كتبت صحيفة “النهار” تقول: الطرق الى بعبدا اليوم سالكة، والاستشارات تنطلق بكتلة “المستقبل” ليبنى على الشيء مقتضاه، فإما ان تكر سبحة تسمية الرئيس سعد الحريري لتكليفه تأليف الحكومة مجدداً، وإمّا ان تحصل مفاجأة لا تكون في الحسبان، وهو ما دفع الكتل النيابية الى التكتم على قراراتها، أو بالاحرى عدم اتخاذ أي قرار قبل اليوم، على رغم المواقف المتوقعة لكل فريق، ما يوفر للرئيس المتوقع تكليفه الحد الادنى من الاصوات الضرورية للانطلاق في رحلة التأليف التي يتخوف كثيرون من ان تكون طويلة في انتظار متغيرات اقليمية.
وقبل الخوض في الاستشارات والوضع الأمني على عتبة دخول الانتفاضة الشعبية غداً شهرها الثالث، من دون انجازات كبيرة، إلّا إضعاف سلطة متهالكة أصلاً، ومفككة، وغير متضامنة، فإنه لا بد من التوقف عند النداءات الدولية والاشارات الى قرب وقوع لبنان في المحظور، والتحذيرات، كما المطالبات بالتعجيل في تأليف الحكومة وسط صم المكونات السياسية من رؤساء ومسؤولين وأحزاب معنية، آذانها، وتعاميها، لا عن مطالب الناس فحسب، وإنما أيضاً عن الأخطار التي باتت تهدد بانهيارات سياسية واقتصادية – مالية، وأيضاً أمنية، بعد “السبت الأسود” الذي كادت الأمور تتفلت فيه أمنياً، على رغم اعتبار البعض ان الأحداث افتعلتها أجهزة حزبية متواطئة مع أخرى أمنية لجر أجهزة أخرى الى المواجهة العنفية، وتالياً إيجاد المبررات والمسببات لقمع المنتفضين في غير ساحة. وأشار مصدر وزاري سابق عبر “النهار” الى خطورة “صراع بعض الأجهزة حتى في هذه الظروف الخطرة، وخروج بعضها عن السلطة السياسية خدمة لاهداف معلومة مجهولة”.
فقد حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أن “ما يحدث في لبنان هو تداعيات نتيجة موقف حدث، ولو الأمر تطور في لبنان لأكثر من ذلك ستكون الأزمة غير مقتصرة على سوريا وستكون هناك مشكلة كبرى في لبنان”. وأبدت الامانة العامة لجامعة الدول العربية، أمس قلقها من أنباء الاشتباكات المتزايدة التي وقعت في لبنان أخيراً. وأفاد مصدر في الجامعة أن الأمانة تهيب بكل الأطراف اللبنانيين وقوى الأمن والجيش اللبناني ضرورة التزام ضبط النفس والابتعاد عن أي مظاهر للعنف، حفاظاً على الاستقرار والسلم الأهلي اللبناني، والحيلولة دون الانزلاق نحو ما يهدد المصلحة الوطنية العليا، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان.
وفيما كان الممثل الشخصي للأمين العام للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش يدعو “السياسيين للتحرك بشكل عاجل من أجل تعيين رئيس وزراء يمكنه الحصول على دعم الشعب وتشكيل حكومة شاملة وذات صدقية وكفاءة تحظى بدعم مجلس النواب، قادرة على إخراج البلد من الأزمة ومناشدة الناس للحصول على الدعم، عند البدء بتنفيذ اجراءات الطوارئ والإصلاح”، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان ان على المسؤولين اللبنانيين ان “يتحركوا ويضعوا حداً للأزمة التي تشل البلد في ظل حركة احتجاج شعبية تطالب برحيل السلطة السياسية”.
