كتب علي ضاحي في صحيفة “الديار”:
تؤكد اوساط متابعة لملف النازحين والعلاقات اللبنانية السورية ان هذا الملف يسلك رويداً رويداً مساره الصحيح بين لبنان وسوريا. فمنذ عودة 500 نازح سوري من شبعا الى بيت جن منذ اسبوعين والامر موضوع على نار حامية بين الامن العام اللبناني والامن العام السوري ووجود لجنتين لبنانية وسورية وتمتلكان صلاحيات واسعة وخصوصاً من الجانب اللبناني اذ بات مدير الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم يمتلك تفويضاً رئاسياً وسياسياً لاكمال إنجاز هذا الملف ولو على دفعات متباعدة. وتشير الاوساط الى ان الاولوية هي اليوم لمن يرغبون بالعودة الطوعية والفورية الى مناطق في محيط العاصمة دمشق اي الى مناطق في الغوطة الشرقية والحجر الاسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا ومعظم نازحيه يسكنون في مخيم عين الحلوة. وتشير الاوساط الى ان الامن العام اللبناني والسوري قد انجزا في الايام الماضية ملفات 10 آلاف فرد ستكون عودتهم خلال اسبوع او اسبوعين على ثلاث دفعات متتالية وتم حلحلة امور الاجراءات المتعلقة بهم وتسوية الاوضاع القانونية للعائدين. وتلفت الاوساط الى ان العودة ستتم عبر المصنع وبباصات تابعة للحكومة السورية والتي ستتولى رعاية العائدين الى منازلهم فوراً وبعد تأمين الحاجيات الضرورية لهم. وتشير الى وجود افكار لتوسيع فكرة “المساكن البديلة” اومراكز الايواء الموقتة لمن دمرت منازلهم او التي تحتاج الى ترميمات سريعة او تصليحات خفيفة وخصوصاً في مخيم اليرموك والغوطة حيث طال الدمار الواسع معظم الابنية بسبب ضراوة المعارك واعتماد المجموعات التكفيرية على تفخيخ المباني وتفجيرها منعاً لتقدم القوات البرية والمشاة والمدرعات للجيش السوري.
في المقابل تربط الاوساط تسريع عودة النازحين الى بلادهم بالاجراءات التي اعلنها الرئيس السوري بشار الاسد في القانون رقم 10 والاستفسارات اللبنانية عبر وزارة الخارجية والمغتربين والوزير جبران باسيل وعبر الرد السريع والتوضيحي من نظيره السوري وليد المعلم. وتقول ان القرار الصادر عن الدولة السورية يحتاج الى آلية تنفيذية ومدة زمنية محددة ويجب ان تكون كافية ووافية لتسريع عودة صاحبي الاملاك لتحديد ممتلكاتهم وابراز اوراقهم الثبوتية. وتؤكد ان الالتباسات التي طلب باسيل توضيحها من المعلم استوجبت التوضيح والرد بالمثل وفق ما تقتضي الاصول الدبلوماسية وخصوصاً انها كانت مميزة وستبقى كذلك رغم التشويش المقصود من فريق المستقبل والسعودية واميركا في لبنان. وتشير الى ان التواصل بين وزارتي الخارجية في البلدين ولو عبر الاعلام والقنوات المتبعة اي عبر السفيرين المعتمدين في البلدين “بداية سياسية” جيدة لعودة التواصل الكامل بين الحكومتين في ملف النازحين وسائر الملفات الاخرى كاستجرار الطاقة الكهربائية والتبادل التجاري والتعامل المصرفي والتجاري الطبيعي بين البلدين.
وتلمح الاوساط الى وجود ارادة سياسية جادة ممثلة بالثنائي الشيعي والرئيس نبيه بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وملاقاة واضحة من الرئيس عون والوزير باسيل والبطريركية المارونية ممثلة بالكاردينال بشارة الراعي الذي يدعم الرئاسة الاولى في مطلب عودة النازحين السوريين الى بلادهم ولو اقتضى الامر تواصلاً مباشراً بين الرئيسين الاسد وعون وبين الحكومتين.
وتوضح الاوساط ان هناك اتفاقاً رباعياً من القوى المذكورة وتم التأكيد عليه اخيراً في اللقاءات المكثفة التي تجري حالياً على ان يتصدر ملف النزوح وعودة اللاجئين اولويات الحكومة الجديدة ووضع آلية سريعة لتنفيذ عودة النازحين.
وتقول الاوساط الى ان ملف النزوح يطرح تحديات وجودية وديمغرافية وجغرافية واقتصادية وامنية ويهدد بإنفجار حقيقي. فالاقتصاد بات مهدداً بالانهيار والبلد يتجه الى الافلاس فعلى سبيل المثال يشتري لبنان الطاقة الكهربائية بملايين الدولارات سنوياً لسد العجز من سوريا وهذا العجز يكبر مع وجود عشرات الاف النازحين الذين يشاركون في استهلاك هذه الطاقة فلبنان وشعبه يتحملون الثمن. وفي الملف الاقتصادي والاجتماعي تزيد البطالة وترتفع الاسعار وتنافس اليد العاملة السورية اليد اللبنانية وتغزو البضاعة السورية لبنان وتنتشر الجريمة والسرقة والاغتصاب وبين كل 10 موقوفين هناك 6 سوريين ما يعني ان الوجود السوري يضغط امنياً ايضاً. هذا بالاضافة الى شح الموارد وتوقف دعم الامم المتحدة والدول المانحة للمساعدات للسوريين في مجال الغذاء والايواء والطبابة والتعليم لاسباب اقتصادية وسياسية تنعكس سلبياً على لبنان.
وتختم الاوساط ان الانتهاء التدريجي من ملف النزوح وبفترة زمنية معقولة مصلحة لبنانية كبرى واولوية استرتيجية ستكون عنوان المرحلة الجديدة في المدى القصير المنظور.