كتبت صحيفة “النهار ” تقول : هل يصحّ القول المأثور “اشتدي أزمة تنفرجي”، أم هو تأزم فعلي يعيد عقربي الساعة الى الوراء ويحول لبنان مجدداً ساحة لتبادل الرسائل الباردة حيناً، والحامية أحياناً، ويطبق سياسة تصفية الحسابات الدفينة والتي تصيب البلد والمواطنين قبل أي شيء آخر، أم هو سعي فعلي الى الانقلاب على النظام والدفع الى مؤتمر تأسيسي، الأمر الذي استنفر العصبيات الطائفية فعقد المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى اجتماعه قبل أيام، فيما يحتشد الموارنة اليوم في بكركي للاتفاق على رؤى مشتركة ومحاولة الاتفاق على بيان موحد من الثوابت الوطنية التي صارت عرضة للاهتزاز. وفي هذا الاطار، علمت “النهار” ان البطريرك الماروني يتجه الى الغاء زيارته للولايات المتحدة الاميركية المقررة بدءا من الاحد المقبل.
في خضم هذا الواقع الذي دخلت عليه بوضوح كل العوامل الخارجية الاميركية والايرانية – السورية، بات مؤكداً ان الحكومة التي قال عنها الرئيس نبيه بري انها “في خبر كان” دخلت مرحلة النوم السريري الطويل وستكون الخطوة التالية بعد انقضاء القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية العربية الاسبوع في بيروت، اعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال، كما قال مصدر نيابي لـ”النهار”، اذ بدا ان دفاتر شروط جديدة اضيفت الى الاجندات المعرقلة لولادة الحكومة، فقد استعمل بيان “تكتل لبنان القوي” في سياق كلامه عن الاصلاحات والاجراءات الممكن تنفيذها عبارة “بوجود حكومة او عدمها”، عبارة تعقب تحذيراً أطلقه “حزب الله” قبل أيام من ان تطول مدة التأليف ثمانية أشهر جديدة، ليلاقي ما قاله وزير الاعلام ملحم رياشي عن امتداد عمر الحكومة للسنتين المقبلتين. وكان البيان المكتوب الذي حرص وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل على قراءته من ”بيت الوسط” بالذات وليس من قصر بعبدا الاثنين، اشار بوضوح الى من يعنيهم الامر ان “نوع الحكومة المختارة يهم المجتمع الدولي”، مشجعاً “حكومة تصريف الأعمال على المضي قدمًا حيث يمكنها، خصوصاً على صعيد الاقتصاد، لتجنّب المزيد من الضرر والحفاظ على الثقة الدولية”.
وقد بانت ملامح المواجهة في لبنان، في ظل سعي الادارة الأميركية الى تفعيل الحصار حول طهران، بعد بيان السفارة الايرانية في بيروت تعليقاً على تصريح هيل. واللافت في البيان غير المسبوق الصادر عن السفارة الايرانية انه استبق وصول السفير الايراني في زيارته الاولى الى “بيت الوسط”، وجاء مضمونه بمثابة رد مباشر على مواقف هيل التي أعلنها من المكان عينه. ومما جاء في البيان: “في إطار الزيارات الإستفزازية والتحريضية التي قام بها مؤخراً عدد من المسؤولين الأميركيين في بعض الدول والتي تتقاطع مع مستجدات إقليمية أظهرت أكثر من أي وقت مضى إنتكاسة سياسات الإدارة الأميركية وفشلها وخيباتها المتكررة، أطلق وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل سلسلة من المواقف، التي لا تندرج إلا في إطار التدخل السافر في شؤون الغير وإملاء القرارات”.
وفيما استمرت التحضيرات للقمة في بيروت، صدرت مواقف متقاربة لكل من كتلة “المستقبل” و”تكتل لبنان القوي” أسفا فيهما للفلتان الشارعي الذي ادى الى الغاء ليبيا مشاركتها في أعمال القمة وقد يكون اثر سلباً على مشاركة زعماء آخرين بدليل اعتذار الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي عن عدم المشاركة الشخصية.
واذ استغربت كتلة “المستقبل” النيابية المواقف التي أحاطت بالقمة العربية والتي لا تمت الى المصلحة الوطنية، رأت ان “ما رافق الاعتراض على مشاركة الدولة الليبية في القمة، واللجوء الى الشارع لترجمة هذا الاعتراض والاقدام على انزال العلم الليبي عن الأعمدة وإحراقه على الصورة التي ظهرت في أحد شوارع بيروت ومحيط المقر الذي ستنعقد فيه القمة، هو أمر يسيء الى هيبة الدولة اللبنانية ولا يفيد قضية الامام المغيب موسى الصدر في شيء، ويعزلها عن كونها قضية وطنية وعربية وانسانية ليحصرها في النطاق الضيق الذي وضعت فيه”.
كذلك، عبر “تكتل لبنان القوي” الذي تلا بيانه النائب ابرهيم كنعان عن “دعم موقف لبنان الرسمي بعقد هذه القمة نظراً لأهميتها ولما لها من تأثير على صورة لبنان ووضعه عربياً ودولياً”، ورفض “التكتل أي عمل خارج اطار الدولة لأنه لا يفيد لبنان”. واعتبر ان “انعقاد القمة ليس تحدياً لأحد لأن مصلحة لبنان تكمن في انعقادها”، ودعا ”لنتنافس على من يأتي بالمشاريع لتقوية الاقتصاد بدل التقاتل على من رفع علماً أو من أنزله”.
جنوباً، عملت وحدات في الجيش اللبناني بالتعاون مع “حزب الله” بحثاً عن شخص مشتبه فيه شوهد في خلة الضرة على الحدود. وأبلغ مصدر أمني “النهار” ان الشخص الذي دخل لبنان من جهة موقع الراهب قرب عيتا الشعب كان باللباس المدني وليس عسكرياً كما تردد وقد رمى كيساً كان معه وفرّ ولم تتوافر معطيات دقيقة عن هويته. وأعلن الجيش الاسرائيلي ان العمل جار للتأكد من شكوك حول اجتياز شخص الحدود في اتجاه الأراضي اللبنانية بعد رصد خرق في السياج الحدودي