كتبت صحيفة “الديار ” تقول : الثورة اللبنانية استعادت زخمها بعدما امهلت الرئيس المكلف والقوى السياسية الحاكمة وقتا ثمينا لتأليف الحكومة الا ان الناس اصيبت بخيبة امل جديدة فلا حكومة حتى هذا التاريخ لتنتشل البلد من الانهيار وفي وقت سجل الدولار رقما قياسيا امام الليرة اللبنانية ما جعل الثوار يعودون الى الشارع مفجرين غضبهم وممهلين الاكثرية الحاكمة 48 ساعة لتأليف حكومة. وعليه كان يوم 14 كانون الثاني يوم عودة الانتفاضة على المسؤولين وعلى السماسرة كما صنفهم الناس حيث امتلات الشوارع بالثوار الذين نددوا بالسلطة الفاشلة وقطعوا طرقات في جميع مناطق لبنان احتجاجا على ترك الامور تتدهور من سيئ الى اسوأ دون قيام الاكثرية الحاكمة بأي مبادرة انقاذية للبنان.
وقد اظهر الثوار غضبهم واشمئزازهم من الطبقة السياسية التي تتصارع في ما بينها على الحقائب الوزارية مشددين على مطلبهم الثابت بتأليف حكومة تكنوقراط مستقلين. ورغم حصول تشابك مع القوى الامنية الا ان ذلك لم يردع الثوار من مواصلة احتجاجاتهم وقطع الطرقات كعامل ضغط على الدولة لكي تتحرك وتبدأ في خطوات عملية تحمي لبنان من الكارثة. وطالب الثوار الرئيس المكلف ان يصارح الشعب وان لا يلتزم الصمت والتكتم على غرار رؤساء مكلفين سابقين حيث يريدون منه ان يضع النقاط على الحروف ويكشف مسارات التفاوض والمعرقلين لمسار الحكومة. اضف الى ذلك, دعا بعض الثوار نواب التيار الوطني الحر وحزب الله ان ينزلوا الى مجلس النواب ويحولوا القوانين لمحاسبة الفساد الى افعال.
وفي هذا السياق، بات واضحا ان اركان السلطة التي سمت الرئيس المكلف حسان دياب لتأليف الحكومة غارقة في تصارع نفوذ وحقائب وزارية لدرجة انها لا تسمع وجع الناس وانينهم وخوفهم على المستقبل كما يبدو ان هذه القوى السياسية تعيش في حالة انكار فهي اما غير مدركة لخطورة الازمة المالية والاقتصادية التي تتفاقم يوما بعد يوم او اما هي غير آبهة لتدهور وضع البلاد ومتمسكة فقط بحصتها الحكومية. والحال ان القوى السياسية تتعاطى بسطحية قل مثيلها مع الازمة المالية والاقتصادية التي تهدد بانهيار لبنان ومؤسساته وعملته وهي في موقع المتفرج لا تخطو خطوة لمعالجة الوضع المتأزم لا بل تزيد الطين بلة بسجالات سياسية تؤذي الدولة وترخي بظلالها على المصارف وعلى القدرة الشرائية للمواطن وعلى الشركات التي تتقلص ميزانياتها بسبب سوء الاوضاع المالية في لبنان.
في غضون ذلك، ركز الوزير جبران باسيل في كلمته خلال مؤتمره الصحافي على الشأن المصرفي قائلا انه وجه كتاباً لحاكم مصرف لبنان حول التحويلات وما تشكله من استنسابية في حق المواطنين والافصاح عن الارقام مبديا استعداد كتلته للتعاون في هذا المجال وفي الوقت ذاته وجه باسيل تهديداً مبطناً وغير مباشر لمصرف لبنان بالتوجه الى مجلس النواب لفعل المتوجب اذا لم يتعاون مصرف لبنان بالتحويلات والاجراءات المصرفية تجاه المواطن. اما من ناحيته ودوره في المساهمة في تسريع تأليف الحكومة, طالب باسيل بحكومة انقاذية وكانه ليس من اركان السلطة ومن الاكثرية الحاكمة التي سمت الرئيس المكلف حسان دياب وبرأ كتلته من كل التهم التي وجهت لها في حين اشارت اوساط سياسية ان شروط التيار الوطني الحر شكلت احد الاسباب التي تؤخر اعلان ولادة الحكومة.
