كتبت “النهار” تقول:تحث حكومة الرئيس حسان دياب خطواتها لانجاز البيان الوزاري والاستعداد لجلسة مناقشته وطرح الثقة بها أمام مجلس النواب، في حين يبدو صعباً التكهن بطبيعة التفاعلات الداخلية مع هذه الخطوة الأساسية قبل اتضاح مضمون البيان وكيف ستكون ردة فعل الانتفاضة الشعبية عليه والتداعيات التي ستنشأ عنه في جلسة الثقة التي بدأت الانتفاضة التحضيرات لمنع انعقادها. وبينما تواصل اللجنة الوزارية المكلفة وضع البيان الوزاري اجتماعاتها اليوم وغداً من أجل استكمال البيان، يرجّح أن يعقد مجلس الوزراء جلسة مطلع الأسبوع لمناقشة المسودة التي ستضعها اللجنة ومن ثم إقرارها على أن يبدأ بعد ذلك التنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لتحديد موعد الجلسة النيابية لمناقشة البيان والتصويت على الثقة.
وبدا لافتاً في هذا السياق تصاعد ملامح تشدّد أمني مع الانتفاضة على رغم التصريحات العلنية والتعهدات لعدم التعرض لحرية التعبير بما ينذر بتصعيد واسع في مرحلة إقرار البيان الوزاري باعتبار أن رهانات أهل السلطة على تراجع الانتفاضة وانحسارها يبدو أمراً خاسراً سلفاً وقد بدأت الاستعدادات لتصعيد التحركات الاحتجاجية قبل جلسة الثقة وفي مواكبتها ما لم تنجح محاولات منع انعقادها. وبرز جانب دقيق وخطير في السلوكيات الأمنية والقضائية حيال الانتفاضة من خلال توقيف ثلاثة ناشطين اساسيين في صفوف المنتفضين وأقامت مجموعات من المنتفضين اعتصاماً أمس أمام قصر العدل في بعبدا مطالبين باطلاقهم، لكنهم لم يُطلقوا.
في غضون ذلك تحدث رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل عن توسيع التوقيفات وقال عبر “تويتر”: “بعد القمع الميداني واستعراضات القوة، ها هي سلطة مواجهة الثورة تنقض على الناشطين “بالمفرّق” في مختلف المناطق عبر استدعاءات وتوقيفات بلغ عددها حتى الآن 12?. وأكد أن “لبنان الجديد لن يبنى على القمع”. ونفّذت مجموعات من المنتفضين تحركات ليل أمس عبر مسيرة انطلقت من منطقة مار مخايل وشملت محطات عدة في بيروت، كما قطع متظاهرون أوتوستراد جونية – بيروت لوقت قصير.
وأوضحت أوساط سياسية مطلعة لـ”النهار” أن خريطة المواقف السياسية والنيابية من منح الحكومة الثقة أو حجبها عنها ستتضح خلال الأسبوع المقبل وقبل تحديد موعد الجلسة النيابية، ذلك أنه من المستبعد أن يتبدل الفرز السياسي الذي نشأ عقب تأليف الحكومة بين الكتل الداعمة لها والكتل المعارضة لها وان يكن الجميع لن يحدّدوا مواقفهم قبل صدور البيان الوزاري واتضاح عناوين الخطط والسياسات الحكومية من خلاله. وقالت إن جوهر الحركة السياسية كما التحركات الشعبية في الأسبوعين المقبلين اللذين سيكون البيان الوزاري وجلسة الثقة محورهما، سيتركز على الأزمة المالية في المقام الأول خصوصاً بعدما برزت تطورات جديدة في الأيام الأخيرة في الآليات والقيود المصرفية والاجراءات التي تتبعها المصارف وسط مناخ تراجع الثقة وانتظار ما اذا كان البيان الوزاري سيتضمن من جهة خطة إنقاذ مقنعة ومطمئنة للناس فعلاً ومن جهة أخرى خطوات إصلاحية جدّية وقابلة للتنفيذ للتوجه بها الى الدول والمجتمع الدولي.
