بهدوء، ومن خارج جدول الأعمال، مرّ اقتراح قانون يقضي بتعديل بعض مواد الإجراءات الضريبية (إدخال مفهوم صاحب الحق الاقتصادي إلى القانون اللبناني وإلزام الشركاء والمساهمين بإعطاء المعلومات عن هؤلاء للإدارات الضريبية). في بداية الجلسة التشريعية المسائية، الاثنين الفائت، طلب الرئيس نبيه بري توزيع الاقتراح المعجل المكرر على النواب. وما إن انتهى المجلس من إقرار قانون المفقودين قسراً، حتى طرح بري صفة العجلة على التصويت، ثم أقر القانون «بمن حضر وانتبه»، بعدما أعلن رئيس المجلس أن هناك حاجة ملحّة لإقراره، وقد لا يتمكن المجلس من عقد جلسة قبل نهاية العام.
وأتت هذه المحاولة التي صوِّرت بالإنقاذية تعويضاً عن مخرج كان قد طرحه النائب نواف الموسوي، في الجلسة الصباحية، دعا فيه إلى إدخال الاقتراح في البند 14 من جدول الأعمال المتعلقة بتعديل بنود في قانون الإجراءات الضريبية، إلا أن سحب رئيس الحكومة للمشروع (البند 14) حال دون تمرير الاقتراح.
وتعود مبررات العجلة في إقرار هذا القانون، الذي بدا مستغرباً عدم وروده في جدول أعمال الجلسة التشريعية، إلى أن لبنان كان مهدداً بوضعه على اللائحة السوداء للدول غير المتعاونة في مسألة تبادل المعلومات الضريبية، خاصة أن فريقاً تابعاً للمنتدى الدولي حول الشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية (Global Forum) سيزور لبنان بداية الشهر المقبل لتقييم مدى التزامه عملياً تبادل المعلومات الضريبية بنحو تلقائي. وهذا كان يتطلب أن يبرهن لبنان عن تقدم لناحية معالجة طلبات المعلومات التي ترد من دول أجنبية لناحية النوعية والدقة والمهل. كذلك يتطلب إيفاءه بتعهداته، ومنها إقرار التشريعات اللازمة للشفافية في ما يتعلق بمبدأ Trust (إدارة الأموال من قبل من يسمى المؤتمن على الأموال)، ولا سيما لناحية الكشف عن أصحاب الشركات الفعليين (أصحاب الحق الاقتصادي) للإدارات الضريبية، بما يسمح بالتأكد من دفعهم للضرائب في الدول المكلفين فيها ضريبياً. وبالتالي، إن عدم معالجة لبنان هذه الثغرة كان سيعني، بلغة «مجموعة العشرين»، تعرّض لبنان لضغوط مالية دولية قد تنتج منها مفاعيل سياسية واقتصادية.
وقد أشاد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي، بـ«حكمة الرئيس بري وإدارته المتزنة، ولا سيما أن مجلس النواب قد نجح، بتعاون الكتل النيابية، في تحصين موقف لبنان أمام المنتدى الدولي للشفافية الضريبية، الذي يراجع وضع لبنان – من ضمن نحو مئة بلد – في ما خص وجود التشريعات الوافية وآلية التنفيذ وحفظ المعلومات المتعلقة بالتهرب الضريبي، والذي يصل فريق عمله في أوائل الشهر المقبل».
وأوضح الموسوي أن عدم إقرار القانون، وبالتالي إدراج لبنان على اللائحة السوداء للدول غير المتعاونة في مجال التهرب الضريبي، كان سينتج منه آثار كارثية على البلد لجهة وقف التعامل معه من قبل عدد كبير من دول العالم، ما يؤثر سلباً بحركة الاستثمارات والتدفقات المالية، ووجود المؤسسات الأجنبية والعربية في أسواقه».