كتبت صحيفة “اللواء” تقول: التقطت لجنة صياغة البيان الوزاري أوّل إشارة نقدية دولية، بارتياح “القفزة القياسية لأسعار السندات المستحقة للبنان، والتي بلغت 4 سنت فاصل واحد (4.1%)”..
وعلى طريقة “التعلق بحبال الهواء” تمضي حكومة الرئيس حسان دياب في صياغة خارطة طريق للانتقال من الترقب إلى نيل الثقة النيابية، على خلفية البيان، المتوقع ان تعقد الجلسة في الأسبوع الثاني، من الشهر المقبل، على اعتبار ان استعادة الثقة الشعبية، فضلاً عن ثقة الحراك تحتاج إلى أسابيع أو أشهر.. والأساس وقف الهدر ومحاربة الفساد، وتطمين المودعين إلى مصائر اموالهم في المصارف، على الرغم من تطمينات حاكم مصرف لبنان، بأن لا خوف على ودائع المواطنين، التي سبقه إليها رئيس جمعية المصارف سيلم صفير..
وإذا كانت أوساط بعبدا مستنفرة لمواجهة انتقادات العهد من النائب السابق وليد جنبلاط إلى حزب “القوات اللبنانية” عبر المؤتمر الصحفي لنواب تكتل الجمهورية القوية، تحت عنوان: “ملفات الهدر في وزارتي الطاقة والاتصالات”، فإن ما يحوم في أجواء المنطقة من شبهات حرب، وخطط لتمرير صفقة القرن أو بترها و”وأدها” يشغل اللبنانيين، لا سيما المراهنين على رؤية استقرار عام، يخرج البلد من دوّامة التآكل إلى حدّ الانهيار من نظامه السياسي إلى نظامه المصرفي..
وفي هذا التوجه، يطمح حزب الله لرؤية حكومة “التكنوقراط”، “حكومة مقاومة بكل ما للكمة من معنى للتصدي لمشروع توطين الفلسطينيين ومحاولة العدو الإسرائيلي سلب لبنان حقه في الثروة النفطية”.
البيان الوزاري
وفي ظل تهدئة غير معلنة من قِبل الحراك الشعبي مع الحكومة، يؤمل ان تمتد إلى ما بعد قرار البيان الوزاري ونيل ثقة المجلس النيابي، بشرط ان تنسحب بدورها على الاستدعاءات التي يقوم بها القضاء في حق عدد من الناشطين، في مقابل غض نظر القوى الأمنية على إبقاء الحواجز في ساحة الشهداء.ركزت اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري للحكومة، في جلستها السادسة امس، برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، على الجانب الاقتصادي والاصلاحي تاركة الجانب السياسي الى النهاية، وسط معلومات انه لن يكون عقبة او مصدر مشكلة، باعتبار ان الرئيس دياب يقوم بالاتصالات اللازمة مع القوى السياسية للتوافق على الصياغة المناسبة.
وذكرت المعلومات ان اللجنة تعمل على صياغة خطة إنقاذية للوضع الاقتصادي والمالي في البيان الوزاري، والمسودة الاولى سيتم إنجازها السبت المقبل بإصرار من الرئيس دياب لمراجعتها الاثنين واحالتها الى الامانة العامة لمجلس الوزراء لتوزيع مشروع البيان على الوزراء، ومن ثم عقد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الجمهوري الثلاثاء اوالاربعاء لمناقشته واقراره. مع ترجيح انعقاد جلسة لمجلس النواب لمناقشته ايضا منتصف الاسبوع المقبل.
واشارت مصادر وزارية الى ان رئيس الحكومة حسان دياب لفت في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة دراسة البيان الوزاري الى ،ضرورة الاسراع في انجاز الصيغة النهائية للبيان بعد أن قدم جميع أعضاء اللجنة الأفكار والملاحظات اللازمةواخذت الوقت الكافي لمناقشتها ،مشددا على أن المطلوب ان تكون صيغة البيان مختصرة ومعبرةوتتضمن رؤية الحكومة وتحديد سياستها محليا وخارجياوكيفية مقاربة المشاكل المطروحة ولاسيما منها،الإقتصادية والمالية والاجتماعية والحلول الممكنة لها،مع الاخذ بعين الاعتبار مطالب وشكاوى المواطنين ومعاناتهم ، واملا ان تكون جلسة يوم السبت المقبل جلسة الانتهاء من دراسة البيان الوزاري تمهيدا لعقد اجتماع لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل لدراسته واقراره بصيغته النهائية.
وتوقعت المصادر بان يصار الى تحديد موعد انعقاد جلسات مناقشة البيان الوزاري في مجلس النواب والتصويت على الثقة فور الانتهاء من اقرارالبيان بمجلس الوزراء، وقد تكون اولى جلسات الثقة يوم الخميس المقبل مبدئيا اذا سارت الأمور كما هو مرتقب أو مطلع الاسبوع المقبل على أبعد تقدير..
