بعد طول انتظار وتكهنات أعلن الرئيس ترامب خطة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين المعروفة بـ”صفقة القرن” بحضور رئيس الوزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي زعم أن الخطة تقدم “طريقا واقعيا” لتحقيق سلام دائم في المنطقة.
صفقة القرن أو خطة ترامب للسلام هو اقتراح، أو خطة سلام تهدف إلى حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، أعدها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب. وتشمل الخطة إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصادات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة، وكان من المتوقع أن يطرحها جاريد كوشنر صهر ترامب خلال مؤتمر في البحرين يعقد يومي 25 و26 حزيران 2019.
وكانت عكفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ 2017 على إعداد خطة للسلام في الشرق الأوسط لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، على أن يتم تقديمها رسمياً مطلع 2018، وتم تأجيل ذلك عدة مرات، ووفقا لشبكة فوكس نيوز، تتضمن وثيقة مشروع السلام الأميركي ما بين 175 و200 صفحة، ويتم تداول الكثير من مضامينها إعلاميا ولدى بعض الأطراف المعنية على شكل تسريبات.
وبعد 18 شهرًا من التخطيط، قام المسؤولون الأمريكيون بتطوير الاقتراح من خلال زيارة أربعة عواصم عربية. ومع ذلك، فإنه ليس جاهزًا لتقديمه للجمهور رسميًا. بناءً على الاستطلاع الذي أجرته صحيفة هاآرتس، في النتيجة، يعتقد 44 في المائة من المشاركين أن الصفقة لصالح إسرائيل.
تحت عناوين المساعدات المالية، وتبادل أراضٍ على أساس يخفّف هاجس إسرائيل الديمغرافي “ويخلّصها” من الفلسطينيين داخل حدودها، لتقام دولةٌ فلسطينية مقطّعة الأوصال بلا حدود نهائية ومحاصرة بالكيان الاسرائيلي يتلخص ما قدّمه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في خطّته للفلسطينيين، مقابل تصفية قضايا الصراع الجوهرية لصالح الاحتلال: اللاجئين والقدس والحدود والاستيطان.
فهذا ما يمكن أن نلخّص به “صفقة القرن”، التي أعلن عنها الرئيس الاميركي ترامب برفقة رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في حفلة غزل وتصفيق بدا وكأن الزعيمين يقدّمان خلالها دعاية انتخابية بينما كانا يصدّقان على مصادرة ما تبقى من الحق الفلسطيني.
اللاجئون
تطرح الخطّة قضيّة اللاجئين، الذين هجّروا بفعل الحرب الإسرائيلية إبّان النكبة، على أنها باتت اليوم “مشكلة عالميّة”، على اعتبار أن “المجتمع الدولي يكافح من أجل تحصيل التمويل الكافي لمعالجة إشكاليات 70 مليون لاجئ ونازح في العالم اليوم”.
انطلاقًا من ذلك، تعتبر الخطة أن “الصراع العربي الإسرائيلي خلق مشكلة لاجئين مشتركة للفلسطينيين واليهود”، ذلك بأن ثمّة “عددًا مشابهًا من اللاجئين اليهود طردوا من الدول العربية بعد وقت قصير من إقامة دولة إسرائيل، وذاقوا معاناة هم أيضاً”.
وينصّ التقرير على أن “حلًّا عادلًا ومنصفًا وواقعيًّا لقضية اللاجئين الفلسطينيين سيحل بالضرورة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، كما تنصّ، توازيًّا، على أن “حلًّا منصفًا للاجئين اليهود ينبغي أن يتم تطبيقه في إطار آلية دولية مناسبة منفصلة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”. ومثلما “استقرّ اللاجئون الإسرائيليون وانخرطوا في دولة إسرائيل”، تنصّ الوثيقة على أن “الإخوة العرب يتحمّلون المسؤولية الأخلاقية عن إدماج اللاجئين الفلسطينيين في بلادهم”.
