شدّد حاكم “مصرف لبنان” رياض سلامة على أنّ “سعر صرف الليرة الرسمي سيبقى كما هو لمصلحة لبنان واللبنانيين”، موضحًا أنّ “الأزمة أتت نتيجة تراكمات بدأت بالحرب السورية منذ الـ2011، الحرب في سوريا كانت لها نتائج سلبيّة على الإقتصاد اللبناني، فميزان المدفعات تحوّل من ميزان فيه فائض إلى آخر فيه عجز، والبنك الدولي قدّر حجم هذه الكلفة على لبنان بما يساوي 18 مليار دولار. في الـ2015 القوانين العالمية التي صدرت المتعلقة بالعقوبات أثّرت على عملية التحاويل، خصوصا أنّ الإقتصاد اللبناني “مُدولر”، ولبنان يعيش من التحاويل”.
وفي حديث لقناة “France 24″، ذكّر سلامة أنّ “في تشرين 2017، استقال سعد الحريري من رئاسة الحكومة من السعودية وهذا كان تاريخًا أساسيًّا في التأثير على حركة الأموال وبدأت الفوائد بالارتفاع، تبعت ذلك أزمات سياسيّة إمتدّت لسنوات، بالإضافة إلى الفراغ الرئاسي والتأخّر في تشكيل الحكومات، وبعد الإنتخابات النيابية 2018 شهدنا فراغًا لتسعة أشهر في الحكومة التي كنا ننتظر تشكيلها من أجل الإصلاحات والإستفادة من “مؤتمر سيدر”. كل ذلك بالاضافة الى الحملات المبرمجة منذ العام 2015 إلى اليوم، التي استهدفت القطاع المصرفي والليرة البنانية”، مشيرا الى أن “الأمر السيء بهذه الحملات هو أنها كانت ترتكز على وقائع، فالعجز والمديونية تزيد وحصلت إضافات على الرواتب في القطاع العام، مما أدى الى زيادة العجز. وهذه الحملات المبرمجة، أضعفت ثقة المودع بالقطاع المصرفي وبالليرة”.
ورأى أن “هذه التراكمات جزء منها نابع من داخلنا وجزء آخر خارج عن إرادتنا، ووصلنا الى مكان أقفلت فيه المصارف، وهذا الإقفال خلق خوفا لدى المودعين والتجار وتحولنا من اقتصاد يعتمد على المصارف الى اقتصاد يعتمد على الـ”cash money”، وكمية كبيرة من الأموال النقدية سُحبت من المصارف وتمّ وضعها في المنازل والمتاجر”، مؤكدا أنه “ليس لدينا معلومات عن مصدر الشائعات ولكنّنا نستغرب الكلام السلبي اليومي لتخويف الناس، وبالأخص تصاعد وتيرة الكلام في عطلة نهاية الأسبوع، وكأن هناك منهجا متبعا خلفه أهداف سياسية محلية أو اقليمية وأشخاص يعتقدون أنهم يريدون نظامًا مختلفًا”.
ولفت سلامة الى أن “مصرف لبنان أعلن بعدما فتحت المصارف بعد 17 تشرين الأول، أنّ أي مصرف لن يُفلس، لذلك المودع لن يخسر ودائعه وهي تستخدم بالعملة التي يريدها الزبون، لكن التحاويل أصبحت صعبة على الأفراد والمؤسسات. لكنّنا برهنا جديّة سياستنا بعدم إفلاس أي مصرف”، مبينا أنه “لا يمكن تحويل من عملة إلى أُخرى إلّا بموجب قانون، وأنا لا أدعم ولا أطالب بهكذا قانون ولا أحبّذ الكلام عن haircut”.
وعن إختلاف سعر صرف الليرة في سوق الصيارفة، فسّر أن “السعر اختلف لأن المصارف أمام ضغط السحوبات النقدية لم يعد لديها قدرة على تلبية الطلب التجاري في البلد، لذلك ارتدّوا الى الصيارفة، وهذا السوق ليس منظما من مصرف لبنان”، مشددا على أن “الفروقات التي حصلت نعتبرها مؤقتة لحين تصبح الأجواء أفضل، ويعود سوق الصيارفة ليندرج ليصبح قريبا من سعر الصرف الرسمي”.
وجزم سلامة أنه “لا يوجد “haircut” لا الآن ولا لاحقا، وبعد 17 تشرين الأول 2019، الأموال الّتي دخلت هي حرة في تحويلها الى الخارج”، مضيفا: “الظروف لن تسمح بأن نتحرك ونقوم بشيء رسمي، وقبل فتح المصارف طلبت منهم أن ينظموا العمليات مع الخارج بشكل أن لا يكونوا مكشوفين، والهدف أن ننقذ كل المودعين. الحكومة كانت مستقيلة لذلك لا يمكن أن تأخذ قرارًا، ومصرف لبنان لا صلاحيات له لكنّه راسل الحكومة ووزير المالية لاصدار تعميم ينظّم العملية بين المصارف والزبائن، وارسلنا الكتاب منذ أسبوعين وننتظر الإجابة. اذا حصلنا على تغطية من الحكومة سنصدر التعميم”.
وعن التحقيق بالأموال التي تم تحويلها الى الخارج، أكد سلامة أن “التحقيق بدأ بطلب من المدعي العام وهو يأخذ وقتا، وذلك لا يعني أن هناك ممطالة”، موضحا أنّ “من أصل المليار والـ600 دولار الّتي تم تحويلها هناك ما يسمى ودائع إئتمانيّة وضعتها مصارف أجنبيّة، أمّا المليار فتمّ تحويله من قبل بعض الزبائن الى الخارج؛ والتحقيق سيكون على هذا المليار”.
وعن كيفية حلّ الأزمة، قال: “نحن اليوم بمنطقة الأوضاع فيها صعبة، نهاية هذه الأزمة لها جانب سياسي لا علاقة لي به، وجانب دعم من المجتمع الدولي لإدخال سيولة الى البلد، ممّا يعطي ثقة والسيولة الموجدة في المنازل والمتاجر تعود الى المصارف، وبالتالي لبنان سيبدأ بالتحرك كما بدأ تاريخيا بممارسة عملية الصيرفة بكل حرية”.