كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: “رسالة برسالة”… هكذا بدا كلام رئيس الجمهورية ميشال عون بالأمس في حضور الموفد العربي السفير حسام زكي الذي دخل قصر بعبدا حاملاً رسالة دعم ومؤازرة للبنان “ورغبة في المساعدة” للخروج من أزمته، فخرج من القصر برسالة مناشدة واستغاثة بـ”بيت المال” العربي مفادها أنّ “الدعم العربي للبنان يجب أن يترجم بخطوات عملية لا سيما بالنسبة إلى المساعدات لمعالجة الوضع الاقتصادي المتردي”. هي لحظة حقيقة تؤكد أنّ كل سياسات التنكّر لدور العرب في مساعدة لبنان وتغليب أجندة سلخه عن بني جلدته وبيئته الحاضنة لم تعد تجدي نفعاً أمام واقع الانهيار المتسارع اقتصادياً ومالياً في البلد، وعندما يحصحص الحق لا ملجأ ولا سند إلا العرب كما كانت الحال على مر الأزمات التاريخية التي مرّ بها اللبنانيون، منذ زمن الاقتتال الأهلي وصولاً إلى حروب إسرائيل التدميرية وآخرها وأشهرها حرب تموز 2006 التي سرعان ما أطفأت مليارات العرب وودائعهم خسائرها. وإذا كان صحيحاً أنّ المجتمع العربي اليوم غير المجتمع العربي أمس بعدما ذاق الأمرّين جراء سياسات “حزب الله” في الإقليم التي بلغت مستوى تهديد الأمن القومي العربي والتدخل في شؤون الدول العربية الداخلية، وإذا كان صحيحاً أيضاً أنّ رئيس الجمهورية بمواقفه وسياسته لا ينفك يؤكد أنه في خندق الحلف الاستراتيجي مع “الحزب”، يبقى الأمل بأن يمنح العرب جرعة أوكسيجين للبنان تقيه الاختناق الاقتصادي… انطلاقاً من الحرص عليه “كبلد مهم ومؤسس في المنظومة العربية، وتطوراته تهمّ العرب لما لها من تبعات وارتدادات إقليمية” حسبما عبّر موفد الجامعة العربية.
وفي خضمّ حملة المطاردة الشعواء التي يشنها فريق 8 آذار على رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري لدفعه مخفوراً إلى إعادة إحياء الحكومة وتعويم “تصريف الأعمال” مقابل إغراق الاستشارات النيابية الملزمة وتهميش ضرورات تأليف حكومة أصيلة تواجه التحديات، استرعى الانتباه أمس إعلان قصر بعبدا عن عقد اجتماع وزاري مالي – اقتصادي اليوم برئاسة عون في سياق بدا معه الاجتماع بنكهة “تصريف مال وأعمال” حكومية في قصر بعبدا بغياب الحريري في رسالة رئاسية مزدوجة رداً على رفضه عقد اجتماعات حكومية ورداً على عدم خضوعه لدفتر شروط “التكليف والتأليف” الموضوع على طاولة الرئاسة الأولى.
وإزاء مواصلة بورصة المرشحين لرئاسة الحكومة، تقلباتها صعوداً وهبوطاً، أسوةً بحال “الدولار” الذي تراجع دراماتيكياً أمس ربطاً بسوق العرض والطلب، عاد الضخ الإعلامي والسياسي ليتحدث عن عودة أسهم المرشح سمير الخطيب إلى الارتفاع وسط تضارب في المعلومات على جبهة مصادر 8 آذار بين إشارة بعضها إلى “إيجابية طرأت في هذا الملف قد تجد ترجماتها في نهاية الأسبوع” وبين تحميل بعضها الآخر مسؤولية عرقلة ترشيح الخطيب إلى الحريري.
إلا أنّه، وبينما أعادت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية إشاعة الأجواء الإيجابية من قبل 8 آذار إلى سياسة “تعويم المرشحين للضغط على الحريري ووضع اللوم عليه في حال عدم وصول الأمور إلى خواتيمها المرجوة”، نفت مصادر “بيت الوسط” كل التسريبات التي تحدثت عن أنّ خيار ترشيح الخطيب قد فشل، وأوضحت لـ”نداء الوطن” أنّ “رئيس حكومة تصريف الأعمال ما زال على دعمه للخطيب وأبلغه هذا الدعم حين التقاه، بدليل ما صدر عن الخطيب نفسه في بيانه أمس رداً على الإشاعات التي تمحورت حول أن اجتماعه مع الحريري كان سلبياً، لا سيما وأنّ بيانه كان واضحاً بالإشارة إلى أنّه لم يلقَ من الحريري إلا كل الدعم والتجاوب المطلقين وما تم تداوله خلاف ذلك عار عن الصحة”.
وأضافت المصادر: “فليتوقفوا عن اللعب والمناورة وليذهبوا إلى الاستشارات النيابية الملزمة وفق الدستور لتسمية الرئيس المكلف خصوصاً أن لديهم أكثرية تناهز الـ73 نائباً، فليختاروا رئيساً مكلفاً لإنهاء الفراغ الحكومي بعد مضي شهر على استقالة الحكومة”، مشددةً في الوقت عينه على أنّ “إدارة الأمور كالسابق (BUSNESS AS USUAL) لم تعد ممكنة والمطلوب نقلة جديدة في الممارسة السياسية تفضي إلى حكومة جديدة بسرعة من أجل إنقاذ البلد”، وأوضحت أنّ المشكلة هي عند المقلب الآخر “فالسقف الذي وضعوه للمرشح الوزير السابق بهيج طبارة لا يريح أي تشكيلة حكومية لا سيما وأنّ استنساخ الحكومة القديمة وإحياءها عبر تطعيمها ببعض الوجوه التكنوقراطية لم يعد ينفع ولم يعد واقعياً في ظل التطورات التي شهدها البلد، وهو ما دفع الوزير طبارة إلى الإحجام عن تولي المهمة”.
ورداً على سؤال، أجابت المصادر: “بدلا من شنّ حملة على الحريري بحجة ضرورة تصريف الأعمال، فليسرعوا في تأليف حكومة تدير البلد”، لافتةً إلى أنّ “الحريري لن يحضر الاجتماع الاقتصادي اليوم في القصر الرئاسي لأنه يعتبر أن الأساس هو الدعوة إلى الاستشارات النيابية بدلاً من الدعوة إلى اجتماعات كهذه.
وفي السياق نفسه أكد عضو كتلة المستقبل النائب سامي فتفت لبرنامج “صار الوقت” ان الحريري يدعم بشكل كامل ترشيح الخطيب.