كتبت صحيفة “الديار ” تقول : بعدما نجح الجيش في “ضبط” الشارع “المتفجر” وسط بيروت بعدما خرجت الامور عن “سيطرة” قوى الامن الداخلي،ومنع بذلك اسقاط موعد الاستشارات النيابية الملزمة من خلال “فوضى” مبرمجة تضافرت جهود اكثر من جهة داخلية وخارجية على اشعالها خلال الايام القليلة الماضية، جاءت “الضربة القاضية” تحت عنوان غياب ”الميثاقية المسيحية” لتدفع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري الى طلب التأجيل بعدما استفاق على موقف ”صادم” من “معراب” تراجعت من خلاله القوات اللبنانية عن وعد مبدئي “اوحى” به الدكتور سمير جعجع للوزير السابق غطاس خوري قبل ايام بتسمية كتلة “الجمهورية القوية” للحريري في الاستشارات، لكن كل شيء انهار صباحا “لتشتعل” بعدها حرب البيانات بين “بيت الوسط” “وميرنا الشالوحي” و”معراب” ودخل القصر الجمهوري ايضا على الخط، لينتهي النهار الطويل بصورة “قاتمة” تظلل نتائج الاستشارات يوم الخميس المقبل في ظل عودة الحريري الى التهديد بنظرية “فتشوا عن حدا غيري”، وشكوك كبيرة حيال محاولات داخلية وخارجية “لحرق” ”ورقته” فيما يصر “الثنائي الشيعي” على ضرورة “كسب الوقت” وذهاب الجميع الى تسوية على “البارد” لا بد منها بدل انتظار “انفجار كبير” في البلاد يجبر الجميع للعودة الى “الطاولة”، وفي هذا السياق يبدو الحريري امام خيارين لا ثالث لهما، اما التفاوض مجددا مع التيار الوطني الحر او “الرحيل”، وعندها يمكن الحديث عن مرحلة ما بعد الحريرية السياسية “بايحاء” خارجي واضح وهو الامر الذي سيعمل اكثر من طرف على استكشافه من خلال زيارة نائب وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل نهاية الاسبوع الذي سيكشف الاوراق الاميركية مستغلا اهتزاز الاستقرار الداخلي كما سيرفع منسوب الضغط في ملف النفط والغاز، مع العلم ان “عين التينة” ستكون حاسمة في اسماع “الضيف” الاميركي كلاما مشابها للموفدين الذين سبقوه…
تحذير قائد الجيش…!
وفي هذا السياق، لفت كلام منسوب الى قائد الجيش جوزاف عون الى عدد من المسؤولين السياسيين الاساسيين في البلاد حين ابلغهم ان الجيش اللبناني لا يزال مسيطرا على الارض واستطاع امتصاص كل المحاولات الممنهجة او العفوية لتفجير الوضع الامني، لكن هذا الامر لا يعني الاستمرار في ترف تضييع الوقت في السياسة لان الاوضاع المعيشية في البلاد تنذر بما هو اخطر، ووفقا لمصادر مطلعة، فان قائد الجيش كان واضحا في تصميمه على منع اي محاولة للعبث بالامن من قبل بعض الجهات والاحزاب التي تتحرك في بعض “الشوارع”، لكنه كان واضحا في التحذير من مغبة خروج “الطبقة الفقيرة” الحقيقية الى الشارع بسبب الانهيار الاقتصادي، لانه في هذه الحال لن تكون اي معالجة امنية قادرة على الحفاظ على الاستقرار، ولن يكون الجيش حينها قادراً على القيام بمهامه لانه لن يواجه هؤلاء، وقد توجه عون الى اكثر من مسؤول سياسي بالقول “احذروا ثورة الجياع”…
المزيد من التخبط….