القدس
“العاصمة السيادية لدولة فلسطين يجب أن تبقى في المناطق الواقعة شرق وغرب الحدود الحاليّة للقدس، بما يشمل كفر عقب، والقسم الشرقي من شعفاط، وأبو ديس، ويمكن تسميتها القدس”
تحت هذا البند، تنصّ الخطة على أن “قضية المواقع المقدّسة في القدس، وبالتحديد جبل الهيكل/ الحرم الشريف، يجب أن يتم التعامل معها بحساسية بالغة”. وتستطرد الوثيقة بالتأكيد أن “إسرائيل كانت حارسًا جيّدًا للقدس، وقد أبقتها مفتوحة وآمنة خلال إدارتها”، لتؤكد أخيرًا أن “القدس يجب أن تكون مدينة توحد الشعوب، وتبقى مفتوحة دائمًا للمصلين من الأديان كافة”.
على ذلك، تعتبر الوثيقة أن “وجود قوتين أمنيتين منفصلتين في إحدى أكثر المناطق حساسية على وجه الأرض سيكون خطأ كبيرًا”، ومن ثمّ تقرّر أن الحاجز القائم حاليًّا، والذي يفصل القدس عن الضفة، “يجب أن يبقى في مكانه، ويكون الحدّ الفاصل بين عاصمتي الدولتين”، ما يعني أن “القدس ستبقى العاصمة السيادية لدولة إسرائيل، وستبقى غير مقسّمة”، بينما “العاصمة السيادية لدولة فلسطين يجب أن تبقى في القدس الشرقية، في المناطق الواقعة شرق وغرب الحدود الحاليّة، بما يشمل كفر عقب، والقسم الشرقي من شعفاط، وأبو ديس، ويمكن تسميتها القدس أو أي اسم آخر تحدده الدولة الفلسطينية”.
الحدود
في المقابل، تطرح الخطّة انسحابًا إسرائيليًّا من أراضٍ داخل حدود دولة الاحتلال حاليًّا، تصفها بأنها “أراضٍ تملك إسرائيل ادعاءات قانونية وتاريخية شرعية فيها، وهي جزء من وطن الأسلاف للشعب اليهودي”؛ مقابل عدم انسحابها من الضفة، وتصف الخطّة ذلك الانسحاب بأنه “تنازل مهم”.
والأراضي المطروحة للانسحاب هنا، وفق خارطة مبدئيّة نشرها ترامب على حسابه في “تويتر” للدولة الفلسطينية المتخيّلة، تتركّز تحديدًا في منطقة المثلث شمال الضفة الغربية، وهي منطقة تقع داخل حدود إسرائيل وتسكنها أغلبية ساحقة من الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية، إضافة إلى أراضٍ أخرى في صحراء النقب أيضًا، على أن يتمّ ضمّ المناطق المذكورة إلى “الدولة الفلسطينية”. وبينما تضمَن “الصفقة” لإسرائيل سيطرة كاملة ونهائيّة على غور الأردن وعلى المستوطنات، فإنها تترك حدود الدولة الفلسطينية مفتوحة للتفاوض المستقبلي بين الطرفين
في مقابل ذلك، تقرّ الوثيقة بأن 87% بالمائة من “الأراضي الإسرائيلية في الضفة الغربية سيتم ضمها إلى الأراضي الإسرائيلية المجاورة، و97% من الفلسطينيين في الضفة الغربية سينضمّون إلى الأراضي الفلسطينية المجاورة”. أمّا الـ3% المتبقين من المواطنين الفلسطينيين، والذين سيعيشون “ضمن جيوب فلسطينية داخل الأراضي الإسرائيلية”، فتنصّ الخطّة على أنهم سيكونون مواطنين فلسطينيين، على أن تخضع “الجيوب التي يعيشون بها وطرق وصولهم (إلى الدولة الفلسطينية) للسيادة الإسرائيلية”.
ومن المفترض بحسب الصفقة أن “تطور الدولة الفلسطينية ميناءها الخاص… وتستفيد من إمكانية وصول خاصّة إلى منشآت محددة لدولة إسرائيل في ميناءي حيفا وأسدود، مع وسائل فعالة لاستيراد وتصدير البضائع من دون المساس بأمن إسرائيل. وتنصّ كذلك على أن “الدولة الفلسطينية ستمتلك شبكة مواصلات سريعة”، تربط بين أراضيها المقطعة شرقًا وغربًا وجنوبًا، وتوفّر لها “العبور فوق أو تحت دولة إسرائيل”.
