالمقابل”.
وعن تجربته الوزارية قال بو عاصي: “عندما دخلت الوزارة كان لدي قلق مفرط من مسألة الفساد حيث أن القانون يعطيني الصلاحية، على سبيل المثال، لشراء الدواء من دون العودة إلى إدارة المناقصات ولكنني فضلت أن تمر عملية الشراء عبر الإدارة من أجل التثبت من أن لا فساد فيها وهذه الشفافية هي التي ساعدتني في تغيير صورة لبنان أمام الدول المانحة، باعتبار أن الفكرة السائدة سابقا كانت تتمحور حول أن تقرر الجهات المانحة الدولية المشاريع التي تعتزم إنجازها في لبنان، فيما الدولة تقوم بالتلزيم، إلا أنني غيرت هذا المفهوم وأصبحت أقرر ما هي المشاريع التي يجب أن تنجز وهم يقومون بالتلزيم، إذ أننا لسنا تحت انتداب أحد كي يقرر عنا ما نحن بحاجة إليه”.
وختم بو عاصي: “ليس مطلوبا من السياسي أن يكون تقنيا وإنما أن يكون لديه حس الأرض والإنتماء وقادر على اتخاذ القرار من أجل تصحيح الخلل مهما كان هذا القرار صعبا”.
كما تخلل اللقاء مداخلة لعبد الساتر، لفتت فيها إلى “أن الفساد هو استغلال السلطة من أجل تحقيق الربح الخاص، إلى ما يسمى الرشوة أو ما يعمد إليه مسؤولون كبار في السلطة من أجل زيادة ربحهم الخاص”، معتبرة أن “هذا الفساد يتغلغل في النظام على الأصعدة كافة ويتحول النظام في خدمة استمرارية من في السلطة وافقار الشعب أكثر فأكثر من أجل إخضاعه”.
واكدت أنه “يجب مكافحة الفساد من اجل استعادة الكرامة الإجتماعية وعلينا أن نكون عمليين في هذه المسألة، حيث يجب ان نختار الملف الذي نحن قادرون على إنجازه حتى النهاية وإنهائه”، مشيرة إلى انه “علينا أن نكون رجالا في المجتمع”.
وختمت: “كان بالحري على المنظمين إطلاق إسم “قوات ضد الفساد” لأن الشباب يمثلون القوة وأنتم أيها الشباب الحاضرون بيننا تمثلون قوة “القوات”.
كما ألقى الخوري كلمة، قال فيها: “في وقت السلم نحن اليد التي تعمر وفي اوقات الخطر قوات، في وقت الإصلاح نحن قوات، في وقت التصدي للصفقات والسمسرات نحن قوات، في وقت مكافحة الفساد والفاسدين نحن قوات وفي الإنتخابات في 6 أيار نحن قوات”.
اضاف: “إن وعد الحر دين وصوت الشهداء امانة، هكذا كنا وهكذا سنكون في كل الأوقات والظروف لبنانيين، قواتيين ملتزمين بهذا الوطن”، مشيرا إلى ان “لبنان رسالة، لبنان قضية وايمان، وامتداد تاريخي لشعب حجز له إيمانه مكانا في هذه الأرض، ولبنان اليوم يسير في طريق جديد وهو أمام إنطلاقة جديدة وعلينا أخذ العبر من الماضي ونتسلم زمام المبادرة في الحاضر كي نتمكن من صناعة الفارق في المستقبل ونحول لبنان إلى الوطن الذي نحلم به”.
وتابع: “نريد لبنان الانسان، لبنان السيادة والإستقلال، المساواة والعدل والحق، الكفاءة والاخلاق والنزاهة، لبنان الحريات العامة والقضاء المستقل، لبنان اللامركزية الإدارية الموسعة ولبنان الجمهورية القوية”.
كما تخلل اللقاء حوار مفتوح بين الشباب والوزراء، حيث كانت ابرز المداخلات لسلامة الذي دافع عن وجهة نظر “التيار الوطني الحر” في مسألة الكهرباء مدعيا أن اللقاء متمحور حول هذا الملف بالذات، فرد عليه الوزير حاصباني مفندا وجهة نظر “القوات” في هذا الملف.
وفي ختام النقاش قالت عبد الساتر: “أحيي هذا المكان للدمقراطية التي يتمتع بها فهذه ليست المرة الأولى التي اسمع فيها هنا كلاما يتناقض تماما مع ما يراه الموجودون ويدور النقاش بشكل ديمقراطي كامل”.
وقدمت اللقاء الإعلامية جيسي طراد قسطون.