دياب والمستحقات
وفي هذا السياق، قال أمس رئيس الوزراء حسان دياب أمام زواره “أن لبنان لن يتخلّف عن تسديد المستحقات المالية المطلوبة منه في شهري آذار ونيسان المقبلين، موضحا أنه لا يميل إلى وجهة النظر التي تقول بعدم إقدام لبنان على التسديد.
ويلتقي دياب هنا مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على التزام التسديد وأن المصرف المركزي قادر على توفير الدولارات المطلوبة لدعم رزمة من الأمور الاقتصادية المعيشية حتى نهاية السنة الجارية.
وقال رئيس الوزراء : “لا أريد أن أصبح زعيماً سياسياً ولن أترشح للانتخابات النيابية. وينطبق هذا الأمر على أعضاء حكومتي. والمطلوب منهم التفرغ لإدارة وزاراتهم والوقوف عند مطالب اللبنانيين وحاجاتهم”. وبعدما أشار الى أنه التقى سفير قطر أضاف: “وسألتقي سفير السعودية وسأعمل جاهداً على تطبيق سياسة النأي بالنفس”.
وعن إقامته في السرايا قال: “أقيم في السرايا الحكومية لأسباب أمنية وطلباً للاستفادة من الوقت بغية المزيد من العمل والإنتاجية”.
وشدد على أنه “لا بد من تنفيذ رزمة من الإصلاحات في أكثر من إدارة ووزارة،
واستمعت الى الهيئات الاقتصادية والمالية وكل القطاعات لتصميم حصيلة رؤيتها وتضمين المهم منها البيان الوزاري”.
وعقد أمس الاجتماع الأول بين وزير المال غازي وزني ووفد من جمعية مصارف لبنان برئاسة سليم صفير، وأكد الوزير وزني “عدم المسّ بالودائع”، وحثّ جمعية المصارف على العمل على خفض معدّلات الفوائد في المرحلة المقبلة لتحريك عجلة الاقتصاد وتخفيف الأعباء على المالية العامة. ووصف صفير الاجتماع بأنه كان “إيجابياً جداً، تبادلنا معلومات ولم يُتّخذ أي قرار”. وكرّر “أن الأمور إيجابية”. وأفاد أن “لا ودائع محجوزة، فهي موجودة في المصارف، وستظل موجودة”.
وأفادت معلومات أن تفاهماً حصل بين وزير المال وجمعية المصارف على خفض ملموس للفوائد عموماً، أي على الودائع والقروض، ما يساهم في تحريك الاقتصاد ويساعد المقترضين ويخفف العبء عن المالية العامة.
جعجع
وفي هذا السياق، رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أمس عقب اجتماع “تكتل الجمهورية القوية” برئاسته أن “المساس بودائع الناس في المصارف غير مقبول وتكتل “لجمهوريّة القويّة ضدّه جملةً وتفصيلاً”، مشيراً إلى أننا “لن نطرح الآن أي رأي تقني نهائي في موضوع سداد لبنان لديونه الخارجيّة إلا أننا نريد أن ننوه أن هذا الموضوع بالإضافة إلى موضوع مال الناس في المصارف لهما علاقة بخطّة كاملة شاملة يجب أن تضعها الحكومة الجديدة، أي أنه عندما يصبح هناك سلّة متكاملة من التدابير الإصلاحيّة المنتظرة منذ زمن بعيد والتي لم تقدم عليها الحكومات السابقة ومن المفترض أن تقوم بها هذه الحكومة، عندها يمكننا البحث والتفكير في موضوع سداد لبنان لديونه الخارجيّة، إلا أن المطلوب في الوقت الحاضر كي لا تكون المسألة مطروحة بشكل سؤال آحادي جانبي أن يكون هناك سلّة متكاملة لمعالجة الوضع المالي ككل على ضوئها يمكن أن نرى ماذا يمكن أن نفعل. إلا أننا نكرّر أن المهم في هذه المسألة برمّتها هو أنه أياً كان قرار الحكومة الحاليّة فنحن مع الحفاظ على ودائع الناس في المصارف”.