المياه
وفي قضيّة المياه، وهي إحدى القضايا الجوهريّة مفاوضات الحلّ الدائم، والتي أبقاها اتفاق أوسلو مرهونة باتفاق نهائي بين الطرفين، تؤكد الوثيقة أن “دولة إسرائيل ستبقي على سيادتها على المياه، التي تعتبر حيويّة لأمنها، وتوفّر استقرارًا للمنطقة”.
ترانسفير ديمغرافي
“تقتضي الوثيقة إقصاء الفلسطينيين الذي يعيشون في المثلث على وجه التحديد، ونزع مواطنتهم الإسرائيلية التي حملوها بحكم الأمر الواقع بعد النكبة، عبر ضمّهم جغرافيّاً وقانونيّاً إلى الدولة الفلسطينية الجديدة”
وبينما تزعم الوثيقة أنها “تطرح توسيعًا ملحوظًا للأراضي الفلسطينية”، فإن الواقع أن ذلك يبقى في المناطق “غير المفيدة” التي تشكّل عبئًا على إسرائيل، مثل منطقة المثلث، وتحديدًا، بحسب الوثيقة، “كفر قرع، عرعرة، باقة الغربية، أم الفحم، قلنسوة، الطيبة، كفر قاسم، الطيرة، كفر برا، جلجولية”؛ كلّ هذه البلدات من المفترض أن تقتطع وتضم إلى الدولة الفلسطينية المزعومة، على أساس أنها “حدّدت ضمن نطاق السيطرة الأردنية خلال مفاوضات خط الهدنة على 1949، لكن في نهاية المطاف احتفظت بها إسرائيل لأسباب عسكرية، خفتت أهميتها منذ ذلك الحين”.
وفيما تدّعي الخطّة أنها لا تطلب “اقتلاع الناس – يهودًا أو عربًا – من بيوتهم”، على اعتبار أن ذلك “قد يؤدي إلى اضطرابات أهلية، ويتعارض مع فكرة التعايش”، فإنها تمهّد لعملية اقتلاع ديمغرافي للفلسطينيين؛ ففي حين تضمَن عملية تبادل الأراضي تلك لإسرائيل ضمّ كل مستوطنيها اليهود في الضفة، جغرافيًّا وقانونيًّا، إلى دولتها، فإنها تقتضي إقصاء الفلسطينيين الذي يعيشون في المثلث، على وجه التحديد، ونزع مواطنتهم الإسرائيلية التي حملوها بحكم الأمر الواقع بعد النكبة، عبر ضمّهم جغرافيًّا وقانونيًّا إلى الدولة الفلسطينية الجديدة.
ترانسفير في النقب؟
إضافة إلى اقتلاع مواطني المثلث ديمغرافيًّا، ثمّة عملية اقتلاع أخرى يبدو أن الخطّة تمهّد لها في النقب، حين تخصص منطقة صناعية ومجمّعًا سكّانيًّا وزراعيًّا مع طريق يربطهما معًا بقطاع غزة. ولربّما يشي ذلك باقتلاع أهالي النقب ونقلهم إلى البقعة الجغرافية المنصوص عليها في الخارطة على حدود مصر، على أن يعيشوا هناك باعتبارهم فلسطينيين، علمًا أن إسرائيل تشنّ حملات منظّمة، منذ سنوات، على طرد أهالي النقب من بلداتهم المنتشرة على امتداد الصحراء الواسعة، وحصرهم في نطاق تجمعات سكانية حضريّة ضيّقة، وهو ما لم تحقق فيه أهدافها المنشودة حتى الآن.
أمن الكيان إسرائيلي ومكافحة الإرهاب أولاً
وتعطي الصفقة “أولويّة”، كما تشير الوثيقة إلى ذلك حرفيًّا، لموضوعة الأمن؛ أمن إسرائيل تحديدًا بوصفها “تعاني من تحديثات جعرافية وجيواستراتيجية فائقة للعادة”، و”لا تملك هوامش لأي خطأ”.
وتسوق في هذه الإطار، “خطر الإرهاب” باعتباره خطرًا رئيسيًّا و”عالميًّا”، “ينبغي على كلّ الدول الاتحاد في مواجهته”، مشيرة بالتحديد إلى ضرورة التنسيق بين كل من مصر والأردن والدولة الفلسطينية المزعومة وإسرائيل في مكافحته.
