اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال اتصال اجراه قبل ظهر اليوم بنظيره الفلسطيني محمود عباس، “تضامن لبنان رئيسا وشعبا مع الشعب الفلسطيني في مواجهة التطورات التي نشأت عما بات يعرف ب”صفقة القرن”، مشددا على “اهمية وحدة الموقف العربي حيال هذه التطورات”، مجددا “تمسك لبنان بالمبادرة العربية للسلام التي اقرتها القمة العربية التي انعقدت في بيروت في العام 2002، لا سيما لجهة حق عودة الفلسطينيين الى ارضهم وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس”.
حتي
وكان الرئيس عون عرض مع وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، “ردود الفعل على اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ما سمي ب”صفقة القرن” والمواقف العربية والدولية حيالها”.
كما تطرق البحث الى المواضيع الدبلوماسية المطروحة وتصور الوزير حتي لدور وزارته في المرحلة المقبلة.
الرابطة المارونية
واستقبل رئيس الجمهورية وفدا من المجلس التنفيذي للرابطة المارونية برئاسة النائب السابق المحامي نعمة الله ابي نصر الذي قال: “فخامة الرئيس، نزوركم اليوم وأنتم تواجهون تحديات كبيرة من كل نوع، منها ما هو داخلي بفعل تراكمات أخطاء الماضي، ومنها بفعل ما يجري من حولنا. لكن عنادكم في الحق وإصراركم على تحمل مسؤولياتكم كاملة، جنب لبنان ويلات كثيرة، على الرغم مما تشهد شوارعه من غليان، وهذا ما يجعلنا نأمل في بلوغ الخواتيم السعيدة التي نصبو إليها جميعا”.
اضاف: “فخامة الرئيس، أمام الحكومة الجديدة التي طال انتظارها والتي نتمنى لها التوفيق، داعين الجميع إلى منحها فرصة لنجاحها، مهمات جسام طالما عددتموها في خطبكم وكلماتكم، لكن أولى هذه المهمات، العمل على إعادة حياة اللبنانيين إلى طبيعتها، بدءا بإعادة ثقتهم بدولتهم بعدما أدركهم اليأس جراء تفشي الفساد ونهب المال العام وغياب أبسط الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمات الاقتصادية وغيرها من سلسلة أخطاء بحق الشعب والدستور لا مجال لتعدادها، منها ما هو متعمد ومنها ما هو غير متعمد، لكن المحصلة النهائية واحدة وهي اهتزاز مرتكزات الوطن والقلق على المصير”.
ولفت الى أن “الرابطة ترى أنه يتعين على الحكومة الجديدة اتخاذ المواقف الحاسمة والشجاعة من المواضيع الآتية:
– مكافحة الفساد واسترداد المال العام المنهوب من خزينة الدولة ومؤسساتها العامة ومحاكمة ناهبي هذا المال. كل ذلك من خلال قضاء مستقل وعادل، بعد رفع السرية المصرفية في لبنان والخارج ورفع الحصانة عن المسؤولين المرتكبين حسب الأصول والقوانين المرعية الإجراء.
– لا بد من اعتماد سياسة التقشف وشد الأحزمة لدعم مالية الدولة ومواردها لتمكينها من إيفاء ديونها ومتوجباتها.
– متابعة ما بدأتم في معالجة ملف النازحين السوريين بثبات وجرأة في لبنان والمحافل الدولية، نظرا لما يشكله هذا الوجود من خطر كبير على لبنان على مختلف الصعد والمستويات.
– التواصل مع اللبنانيين المنتشرين في العالم والإهتمام بهم والإفادة من طاقاتهم وخبراتهم، من خلال إستعادة الجنسية اللبنانية، جنسية آبائهم وأجدادهم، كما ممارسة حقوقهم السياسية في الإنتخابات ترشيحا واقتراعا في أماكن وجودهم وتمثيلا في مجلس النواب وتسهيل كل سبل الإستثمار أمامهم في وطنهم الأم.
– تعزيز اللامركزية الإدارية الموسعة إختصارا لمعاناة الناس وتحقيقا للانماء المتوازن بين كل المناطق والفئات”.
وتابع: “فخامة الرئيس، نقولها بصدق وصراحة، إن اتفاق الطائف الذي أصبح دستورا لم يطبق نصا وروحا، بشهادة بعض الذين شاركوا في وضعه، ولم يتم تنفيذه بالشكل الذي ينبغي أن يتم، وبالتالي لم يحقق الغاية المرجوة منه. وأمام هذا الواقع، ترى الرابطة المارونية أنه من أولى أولويات السلطتين التنفيذية والتشريعية مسؤولية العمل، بتوجيه منكم، على استعادة التوازن والتكافؤ في آلية الحكم والمؤسسات العامة، وإحياء الممارسة الديموقراطية السليمة في شتى الميادين السياسية والإجتماعية، لكي يستعيد لبنان سيادته واستقلاله وعافيته ودوره الرائد عربيا ودوليا، فيصبح فعلا لا قولا بلدا حرا مستقلا نهائيا لجميع أبنائه مسلمين ومسيحيين”.
