تضبط مصر التوقيت للإعلان عن رؤية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، انطلاقاً من تنفيذ بنود ما اتُّفِقَ عليه في الاتفاقات والتفاهمات السابقة.
ومن المتوقّع أنْ يتم الإعلان عن ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة، بعدما يكون الجانب المصري قد بلور الأفكار النهائية، من خلال اللقاءات التي يجريها مع كل طرف فلسطيني على حدة.
وتتمحور الرؤية المصرية، حول تمكين “حكومة الوفاق الوطني” برئاسة الدكتور رامي الحمد الله من القيام بمهامها كاملة – أي تولّي الوزراء الحاليين مهام وزاراتهم المتواجدة في قطاع غزّة – بذات الهيكلية الإدارية القائمة حالياً، على أنْ يلي ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية في مدّة أقصاها 5 أسابيع، مع معالجة موضوع الموظّفين المدنيين في قطاع غزّة، الذين عيّنتهم حركة “حماس” بعد سيطرتها على القطاع (14 حزيران 2007).
ويُعتبر تسليم الحكومة الحالية لمهامها كاملة في قطاع غزّة، البند الأوّل من بنود آليات التفاهمات لما اتُّفِقَ عليه في القاهرة بين حركتَيْ “فتح” و”حماس” (12 تشرين الأول 2017).
وتؤكد مصادر مطلعة لـ”اللـواء” أنّ مصر أكثر جدية في هذه المرحلة الدقيقة، التي تمر بها المنطقة وفي الطليعة القضية الفلسطينية، في ضوء “صفقة القرن”، التي يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإطلاقها، وتستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وسط انحياز أميركي تام لصالح الكيان الصهيوني.
وهذا يستدعي تحصيناً للبيت الداخلي الفلسطيني، انطلاقاً من إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الداخلية، حيث تستعد القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، لاتخاذ العديد من القرارات الهامة.
وتكشف المصادر عن أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتابع شخصياً ملف المصالحة من رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الوزير اللواء عباس كامل، الذي أوكل إليه رئاسة الجهاز (28 حزيران 2018)، بعدما كان قد كلّفه الإشراف على تسيير أعمال الجهاز، خلفاً للواء خالد فوزي في شهر كانون الثاني الماضي.
وعيّن الوزير كامل، اللواء أحمد عبد الخالق مسؤولاً عن الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات بديلاً عن اللواء سامح نبيل.
ووضع عضو اللجنتين التنفيذية لـ”منظّمة التحرير الفلسطينية” والمركزية لحركة “فتح” ومسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد، الرئيس عباس خلال لقائهما أمس الأول (الثلاثاء) في العاصمة الأردنية، عمان، في أجواء لقائه مع الوزير كامل في مقر المخابرات المصرية في القاهرة، يوم الأحد الماضي، الذي كان قد التقى وفداً من “حماس”، برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، وسلمه دراسة لجنة غزّة، التي كان قد كلّفها الرئيس عباس برئاسة الأحمد، على أنْ ترد على مضمونها بشكل نهائي.
وكانت مصر قد استقبلت أيضاً وفداً من “حركة الجهاد الإسلامي” برئاسة نائب الأمين العام زياد نخالة، وجرى الإستماع إلى وجهة نظر الحركة بشأن ملف المصالحة الفلسطينية.
وفي ضوء ذلك، يُتوقّع أنْ تعطي الاتصالات ثمارها قريباً، وتُتوّج بتوجيه مصر دعوة رسمية إلى وفدَيْ “فتح” و”حماس” للقاء، قبل لقاء موسّع، تشارك فيه الفصائل الفلسطينية كافة، لأنّ المطلوب هو تنفيذ ما اتُّفِقَ عليه، وليس حوارات واتفاقات جديدة.
وكان الأحمد قد التقى في القاهرة وفداً من “حركة الجهاد الإسلامي”، قبل أنْ يلتقي في بيروت، وفداً من “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” و”الجبهة “الديمقراطية لتحرير فلسطين”، كلاً على حدة، وفي دمشق وفدين من “منظّمة الصاعقة” و”الجبهة الشعبية – القيادة العامة”.
وكشف الأحمد لـ”اللـواء” عن أنّ “هناك رؤية مصرية، وأنا متفائل جداً بإنهاء الانقسام الفلسطيني في هذه الجولة من الحوار، وأعتقد بأنّ المصريين لا يطرحون شيئاً في الهواء، بل إنّ مصر تبذل جهوداً جبّارة لإنجاز المصالحة الفلسطينية”.
وأضاف: “لقد أبلغنا الجانب المصري بأنّنا وضعنا القرارات كافة تحت تصرّفهم”، مشيراً إلى أنَّ “اللجنة العليا لوضع قطاع غزّة وإزالة أسباب الانقسام، قدّمت تقريرها للرئيس عباس وللجنة التنفيذية لـ”منظّمة التحرير”، وحثّت جميع الأطراف على إنهاء الانقسام تنفيذاً لقرارات المجلسين الوطني والمركزي، ومن التوصيات الرئيسية للجنة أنّ ملف المصالحة لا يحتاج إلى وسطاء جُدُد غير الأشقاء المصريين، وأنْ يتم تطبيق ما تمَّ الاتفاق عليه في الاتفاقات السابقة من جولات المصالحة”.
وأوضح الأحمد “إنّنا مرتاحون للدور الذي تبذله مصر، في سياق ترتيب البيت الفلسطيني، لمواجهة “صفقة القرن”، وندعو حركة “حماس” إلى العمل الجاد لإتمام المصالحة، في هذه المرحلة الحسّاسة من
تاريخ شعبنا الفلسطيني، ومَنْ يُرِدْ دفن “صفقة القرن” بكل مسمياتها وإلى الأبد، فعليه أنْ يتجاوب مع الجهود المصرية، ويجب أنْ يكون متفائلاً حتى يُعطي نفسه القوّة للتحرّك بهذا الاتجاه”، آملاً بأنْ “تُتوّج جهود المصالحة الجديدة، بإعلان مصالحة بشكل يُزيل جميع أسباب الانقسام”.