غزة
وبخصوص غزة، تؤكد الوثيقة أن الولايات المتحدة الأميركية لا تتوقع من إسرائيل أن “تتفاوض مع أي حكومة فلسطينية تتضمن أعضاء من الجهاد الإسلامي وحماس”، ما لم تعلن تلك الحكومة، بكل أطيافها، “نبذ العنف”.
وتنصّ “الصفقة” أيضًا على أن إسرائيل “ستنفّذ التزاماتها تجاه غزة بموجب اتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي فقط إذا اكتسبت السلطة الفلسطينية، أو أي هيئة أخرى مقبولة لدى إسرائيل، السيطرة الكاملة على غزة، ونزعت سلاح المنظمات الإرهابية فيها”، مستطردة بأنه “لكي يتحقق السلام الشامل، فإن الأمر متروك للشعب الفلسطيني لكي يظهر أنه يرفض أيديولوجيات الدمار والإرهاب والصراع، وأن يتّحد من أجمل مستقبل أفضل”.
العلاقات العربية الإسرائيلية
وتحت بند العلاقات العربية الإسرائيلية والتعاون الاقتصادي الإقليمي، تحدد الوثيقة هدفها بأن “تتعاون الدول العربية بشكل كامل مع دولة إسرائيل لفائدة جميع الدول في المنطقة”. ومن المقترحات التي تطرحها الوثيقة في هذا السياق، على سبيل المثال، “أن تكون هناك رحلات طيران بين الدول العربية وإسرائيل لدعم السياحة المتبادلة، ولتمكين العرب والمسلمين والمسيحيين بشكل أفضل من زيارة الأماكن المقدسة في إسرائيل”.
وتنصّ كذلك على أن “الولايات المتحدة ستشجع بقوة الدول العربية على أن تباشر تطبيع علاقاتها مع دولة إسرائيل، والتفاوض على وثيقة السلام الدائم”. وتقرّ الخطة بأنها تهدف إلى تحقيق اعتراف وتطبيع كامل مع الدول التي لا تعترف حاليًّا بإسرائيل، ولا تقيم علاقات معها، على أن يكون الاعتراف على أساس أن “إسرائيل دولة للشعب اليهودي”، والدولة الفلسطينية “دولة قومية للشعب الفلسطيني”.
مبادرات سلام إقليمية
تحت هذا البند، تطرح خطة السلام نفسها أمرًا واقعًا جديدًا، بموجبه “ينبغي على إسرائيل والدولة الفلسطينية والدول العربية العمل معاً لمواجهة حزب الله، داعش، حماس (إذا لم تعد توجيه سياساتها)، وكل المجموعات والمنظمات الإرهابية الأخرى، وكذلك المتطرفة”.
وبينما تؤكد الوثيقة أن “إسرائيل والدول العربية وجدت بالفعل مصلحتها المشتركة ضد إيران”، فإنها تقترح مبادرة لتشكيل منظمة للأمن والتعاون في الشرق الأوسط، تضمّ إلى جانب كلّ من إسرائيل والدولة الفلسطينيّة المزعومة كلًّا من دول الخليج والأردن ومصر.
خطة ترامب الاقتصادية
انطلاقًا من مؤتمر المنامة، الذي تمخض عن خطة اقتصادية بعنوان “سلام من أجل الازدهار”، تأتي هذه الخطّة الاقتصاديّة التي تحمل اسم ترامب، وتطرح، بحسب وثيقة الصفقة، ثلاثة أسس لدعم المجتمع الفلسطيني تقوم على “الاقتصاد، الشعب، الحكومة”، وفق زعمها، مع “إمكانيّة تسهيل أكثر من 50 مليار دولار في استثمارات جديدة خلال 10 سنوات”.
بناء على ذلك، تعِد الخطّة بتحقيق “نموّ اقتصادي تاريخيّ للفلسطينيين”، مقدّرة بأن الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين سيتضاعف خلال 10 سنوات، ويخلف أكثر من مليون فرصة عمل، ويخفّض نسبة البطالة إلى أقل من 10%، والفقر بنسبة 50%، وذلك من خلال “إطلاق الإمكانات الاقتصادية للشعب الفلسطيني”، وضمان أن “تتوسع أسواق الضفة الغربية وغزة لترتبط بشركاء تجاريين رئيسيين، بما في ذلك مصر، وإسرائيل، والأردن، ولبنان”.
