افتتحت الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي اعمال مؤتمرها ال 139 صباح اليوم، في قصر المؤتمرات في جنيف، وسط محاولات لتمرير بنود واقتراحات على حساب البند الأساسي الذي سعت اليه البرلمانات العربية والإسلامية والذي يتعلق بالقرار الأميركي حجب المساعدات المالية عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين الاونروا، وبالتالي استخدام هذه الخطوة في اطار الضغط على الشعب الفلسطيني واستهداف القضية الفلسطينية.
ولعب الرئيس نبيه بري الى جانب عدد من رؤساء البرلمانات العربية والإسلامية وبرلمانيين آخرين، دورا اساسيا في التصدي لمحاولة المقايضة بين اقتراح يتعلق بحقوق المثليين والإقتراح المتعلق بالاونروا والقضية الفلسطينية المطروح من قبل المجموعتين البرلمانيتين العربية والإسلامية.
ورأى في طرح إعطاء المهاجرين حقوقا سياسية “لغما آخر ينطوي على مخاطر كثيرة، ومنها محاولة تمرير التوطين”. وقال: “ان هاتين المحاولتين تشكلان لغمين اساسيين ينبغي ان نواجههما بقوة. ومثل هذه المحاولات مسألة خطيرة تستدعي ان نكون حاضرين بقوة في جلسات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي”.
وحاولت رئيسة الإتحاد غابرييلا بارون تجاوز جدول اعمال الجمعية بإقحام التصويت على إمكانية تعديله والسماح بمناقشة والتصويت على اقتراح حقوق المثليين مع البند الأساس اي البند الطارىء، لكن الرئيس بري وعددا من رؤساء البرلمانات بينهم رئيس مجلس النواب المصري ورئيس البرلمان الباكستاني تصدوا لها مؤكدين على الإلتزام بالنظام.
مداخلة الرئيس بري
وقدم الرئيس بري مداخلة قال فيها: “بالاضافة الى تأييدي لما ورد على لسان رئيس مجلس النواب المصري، اود ان الفت نظرك السيدة الرئيسة انه اثير هذا الموضوع في سان بطرسبرغ عام 2017 وقد جرت استشارة من قبل الرئاسة الكريمة اي من قبل حضرتك بالذات الى استاذ مساعد في القانون الدولي في المعهد العالي للدراسات الدولية جيان لوكا لورسي، وقدم لك استشارته وموجزها أنه مهما تحدثت اية لجنة عن الاستقلال فإن هذا الاستقلال يقع دائما تحت السلطة النهائية للجمعية العامة. الجمعية العامة هي أكبر مؤسسة فكيف يمكن للجنة، اية لجنة كانت، ان تجعل قراراتها اكبر واقوى من قرارات الجمعية العامة؟ عندئذ لا لزوم للجمعية العامة ولا لزوم لحضورنا”.
أضاف: “هذا أمر خطير للغاية، آمل كل الامل إعادة النظر في هذا الموضوع. وأولا واخيرا يجب التصويت على جدول الاعمال، وجدول الاعمال تقرره الهيئة العامة وليس غيرها”.
كلمة
وفي جلسة بعد الظهر، ألقى الرئيس بري كلمة قال فيها: “لن أتكلم في السياسة كثيرا وخصوصا عن قضية فلسطين، برأيي لم يعد يجدي إلا المقاومة والمقاومة فقط. في بلدي لبنان ما يزيد عن خمس وخمسين جامعة ومعهدا للتعليم العالي، ونحن نعاني من ان اسواق العمل عندنا لا تستوعب متخرجات التعليم العالي في جميع الاختصاصات، وتعرفون ان المنطقة من حولنا مضطربة اضافة الى التهديدات العدوانية الاسرائيلية على حدودنا الجنوبية، واستمرار احتلال اجزاء حدودية من ارضنا، اضافة الى التهديدات الارهابية التي كانت قائمة على حدودنا الشرقية. كما اننا في لبنان نخضع لوقائع اقتصادية – اجتماعية ضاغطة تتطلب دعم السلطات البرلمانية وتوجيه عناية حكومتها لدعم اقتصاد وامن لبنان”.
