كتبت صحيفة “النهار ” تقول : بعد طول انتظار وأمام جمهور مؤيد لإسرائيل وفي أجواء احتفالية طوال ساعة، أعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب وإلى جانبه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الابيض تفاصيل “صفقة القرن”. وأوضح أنها تشمل قيام دولة فلسطينية مكبلة بالشروط، بعد مرحلة انتقالية تستمر أربع سنوات، وأن إسرائيل وافقت على تجميد الاستيطان خلال هذه المرحلة. وأكد أن القدس ستبقى العاصمة الموحدة للدولة العبرية.
وقال :”إن اليوم يمثل خطوة كبيرة نحو السلام، وإن الشباب في كل الشرق الأوسط مستعدون لمستقبل أكثر أملاً، والحكومات في المنطقة تعلم أن الإرهاب والتطرف الإسلامي هما العدو المشترك للجميع”.
وأضاف أنه “بموجب الخطة تبقى القدس العاصمة غير المجزأة أو المقسمة لإسرائيل، ولكن هذا ليس بالأمر الكبير لأننا فعلاً حققنا ذلك لهم، وسيبقى الأمر كذلك، وستعترف واشنطن بسيادة إسرائيل على الأراضي التي توفرها الرؤية لتكون جزءاً من دولة إسرائيل”.
وأفاد ان “المرحلة الانتقالية المقترحة لحل الدولتين لن تمثل خطورة كبيرة على دولة إسرائيل بأي شكل من الأشكال، ولن نسمح بالعودة إلى أيام سفك الدماء والمتفجرات والهجوم على الملاهي”. ولاحظ ان “السلام يتطلب الحلول الوسط والتنازلات، لكننا لن نطالب إسرائيل أبدا أن تتنازل عن أمنها”.
وذكّر بأنه قدّم الكثير لإسرائيل مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لها، ويضم مرتفعات الجولان اليها، إلا أن الأهم من كل ذلك هو الخروج من الاتفاق النووي الفظيع مع إيران.
ورأى أن “الصفقة فرصة عظيمة وتاريخية للفلسطينيين، لتحقيق دولة مستقلة خاصة بهم، بعد سبعين سنة من تقدم بسيط، وقد تكون هذه الفرصة الاخيرة يحظون بها. الشعب الفلسطيني بات لا يثق بعد سنوات من الوعود التي لم يوف بها، وتعرضوا لاختبارات كثيرة، وعلينا أن نتخلص من الأساليب الفاشلة للأمس”.
وأوضح أن “الخطة ستضاعف الأراضي الفلسطينية وتمنح الفلسطينيين عاصمة في القدس الشرقية، وستفتتح الولايات المتحدة سفارة لها هناك… إسرائيل ستعمل عن كثب مع ملك الأردن للتأكد من الوضع القائم حالياً في ما يتعلق بالأماكن المقدسة والسماح للمسلمين بممارسة شعائرهم في المسجد الأقصى”.
ولفت ألى أن “الخطة تقدم استثمارات تجارية كبيرة تقدر بخمسين مليار دولار في الدولة الفلسطينية الجديدة، وان دولاً عدة تريد المشاركة في هذا الأمر”.
واعتبر أن “الفلسطينيين يستحقون فرصة لتحقيق إمكاناتهم الرائعة والعظيمة، وهناك من يستغلهم بيادق للترويج للإرهاب والتطرف…كل الادارات الأميركية السابقة حاولت تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وفشلت، لكنني لم انتخب لاتجنب المشاكل الكبيرة، ورؤيتنا للسلام تختلف تماماً عن المقترحات السابقة وفيها اقتراحات أكثر تفصيلاً من الخطط السابقة… الخطة تجعل فلسطين وإسرائيل والمنطقة أكثر أماناً، وتمثل حلاً حقيقياً وواقعياً للدولتين بما يحقق حلم الفلسطينيين وأمن إسرائيل…سوف نشكل لجنة مشتركة مع إسرائيل لتحويل الخريطة الذهنية إلى شيء أكثر تفصيلا بحيث يمكن الحصول على الاعتراف بها فوراً”.
