كتبت صحيفة “اللواء ” تقول : في اليوم الأربعين للانتفاضة الشعبية، شهدت الساحة سلسلة من التطورات ذات الدلالات على ما يُمكن ان تمضي إليه الأحداث. سواء لجهة الحلحلة أو الانزلاق إلى العنف المتنقّل:
1 – بعد ليلة حافلة بالعنف عند جسر “الرينغ” بين مناصرين لحركة “امل” وحزب الله والمشاركين في الحراك، الذي قرّر ناشطوه الانتقال إلى قطع الطرقات تمهيداً لإضراب دُعي إليه، تفاعل الموقف صباحاً ومساء، على الرغم من تمكن الجيش اللبناني من فتح الطرقات صباحاً، بعد ليلة الحجارة، والتي تخللتها عمليات تخريب طاولت ممتلكات وسيارات.
ولكن ما حدث على طريق الجنوب- بيروت في محلة الجيّة، فاقم من المشهد الأمني، بعد اصطدام سيّارة المواطن حسين شلهوب بعمود كهربائي قطع الطريق على سيارته، التي تعرّضت لضرب الحجارة من قِبل قاطعي الطريق، مما أدى إلى اشتعال النار بها، فاحترق السائق وشقيقة زوجته السيدة سناء الجندي، واصيبت كريمته نور بجروح..
ومساء أمس عاد مناصرو “امل” وحزب الله على متن دراجات نارية إلى محيط ساحة الشهداء، وسط بيروت، حاملين صوراً للرئيس نبيه برّي، الذي دعا إلى درء الفتنة، بفتح الطرقات، هاتفين شعارات مناوئة للحراك، قبل ان يغادروا.
وكانت عشرات السيّارات والمحال التجارية تعرّضت للتكسير والتخريب في الاحياء المجاورة لوسط بيروت، وصولاً إلى شارع الجميزة، وصولاً إلى صور، حيث حاول مناصرو “امل” وحزب الله تحطيم خيم المعتصمين.
وكان هؤلاء اضاءوا أوّل المساء الشموع في محلة المشرفية في الضاحية الجنوبية عن روح الشهيدين شلهوب والجندي.
وكشف مصدر دبلوماسي لـ”اللواء” ان الاتصالات تجري بين موسكو وباريس ولندن وبرلين من أجل العمل لتثبيت الاستقرار، ومنع تداعيات أمنية لما يحصل.
ومن هذه الوجهة، تردّد ان اتصالات جرت بين “بيت الوسط” وعين التينة لاحتواء الوضع، كما تردّد بأن الوزير المال في الحكومة المستقيلة علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله زارا ليلاً “بيت الوسط” والتقيا الرئيس سعد الحريري.
2 – إعلان الهيئات الاقتصادية بالإجماع الدعوة إلى تنفيذ الإضراب العام، والاقفال التام لكل المؤسسات الخاصة على مساحة الوطن أيام الخميس والجمعة والسبت في 28 و29 و30 ت2 الجاري..
وربطت الهيئات تصعيد التحرّك حتى تشكيل الحكومة المطلوبة.
3 – في نيويورك عقد مجلس الأمن جلسة عادية حول لبنان، دعا بعدها إلى الحفاظ على “الطابع السلمي للاحتجاجات” في لبنان، مضيفا أن الدول الاعضاء تدعو إلى “تجنب العنف واحترام الحق في الاحتجاج من خلال التجمع بشكل سلمي”. وقد أشاد بيان مجلس الأمن “بـدور القوات المسلحة اللبنانية وغيرها من المؤسسات الامنية في الدولة للدفاع عن هذا الحق”. وحض المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش عبر تويتر “كافة القوى السياسية على السيطرة على مؤيديها لتجنب استخدام التظاهرات الوطنية لتحقيق أجنداتها السياسية”.
4 – وفي السياق الدبلوماسي، حمل الموفد البريطاني الى لبنان المدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية البريطانية ريتشارد مور، تأكيدات بدعم بلاده للبنان سياسيا وامنيا، خلال زيارته التي وصفت بالاستطلاعية، والتقى خلالها كلا من الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، وقائد الجيش العماد جوزيف عون.
وذكرت مصادرمطلعة على الزيارة لـ”اللواء”، ان زيارة مور هي تكملة للمسعى الفرنسي الذي قام به مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو، وان مور أكد على اهمية استقرار لبنان بالتوازي مع الدعم الفرنسي. لكنها أوضحت ان مور لم ينقل اي مبادرة او افكار او مقترحات محددة بشأن الوضع الحكومي، لكنه اكد ان بريطانيا مع اي حل يتوافق عليه اللبنانيون، باعتبار تشكيل الحكومة شان داخلي لبناني.
واضافت: ان البريطاني حمل الموقف الفرنسي ذاته “بضرورة الاسراع بتشكيل حكومة غير اعتيادية لأن الوضع في لبنان استثنائي ولا بد من تدبير استثنائي”، لكنه لم يحدد اي صفات اومعايير لتشكيل الحكومة.