فوسط تبادل اتهامات وتراشق عنوانه انعدام الثقة بين ثلاثي التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية، وتيار المستقبل، انتهى المشهد السياسي في البلاد على مزيد من التخبط وانعدام الاستقرار، والرئيس سعد الحريري الذي كان حتى ساعات الفجر مرشحا اوحد لرئاسة الحكومة “بتكليف دار الفتوى” لم يعد كذلك بعد بيان حليفه المفترض تكتل ”الجمهورية القوية” الذي قرر عدم تسميته، ففقد بذلك “الميثاقية المسيحية” غير الملزمة في التكليف، فعادت الامور الى “نقطة الصفر”، فيما بدأ الحديث جديا عن طي رئيس الجمهورية “لورقة” تكليف الحريري حيث بات يميل على نحو كبير مع التيار الوطني الحر لتسمية فؤاد مخزومي…
“القوات” “تقلب الطاولة”..
وفيما اوضح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ان ردة الفعل الشعبية واحداث وسط بيروت وفحوى المداولات الاخيرة ادت الى اتخاذ القرار بعدم تسمية الحريري، معتبرا ان تسميته هذه المرة ثمنها عال، نفت مصادر”القوات” قيامها بالتراجع عن وعد “الحكيم” للحريري بتسميته، نافية ان يكون قد وعد الوزير السابق غطاس خوري “بشيء”، لكن اوساط مطلعة على موقف “معراب” كشفت ان جعجع عرض خلال الاجتماع المطول الذي استمر حتى فجر الاثنين لمعلومات غير محددة المصدر تفيد بان رئيس الحكومة المفترض قد نسج اتفاقا مع “الثنائي الشيعي” على تركيبة الحكومة المقبلة “بالشراكة” مع رئيس الجمهورية ميشال عون، فقرر عندها “قلب الطاولة” على الحريري وعدم منحه “ثقة” نواب “الجمهورية القوية”…
لا تفاهمات…
في المقابل، تنفي اوساط مقربة من بعبدا حصول تفاهم مماثل وتشير الى ان اللقاء الاخير بين الحريري وعون كان سلبيا ولم ينتج عنه اي تفاهم سياسي بين الرجلين، بل زاد من الامور تعقيدا بعدها قرر تكتل “لبنان القوي” وضع تسمية رئيس الحكومة الجديد عند الرئاسة الاولى وهو الامر الذي زاد من “غضب” الحريري ودفعه الى التعويل على موقف “القوات” التي خذلته مجددا…
“شكوك” لدى “المستقبل”..؟
ووفقا لاوساط تيار “المستقبل” ثمة قناعة قد تولدت عند الرئيس الحريري خلال الساعات القليلة الماضية، بان القوات اللبنانية تولت مهمة “نسف” الاستشارات النيابية بموقفها “المفاجىء” بعدما اخفقت عمليات الشغب في الشارع بتأجيلها، وثمة اكثر من علامة استفهام حيال هذه الخطوة حيث يتعاظم الشك في “بيت الوسط” من وجود جهات خارجية محورية لا ترغب بعودة الحريري الى رئاسة الحكومة…
من يريد “احراق” الحريري؟
وفي هذا السياق، تتساءل اوساط سياسية مطلعة عما اذا كان ثمة “تعليمة” خارجية قد وصلت الى بيروت “لحرق” ”ورقة” الحريري غير المرغوب بعودته الى الحكومة من قبل دول الخليج في ظل وجود “فتور” اميركي ايضا حياله، وسط حديث عن مرشحين آخرين تحاول الادارة الاميركية تذكيتهم لرئاسة الحكومة وفي مقدمتهم السفير نواف سلام…
ضغوط هيل… والموقف اللبناني
ويترقب الجميع، زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد هيل الى بيروت نهاية الاسبوع، ما يضع علامات استفهام حول احتمال اجراء موعد الاستشارات مجددا يوم الخميس المقبل، فالدبلوماسي الاميركي يرغب في وضع “لمساته” على اي تسوية مفترضة، حيث تستمر زيارته الى بيروت يومين وهو بحسب اوساط مطلعة، سيدعو إلى استعجال تشكيل حكومة توحي الثقة وترضي الشعب وتبادر إلى العمل فور تشكيلها، وهو عنوان ”حمال اوجه” وسيكون عليه تقديم تفاصيل واضحة حول كيفية ترجمة تلك العناوين، خصوصا ان المهمة الاكثر اهمية لديه تبقى مسألة الاكتشافات النفطية والغازية اللبنانية، وعملية الترسيم العالقة مع الاسرائيليين الذين ياملون ان تنجح واشنطن في تمرير وجهة نظرهم في هذا الملف من خلال زيادة الضغوط على الجانب اللبناني الغارق في ازماته المالية والسياسية والامنية..
