كتبت صحيفة “اللواء” تقول: قبل أيام معدودة من تحديد موعد جلسة مثول الحكومة امام المجلس النيابي لنيل ثقته على أساس البيان الوزاري، الذي هو قيد “الإعداد المفتوح” من زاوية ان وزراء لم يكونوا في عداد الحاضرين لدى اعداده، وان الصيغة النهائية ستخرج اليوم من جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، بعد ان كال الرئيس نبيه برّي جملة ملاحظات على فقرة الكهرباء، في البيان، داعياً للإقتداء “بالنموذج الكهربائي” الزحلاوي، مفجراً قنبلة، أكبر من ان تكون دخانية، تتعلق بالكشف عن تحويل خمسة مصارف أموال أصحابها الشخصية إلى الخارج، وهي تقدر بمليارين و300 مليون دولار، الأمر الذي يتفق مع ما ذهب إليه المدعي العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، باحالة كتاب إلى هيئة التحقيق الخاصة ومكافحة تبييض الأموال في مصارف لبنان للتحقيق، وتحديداً أسماء أصحاب هذه المبالغ، وتحديداً إذا كانت موضع شبهة، أو قانونية.
وتستبق هذه القنبلة جلسة البيان الوزاري، وفي غمرة البحث عن طرائف لتسديد ديون لبنان السيادية التي تستحق، هذا العام بدءاً من الشهر المقبل.
مع الإشارة الي ان مضمون ما تضمنه البيان في ما خص الكهرباء، يشهد تبايناً حاداً بين الرئاستين الأولى والثانية، وايضاً الثالثة، على خلفية دعم الرئيس عون وزير الطاقة، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على أجواء جلسة الثقة.
بالتزامن قال مُنسّق الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش بأن شرط المساعدة تقديم الإصلاحات أولاً.. فالاصلاحات ثم الإصلاحات هي من شروط الأمم المتحدة لمساعدة لبنان، وعلى لبنان ان يدعم نفسه، ولا ينتظر دعماً من المجتمع الدولي.
فضح المستور
وإذا كان ما كشفه الرئيس برّي عن تهريب اموال ليس جديداً، إذ ان هيئات كثيرة قضائية وداخل مصرف لبنان تعمل على الموضوع الذي شغل الرأي العام اللبناني، منذ بدايات الأزمة المالية والنقدية في البلد، الا ان أهمية ما كشفه رئيس المجلس عن فضح المستور، يكمن انه صدر عن أعلى مرجعية تشريعية في الدولة، ويكون لكلامه صدقية كبيرة، بالنظر إلى دقة المعلومات التي يتلقاها، من دون ان يكون هناك تجن على أحد، وبالتالي يفترض ان يكون لهذا الموضوع تداعيات قضائية وسياسية وشعبية، لا سيما وان الفضيحة جاءت بعد خفض سحوبات الودائع بمعدل 50 في المائة على الفقراء، في حين كشف النائب العام التمييزي القاضي عويدات، انه تسلم جواباً لكتابه الذي وجهه إلى لجنة الرقابة على المصارف وطلب فيه توضيحات حيال المعلومات التي تحدثت عن تحويلات ودائع إلى الخارج بمليارات الدولار، وان كتاب لجنة الرقابة أفاد بوضوح بتحويل مليارين و276 مليون دولار من حسابات أشخاص من مصارف لبنانية إلى عدد من البنوك السويسرية، لكن الكتاب لفت أيضاً إلى ان نحو 60 في المائة من هذه المبالغ عبارة عن عقود ائتمانية.
وأوضح عويدات في تصريح صحافي، “أنّه أحال نسخة من هذا الكتاب إلى هيئة التحقيق الخاصة ومكافحة تبييض الأموال في “مصرف لبنان”، لإجراء تحقيقاتها في الأمر، وتحديد أسماء أصحاب هذه المبالغ، ومصادر الأموال وما إذا كانت مشبوهة أم لا”.