سر التوقيت
ما الذي دعا ترامب للتعجيل باعلان الصفقة؟
يجمع المحللون والمراقبون السياسيون بأن ترامب ونتنياهو يواجهان اتهامات كبيرة، فالأول بدأت محاكمته الثلاثاء الماضي في مجلس الشيوخ بتهمة إساءة استخدام السلطة الرئاسية وعرقلة عمل الكونغرس، والثاني متهم في ثلاث قضايا فساد وسيجري الكنيست مداولات حول حصانته من هذه التهم من عدمها.
فهناك اجماع من المحللين بصعوبة ان يحقق ترامب اهدافه من اعلان الصفقة الا انه وضع داخلي سيئ ويريد كلاهما مواجهة هذا الوضع باستخدام وقة الصفقة في الانتخابات واستثمارها في توقيت يأتي بعد الاحتفالية الكبرى بالمحرقة، ويأتي في ظل ضعف فلسطيني، وتراجع عربي.
هل ستنجح الصفقة؟
إن “صفقة القرن” تم وضعها بمعزل عن المجتمع الدولي وعن مبادئ الأمم المتحدة وقراراتها ذات العلاقة، اضافة الى انها لا يتمتع بأية مصداقية سياسية دولية او اجماع دولي، لأنها أحادي الجانب وتسقط الثوابت التاريخية والوجودية والجغرافية للفلسطينيين الذين سئموا من انتظار الإنصاف الدولي، حتى هذه الخطة المدبرة جاءت لخدمة الاحتلال ومشروعه الاستيطاني الواسع.
يضاف الى ذلك أن الخطة تُشكّل قتلاً لحل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة وكيان الاحتلال. وهي تندرج في إطار دعم أمريكي لنتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية، كما أن ترامب سوف يوظفها في حملته الانتخابية المقبلة لكسب الأصوات اليهودية.
فهذه الصفقة تنسف عملياً وكلياً قرارات ومرجعيات الأمم المتحدة التي يفترض أن تكون مرجعية أي عملية سلام، ولذلك فإن ما سيأتي بعد ذلك لا ينطوي على إمكانية تحقيق سلام مقبول من الفلسطينيين، ويؤدي إلى إنهاء الصراع كهدف لكل الساعين لتحقيق السلام.
والجدير ايضا ملاحظته ان في بنود الصفقة انها لم تأت على ذكر القضية الاهم في القضية الفلسطينية الا وهي قضية اللاجئين الذين هجروا في العام ١٩٤٨ ونصت كافة القًرارات الدولية على اعادتهم وتعويضهم عن سنوات اللجوء، وبعيدا عن بنود الصفقة وتفصيلاتها التي تصل الى ثمانين صفحة فانها شطبت ثوابت الفلسطينيين، فالقدس العاصمة زحفت لتصل الى ابو ديس و الحدود تقلصت وصارت الاراضي الفلسطينية تحدها دويلة الاحتلال من كافة الجهات وقضية اللاجئين لم يعد لها اي ذكر.
وكافة ما سبق يؤكد ان على الفلسطينيين ان يقرروا اما ان يكونوا اسيادا فوق ارضهم كي يفقد شعب كامل حقه في ارضه ووطنه وتقرير مصيره وان يبقى مشتتاً في اسقاع الارض دون ان يملك حقه في ارضه ووطنه.
حتى الساعة على الجانب الفلسطيني ما يزال الرفض للخطة هو السمة المميزة، اذ ان عدة أطراف فلسطينية قد رفضتها بصورة قاطعة وعلى راسها حركة فتح وفصائل المقاومة الفلسطينية مؤكدين ان بنود الصفقة ليست سوى تكريس لنظام الأبرتهايد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ولتدمير أي فرص للسلام في المنطقة، ومحاولة لفرض التطبيع مع منظومة الأبرتهايد على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.
ختاماً يبقى السؤال، هل سينجح الفلسطينون اولاً والعرب ثانياً في اسقاط هذه الصفقة المشبوهة في ظل غياب استراتيجية موحدة لمواجهة “صفقة القرن” وما هي خيارات إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني داخليا، ثم التوجه إلى مجلس الأمن الدولي وغيره من الهيئات الدولية، وصولا إلى تفعيل كل أشكال المقاومة، ووضع حد للاتفاقات الأمنية والسياسية مع الجانب الإسرائيلي، وفرض مقاطعة شاملة على الاحتلال واسقاط مشاريعه.