لكن مصادر نيابية رجحت لـ”اللواء”، ان لا تنعقد جلسة الثقة بالحكومة، قبل الأسبوع الذي يلي إقرار البيان في مجلس الوزراء، على اعتبار ان الرئيس نبيه برّي سيسافر إلى ماليزيا الخميس المقبل للمشاركة في اللقاء البرلماني الذي سيعقد في السابع من شباط المقبل تحت عنوان: “برلمانيون من أجل القدس”، على ان يعود الأحد ليلاً، وبالتالي فإن الجلسة لن تنعقد قبل 11 أو 12 من شباط المقبل، وتكون الأيام الفاصلة بين إقرار البيان وانعقاد جلسة الثقة، فرصة لقراءة هادئة للبيان، وما سيتضمنه من رؤية إنقاذية لإخراج البلد من ازمته المالية والاقتصادية.
وخرجت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد من الاجتماع لتقول للصحافيين: أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، أن اللجنة قطعت شوطا كبيرا في طريق إنجاز البيان، مشددا على المتابعة بالنشاط نفسه، للانتهاء من صياغة البيان قبل نهاية هذا الأسبوع، قبل عرضه على مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل لإقراره، تمهيدا لطلب نيل الثقة من مجلس النواب، ومنوها بالجهود المبذولة من قبل أعضاء اللجنة”.
واضافت: “تلقت اللجنة بارتياح الأنباء عن القفزة القياسية لأسعار السندات المستحقة للبنان والتي بلغت 4 سنت فاصل واحد. وستستمر في مناقشة بنود البيان الوزاري، والإصلاحات الواردة فيه، على أن تستكمل اجتماعاتها مساء غد (اليوم)الجمعة”.
واشارت الوزيرة عبد الصمد إلى أن “يوم غد (اليوم) سيشهد ورشتي عمل، واحدة اقتصادية، والثانية قضائية رقابية”.
ويشارك في الورشة الاقتصادية ممثلون عن الهيئات الاقتصادية ورئيس وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، على اعتبار ان الورشة التي انعقدت في السراي أمس الأوّل كانت مالية تركز النقاش فيها على كيفية التخفيف من حدة الأزمة المالية، سواء على صعيد ضمان الودائع في المصارف أو بالنسبة لكيفية التعامل مع الاستحقاقات المتعلقة بسندات اليوروبوند التي تستحق في شهري آذار وحزيران المقبلين.
تطمينات مالية
وفي هذا السياق، أفادت وكالة “رويترز”، بأنّ “السندات الدولارية السيادية للبنان قفزت امس، وسجّل بعضها أكبر زيادة ليوم واحد منذ أوائل كانون الأول، وسط آمال متزايدة بين المستثمرين لخطة لمكافحة أسوأ أزمة اقتصادية تضرب البلاد في عقود”.
وقال نافذ صاووك كبير الخبراء الاقتصاديين ومحلل الأسواق الناشئة في أوكسفورد ايكنوميكس: “إن معنويات السوق تلقت دفعة بعد اجتماعات أمس بين وزراء ومسؤولين مصرفيين لمناقشة سبل تخفيف الأزمة”.
أضاف في تعقيب بالبريد الالكتروني: “المناخ العام مطمئن لأن الجميع يحاولون ارسال إشارات ايجابية توحي بأننا لسنا بعد على حافة الأزمة وأنه ما زال لدينا وقت. أظن أن الأسواق تعتبر أن ذلك يعني أن الإصدار المستحق في آذار سيجري سداده”.
ومن جهته، أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حوار مع “فرانس 24” ان المودعين لن يخسروا ودائعهم، وان سعر صرف الليرة سيبقى بحدود 1500 ليرة للدولار. كما تناول سلامة الوضع المصرفي الحالي في لبنان، مشيرا إلى ان الأزمة الحالية جاءت نتيجة “حملات مبرمجة” استهدفت القطاع المصرفي منذ العام 2015 وهو ما أضعف ثقة المودعين.
وكان رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير قد طمأن إلى ان لا خوف على الودائع في المصارف اللبنانية، مؤكدا ان سعر الصرف الرسمي لليرة ما زال محافظاً على مستواه، كما ان سوق الصيرفة لا تمثل سوى 6 أو 7? من سوق النقد.
وأوضح، خلال لقائه نقيب المحررين جوزف القصيفي ان الإجراءات التي اتخذتها المصارف بعد 17 تشرين أوّل مؤقتة وتدابير استثنائية لادارة الأزمة الطارئة، والأمور ستعود الى طبيعتها قريباً مع بدء انطلاقة الحكومة الجديدة، حيث لمست جديّة من رئيسها الدكتور حسان دياب في إعطاء الاولوية للإصلاحات التي يتعطش اللبنانيون لتحقيقها كممر الزامي لانقاذ البلاد.