لكن مصادر “عين التينة” تؤكد في هذا السياق ان ما سمعه ساترفيلد وشينكر سيسمعه هيل في هذا الملف، ولبنان غير مستعد لتقديم اي تنازل في ما يرتبط بحقوقه النفطية والغازية…
الحريري “مرتاح” “للثنائي”…
وستكون الساعات ال48 المقبلة حاسمة في تحديد التوجهات وسط حديث عن تحرك مرتقب “للثنائي الشيعي” على خط “تدوير الزوايا” لمحاولة وقف الانحدار في “الهاوية” خصوصا ان الاجواء في “بيت الوسط” تشير الى وجود ”ارتياح” واضح حيال موقف “عين التينة” “وحارة حريك” من الازمة الراهنة ما ينعكس ارتياحا في “الشارع” بعدما بات بشكل واضح من يريد اخراج الحريري من السلطة ومن هنا يمكن من خلال استمرار التواصل الذي يتولاه الرئيس بري اعادة ترتيب الموقف “ليبنى” على الشيء مقتضاه”…
“انفجار الازمة”…
وكانت الاستشارات النيابية قد ارجئت مجددا قبل نصف ساعة من موعدها المحدد واصدرت رئاسة الجمهورية بيانا اكدت فيه ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تجاوب مع تمني الرئيس سعد الحريري تأجيل الاستشارات النيابية الى الخميس 19 الجاري لمزيد من التشاور في موضوع تشكيل الحكومة.وكان الرئيس نبيه بري اتصل بالرئيس عون ناقلاً له رغبة الرئيس الحريري بتأجيل الاستشارات وبعدها اتصل الاخير برئيس الجمهورية وأظهر رغبته بتأجيل جلسة الاستشارات إلى الاثنين المقبل، لكن الرئيس عون رفض ذلك ومنحه 3 ايام فقط وذلك لاقتراب موعد الأعياد”.
أوضح المكتب الاعلامي للرئيس الحريري، أن كتلة التيار الوطني الحر كانت بصدد ايداع أصواتها فخامة رئيس الجمهورية ليتصرف بها كما يشاء. وهذه مناسبة للتنبيه من تكرار الخرق الدستوري الذي سبق أن واجهه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عهد الرئيس اميل لحود، وللتأكيد أن الرئيس الحريري لا يمكن أن يغطي مثل هذه المخالفة الدستورية الجسيمة أيا كانت وجهة استعمالها، في تسمية أي رئيس مكلف. وفي اطار الاتصالات نفسها، تبلغ الرئيس الحريري بقرار حزب القوات اللبنانية الامتناع عن التسمية أو المشاركة في تسمية أحد في الاستشارات النيابية الامر الذي كان من شأنه أن ينتج تسمية من دون مشاركة أي كتلة مسيحية وازنة فيها، خلافا لحرص الرئيس الحريري على مقتضيات الوفاق الوطني…
من جهته رد،مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بالقول ان الحديث عن خرق دستوري مردود لمطلقيه الذين يجدر بهم معرفة القواعد الدستورية والاقلاع عن الممارسات التي تتناقض ونص الدستور وروحه…
“التيار” لا يريد الحريري
بدوره جدد التيار الوطني الحر رغبته بخروج الحريري من “السباق” الحكومي ودعا بكل ايجابية إلى التوقف عن اضاعة الوقت والموافقة على اقتراح تكتل لبنان القوي بولادة حكومة انقاذ فاعلة مؤلفة من أهل الجدارة والنزاهة رئيساً ووزراء، وعليه جدد التيار طرحه بأن يقدم الرئيس الحريري من موقعه الميثاقي على العمل سريعاً لاختيار اسم لتولي رئاسة الحكومة…. وفي السياق التصعيدي ايضا “غرد” النائب في تكتل “لبنان القوي” حكمت ديب عبر تويتر متوجّهاً للحريري من دون تسميته، بالقول “يللا زيح من الدرب، سمي شخصية نظيفة وموثوقة للخميس لتأليف حكومة إنقاذ جديرة بثقة الناس”.