ونهاية الاسبوع الجاري، يزور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد هيل بيروت لإجراء المحادثات الأولى لمسؤول أميركي رفيع مع مسؤولين رسميين وسياسيين لبنانيين منذ اندلاع الثورة في 17 تشرين الأول. وتستمر زيارة هيل لبيروت يومين وسيدعو الى التعجيل في تشكيل حكومة توحي الثقة وترضي الشعب وتبادر إلى العمل فور تشكيلها، لتنفيذ الإصلاحات من خلال إنشاء الهيئات الناظمة في الكهرباء والطاقة والاتصالات والمطار وغيره. وسيؤكد ان المجتمع الدولي سيراقب أداء هذه الحكومة ويحاسبها على أساسه، وليس على أساس شكلها أو ممن تتألف بل ماذا حققت.
داخلياً، توالت الأخبار – الشائعات عن صفقة تمت بين الرؤساء الثلاثة لتأليف حكومة “تكنوسياسية” تبصر النور قريباً، وهو ما دفع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل الى تليين مواقفه بعد اعلان عزوفه والتكتل الذي يرأسه عن المشاركة في حكومة برئاسة الحريري، وربطت الاتفاق باجتماع الرئيسين عون والحريري. لكن مصادر أكدت لـ”النهار” ان الاجتماع الذي عقده الطرفان مساء السبت لم يتوصل الى أي اتفاق وانما عرضت فيه وجهات النظر، وأتى بمسعى من مستشار الحريري الوزير السابق غطاس خوري الذي التقى عون السبت (والتقى أيضاً رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع) ونقل اليه رغبة في عقد اجتماع قبيل الاستشارات. وقالت المصادر نفسها إن الحريري تمنى على عون الضغط على باسيل للتراجع عن موقفه برفضه مشاركة تياره بالحكومة في حال تكليفه تشكيلها. لكنه لم ينل وعداً من عون بذلك. ومن غير المتوقع أن يسمي “تكتل لبنان القوي” الحريري، ومثله “حزب الله”، وكذلك نواب الكتائب الذين سيسمون الدكتور نواف سلام، فيما سينال الحريري اصوات كتلته النيابية، و”القوات اللبنانية”، و”اللقاء الديموقراطي”، وكتلة “التنمية والتحرير”، و”كتلة اللقاء الوطني”، وعدد من المستقلين، ما يجعل مجموع الأصوات ما بين 65 و70.
أما أمنياً، فقد تجددت أمس المواجهات بين القوى الامنية والمتظاهرين في وسط بيروت، خصوصاً عند المداخل المؤدية الى مجلس النواب حيث تمنع شرطة المجلس دخول ساحة النجمة. ولم تنفع زيارة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان المكان بعد الظهر ووعده بالتحقيق في العنف الذي استخدم السبت، من دون تكرار التصادم، في ظل تكرار اتهام المتظاهرين لجماعات مندسة بافتعال المشكلة. اذ تبين من أشرطة الفيديوه ان مجموعات محددة عمدت الى رشق القوى الأمنية بالعبوات المائية والمفرقعات بكميات كبيرة من خلف المتظاهرين بما يعني أنها كانت تقصد إشعال الاشتباكات بعد اربع ساعات تقريبا من التظاهرات السلمية تماماً.
وكانت وزيرة الداخلية ريا الحسن عقدت اجتماعا في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي في حضور عثمان وعدد من كبار الضباط، تخلله تقويم التطورات الأمنية ليل السبت – الأحد. وشدّدت وعثمان على حق التظاهر والتعبير ضمن الأطر القانونية والمعايير الدولية واجراء تحقيق في المخالفات.
وقد أعرب السفير البريطاني في لبنان كريس رامبلينغ، في تغريدة، عن قلقه من الاصابات التي وقعت السبت إثر الاشتباكات في وسط بيروت. وذكّر بأنّ المملكة المتحدة والشركاء الدوليين يشدّدون باستمرار على خطورة العنف والترهيب، ويؤكدون وجوب حماية الحق في الاحتجاج السلمي. وطالب بإجراء التحقيق اللازم.
ويذكر ان لا إحصاء لعدد الاصابات من جراء المواجهات والتدافع والقنابل المسيلة للدموع لليل أمس، فيما قارب العدد المئة والخمسين ليل السبت توزع بين المتظاهرين ورجال الأمن.
ويشار إلى ان المصورين في “النهار” محمد عزاقير وحسام شبارو أصيبا من جراء التراشق.