بدورها، اعربت اوساط مقربة من المقاومة انزعاج حزب الله من المماطلة والتأخير والنزاع بين حركة امل والتيار الوطني الحر على الحصص متمنيا ان يقدم الطرفان تنازلات عادلة تذلل العقبات امام مهمة الرئيس المكلف حسان دياب. بيد ان الحزب لم يفرض اي شرط بل جل ما طالب به شخصيات تكون محل ثقة في وزارات حساسة ودقيقة لتفادي اي خلاف في المستقبل. واشارت هذه الاوساط المقربة من المقاومة ان حزب الله حريص على تسهيل مهمة دياب وبالتالي تأليف الحكومة بقدر المستطاع خاصة بعدما فشلت المفاوضات مع رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري على تشكيل حكومة جديدة. وبحسب الاوساط ان الحزب يعتبر ان فشل دياب سيؤدي الى نتائج وخيمة ولن تكون مهمة تسمية مرشح جديد لرئاسة الوزراء سهلة بل ستكون محفوفة بالعراقيل والعقبات وقد تدخل البلاد في فراغ خطير.
لقاء بري ـ باسيل
الزيارة المفاجئة للوزير جبران باسيل الى عين التينة للقاء الرئيس نبيه بري جاءت كردة فعل لما يحصل في الشارع ومحاولة لحلحة العقد وتقريب وجهات النظر بينهما. الا ان العامل الابرز الذي حصل في لقاء بري-باسيل هو عدم قيام الطرفين باصدار بيان يسحب تكليف حسان دياب كمرشح لرئاسة الوزراء، الامر الذي برد الاجواء المشحونة في الشارع من جهة ومع الرئيس المكلف من جهة اخرى.
وقالت اوساط سياسية ان الخلافات بين رئيس كتلة لبنان القوي والرئيس نبيه بري اشتدت في الايام الاخيرة بعدما اعترض بري على الثلث المعطل الذي يحاول باسيل الحصول عليه الى جانب تباعد في وجهات النظر وهذا ما دفع بالطرفين الى الاعلان بأنهما سيكونان خارج التركيبة الحكومية الا انهما سيمنحان الحكومة الثقة في البرلمان.
ويذكر ان الرئيس بري منذ بادئ الامر طالب بحكومة تكنو-سياسية تضم ثلاثة انواع: سياسيين، اختصاصيين وشخصيات من الحراك.
خلافات العهد و باسيل مع الرئيس المكلف
يطالب رئيس الجمهورية بجعل الحكومة مكونة من 24 وزيرا وليس فقط من 18 وزير وان كل وزير يحمل حقيبة وزارية لا اثنتين على اساس ان هذا الطرح يريح الجميع في التوزير في حين لم يلق تجاوب الرئيس عون حول توسيع الوزارة من الرئيس المكلف.
اما الوزير جبران باسيل فقد اراد ان يسمي معظم الوزراء المسيحيين فيما اعترض الرئيس المكلف دياب على هذا الامر متمسكا بحقه ايضا ان يسمي وزيراً مسيحياً. وكان دياب قد طرح لائحة من الشخصيات على باسيل الا ان الاخير رفضها تحت شعار انه كرئيس لاكبر كتلة مسيحية من المفترض ان يسمي الوزراء المسيحيين. وبدوره طرح باسيل السفير انطوان حتي لوزارة الخارجية ولكن دياب فضل التريث وعدم اعطاء جواب سريع لباسيل.
