كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: لولا نعمة السماء، لكانت رقعة النار أكبر من قدرة الدولة وأجهزتها على احتوائها وحصر لهيبها الذي أكل مساحات واسعة من الأحراج في مختلف المناطق اللبنانية. فيما بَدت البلاد أمس في قبضة نارَين: النار التي تلتهم ثروتها الحرجية وغاباتها، ونار الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية التي تهدد عيش اللبنانيين جميعاً.
وقائع اليوم الناري، الذي لفّ لبنان أمس من أدناه الى أقصاه، فرضت استنفاراً لدى الدولة وأجهزتها، وبالإمكانات المتواضعة التي ثبت ضعفها، أمام هذا الغضب، إلّا انّها في المقابل تحمل على طرح اكثر من علامة استفهام حول هذا الاشتعال الشامل، والذي أضرم ما يزيد عن 450 حريقاً في يوم واحد. فهل كل هذه الحرائق ناجمة عن المناخ الحار؟ وهل أنّ بعضها أُشعِل بفِعل فاعل؟… وهو أمر بالتأكيد برسم الاجهزة المعنية، التي يقع على عاتقها تحديد أسباب الاشتعال أكانت طبيعية أو على يد مخرّبين؟
ولكن في المحصلة، وقعت الكارثة باندلاع أكثر من 140 حالة حريق، وفق مدير وحدة إدارة الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء زاهي شاهين، الذي نفى ما يتم تداوله من أنّ الدفاع المدني استجابَ لـ450 حريقاً.
وإذ سأل البعض هل كانت هذه الحرائق مُفتعلة؟ لم يظهر أنّ أيّاً من المتابعين يملك إجابة عن هذا السؤال، ولو أنّ البعض منهم يرجّح هذه النظريّة من دون تَبنّيها.
وقال رئيس فرع مصلحة الأرصاد الجويّة في مطار رفيق الحريري الدولي وسام أبو خشفة لـ”الجمهوريّة” إنّ “الظروف المؤاتية لاندلاع الحرائق كثيرة، وأهمّها: الأشجار اليابسة خلال الخريف، الهواء الجاف، قلّة الرطوبة، الحرارة المرتفعة وسرعة الرياح الشرقيّة الحارّة. كلّ ذلك ساهم في امتدادها، ولكن ليس في إشعالها”.
وبدوره، أشار الخبير البيئي ناجي قديح إلى أنّه لا يمكن إغفال نظريّة افتعال الحرائق، ومع ذلك فإنّ الهواء القوي والنّاشط يؤديان إلى إشعالها لأيّ سبب صغير، خصوصاً أن لا إجراءات مُتّبعة للتخفيف من حجم الأضرار.
وتخوّف بعض الذين تضرّرت منازلهم واحترقت سيّاراتهم من تَهرّب الدولة من دفع تعويضات ماديّة، خصوصاً أنّها لم تدفع حتى اليوم للمتضررين من العاصفة “نورما” رغم مضي أكثر من 10 أشهر على حصولها، ورفع تقرير يفيد أنّ تكاليف الأضرار تبلغ 40 مليار ليرة.
وأكد رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير لـ”الجمهورية” أنّ البلديات المعنيّة رفعت له تقريراً بحجم الأضرار الماديّة، ليحيلها إلى الجيش، حيث يقوم المعنيون بالكشف الميداني، ثم يتم إحالتها إلى مجلس الوزراء لتزويد “الهيئة” المبلغ اللازم. وحينها، يمكن للمتضررين استلام الشيكات مباشرة.
ولفت خير إلى أنّ التقارير في الشوف تشير إلى تضرّر 10 منازل و13 سيّارة (11 في الدامور و2 في النّاعمة).
في حين أنّ هذه الأرقام تتناقض مع المعاينة الميدانية لفرَق الدفاع المدني وفوج الإطفاء، إذ أكد بعض من ساهموا في إطفاء الحرائق أنّهم عايَنوا أكثر من 10 فيلّات تضرّر معظمها من الخارج في المشرف، و3 منازل في حارة النّاعمة و2 في النّاعمة.