تبرير “القوات”…
وحول خلفيات قرارها الليلي، اكدت القوات اللبنانية انه بعد نقاش عميق لكتلة “الجمهورية القوية” امتد حتى الثانية فجرا، اتخذ القرار على اساس الحفاظ على المبدأ اولا. فالحزب كان اول من طالب بحكومة تكنوقراط مستقلة لا تكون للقوى السياسية سطوة على وزرائها ليعملوا وينتجوا من دون عراقيل ومتاريس سياسية ترفع في وجههم عند كل ملف لا يناسب هذا الفريق او ذاك، حكومة ترضي الانتفاضة التي واكبها الحزب منذ لحظاتها الاولى، حيث لا يمكن ان يضع نفسه في مواجهتها كرمى لصداقة او حلف، علما ان قرار عدم التسمية ليس موجها ضد الرئيس الحريري، بل انسجاما مع قناعات القوات وتطلعات شارعه، من هنا كان حرص في مقدمة بيان الكتلة على التذكير بـ”التمسك بالتحالف على المستوى الاستراتيجي الذي يجمعه مع “تيار المستقبل” …
رد “عنيف” من تيار المستقبل
وبانتظار موقف مرتقب وحاسم للرئيس الحريري خلال الساعات القليلة المقبلة،لم يقتنع تيار المستقبل بتبرير “القوات” وموقف “التيار”،واصدر بيانا شديد اللهجة اكد فيه “ان زمن العضلات السياسية انتهى ولن نكون رهينة لأحد… وبراي “المستقبل” هناك تقاطع للمصالح جرى ترجمته في الموقف الذي صدر عن “التيار الوطني الحر” قبل ايّام وقضى باعلان التحاقه بالساحات والانضمام الى صفوف المعارضة، وبين الموقف الذي صدر بعد منتصف الليلة الماضية عن كتلة “القوات اللبنانية” وقضى بالامتناع عن تسمية احد في الاستشارات.واضاف البيان “ان “تيار المستقبل” ينأى بنفسه عن هذه السياسات، وهو في المقابل وبكل وضوح لا ينتظر تكليفاً من “التيار الوطني” ولا من ”القوات” للرئيس الحريري، ولا يقبل ان يتحول موقع رئاسة الحكومة الى طابة تتقاذفها بعض التيارات والأحزاب…موقع رئاسة الحكومة اكبر من كل هذه الهرطقات، ولن تكون رهينة عند احد مهما علا كعبه….
تحذير دولي….
وفي تغريدة لافتة على تويتر حذر المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش ان “تأجيل الاستشارات النيابية للمرة الثانية، إما اشارة الى ان السياسيين بدأوا يدركون أنهم لا يستطيعون تجاهل صوت الناس، أو محاولة أخرى لشراء الوقت كالمعتاد”. ورأى ان “تأجيل الحل السياسي في لبنان يفتح الباب أمام التلاعب السياسي” محذرا من ان هذا التأجيل “يساهم في خلق بيئة للتجاذب السياسي والتحريض”…
الرئيسية / سياسة / “الديار”: ورقة” الحريري “تحترق” “بالميثاقية المسيحية”… فهل خسر “الغطاء” الاقليمي والدولي ؟ ”انقلاب” “القوات” يثير الريبة ويضيق الخيارات: اما التفاوض مع “التيار” او “الرحيل”… قائد الجيش يحذر من “ثورة الجياع”: القوى العسكرية لن تواجه “الفقراء” في الشارع