وقالت المصادر: ان مور كان واضحا بدعم الشرعية الدستورية وعدم التدخل بالشؤون اللبنانية، لكنه ذكّر بالمادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية وحفظ الحق بالتظاهر والتعبير عن الراي والتعامل السلمي مع المتظاهرين. وكرر دعم اوروبا وبخاصة بريطانيا وفرنسا والمانيا (اضافة الى الدعم الايطالي والاسباني) للحكومة من ضمن مؤتمر “سيدر” ومن خارج “سيدر”. مشيرة إلى ان بريطانيا تترأس هذه الدورة لمجلس الامن الدولي الذي يبحث في تقرير ممثل الامين العام للامم المتحدة غوتيريس حول القرار 1701.
واشارت المصادر الى ان الرئيس عون “كان واضحا في حديثه حول القرار 1701 وقضية النازحين السوريين، ومضيّه في تحصين القضاء ومكافحة الفساد، مؤكدا ان مطالب الناس في الشارع هي مطالبنا. شارحا كيفية تعامله الايجابي مع الانتفاضة الشعبية وتحذيره من الانزلاقات الامنية الخطيرة كالتي حصلت في اكثر من مكان”.
الى ذلك لما يُسأل رئيس الجمهورية من قبل زواره عن التحرك الخارجي في اتجاه لبنان، يقول ان الهدف منه استطلاعي، متوقفا عند اهمية اللقاء الذي يعقد في الثامن والعشرين من الشهر الجاري بحضور ممثلين عن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية بعد ان اجتمع هؤلاء مؤخرا في باريس في ما يمكن وصفه بالإجتماع التمهيدي.
وفي كل الأحوال فإنه لا يمكن لبريطانيا الدخول في شكل الحكومة ولا الأسماء شأنها شأن بعض الدول. ويختم زوار بعبدا بالإشارة إلى أن الإهتمام الدولي بلبنان واضح وحركة الموفدين الأجانب الى لبنان غير متوقفة ضمن الاستطلاع وتكوين وجهة نظر ونقلها الى كبار المسؤولين قبل اتخاذ اي خطوة.
بدوره نقل المسؤول البريطاني الى رئيس الجمهورية سلسلة تأكيدات من بلاده: أولاً، مواصلة بريطانيا لدعمها الجيش اللبناني بصرف النظر عن الأزمة الراهنة. ثانياً، التمني بالإسراع في تأليف حكومة تأخذ بالإعتبار الوقائع الراهنة، أي ما يطلق عليها المسؤولون البريطانيون “حكومة متوازية” مع التأكيد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية في لبنان ولا يرحبون بأي تدخل فيها من اي جهة كانت. وثالثا دعم الإصلاحات التي اقرتها حكومة تصريف الأعمال فضلا عن مكافحة الفساد.
بدوره، قال السفير البريطاني رامبلينغ: “يسرنا وجود المدير العام ريتشارد مور في هذا الوقت المهم للبنان. بالإضافة الى الاستماع الى آراء المتحاورين اللبنانيين، تؤكد اجتماعاتنا اليوم الأهمية التي توليها المملكة المتحدة لتشكيل حكومة جديدة فاعلة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها والتي ستفيد جميع اللبنانيين”.
وأعلنت السفارة البريطانية في بيان ان مور قال: ” لطالما كانت المملكة المتحدة شريكا وداعما مهمّا للبنان منذ وقت طويل، على سبيل المثال، استثمار 200 مليون دولار العام الماضي لدعم أمن لبنان واستقراره وازدهاره وسيادته.
اضاف: نقف وشركاؤنا في المجتمع الدولي على استعداد لمواصلة دعمنا للبنان. لكن أودّ التوضيح أنّ مسألة اختيار القادة والحكومة هي مسألة داخلية للبنانيين. لقد كان الشعب اللبناني واضحاً في مطلبه لحكم أفضل، وينبغي الاستماع اليه.ومع استمرار الاحتجاجات، ندرك أن الأجهزة الأمنية لها دور صعب ولكنه أساسي في حماية الأمن اللبناني. ومن المهم استمرار احترام حق الاحتجاج السلمي، وأي قمع لحركة الاحتجاج بواسطة العنف أو التخويف من قبل أي جهة أمر غير مقبول على الإطلاق.”
السفير الروسي: واشنطن لابعاد حزب الله عن الحكومة
من جانبه، حذر السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين من تحول الثورة في لبنان إلى العنف، معربا عن تأييده للمطالب التي ترفعها، مطلقاً عليها تسمية “الثورة الملونة”.
وأكّد على تحقيق الإصلاحات من خلال الشرعية رافضاً التصعيد والتصاعد، مؤكدا انه لا يجوز ان يعود لبنان إلى التصادم والحرب الاهلية.
وأكّد ان الاتصالات تجري مع كافة الأفرقاء، واصفاً المطالب الأميركية بالتعجيزية.
وكشف ان الولايات المتحدة تشترط عدم وجود “حزب الله” في الحكومة الجديدة.
وشدّد على ان “التواصل قائم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وحزب الله.
