العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا ليست مقطوعة، لكن تكبير هذا الموضوع سياسياً يحمل في طياته أبعاداً مختلفة، سواء من حيث التوقيت أو المضمون. فما يحكم مقاربة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للعلاقة مع سوريا «هو المصلحة اللبنانية قبل أي اعتبار آخر»، وكل تحميل لمواقف رئاسة الجمهورية بأكثر مما تحتمل «هو بمثابة محاولة لإثارة مشكلة غير موجودة أصلاً إلا في عقول مفتعليها، فالسفير السوري في لبنان (عبد الكريم علي) يشارك في كل المناسبات والاحتفالات الوطنية والرسمية، والعكس صحيح بالنسبة إلى السفير اللبناني في دمشق (سعد زخيا)، ويشير زوار بعبدا إلى أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم «ينسق مع المسؤولين السوريين في ملف النازحين السوريين بموافقة الجميع وعلمهم»، وينقل الزوار عن رئيس الجمهورية أن النأي بالنفس ليس عن مصلحة اللبنانيين أو مصلحة بلدهم. النأي بالنفس هو عن الحرب، أما من يريد النأي بالنفس عن المصلحة اللبنانية، ففي ذلك خطأ جسيم، والنأي بالنفس عن خراب بيوت المزارعين والصناعيين هو جريمة بحق هؤلاء.
من هذه الزاوية، يقارب رئيس الجمهورية موضوع فتح معبر نصيب عند الحدود السورية ـــــ الأردنية. هذا الملف «ليس فيه إساءة لأحد ولا استفزاز لأحد، إنما نقاربه من منطلق أولوية مصلحة اللبنانيين وتحديداً المزارع والصناعي اللبناني، والاستيراد والتصدير الذي كان يتم عبر معبر نصيب، وبنتيجة إقفال هذا المعبر، ذهبنا إلى بدائل كلفت لبنان حتى الآن 48 مليار ليرة لبنانية هي كلفة الشحن عبر البحر (إلى مصر)»، ويؤكد زوار بعبدا أن المتضرر الأساسي من إقفال معابر التصدير والاستيراد عبر البر هو لبنان، ولذلك من مصلحة لبنان واللبنانيين استئناف التصدير عبر الحدود اللبنانية ــــ السورية.
ويضيف زوار بعبدا إن ما يفعله لبنان هو العمل على رفع الضرر، أما حديث البعض عن تطبيع مع الدولة السورية فهو خطيئة سياسية بامتياز، «لأن التطبيع هو بين دولتين عدوتين، وسوريا ليست دولة عدوة، إنما العكس صحيح. هناك سفارتان وسفيران، وبالتالي لماذا يعتبر التواصل مع سوريا استفزازاً، علماً بأنه لم يحصل شيء على الصعيد العملي حتى الآن، وكل ما في الأمر أن الهيئات الاقتصادية والزراعية والصناعية رفعت الصوت عالياً من أجل رفع الضرر الناجم عن توقف الخط البري، والعنوان في معالجة الأمر هو المصلحة العامة ومصلحة اللبنانيين، وأي تواصل سيكون عبر الوزراء المختصين، والآلية هي من اختصاص الوزراء، ويكفي الإشارة الى استجرار الطاقة الكهربائية من سوريا، وبالتالي أين الخطأ؟ وإلى الآن عاد 8 آلاف نازح سوري إلى ديارهم، فهل هذا خطأ؟ وهل يصب ذلك في مصلحة لبنان أم لا»؟
وتجزم مصادر معنية بأن لا رئيس الجمهورية ولا رئيس المجلس النيابي، وموقفهما من العلاقة مع سوريا واضح، بادرا إلى مفاتحة الرئيس المكلف سعد الحريري بموضوع العلاقات مع سوريا لا من قريب ولا من بعيد، وخصوصاً أن العلاقات بين البلدين قائمة دبلوماسياً، «أما إيحاء البعض بأن هذا الموضوع (العلاقة مع سوريا) هو الذي يؤخر تشكيل الحكومة، إنما يخفي في طياته الحقيقة المتمثلة برهان البعض لبنانياً على تغيرات قد تشهدها إيران، مع رفع منسوب العقوبات الأميركية عليها».