في الوقت الضائع، يحاول رئيس الحكومة سعد الحريري الإيحاء بإمساكه بملف تشكيل الحكومة. ومع أنه لا شيء يُمكن أن يتحقق قبل عودته من زيارتي موسكو والرياض، وربما باريس من بعدهما، حمل أمس أول صيغة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تتضمن تصوراً حول تمثيل الكتل النيابية الأساسية، وتحديداً حصصها من الحقائب
ورغمَ تكثيف الاتصالات، بين عون والحريري، لا يعني ذلك أن الدخان الأبيض الحكومي سيخرج سريعاً. فالألغام المزروعة على طريق التأليف تجعل بلوغ الهدف بالسرعة المطلوبة أمراً صعب المنال. الأكيد أن لا شيء جدياً قبل اللقاء المرتقب بين الحريري وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وتبعاً لذلك، لا يُمكن الحديث الآن عن توليفة حكومية مقبولة من هذا أو ذاك من القوى، رغم محاولات الحريري الإيحاء بتحريك محركاته السياسية وقوله إنه يريد الإسراع وليس التسرع.
ما حمله أمس الى قصر بعبدا، بحسب المعلومات المتوافرة، ليس أكثر من أرقام حسابية تعني الكتل الكبرى، فيما يُصار حتى الآن الى تجاهل التفاصيل الصغيرة التي من شأنها أن تطيل أمد حكومة تصريف الأعمال، وتحديداً تلك التي لها علاقة بتمثيل الكتل الصغيرة، لا سيما سنّة فريق الثامن من آذار أو حلفاء المقاومة من تيار المردة إلى الحزب القومي السوري الاجتماعي، ومن ثم حصّة الرئيس نجيب ميقاتي وحزب الكتائب.
فقد علمت «الأخبار» أن التصوّر الذي قدّمه الحريري الى عون وأشار إليه بعد اللقاء، تضمّن فقط حصص «الكتل النيابية الأكثر تمثيلاً»، أي تكتل لبنان القوي وكتلة المستقبل وحزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية. وفي المعلومات أن رئيس الحكومة سيجري بعد عودته من الخارج (سيلتقي عائلته في الرياض ويقدم التهئنة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لمناسبة عيد الفطر) مشاورات مع الكتل الأقل تمثيلاً، ومنها حزب الكتائب، علماً بأن الكتل «الأكثر تمثيلاً» تأخذ عليه أنه لم يقدم لها حتى الآن أيّ مقترحات جدية.
عقدة المقعد الدرزي الثالث مستعصية
وتشير أوساط مطّلعة إلى إنجاز الاتفاق القاضي بأن يحصل رئيس الجمهورية على وزير سنّي، على أن يكون محسوباً على العهد، مقابل إعطاء مقعد مسيحي (ماروني) لرئيس الحكومة. وأخذ رئيس الجمهورية على عاتقه توزير النائب طلال أرسلان في مقابل إعطاء مقعد وزاري مسيحي للنائب وليد جنبلاط، بانتظار موافقة الأخير على هذا الطرح. وقد كان بارزاً كلام النائب بلال عبدالله الذي لفت إلى أن «ممارسة الضغط علينا ستجعل اللقاء الديموقراطي يطالب بأربعة وزراء وعدم الاكتفاء بثلاثة، على أن يكون أحدهم من إقليم الخروب»، مشدّداً على أنه «لا مساومة على حصة أحد. فمن غير المعقول أن تأتي جهة سياسية وتضع معياراً لها ولعددها وتقنن للآخرين، فإما معيار واحد لتشكيل الحكومة أو فليتركوا الحريري يشكل الحكومة كما يريد». وكان الحريري قد أشار بعد لقاء عون إلى أن «الجميع يريد تسهيل تشكيل الحكومة وإنجازها بأسرع وقت»، وأن «هذا الأمر يستوجب على الجميع تقديم التضحيات والتسويات».
من جهة أخرى، وخلال الزيارة التي يقوم بها جنبلاط الى السعودية برفقة نجله النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور، نشر جنبلاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة له مع ولي العهد السعودي وعلّق عليها قائلاً: «لقاء ودّي وحميم مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في جو من الصراحة التامة والتأكيد على أهمية العلاقات التاريخية السعودية – اللبنانية».
وفي سياق آخر، لا تزال موجة الانتقادات لمرسوم التجنيس مستمرة، وأبرزها الموقف الرافض للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي طالب المسؤولين «بسحب مرسوم التجنيس لأنه زعزع الثقة بهم، ولأنه مرسوم يصدر على حين غفلة وبأسماء مشبوهة لا تشرف الجنسية اللبنانية».
وعلمت «الأخبار» أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، زار أمس القصر الجمهوري بعيداً عن الأضواء، والتقى رئيس الجمهورية وأطلعه على المساعي التي تبذلها فرق التدقيق في الأمن العام بلائحة أسماء المشمولين بمرسوم التجنيس الذي نشرته وزارة الداخلية، على أن يستمر العمل على مدى ساعات النهار والليل من أجل محاولة رفع تقرير بالنتائج إلى رئيس الجمهورية قبل حلول عطلة عيد الفطر.
رعد: نملك قدرة التعطيل
من جهته، قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «إننا شهدنا بعد الانتخابات أن وضع المجلس النيابي بتكتلاته وبموازين القوى فيه قد تغيّر بشكل واضح وجلي، ولم يعد فريق يستطيع أن يمتلك الأكثرية الدائمة لمقاربة القوانين والاقتراحات والمشاريع»، موضحاً أن الأكثرية «أصبحت متجولة بحسب أهمية القوانين والاقتراحات، وهذا ما يتيح لنا فرصة أن نعطل الكثير من القوانين التي تضرّ بمصلحة البلاد، وندفع في اتجاه إقرار الكثير من القوانين التي تحفظ مصالح العباد والمواطنين».