كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: بعد طول انتظار واتصالات ومشاورات ولقاءات خرجت حكومة حسان دياب إلى حيّز الوجود بأسماء جديدة لم يألف وجوهها اللبنانيون من قبل في الحكومات السابق؛ ليعلن رئيسها عقب تلاوة مراسيم التأليف تسميتها بحكومة “إنقاذ لبنان”، وهو التحدي الكبير أمامها فعلاً حيث لبنان بأمسً الحاجة إلى إنقاذ على كل المستويات أبرزها المستوى الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي في مختلف الملفات التي تثقل حياة اللبنانيين.
وكان لافتاً في هذا المجال أنه وقبيل صدور مراسيم تشكيل الحكومة بساعات قليلة صدر بيان عن نقابة الصرافين في لبنان يعلن تثبيت الحد الأقصى لسعر صرف الدولار بألفي ليرة لبنانية؛ ما يحمل إشارة واضحة الى وجود توجّه لمحاولة ضبط الأمور النقدية على الأقل؛ مع تشكيل الحكومة.
الحكومة الجديدة فقد جاءت لناحية الشكل من 20 وزيراً بأسماء جديدة؛ وبوجوه نسائية، أما في المضمون فالطابع السياسي يغلب على معظم الوزراء كما في الحكومات السابقة مع تسجيل مجموعة ملاحظات؛ وفق ما قرأت أوساط سياسية عبر “الأنباء”:
الملاحظة الأولى أن عملية التأليف أظهرت حصول تباين واضح داخل الفريق الواحد؛ وأتى المؤتمر الصحافي لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية قبل تشكيل الحكومة ليؤكد الخلاف بين تيار المردة والتيار الوطني الحر؛ وليعلن بدء معركة رئاسة الجمهورية.
الملاحظة الثانية أن الحكومة حملت رسالة لبعض أحزاب فريق 8 آذار كالحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الديمقراطي اللبناني بإلزامهما بقبول خيار السير بالحكومة دون أن يتم الاخذ بالمطالب التي طرحوها.
النقطة الثالثة هي أن وزراء الدفاع والخارجية والمالية ليسوا من الأسماء التي تستفز المجتمع الدولي. اذ إن توزير زينة عكر في الدفاع رسالة إيجابية لواشنطن التي تمد الجيش ببرنامج مساعدات؛ ورسالة إيجابية لقائد الجيش جوزف عون. بالاضافة الى ذلك فإنّ ناصيف حتي في وزارة الخارجية وانطلاقا من موقعه السابق في تمثيل لبنان في الجامعة العربية كما في غيرها من المحافل؛ لديه علاقاته الخارجية التي قد تفتح له المجال لإدارة سياسة خارجية مختلفة عما كانت عليه الامور في السابق. كما أن غازي وزني بما له من خبرة في الملف الاقتصادي يعطي انطباعاً ايجابيا للمهتمين بمعرفة توجهات الحكومة الاقتصادية.
اما الملاحظة الرابعة؛ ودائما بحسب الأوساط السياسية؛ فهي ستكون عبر ترقب البرنامج الذي ستطرحه هذه الحكومة وترقب ردة الفعل في الشارع عليها. وإذا كان واضحاً أن الرد الأولي للشارع كان بالاعتراض عبر قطع الطرقات؛ فإنه لا بد من رصد كيفية تفاعل الشارع في الايام المقبلة لتبيان ما اذا كانت ستتجه الأمور نحو تهدئة تمنح الوضع الداخلي فرصة ما.
اما في المواقف السياسية بعد تشكيل الحكومة، فقد عبّرت مصادر الحزب السوري القومي الاجتماعي عبر “الانباء” عن “الامتعاض الكبير من المؤامرة التي حيكت” ضده و”التي تمثلت بإقصاء المرشحة أمل حداد عن تولي منصب نائب رئيس الحكومة بعدما وُعد بهذا الموقع منذ اكثر من اسبوع، فيما كان الوزير جبران باسيل يصرّ على أن يكون هذا المنصب من حصة التيار الوطني الحر، وكان الحديث يدور حول شخص آخر من آل حداد؛ ليُحسم الأمر منذ يوم الخميس الماضي لصالح أمل حداد من حصة القومي”. وكشفت المصادر أن الرئيس دياب عاد وأبلغ “القومي” أول من أمس بتمسك الوزير باسيل بهذا المنصب، ما دفع الحزب الى الاعلان عن عدم مشاركته في الحكومة بعد اتصالات استمرت حتى ظهر الأمس.
وعما اذا كان “القومي” سيمنح الحكومة الثقة، فقد أكدت المصادر انه لم يحسم خياره حتى الساعة بهذا الشأن رغم أنه يميل الى حجب الثقة.
من جهتها، أفادت مصادر “تيار المستقبل” جريدة “الانباء” أن الموقف من تشكيل الحكومة تم التعبير عنه في اجتماع كتلة المستقبل برئاسة سعد الحريري بالتأكيد على ضرورة تشكيل حكومة لأنه لا يجوز ان تبقى البلاد من دون حكومة. ورغم ذلك اعتبرت مصادر “المستقبل” أنه بسبب خلافات الفريق الواحد على الحصص “وصلت للامور في نهاية المطاف الى حكومة مستشارين على عكس ما يريده الحراك الشعبي”. ورأت المصادر ان ما يحصل من تحركات وقطع طرقات “هو نتيجة طبيعية لرفض الحراك لحكومة من هذا النوع”؛ مؤكدة في الوقت نفسع ان “لا علاقة لتيار المستقبل بهذا الأمر، فالمواطنون يتحركون من تلقاء انفسهم تعبيراً عن شعورهم بخيبة الامل، ما يعني ان الحكومة جاءت مخيبة للامال حتى يثبت حسان دياب العكس”.
بدورها ذكّرت مصادر “القوات اللبنانية” عبر “الأنباء” بأن “القوات” كانت من أول المطالبين بحكومة اختصاصيين “لكن الفريق المهيمن على العهد ومقدرات البلاد لا يريد الا حكومة من هذا النوع ليبقى ممسكا بالسلطة وبالصفقات والسمسرات”. وقالت المصادر: “لقد استمعنا اليوم الى شاهد من أهل البيت يتحدث عن الطمع والجشع والهيمنة على كل شيء”، مشيرة الى ان “القوات كانت تأمل أن تعطي الحكومة صدمة إيجابية فإذ بها وبعظ اكثر من شهر على التكليف أتت بالعكس؛ وهو ما أغضب الناس ودفعهم مجددا الى الشارع ما يعني ان البلاد ما زالت في بداية الازمة ولا حلول قريبة”.
الحزب التقدمي الاشتراكي من جهته عبّر رئيسه وليد جنبلاط عن قناعته بأن “أي حكومة أفضل من الفراغ لأن الآتي أصعب ومن الأفضل ان نكسر الحواجز كي لا نضيع في لعبة الامم”؛ وفق ما جاء في تغريدة له على موقع”تويتر”، ليعود ويؤكد في اتصال هاتفي مع موقع “النهار” انه “صحيح ان الحكومة هي حكومة اللون الواحد؛ لكن فلنعد الى لعبة الحكم والمعارضة التقليدية؛ ولنعطِ هذه الحكومة فرصة؛ لأنه لا يتوهم احد ان هناك دولا مستعدة او مهتمة بمساعدة لبنان؛ باستثناء فرنسا لكنها تملك هامشاً محدودا من التحرك”.