تداعيات صفقة القرن
ووسط هذا الضخ الإعلامي التفاؤلي في شأن الوضع المالي، بقيت تداعيات “صفقة القرن” التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل يومين في واجهة الاهتمامات الرسمية والسياسية، خصوصاً وأنها تطال في جانب منها وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وسبل مواجهتها سواء من قبل الفلسطينيين أنفسهم أو من محور المقاومة الذي ازداد نفوذه قوة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة.
ولاحظت مصادر في الثنائي الشيعي، انه بعد إعلان “صفقة القرن” أصبح مطلوباً من الحكومة ووزرائها برنامجاً واداءً سياسياً بامتياز، وان هذا الثنائي، وتحديداً “حزب الله” ينتظر أداء حكومة مقاومة بكل معنى الكلمة للتصدي لمشروع توطين الفلسطينيين ومحاولة العدو الإسرائيلي سلب لبنان حقه في الثروة النفطية.
وقالت ان الحزب بات يعول على بيان الحكومة في المقام الأوّل لتحديد سياسة لبنان في مقاربة صفقة القرن بشقها المتعلق بالتوطين وبشقها الآخر المتعلق بحق المقاومة في إجهاض هذا المشروع والدفاع عن لبنان واسترجاع أي جزء محتل سواء في البر أو البحر.
وتكشف المصادر في هذا المجال عن معطيات تملكها بأن دياب يتفق مع الثنائي ومع رئيس الجمهورية ميشال عون، على ضرورة إعادة تفعيل العلاقات الرسمية للحكومة اللبنانية مباشرة مع سوريا حكومة ودولة وليس عبر الوزراء أو الوسطاء، لافتة إلى دياب أكّد استعداده للقيام بكل ما يخدم حل قضية النازحين السوريين وإعادة تفعيل الحركة الاقتصادية بين لبنان وسوريا، ملمحة إلى ان رئيس الحكومة كما رئيس الجمهورية لا مانع لديه من زيارة سوريا عاجلاً أم آجلاً، إذا كان ذلك يُساعد في حلحلة الأزمات العالقة بين البلدين.
هجوم جنبلاط ونداء برّي
من جهة ثانية، لفت إنتباه المراقبين أمران شكلا تطوراً سياسياً لافتاً:
الاول: هجوم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على عهد الرئيس عون، مؤكدا “ان لا أمل في عهد يحيط نفسه بجدران الانتقام من الطائف والثأر من 14 آذار والحقد على المحكمة الدولية”، ما استدعى رداً من الوزير السابق سليم جريصاتي، مؤكدا بأن “العهد لا يفشل ولا ينتقم”.. استتبع بسلسلة ردود “تويترية” من نواب اللقاء الديموقراطي.
والثاني: النداء الذي وجهه الرئيس برّي إلى الحركيين من “امل” غمز فيه من قناة الحراك الشعبي داعياً مناصريه إلى ترك الشارع لوأد الفتنة التي تدبر للوطن.
وقال مخاطباً الحركيين: أدعوكم إلى ترك الشارع لمن اختاره سبيلاً للتعبير عن رأيه، أو للمطالبة بحقوقه المشروعة، أو حتى للأسف لمن تسلل إلى الشارع مستخدما إياه منصة للإفتراء والتجني… اتركوه لهم، وابقوا في أمكنتكم التي تشمخ بحضوركم فيها.. كونوا حيث ارادكم الإمام الصدر.. في الداخل دعاة حوار.. وعلى الحدود مقاومين في مواجهة عدوانية اسرائيل حماية وذودا عن الأرض والانسان من أجل أن يبقى لبنان وطنا نهائيا لجميع أبنائه. واعلموا أنه كلما كثرت الطعنات من الخلف، أنتم في المقدمة وفي المكان الصحيح.
ولم يصدر أي تفسير عن سبب توجيه هذا النداء، وعلاقة صفقة القرن بالحراك، وبالفتنة التي تدبر ضد الوطن، علماً ان الحركيين في “امل” لم يشاركوا في الانتفاضة الشعبية، وان كانت اتهامات وجهت إليهم بالمشاركة في مواجهات الشارع ضد شارع في الأسابيع الأولى من الانتفاضة.
استدعاءات الناشطين
تجدر الإشارة إلى ان فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي استدعى أمس للتحقيق الناشطين ليندا بولس المكاري وعبد الرحيم حرب على خلفية جمع تبرعات وتوزيع حصص غذائية على الثوار والمساعدة في تنقلاتهم إلى بيروت، فيما يمثل اليوم امام قاضي التحقيق في جبل لبنان بسّام الحاج الناشط ربيع الزين للتحقيق معه في الاتهامات الموجهة إليه من التحريض على إحراق عدد من الصرافات الآلية لعدد من المصارف، وقطع طرقات وتخريب املاك عامة وخاصة واعمال شغب.
ونفذت في طرابلس وقفة احتجاجية على خلفية هذه الاستدعاءات، فيما اعتبر تجمع “اعلاميون من اجل الحرية” “ان الهدف من الاستدعاءات الترهيب والتأثير السلبي على الثورة”.