كتبت صحيفة ” نداء الوطن ” تقول : كان الله بعون عون… فماذا عساه يقول أمام السلك الديبلوماسي اليوم وكيف لفخامته أن “يرقّع” ثوب الدولة المهترئ بعدما بانت العورات من كل جوانبه وانفضح المستور ونضج المحظور وأصبحت الرؤية السوداوية حالكة السواد… إقفالات وإفلاسات وطوابير الذل المتناسلة عند المصارف والصيارفة والمستشفيات والمحطات، بينما لهيب أسعار الدولار يكوي جيوب المواطنين وشحّ العملة الخضراء انعكس تناقصاً متزايداً في المعدات الاستشفائية وأدوية الأمراض المستعصية، وتقنيناً في الكهرباء والمحروقات والغاز والمازوت في زمن الثلج والصقيع… وحبل الانهيار “على الجرّار”، بينما السلطة الغارقة في لعبة الحصص تتجاهل كل النداءات الداخلية والخارجية الداعية إلى المسارعة في اتخاذ إجراءات جذرية للحؤول دون وقوع الهيكل فوق رؤوس اللبنانيين.
فخامة الرئيس ميشال عون قل للسفراء الذين ستقابلهم اليوم بصريح العبارة: نحن دولة فاشلة عاجزة… وكن أكيداً أنهم لن يتفاجأوا بهذه الحقيقة وهم أدرى بها يعايشونها عن كثب ويقفون بذهول أمام بلوغ انعدام المسؤولية لدى الطبقة الحاكمة مستويات متقدمة على مقياس نكران الواقع والوقائع في ظل التعامي عن تمدد “الهريان” في مختلف مفاصل الدولة وقطاعاتها الحيوية من دون أي خطوة عملية حتى الساعة تضع الدولة على سكة الإصلاح المنشود.
وإمعاناً في سريالية المشهد، أضحت مكونات “حكومة الفريق الواحد” هي نفسها تطالب بتفعيل حكومة تصريف الأعمال المستقيلة في اعتراف ضمني بالعجز الفاضح عن تأليف حكومة أصيلة فاعلة تحاكي تطلعات اللبنانيين الذين عادوا إلى الشوارع بالأمس في بيروت وصيدا والشمال والبقاع، بقوة دفع أكبر من قبل المنظومة الحاكمة التي ترعى مسلسل الانهيار ولا تحرك ساكناً أمام اضمحلال مقومات الحياة الأساسية في البلد وقد أضحى الناس على مشارف “ثورة جياع”. أما “الوشوشات” التي كان المسؤولون يتناقلونها خلسةً عن إعادة هيكلة الدين، فأضحت تُقال جهاراً بالفم الملآن عن طلب إطالة أمد سندات الدين، بدءاً من اقتراح حاكم المصرف المركزي رياض سلامة استبدال سندات “يوروبوند” بقيمة 1.2 مليار دولار تستحق في شهر آذار المقبل، بسندات أخرى أطول أجلاً، وصولاً إلى تأكيد رئيس جمعية المصارف سليم صفير لوكالة “رويترز” أنه بات “من المرجح إعادة هيكلة الدين السيادي للبنان”… ماذا بعد؟ هل تكون الخطوة التالية إعلان عجز الدولة اللبنانية عن سداد ديونها ورفع راية الإفلاس؟
وفي سياق يؤكد مدى تمادي المسؤولين اللبنانيين في لعبة استنزاف الوقت والحلول، برز خلال الساعات الأخيرة ما كشفه مصدر مطلع على قنوات التواصل اللبناني الرسمي مع صندوق النقد الدولي (IMF) لـ”نداء الوطن” أنّ الهيئات المختصة في الصندوق “تفاجأت بطلب الجانب اللبناني تأجيل انعقاد اجتماع كان مقرراً عقده مع المسؤولين في صندوق النقد منتصف الشهر الجاري لبحث سبل مساعدة لبنان على النهوض والخطط المتاحة لإنقاذه من الانهيار الشامل”، وقال المصدر: “رغم أنّ الجميع يعلم بأنّ لبنان لن يكون بمقدوره الوقوف مجدداً على قدميه إلا من خلال ضخّ ما بين 10 إلى 12 مليار دولار في خزينته، وأنّه من دون الـ”IMF” والدول المانحة سيصبح هذا الموضوع مستعصياً، صُدمت بعثة صندوق النقد جراء طلب التأجيل اللبناني الذي يؤكد استمرار سياسة التسويف والمماطلة من قبل السلطات اللبنانية غير المبالية لا بالإصلاح ولا بالإسراع في وضع خطط الإنقاذ الفاعلة”.
ورداً على سؤال، شدد المصدر على أنّ “صندوق النقد الذي تعامل مع العديد من الدول التي كانت قد مرت بأزمات اقتصادية ومالية مشابهة، لم يسبق له أن لمس هذا المستوى من قلة المسؤولية التي يلمسها المجتمع الدولي اليوم في لبنان حيث جميع المسؤولين يحاولون التنصّل من مسؤولياتهم لا بل ويسعى بعضهم إلى عرقلة أي بوادر حلول إنقاذية للبلد طالما أنها لا تحقق مصالح شخصية لهذا الفريق السياسي أو ذاك”، مؤكداً أنّ الدولة اللبنانية باتت مطالبة بـ”إصلاحات موجعة” تتراوح بين “تخفيض نفقات الموازنة بطريقة راديكالية، وحل مسألة رأسمال المصارف، ومعالجة سعر صرف الليرة، وغيرها من الإجراءات التي توقف النزف المالي في القطاعات الرسمية، وإلا في حال عدم التزام السلطات اللبنانية بالشروع فوراً ودون مزيد من التأخير في عملية الإصلاح و”شدّ الأحزمة” فإنّ ذلك سيؤدي حكماً إلى نقطة اللاعودة حيث سيكون الانهيار سريعاً جداً جداً”