أضاف: “إنني اؤكد ان هناك تأثيرا كبيرا للمجتمع العلمي لدينا والشباب باختصاصاتهم المتنوعة، باشروا في الانضمام الى جماعات الضغط والمجلس النيابي في اقتراح السياسات المختلفة ومزاوجة التشريعات مع التحولات التي يشهدها العالم، وبدأت الحكومة الاخذ بهذه التوجهات وتهتم بالتطور الذي ابرزه الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية، وهو ما يأخذ بيد مختلف السياسات. ونحن بدورنا بدأنا خطوات نحو البرلمان الالكتروني مما سيسهم باستحضار مختلف العلوم في المناقشات البرلمانية العامة والمواد حول مختلف القضايا، وتوأمة مجتمع العلوم مع المجتمع البرلماني”.
وتابع: “إننا نستدعي دعم البرلمان اللبناني من البرلمانات ذات الخبرة في هذا المجال، ونحن بدورنا سنعزز بالطبع اللجنة البرلمانية لتكنولوجيا المعلومات وزيادة مهامها في تشجيع الشباب وخاصة الشابات من اجل متابعة الدراسات العلمية والهندسية. إننا سنأخذ في الاعتبار لدى توقيع تفاهمات برلمانية دور العلم وموقعه في العلاقات بين البلدان، ومبادلة المناهج بين الجامعات ومعاهد التعليم العالي، واطلاق فعاليات المؤسسات الحكومية ومعها مؤسسات المجتمع المدني، لمعالجة محور الامية الرقمية والمشاركة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتركيز على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مع اقتراحي بأن يأخذ الاتحاد البرلماني الدولي توجها الزاميا للبرلمانات من اجل اقرار آليات لضمان ادراج العلم وتأثيره على المجتمع بشكل منهجي لكي يسهم العلم في استقرار المجتمعات واقامة علاقة منتظمة بين السلطات وبناء الثقة بين الشعوب والدول، مما يمكن الجميع من صناعة مستقبل افضل وصناعة سلام اجتماعي وسلام اقليمي ودولي قائم على العدالة ووقف اساءة استعمال العلم والتكنولوجيا كأدوات حربية للعدوان والارهاب”.
التصويت
وجرى التصويت في وقت واحد، على البند الطارىء، ففاز الاقتراح المتعلق بالتغيير المناخي ب 1006 اصوات مقابل الاقتراح المتعلق بالاونروا ب 1036 صوتا.
أما بالنسبة للعلاقة بين الجمعية العامة للاتحاد وقرارات اللجان على خلفية موضوع حقوق المثليين، فقد صوتت الجمعية لصالح حقها في تغيير او تعديل قرارات اللجان، وهذا سيشكل سابقة يجري العمل بها بالمستقبل.
لقاء الوفد العراقي
وعلى هامش اعمال المؤتمر، التقى الرئيس بري النائب الاول لرئيس مجلس النواب العراقي حسن الكعبي والوفد النيابي المرافق، بحضور الوفد النيابي اللبناني، ودار الحديث حول العلاقات بين البلدين والتطورات على الساحة العربية.
وأكد الكعبي على “عمق العلاقة بين لبنان والعراق”، منوها ب”الدور الذي لعبه ويلعبه الرئيس بري في المجموعة البرلمانية العربية والإسلامية خلال مؤتمر الإتحاد البرلماني الدولي”، مشددا على “التنسيق بين المجلسين”.
وأشاد الرئيس بري ب”الدور الذي يلعبه العراق في المنطقة”، مؤكدا انه “تعرض ويتعرض لأكبر مؤامرة بسبب هذا الموقع والدور”.
وقال: “ان الديمقراطية هي التي تحمينا. ولو دفعت الأنظمة العربية في سبيل تعزيز الديمقراطية عشر ما دفعته على التسلح لكانت حمتها اكثر”.
أضاف: “نبحث عن البرلمانات فلا نجد إلا حكومات، وهذا ما يجعل الدبلوماسية البرلمانية في الخلف، مع العلم في كثير من الحالات والأحيان ان تستعمل الحقيبة الدبلوماسية البرلمانية افضل من ان تستعمل الحقيبة الدبلوماسية”.
وتابع: “عدونا الأساسي هو إسرائيل. ونحن وإياكم في مصير واحد ليس فقط بسبب التنوع الموجود في بلدينا بل لأننا عرب واخوة. وهذا يستدعي منا جميعا كعرب ومسلمين نبذ الخلافات والتوحد”.