وبحسب المعلومات التي كشفها المحامي كريم شرف لقناة “الجديد” ان هناك شخصيات في مراكز وازنة جمعت حولها “داتا” تهريب الأموال، ومن بين هذه الشخصيات نائب عام ووزير ونائب وشخصيات في مركزين لا يوجد غيرهما في مركزيهما، لكنه أشار إلى ان الدولة السويسرية لن تعيد الأموال ما لم تتأكد انها سوف تذهب لافادة الشعب، وان لا تسرق من جديد.
وفي سياق متصل، استبعدت مصادر مصرفية ان يكون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في صدد احياء اقتراحه الذي سبق تشكيل الحكومة بطلب صلاحيات استثنائية لإصدار تعميم يشرع فيه التدابير المصرفية الخاصة بنوعية السحوبات وسقوفها، خصوصاً بعدما لجأت المصارف إلى تطويق هذا التعميم بالاجراءات القاسية التي اعلنتها وقضت بخفض سحوبات الودائع إلى النصف، مرّة واحدة كل أسبوعين، رداً عى اتجاه البنك المركزي إلى رفع هذه السحوبات، واعتماد سعر واحد للدولار لدى الصيارفة والمصارف.
ورأت هذه المصادر ان “ما هو متداول الآن دعوة الحكومة ومجلس النواب إلى تحمل مسؤولياتهما الدستورية في هذا المجال من خلال إصدار قانون وفق الآليات الدستورية، يعمد الحاكم في ضوئه، وفق صلاحياته، إلى وضع مضمون القانون في صيغة تعميم تنفيذي.
ورفضت المصادر رمي الكرة في ملعب مصرف لبنان والمصارف كما درجت العادة، معتبرة ان المشكلة في أساسها مسؤولية الحكومة ومجلس النواب اللذين اصدرا الموازنة بما فيها من عجز واقرا قوانين الاستدانة التي نفذها مصرف لبنان ضمن الإمكانات المتاحة.
وتوقع عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله، ان تكون الدورة العادية المقبلة لمجلس النواب، حافلة بالتشريعات على صعيدي مكافحة الفساد والمال، معلناً انه سيكون على رأس هذه التشريعات اقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدّم به مع نواب من كتلته وكتلة التنمية والتحرير، بعدما اكتشف ان القضاء غير قادر على محاسبة الوزراء ومحاكمتهم بسبب مادة دستورية ويقضي بتعديل الدستور في قانون المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، لجهة إمكانية محاسبة الوزير (أو النواب) امام القضاء العدلي، واقتراح تعديل دستوري آخر لتعديل قانون الموظفين، لازاحة الحصانات السياسية والمذهبية عن أي فاسد، علماً ان التعديل يحتاج إلى أكثرية الثلثين لاقراره وضمن عقد عادي..
البيان الوزاري
إلى ذلك، افادت مصادر وزارية لـ”اللواء” ان البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب سيخضع اليوم لنقاش داخل مجلس الوزراء مشيرة الى ان لا تعديلات جوهرية متوقعة لكن هناك من الوزراء الذين لم يكونوا ضمن عداد لجنة صوغ البيان سيعرضون رأيهم مع العلم ان الوزراء اعضاء اللجنة قدموا ملاحظاتهم التي تمت اضافتها الى البيان الوزاري.
واشارت المصادر الى ان لا توقعات بأي تباين داخل مجلس الوزراء حول النقاط الأساسية للبيان الذي علم ان صيغته النهائية اخذت بالاعتبار توجهات الحكومة في قضايا الأقتصاد والسياسة.
ولوحظ ان عددا من الوزراء تجنب الحديث عن التعديلات المتوقعة وكان اجماع على ان هناك نقاشات ستتم وربما تكون هناك اقتراحات وصيغ.
