خاص – موقع وزارة الاعلام – مديرية الدراسات والمنشورات اللبنانية
في الخامس العشرين من شهر أيلول للعام 2015 ، اعتمد قادة العالم “خطة التنمية المستدامة لعام 2030” ، ووعدوا بالعمل من أجل عالم أكثر إستدامة يضمن شمل الجميع بهذه الخطة بحيث تتمتع الأجيال المقبلة بنمط حياة متساو وجيد، سبعة عشر هدفاً وضعت في صلب خطة التنمية المستدامة للعام 2030 ،وعقد عليه العزم لمعالجة تحديات مثل الفقر والصحة والتعليم وتمكين المرأة والنمو وعدم المساواة وحماية البيئة والحوكمة لجميع بلدان العالم وليس فقط للبنان
ماهي التنمية المستدامة ؟ من أين نشأت ؟ وعلى ماذا تستند؟
وهل تعالج “أهدافها 17 ” قضايا وثيقة الصلة بلبنان ؟
عن هذه المحاور، يحدثنا ،”الخبير المستقل في التنمية والأجندة 2030 ، ومستشار شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية ” أديب نعمة.
“الإنسان هو المحور الأساسي للتنمية “، يقول أديب نعمة ، وعليه فإن استخدام مصطلح التنمية المستدامة وشطب “البشرية ” منها يعد خطوة غير ذكية ، ويساهم في خلق الالتباس ما بين مفهوم التنمية بشموليتها وما بين مفهوم التنمية المستدامة المتعلقة بالشأن البيئي . انتقد نعمة الاستخدام الترويجي للتنمية المستدامة بوصفها مستندة على أبعاد ثلاثة بيئية واقتصادية واجتماعية دون إضافة البعدين الثقافي والسياسي لها إذ من دون هذين البعدين تصبح التنمية مجتزأة وفاقدة لفعاليتها
أما مرد هذا الالتباس حول التسمية فيرجعه أديب نعمة إلى العام 1987 الذي شهد صدور التقرير الشهير (برونتلاند ، مستقبلنا المشترك ) والعام 1992 الذي شهد (قمة الارض ) مع دخول مفهوم التنمية بقوة ثم انعقاد قمة (ريو زائد 20 2012) حيث بدأ مسار التحضير لأهداف التنمية المستدامة وتم الدمج مع أجندة 2015 وأخذ مسار العمل يتجه صوب الاهتمام البيئي فقط ، فالاهداف البيئية يضيف نعمة ، تشكل 7 أهداف من أصل 17 هدفاً ، وهذا يدل أن المسار البيئي قد لعب دوراً أساسياً أثناء عملية التحضير فضلاً أن الخطاب البيئي يلقى قبولاً لدى دول الشمال لأنه يفتح مجالات الاستثمار بشكل واسع .
ينفي نعمة أن تكون الأجندة قد تضمنت مصطلح العدالة الاجتماعية لأنه يشكل إحراجا للدول ويؤدي تلقائياً إلى تغيير الأنظمة السياسية وهذا غير ممكن . .
وعن مساهمة النزاعات والحروب في عرقلة تنفيذ هذه الأهداف ؟
يرى أن هناك أسباباًعديدة ساهمت بعرقلة تنفيذ الأهداف منها، ظهور مرض الأيدزالذي أدى إلى تراجع الأهداف الصحية لا سيما في أفريقيا ، الأزمة الاقتصادية في عامي 2007 و2008 التي أدت إلى ركود اقتصادي ، يضاف إليها اعتداءات نيويورك 2001 ، التي حولت المناخ العالمي إلى مناخ محكوم بمحاربة الإرهاب و تحويل الموارد إلى الحروب ووقعت العديد من الدول ضحية الحروب لا سيما أفغانستان ، فسياسة مكافحة الإرهاب ، يضيف نعمة ، قد أدت إلى جعل مجمل الأولويات غير منسجمة مع حقوق الإنسان . وبناءً عليه تحولت المساعدات التنموية إلى مساعدات مشروطة خاصة في ظل تمييع مفهوم الإرهاب وإجبار الجمعيات على توقيع ورقة بمكافحة الإرهاب .
قضايا النازحين والمهاجرين والأسرة ضعيفة !
يرى نعمة أن الأجندة مقصرة بحق قضايا النازحين والأسرة والمعوقين فهي موضوعات تكاد لا تذكر في الأجندة ، والأجندة تعكس الصراع الدولي القائم ، من حيث الارتباك والفوضى وعدم الترابط بين قائمة المؤشرات وبعض الأهداف التي تفتقد أصلاً إلى مؤشرات بصيغتها العامة ، الأمر الذي يحتم علينا أن ننظر إليها بطريقة متكاملة وبأسلوب مرن فنأخذ منها ما يتوافق مع متطلباتنا الداخلية ، كما حدث في اليابان حين أخذوا ما وجدوه مناسباً لسياستهم وتركوا الباقي .
إشكالية الأجندة 2030 بين الدول الشريكة في النزاع وفي التنمية ؟
طبعاً هي إشكالية يقول نعمة، بموجب القانون الدولي لا يجوز لهيئة من هيئات الأمم المتحدة الطلب من دولة الاحتلال التي ترفض الإلتزام بقرارات الأمم المتحدة ، لا يجوز أن يطلب منها تنفيذ أهدافها التنموية أو أي من أهدافها .
أداء العرب ضعيف !
نحن كعرب أداؤنا ضعيف في المجتمع الدولي بعكس الأفارقة والآخرين ، والقرار على المستوى الدولي ليس في داخل الأمم المتحدة بل العكس فمنذ العام 1990 تم العمل الممنهج لإزاحة منظمة الأمم المتحدة عن القرارات الصعبة ،وأصبح القرار الفعلي في كل من منتدى دافوس ومعه منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي على قاعدة أن القوي هو الذي يفرض قرارته
ماذا عن لبنان ؟
من المبكر جداً أن نتحدث عن انجازات في لبنان ، لأن الوضع المؤسساتي والحكومي في لبنان غير مستقر خاصة في السنوات الأخيرة ، وحتى الآن لا يوجد عمل على وضع سياسة وطنية كاملة لمواءمة عمل الأجندة 2030 ، بعكس العالم العربي ، فبعض الدول العربية لديها استراتيجيات وطنية مثل الأردن ومصر ، أما نحن في لبنان فلا زلنا نفتقد لتقليد التخطيط ، ويضيف نعمة إن أفضل وثيقة لدينا هي المخطط التوجيهي لترتيب الأراضي في لبنان الذي تم بته في 2003 و2004 و2007 وهو أقرب ما يكون للخطة التنموية ، فيها سعي لتحقيق إنماء متوازن وللأسف ما زالت مهملة في الأدراج ولا يتم التحدث عنها .
ويختم نعمة أنه منذ حوالي السبعة أشهر تم تشكيل لجنة لمتابعة موضوعات التنمية إلا أنها لا تعمل ، وفيها خلل من حيث التمثيل الوزاري لأنها محكومة بالمحاصصة الطائفية .
وزارة الاعلام اللبنانية – مديرية الدراسات والمنشورات بالتعاون مع مركز الامم المتحدة للاعلام في بيروت
اعداد: زينب اسماعيل