وأشارت مصادر مطلعة إلى ان هناك اهتمام دولي وروسي بالوضع اللبناني الدقيق، وتأكيد على استمرار المساعدات.
ووصفت المصادر ما صدر عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لجهة تأكيده على حكومة تكنو-سياسية بأنه مجرّد رأي شخصي.
وعن اللقاء الذي جمع المبعوث الخاص للرئيس الحريري جورج شعبان مع بوغدانوف في موسكو الأسبوع الماضي، تؤكد المصادر ان الاجتماع جاء نتيجة التطورات اللبنانية الأخيرة، والهدف منه شرح وجهة نظر الرئيس الحريري للجانب الروسي من موضوع تشكيل الحكومة.
وصل إلى لبنان السيناتور الأميركي الديمقراطي كريس مورفي آتيا من المنامة لبحث موضوع المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني.
يذكر ان مورفي شارك في المؤتمر الذي شارك فيه العميد مارون حتي وجرى لغط حول موضوع طلب أميركي للصدام مع حزب الله.
هل تكون الاستشارات قريبة؟
الى ذلك افادت معلومات شبه رسمية ان هناك تقدما ما في الموضوع الحكومي وان الاتفاق بات شبه قريب على حكومة تكنوقراط تضم بعض السياسيين خاصة من ثنائي “امل وحزب الله” وربما الوزير سليم جريصاتي ممثلا للرئيس عون. وان الرئيس الحريري قد يكون اقتنع بضرورة معالجة الازمة باقل الخسائر السياسية الممكنة حتى لا يصاب البلد بخسائر اكبر اقتصاديا وامنيا.وفي حال جرى التوافق النهائي على اسم الرئيس المكلف سواء الرئيس الحريري او من يختاره، قد تجري الاستشارات النيابية الملزمة يوم الخميس او الجمعة المقبل. واشارت المصادرالى ان الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر لا زالوا متمسكين بترؤس الحريري للحكومة حتى لو جبران باسيل خارجها.
”الى ذلك نفت مصادر”القوات اللبنانية” ما تردد عن زيارة قام بها مؤخرا الوزير الاسبق ملحم رياشي للرئيس ميشال عون موفدا من رئيس حزب القوات سمير جعجع ، وقالت ل “اللواء”: ان الزيارة حصلت من اسبوعين ورافق الرياشي فيها مدير مكتب جعجع ايلي براغيد، وان الوفد، اكد وقتها ضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين.، لكن موقف الرئيس عون كان بتشكيل حكومة تكنو- سياسية. واوضحت المصادر انه منذ ذلك الوقت لم يطرأ اي شيء جديد.
تداعيات حادثة اوتوستراد الجنوب
الى ذلك، طغى حادث مقتل حسين شلهوب وسناء الجندي حرقا بحادث سير على طريق اوتوستراد الجية – برجا نتيجة اصطدام سيارتهما بعمود كهرباء اوعوائق حديدية وضعها قاطعو الاوتوتستراد، ما ادى ايضا الى جرح ابنة شقيقة الشهيدة الجندي واحتراق السيارة بالكامل. واثارت الحادث استياء وغليانا في الجنوب لا سيما بلدتي الضحيتين انصارية وطير فلسيه. لكن صدرت مواقف تهيب بالمسؤولين عدم قطع الطرقات درءا للفتنة.
وفي السياق، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: إن ما حصل على طرقات الوطن بالأمس مدان بكل المقاييس.سواء في وسط العاصمة او على الشريان الرئيسي الذي يربط العاصمة بالجنوب، حيث تعمدت لقمة العيش بالدم فسقط الشهيدان حسين شلهوب وسناء الجندي.
واصدر “حزب الله” بيانا جاء فيه: استنكر فيه بشدة “الجريمة المروعة التي وقعت على أوتوستراد الجية.
وقال: إن هذا الاعتداء الآثم الذي استهدف الشهيدين العزيزين هو بمثابة اعتداء على كل اللبنانين، وهو تهديد للسلم الأهلي والإستقرار الاجتماعي، ولهذا ندعو الجميع إلى تحمل المسؤولية الكاملة وكشف هذه الجريمة الإرهابية ومعاقبة المعتدين.
وفي مسعى ايضا لتدارك نتائج ماحدث، كتب رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر” قائلا: “ان قطع الطرقات من آية جهة كانت لا يمكن الا ان يؤدي إلى مشاكل وتوترات وسقوط ضحايا .انني ادين ما حصل بالأمس في وسط بيروت أو على طريق الجنوب وأتقدم بالتعزية لأهالي الضحايا. يجب الحفاظ على جميع الطرقات مفتوحة من اجل المواطن العادي الذي يجاهد في كل يوم من اجل لقمة العيش”.
وليلاً، وقع إطلاق نار بشكل كثيف في الكولا، وسير الجيش دوريات لمنع تدهور الوضع، ثم ما لبث ان تدخل الجيش، وعاد الوضع إلى طبيعته.
ونفى مصدر مسؤول في تيّار “المستقبل” ان يكون عضو التيار محمّد بنوت قد اصيب بإطلاق النار، ولا أي عنصر من التيار