وكشف أنه بعث برسالة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وخاطبه: “إذا قبلتم خطتي سنكون إلى جانبكم لمساعدتكم في بناء دولتكم”. وستضع الرؤية الأميركية نهاية لاعتماد الفلسطينيين على المؤسسات الخيرية والمعونة الأجنبية وتدعو للتعايش السلمي.
وأبدى استعداد بلاده للتعاون مع كل الأطراف لتحقيق رؤيته للسلام، مشيراً الى ان الكثير من الدول مستعدة للتعاون. وفي هذا السياق شكر ترامب كلاً من سلطنة عمان والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة لدعمها جهود السلام وإرسالها وفوداً إلى البيت الأبيض لحضور لحظة إعلان “صفقة القرن”.
ولم يفته التذكير في سياق الاعلان عن خطته باغتيال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني وبالانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران.
نتنياهو
وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بخطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط مشيراً الى أنها تقدم “طريقاً واقعياً” لتحقيق سلام دائم في المنطقة. وقال: “وفي هذا اليوم أيضاً رسمت مستقبلاً مشرقاً للإسرائيليين وللفلسطينيين وللمنطقة من خلال طرح طريق واقعي لسلام دائم”. ووصف ترامب بأنه أعظم صديق لإسرائيل عرفه البيت الابيض. وبرر موافقته على التفاوض مع الفلسطينيين بكون خطة ترامب للسلام تحقق توازناً. كذلك يعترف ترامب بأنه ينبغي أن تكون لإسرائيل السيادة في غور الأردن ومناطق أخرى حيث تستطيع الدفاع عن نفسها بنفسها. وخلص الى ان الولايات المتحدة ستعترف بالمستوطنات في الضفة على انها جزء من اسرائيل.
وأعلن أنه لن يكون للاجئين الفلسطينيين الحق في العودة إلى إسرائيل، بموجب خطة ترامب. واعرب عن استعداده للتفاوض مع الفلسطينيين في شأن “مسارٍ نحو دولة مستقبلية”، شرط أن يعترفوا بإسرائيل “دولة يهودية”. أما العاصمة الفلسطينية المقترحة، فستكون في أبو ديس وأميركا تعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
الى ان قال: “سأقدم اقتراحاً الى مجلس الوزراء خلال جلسته المقبلة للموافقة على سريان سلطة إسرائيل على غور الأردن وشمال البحر الميت ومستوطنات الضفة الغربية”، علماً أن “إسرائيل تقدم للفلسطينيين في نهاية الأمر سيادة محدودة ومشروطة”.
الخريطة
ونشر البيت الأبيض خريطة للحدود المقترحة مستقبلاً للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية في إطار خطة ترامب.
وتظهر الخريطة 15 مستوطنة إسرائيلية في منطقة الضفة الغربية المتصلة بقطاع غزة بواسطة نفق، تحليقاً لوعد قطعه الرئيس الأميركي بإقامة دولة فلسطينية متصلة الأراضي.
وجاء في بيان للرئاسة الأميركية أن “الرؤيا تنص على دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعيش بسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل، وتولي إسرائيل مسؤولية الأمن في منطقة غرب نهر الأردن”.
واكد مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية ان الدولة الفلسطينية المقترحة ستربط بطرق وجسور وأنفاق من أجل الربط بين غزة والضفة الغربية.
وأضافوا أن الخطة تدعو إلى تمكن اللاجئين الفلسطينيين من العودة الى دولة فلسطينية في المستقبل وإنشاء ”صندوق تعويضات سخية”.
و”إذا وافق الفلسطينيون على التفاوض فهناك بعض المجالات التي يمكن التوصل الى حل وسط فيها مستقبلاً”.
