كتبت صحيفة “النهار ” تقول : هي المرّة السادسة توالياً ينتخب الرئيس نبيه بري اليوم رئيساً لمجلس النواب منذ عام 1992، بحيث يصح وصفه بأنه عميد رؤساء البرلمانات في العالم. وهي الجلسة الأولى لمجلس النواب المنتخب في 6 أيار الجاري. لن تكون في هذه الجلسة لبرلمان 2018 اذاً أي مفاجآت الا من خلال احتساب التقديرات الأولية لعدد الأصوات التي سينالها الرئيس برّي والذي سيكون بطبيعة الحال كبيراً قياساً بالمواقف المؤيدة لاعادة انتخابه التي أعلنتها الكتل النيابية في الأيام الاخيرة. واذا كان يسجل لكتلة “القوات اللبنانية “انها أضفت نكهة التنافس الديموقراطي على الجلسة الأولى لبرلمان نالت فيه “القوات” كتلة مرموقة ناهزت الـ15 نائباً بترشيحها النائب أنيس نصار منافساً للنائب ايلي الفرزلي في معركة نيابة رئاسة المجلس، فإن الكفة تميل عددياً لمصلحة الفرزلي ولو ان الفوارق في أعداد الأصوات التي سينالها كل منهما يصعب تقديرها في انتظار معرفة عدد النواب الذين سيحضرون الجلسة والذي يفترض ان يكون كبيراً.
في محمل الاحوال، تبدأ مع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس مرحلة جديدة نظرياً، فيما يصعب التكهن بمدى التغيير الذي ستحمله واقعياً وعملياً على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأن استحقاق انطلاقة مجلس النواب الجديد على أهميته لا يكفي وحده لاستقراء قابلية القوى السياسية لاعلان نفضة على الحقبة السابقة انسجاماً مع معظم وعود هذه القوى لناخبيها وقواعدها ابان الحملات الانتخابية الاخيرة. فصورة الاستعدادات لاحداث تغييرات بنيوية في الواقع المأزوم داخليا على كل الصعد ستنتظر الاستحقاق الحكومي وطبيعة تشكيلة الحكومة الجديدة التي غالباً ما اعتبر العهد العوني ان عهده الحقيقي سيبدأ معها. واذ سجلت في هذا السياق ظاهرة لافتة تمثلت في مسارعة كتل نيابية عدة الى تسمية الرئيس سعد الحريري سلفاً لرئاسة الوزراء أسوة بتسمية الرئيس بري لرئاسة المجلس، اعتبرت أوساط سياسية معنية بالاستحقاقين ان الخلاصات الأولى التي يتركها التأييد المزدوج لتزكية عودة برّي الى رئاسة المجلس والحريري الى رئاسة الحكومة تعكس ضمناً اعادة ربط حقبة ما بعد الانتخابات النيابية بما قبلها لجهة تثبيت التسوية السياسية التي قامت في البلاد لدى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. ومع ان الحقبة الجديدة ستشهد متغيرات لا بد منها في ظل الخلاصات والنتائج العميقة للانتخابات التي تفرض أخذ المسارات الداخلية في اتجاهات اصلاحية لا مفر منها، فإن مسار التسوية في اطاره العام لن يتبدل بموافقات جماعية واضحة وهو أمر يعد لمصلحة الاستقرار الداخلي ومواجهة التحديات الخطيرة الخارجية التي تتهدد البلاد.
وتبعاً لذلك سيكون برلمان 2018 بدءا من انطلاقته اليوم أمام تحد من نوع مختلف اذ انه سيرث مجلساً مدد لنفسه ثلاث مرات وشهد على أطول وأخطر أزمة فراغ رئاسي وكانت له تجارب مريرة مع الانقسامات السياسية الحادة بين فريقي 14 آذار و8 آذار وانعكاساتها على عمل المؤسسات. ومع انطلاقة المجلس الجديد ستكون معظم معالم هذه “التركة” قد زالت لجهة اختلاف ميزان القوى داخل المجلس العتيد. لكن الأوساط لفتت الى ان ثمة أمراً لا يمكن تجاهله لدى انعقاد الهيئة العامة للمجلس اليوم هو تراجع ميزان القوى لمصلحة قوى 8 آذار في ظل اضمحلال تحالف 14 آذار وتفرق قواه من جهة، كما في ظل واقع آخر يصعب القفز فوقه وهو وصول عدد من النواب الاضافيين من حلفاء النظام السوري الى المجلس الجديد للمرة الاولى منذ عام 2005. وهي معالم ستحضر رمزياً وواقعياً مع انعقاد الجلسة الاولى لبرلمان 2018.
رئيس السن
وكان رئيس السن النائب ميشال المر حضر أمس الى مجلس النواب مفتتحا مرحلة الاستعدادات لانطلاقة المجلس ووجه من المجلس الدعوة الرسمية الى النواب الى جلسة انتخاب رئيس المجلس ظهر اليوم. ومن المتوقع ان يصطحب الرئيس الحريري رئيس السن اليوم من منزله الى مجلس النواب حيث يرأس المر القسم الاول من الجلسة لانتخاب الرئيس ومن ثم يتولى الرئيس بري دفة الرئاسة لاستكمال انتخاب نائب رئيس المجلس وأعضاء هيئة المكتب. وبدا من التقديرات الدقيقة لمواقف الكتل النيابية ان بري سينال نحو 95 صوتاً بعدما أيدت انتخابه كل كتل 8 آذار و”كتلة المستقبل” وكتلة “اللقاء الديموقراطي” وكتلة الرئيس نجيب ميقاتي. في حين ترك “تكتل لبنان القوي” العوني الحرية لاعضائه بين الورقة البيضاء وانتخاب بري وقررت كتلة “الجمهورية القوية” القواتية التصويت بورقة بيضاء في انتخابات رئاسة المجلس.
وبرز تطور سياسي عشية الجلسة النيابية الأولى للمجلس تمثل في لقاء الرئيس الحريري ورئيس “اللقاء الديموقراطي” وليد جنبلاط (بات نائباً سابقاً) بعد مرحلة الفتور الاخيرة في علاقتهما. وقال جنبلاط: “بعد أن أعلنت عند الرئيس نبيه بري تأييدي له لينتخب رئيساً لمجلس النواب، فإن اتجاه اللقاء الديموقراطي أن نؤيد تسمية الرئيس سعد الحريري كرئيس لمجلس الوزراء، لكن هذا يثبّت بالاستشارات رسميا، لأنني أتكلم اليوم، بعد أن أصبحت خارج الخدمة الفعلية كنائب. على اللقاء الديموقراطي المتجدد أن يقرر هذا الأمر”. ووصف علاقته بالرئيس الحريري بأنها “في هذه اللحظة جيدة وفي النهاية لدينا تاريخ مشترك”.
اما المفاجأة السياسية التي سجلت أمس فتمثلت في موقف اعتراضي علني لوزير الداخلية نهاد المشنوق على موقف اتخذه الرئيس الحريري من حيث عزمه على اتباع مبدأ فصل النيابة عن الوزارة في “كتلة المستقبل”. وقد سارع المشنوق الى الاعلان أنّه “لم يتبلّغ رسمياً من الرئيس سعد الحريري قرار فصل النيابة عن الوزارة”، وأضاف: ”لا أقبل أن يتمّ إبلاغي عبر الإعلام