واردف: “فخامة الرئيس، إن سفينة لبنان تتقاذفها الأنواء وكلنا أمل بقدرتكم على قيادتها نحو الملاذات الآمنة بتعاون المخلصين ووحدة اللبنانيين مسيحيين ومسلمين”، ولفت الى أن “المواطنين ينتظرون منكم اليوم مبادرات جريئة وخطوات رائدة وأنتم لها. لا تكفي إعادة الأمور إلى نصابها، بل يقتضي فتح آفاق واعدة، فتحققوا كل ما كنتم وما زلتم تصبون إليه ولم تتمكنوا من تحقيقه بالكامل حتى الآن للأسباب التي تعلمون ونعلم”.
وأوضح أن “الرابطة المارونية التي تعتبر أن رئاسة الجمهورية رمز وطني يحظر استباحته والتطاول عليه من أي كان ولأي اعتبار كان، ستكون إلى جانبكم في أي مسعى إنقاذي وطني يكون هدفه إخراج لبنان من محنته والإنطلاق الجاد نحو بناء دولة القانون، دولة الحق والمؤسسات التي بها نحلم ومن أجلها نعمل”.
رئيس الجمهورية
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، مؤكدا ان “الوضع الامني مستقر نسبيا بعد التظاهرات التي شهدها لبنان من دون ان تسقط فيها نقطة دم واحدة”، وقال: “بعدما اخذنا مطالب المتظاهرين على عاتقنا، لن نسمح بعد اليوم بأي تخريب للاملاك العامة او الخاصة وسيعمل كل من الجيش والقوى الامنية على المحافظة على الاستقرار. أما وقد تمكنا من تجاوز الازمة الامنية، فإن الازمة الاقتصادية المالية تبقى الاخطر، حيث لا الانتاج ولا المال متوفران بعد اعتماد لبنان لسنوات خلت على الاقتصاد الريعي. لذلك، نحن اليوم بصدد معالجة هذين الوضعين الصعبين، والاجراءات التي ستتخذ ستكون قاسية وربما موجعة، ما يتطلب تفهم المواطنين لهذا الامر، وكذلك لواقع ان الحكومة الجديدة والوزراء الجدد ليسوا بمسؤولين عن الخراب الذي حل بنا”.
وشدد رئيس الجمهورية على “اننا سنتحمل المسؤولية من موقعنا وهناك اجراءات مالية واصلاحات بنيوية ستتم، كما ستتم معالجة الاهمال الذي تعاني منه المؤسسات، لا سيما المختلطة منها، حيث الكثير من التجاوزات، فضلا عن المصالح التي سيتم وضعها تحت الرقابة المالية، وقد جرى لحظ الامر في الموازنة، بحيث ان عائدات المرفأ والاتصالات ايضا يجب ان تحول مباشرة الى الخزينة، فضلا عن الكثير من الامور والقضايا الاخرى”.
واوضح الرئيس عون أن “الورشة التي نحن في صددها كبيرة جدا وثمة الكثير من الامور التي يجب ضبطها”، لافتا الى انه “تم وضع نصوص قانونية لمكافحة الفساد، لا سيما وان الاموال التي تم تحصيلها عن غير وجه حق غير موجودة في لبنان وستتم متابعتها بمساعدة المؤسسات المالية والمصرفية”.
حوار
ثم دار حوار بين الرئيس عون والحضور، فأكد رئيس الجمهورية ردا على سؤال، حرصه على “توفير حق الحماية للمتظاهرين والتعبير الحر عن آرائهم”، لكنه اشار في المقابل الى “وجود محرمات تتعلق بالتعدي على حرية الاخرين، كحق التنقل على الطرقات والتعديات على الاملاك العامة والخاصة”، وقال: “لقد حصل ذلك لكنه لن يتكرر”.
واوضح الرئيس عون أنه اضطر “للتدخل في العديد من القضايا منذ تولي زمام السلطة، لا سيما في ما يتعلق بتلزيم المشاريع وفق ما يسمى بـ”short list”، لافتا الى انه “تم توقيف العديد من التلزيمات وفق هذه القاعدة ليعاد تلزيمها باسعار اقل وفق قواعد المناقصات، كما ساهمت بمنع التلزيم وشراء حاجيات الدولة بالتراضي”.
واشار الى مجموعة الانجازات التي حققها العهد “بدءا بقانون الانتخابات مرورا بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة، والتعيينات في السلك الديبلوماسي والقضاء وفي الادارة ككل”، واوضح انه طلب من القضاء “تسريع المحاكمات على اختلاف القضايا المرفوعة امامه”، مجددا تأكيد “خطر الشائعات على المجتمع واهمية تحلي الاعلام بالمسؤولية الوطنية”.
سرحان
واستقبل الرئيس عون وزير العدل السابق القاضي البرت سرحان، وجرى عرض الاوضاع العامة في البلاد ودور القضاء في عملية مكافحة الفساد والهدر والاصلاحات.