الفلسطينيون يرفضون
ووصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطة ترامب بأنها مؤامرة. وقال موجهاً حديثه اليه والى نتنياهو بأن حقوق الشعب الفلسطيني “ليست للبيع”.
وجاء في كلمة له نقلها التلفزيون في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، إنه يقول لترامب ونتنياهو “إن القدس ليست للبيع وكل حقوقنا ليست للبيع والمساومة وصفقة المؤامرة لن تمر… سنبدأ فوراً باتخاذ كل الإجراءات التي تبدأ بتغير الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية”. وحذر من أن “هذه الصفعة سنعيدها صفعات في المستقبل”، وأن “هذه الصفقة نهاية وعد بلفور الذي صاغته بريطانيا والولايات المتحدة”.
وكان عباس يتحدث بعد اجتماع ضم الفصائل الفلسطينية في رام الله وحركة المقاومة الاسلامية “حماس”.
وأجرى الرئيس الفلسطيني اتصالاً هاتفياً مع رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” اسماعيل هنية.
وقال نائب رئيس “حماس” خليل الحية :”نرفض هذه الصفقة ولن نقبل بديلاً من القدس عاصمة لدولة فلسطين ولن نقبل بديلاً من فلسطين لتكون دولتنا ولن نقبل المساس بحق العودة وعودة اللاجئين… أيدينا ودماؤنا وبنادقنا وجماهيرنا مقدمة لإسقاط صفقة القرن وسنقاومها بكل الاشكال لاسقاطها”.
واحرق شبان فلسطينيون تظاهروا وسط مدينة رام الله في الضفة الغربية نموذجاً عملاقاً للدولار الاميركي في اشارة الى رفضهم الاغراءات المالية التي اعلنها ترامب في خطته.
كما انطلقت مسيرات صغيرة شارك فيها المئات في مدن ومخيمات في قطاع غزة وكذلك في مدن في الضفة الغربية المحتلة واحرقت خلالها أعلام الأميركية.
ردود عربية ودولية
وعلق وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، بأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط.
وقال: “الأردن يدعم كل جهد حقيقي يستهدف تحقيق السلام العادل والشامل الذي تقبله الشعوب”.
ودعا إلى إجراء مفاوضات جدية ومباشرة تعالج جميع قضايا الوضع النهائي بما في ذلك حماية مصالح الأردن. وحذر من “التبعات الخطيرة لأي إجراءات أحادية إسرائيلية تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض”.
ودعت مصر الفلسطينيين والإسرائيليين إلى درس خطة السلام الأميركية وفتح قنوات لمعاودة المفاوضات برعاية أميركية.
ورأت وزارة الخارجية التركية أن الخطة الأميركية تهدف إلى القضاء على حل الدولتين وسرقة الأراضي الفلسطينية.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية: “خطة العار التي فرضها الأميركيون على الفلسطينيين هي خيانة العصر ومحكومة بالفشل”.
وصرح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لوكالات أنباء روسية: “يجب الشروع في مفاوضات مباشرة للتوصل إلى تسوية مقبولة للطرفين. لا نعرف ما إذا كان المقترح الأميركي مقبولاً للطرفين أو لا. علينا أن ننتظر ردود فعل الأطراف المعنيين”. وقال: “المهم هو أن يعبر الفلسطينيون والعرب عن آرائهم”، مشيراً إلى أن موسكو ستقوم بـ”دراسة” الخطة الأميركية.
ورحبت لندن بخطة السلام الأميركية ووصفتها بأنها مقترح جدي يعبر عن الوقت والجهود المكثفة.
وفي بيروت، أصدر “حزب الله” بياناً قال فيه إن الخطة الاميركية هي محاولة للقضاء على حقوق الفلسطينيين ”التاريخية والشرعية”. ووصفها بأنها “صفقة العار”، وأكد أنها “لم تكن لتحصل لولا تواطؤ وخيانة عددٍ من الأنظمة العربية الشريكة سراً وعلانيةً في هذه المؤامرة”.