القوات اللبنانية: تبينت المشكلة انها في الاكثرية الحاكمة
من جهتها، اعتبرت القوات اللبنانية عبر مصدر رفيع لها ان الامور انكشفت وتوضحت للعيان وهي ان المشكلة الحقيقية لم تكن يوما مع القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل بل المشكلة داخل الفريق الواحد ناتجة عن تقاسم الحصص والمغانم وفرض شروط. وتابع المصدر القواتي ان ما يحصل في الحقيقة ان الاكثرية الحاكمة لا تأخذ بعين الاعتبار حجم الازمة المالية والاقتصادية ولا ما يحصل في الشارع ولا تأخذ بالاعتبار الازمات المتناسلة على مستوى معيشي ومطلبي وقد تحول البلد عمليا الى دولة منكوبة. ولفت الى انه رغم المخاطر التي تهدد البنية الاجتماعية نتيجة تفاقم الازمات من كل حدب وصوب، نرى الاكثرية الحاكمة تعيش في ابراجها العالية ولا تأخذ بالاعتبار وجع الناس وقلقهم على مستقبلهم في هذا البلد ولذلك ما يحصل هو امر مؤسف وخطير للغاية والسبب الاساسي هو الصراع على النفوذ والسلطة واذا كان هذا الصراع يوما ما مسموحا في مرحلة من المراحل فهو اليوم ليس مبررا اطلاقا بل الوضع يتطلب تأليف حكومة بأسرع وقت من اختصاصيين مستقلين بعيدين عن القوى السياسية وليس كما سرب ان هذه الاكثرية سمت وزراء تكنوقراط وبالتالي عندما تسمي وزراءها يعني ذلك ان لا تغيير فعلياً لان الادارة التي اوصلت البلد الى الانهيار والفشل تعاود فرض نفسها على الحكومة وتكرر اساليبها المعتمدة نفسها في ادارة البلاد وهذا الامر يدخل لبنان في كارثة ما بعدها كارثة.
وعليه، تكرر القوات اللبنانية موقفها الثابت بتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلين لتتمكن بالقيام من عملها لان هذا هو الحل الوحيد لاخراج لبنان من ازمته المستفحلة والمتفاقمة والمتطورة واذا لم يحصل ذلك فالقوات تحمّل هذه الاكثرية الحاكمة ابقاء البلاد في الهاوية وعدم انقاذ لبنان.
وفي موقف لافت, قال المصدر القواتي ان القوات اللبنانية تحملت الامرّين في الحكومة السابقة ولم يأخذ الاطراف السياسيون بطروحاتها لكيفية اخراج لبنان من هذه الازمة وشدد ان القوات ستواصل رفع الصوت والحث على ضرورة الذهاب باتجاه حكومة تكنوقراط.
الحزب التقدمي الاشتراكي:عملية التأليف وصلت الى حائط مسدود
من جهته، قال مستشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس الى ان عملية التأليف وصلت الى حائط مسدود من قبل الكتل التي سمّت الرئيس المكلف حسان دياب وذلك بسبب الشروط التي وضعتها والتي لم تأخذ بعين الاعتبار وضع البلد المالي والنقدي والاقتصادي السيئ. ولفت الريس الى واقع خطير يتمثل بحالة اللامبالاة التي يعيشها بعض السياسيين ذلك ان لبنان ينهار رويداً رويداً وهم لا يتخذون اي اجراء عملي وقائي للكارثة ولذلك نشدد على الاسراع في تأليف الحكومة التي بالكاد ستتمكن من ايقاف الانهيار فكيف بالحري اذا لم تتشكل حكومة. وطالب مستشار رئيس حزب التقدمي الاشتراكي بالاستفادة من هذه اللحظة السياسية النافذة عبر الغاء الطائفية السياسية وفقا لاتفاق الطائف ولاجراء انتخابات مبكرة تفرز سياسيين جدد يعبرون عن تطلعات الناس.
التشكيلة الحكومية اليوم او غدا؟
افادت مصادر مقربة من الرئىس المكلف حسان دياب ان التشكيلة الحكومية وضعت على نار حامية وهي شبه جاهزة ولا ينقصها سوى اسمين من ضمنهما اسم نائب رئيس مجلس الوزراء، واشارت المصادر الى ان دياب قد يقدّم تشكيلته الحكومية اليوم او غدا الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون
الرئيسية / سياسة / “الديار”: ثورة الثلثاء في كل لبنان والمسؤولون يتفرجون على عذابات الناس وأوجاعهم.. حزب الله منزعج من خلافات حلفائه وحريص على تسهيل مهمة الرئيس المكلف.. الرئيس بري والوزير باسيل يتراجعان عن سحب تكليف حسان دياب والحريري عاد الى لبنان