ورأت ان بعض التفاصيل تتطلب الآجابة عليها لناحية كيفية تطبيق ملف الأصلاحات ووضع لبنان على السكة الصحيحة.
لكن اللافت للانتباه، كان الانتقاد العلني الذي وجهه الرئيس برّي لمسودة البيان الوزاري حيث استغرب، بحسب ما نقل عنه النائب علي بزي، ما سرب في البيان الوزاري لجهة مقاربة موضوع الكهرباء كما كان في السابق، وسأل: لماذا لا تتم معالجة هذا الملف في لبنان على غرار معالجته في مدينة زحلة، وهو ما كانت اشارت إليه “اللواء” أمس، حينما تحدثت عن تباين في وجهات النظر، بين وزير الطاقة ريمون غجر ووزير المال غازي وزني على هامش إعداد البيان حول خطة الكهرباء، إذ اعتمد الوزير الحالي على ذات الخطة السابقة بمراحلها الثلاث، والتي لا تؤمن التيار 24 على 24 إلا في حدود العام 2027.
وبالنسبة الى جلسة مناقشة البيان الوزاري، رجح رئيس المجلس بأنها “قد تعقد ابتداء من الثلاثاء المقبل، في حال إحالة البيان الى المجلس النيابي كحد أقصى صباح يوم الجمعة”.
واعلن ان “الواجب الوطني يحتم علينا جميعا تهدئة الأجواء، وخلق المناخات الملائمة لإعادة انتظام الحياة السياسية إستنادا الى الدستور والقانون” معتبراً “ان دقة وحساسية الظروف الراهنة لا تحتمل جلد الناس والوطن والمؤسسات”.
وقال خلال لقاء الاربعاء النيابي: “إننا أمام فرصة حقيقية للانقاذ إما ان نتلقفها فننجح، وإما ان ننكفىء عنها فنفشل”.
ورجحت مصادر نيابية ان يلجأ برّي إلى اختصار كلمات النواب خلال جلسة الثقة بحيث لا تطول الجلسة كثيراً، كما فعل في جلسة مناقشة الموازنة، وهو يعمل على ذلك مع الاطراف التي “يمون عليها”، والتي قد تشمل الرئيس سعد الحريري ووليد جنبلاط وربما سمير جعجع، لتمر جلسة الثقة بأقل الاضرار الممكنة” على المجلس وعلى الحكومة وعلى البلد، خاصة إذا ما قررت بعض اطراف الحراك الشعبي محاولة قطع الطرقات على النواب لمنعهم من الوصول الى المجلس.
و توقعت المصادر النيابية ان تحصل الحكومة على ثقة نحو 66 او 68 نائباً، فيما سيسجل نواب المعارضة خلال الجلسة مواقف تتعلق بالتوجهات السياسية والاقتصادية والمالية للحكومة، وبخاصة حول طريقة تشكيلها، بينما سيتولى نواب مؤيدون للحكومة الدفاع عنها بوجه حملات المعارضة، “حتى لا يتم تحميلها مسبقاً مسؤولية الاوضاع التي آلت اليها البلاد نتيجة سوء أداء الطبقة السياسية والحكومات السابقة، والذين اشتركوا جميعاً في عمليات الفساد والمحاصصة ونهب المال العام وتراكم المديونية العامة”.
هل من مفاجأة كتائبية
وفيما ترددت معلومات عن ان نقاشاً يجري في حزب الكتائب لناحية حضور الكتلة جلسة الثقة مع موقف حاسم بعدم إعطاء الحكومة الجديدة الثقة، وان نواب الكتائب يحضرون مفاجأة وصفت “بالمدوية” ستتم ترجمتها في الجلسة داخل القاعة العامة، اعتبر مصدر كتائبي مسؤول لـ”اللواء” ان المرحلة بما تحمله من أزمات ومخاطر ليست مرحلة اختبارات، وإنما مرحلة وضوح في الرؤى والبرامج الإنقاذية.
وقال: ان موقف الكتائب من الحكومة واضح منذ تشكيلها على أسس المحاصصة وتقاسم القوى السياسية الوزارات عبر وجوه مستعارة، كما لناحية عدم ملاءمتها للمرحلة ومتطلباتها، لا سيما بعدما تبنت موازنة وضعتها حكومة أسقطتها الثورة وتبنت برنامجا اقتصاديا لم يعد صالحا بمعظمه لمعالجة ما وصلت اليه الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية.
وعن الطريقة التي سيتعاطى من خلالها الحزب مع جلسة الثقة قال المصدر الكتائبي: “ان الحزب على تواصل مع أوسع شريحة من شرائح الثورة وموقفه سيكون تعبيراً عن التقاطع القائم بين قناعاته وبين ارادة هذه الشرائح وتطلعاتها وتحركاتها”.
“بروفة” الحراك
في هذا الوقت، يواصل الحراك الشعبي تحضيراته على الأرض لتعطيل جلسة الثقة والعمل على عدم وصول النواب إلى ساحة النجمة، وأجرت مجموعات من الحراك مساء أمس “بروفة” لاقتحام الجدار الاسمنتي الفاصل بين ساحة رياض الصلح والسراي الحكومي. ونجح عدد من الناشطين الذي قدموا من البقاع والشمال في تسلق الجدار عند الاسلاك الشائكة وحاولوا خلع الفاصل الحديدي بين الساحة والسراي، ثم بدأوا بقذف الحجارة بإتجاه القوى الأمنية امام السراي.
واستمر التوتر في الساحة لبعض الوقت، لكن من دون حصول مواجهات مباشرة بين المتظاهرين والقوى الأمنية التي اعتمدت رباطة الجأش، وعمد عدد من المشاركين، واغلبيتهم من النساء إلى مغادرة الساحة خوفاً من ردّات الفعل، ولاحقاً عاد المحتجون ادراجهم إلى البقاع وطرابلس، واستعادت الساحة هدوءها امام السراي الحكومي.
يُشار إلى ان عدداً من الناشطين تجمعوا في فترة بعد الظهر امام مصرف لبنان احتجاجاً على السياسة المالية المتبعة لافقار الشعب اللبناني، وتم قطع الطريق إلى شارع الحمراء لبعض الوقت.
وليلاً انتشر فيديو يظهر فيه مرافقو النائب في تكتل لبنان القوي زياد أسود يقومون بضرب شاب من الثوار يدعى انطوني واكد وتكسير سيارته وسيارات عدد من الثوار الذين كانوا يحتجون على تواجد أسود في أحد المطاعم في منطقة المعاملتين حيث كان يتناول العشاء.
لكن الأخطر هو الفيديو الذي يظهر تعرض شاب يدعى وليد رعد من منطقة أبي سمرا – طرابلس للضرب والاهانة من قبل مرافقي أسود الذي يوثق قوله له “شو جايي تعمل بكسروان وأنت من طرابلس؟”. كما يتعرّض بالسب للذات الإلهية.
وعلى اثر الاعتداء، تناقل ناشطون دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتوجه إلى مجمع فؤاد شهاب في جونيه للتوجه إلى المطعم حيث يتواجد أسود، وقاموا برمي الحجارة على سيّارات أسود.وافيد عن توقيف عدد من الثوار عرف منهم انطوان وأكّد، وليد رعد، موناليزا كرت والقاصر نيكولا نيكولا على خلفية الاشكال.
واحتجاجاً على اهانة الشاب الطرابلسي الذي ظهر بالفيديو تقاطر العشرات من شبان طرابلس إلى ساحة النور وتحديداً تحت مركز التيار الوطني الحر.
وكان محتجون وفي إطار ملاحقة المسؤولين السياسيين إلى الأماكن العامة والمطاعم لطردهم منها، لاحقوا وزير الاقتصاد السابق رائد خوري من أحد المقاهي وقاموا بطرده منه.