كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: لا يختلف اثنان على أنّ مشوار الحكومة ليس ميسّراً بالشكل الذي تشتهيه، بالنظر الى افتقادها للاجماع السياسي، والى الطوق الذي يفرضه الحراك الشعبي عليها، ويضعها على منصّة التصويب الدائم له، والى المعارضة الشرسة الكامنة لها على كل المفارق، والى الحجم الكبير من التعقيدات المتنوعة الالوان والاشكال الماثلة في طريقها سياسياً واقتصادياً ومالياً، وأضيف اليها العامل الأمني الذي هزّه الفلتان وتطاول اللصوص والزعران على القوى العسكرية والامنية، وإيقاع أفرادها شهداء وجرحى. وكذلك ترويع المواطنين والسطو على “الشحّ” الذي أبقته لهم الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة من رزقهم، وهو أمر يفترض بالدولة على كل مستوياتها الانتصار لهيبتها، واجتثاث هذا الورم الخبيث المتفشّي في كل المناطق اللبنانيّة ويهدّد استمراره والتراخي معه، بفوات الأوان ونقل البلد الى فوضى يصعب احتواؤها.
الثقة التي نالتها حكومة حسان دياب، وبمعزل عن النسبة الهزيلة التي جمّعتها من أصوات النواب، وضعتها بطاقمها الاختصاصي أمام باب الطريق الالزامي الذي يتوجّب عليها عبوره بنجاح وبلا أي تعثّر، لأنّ الفشل معناه السقوط المريع وأكلافه قد لا تستطيع هي ان تتحمّل أكلافها، إذ ستشكّل هي نفسها عبئاً على البلد، يُضاف الى العبء الثقيل الذي تلقيه الأزمة الاقتصادية والمالية، لا بل يزيد من ثقله.
تبعاً لبيانها الوزاري، قطعت الحكومة على نفسها وعداً وعهداً انها لن تبقيه حبراً على ورق، كما تنتهي اليه البيانات الوزارية السابقة، ووعدت بالخضوع للامتحان الاقتصادي والمالي ووضع البلد على سكة الانفراج. ولكن ما قبل الثقة كلام نظري، أمّا بعدها فهو للتطبيق العملي، فهل ستتمكن الحكومة من العمل، وهل ستنجح في المهمة التي ارتضتها لنفسها، وهل تملك إمكانات النجاح وسط هذا الكمّ الكبير من الانقسامات والتعقيدات والالتباسات حولها؟ وهل تملك في الاساس مفاتيح الحلول الاقتصادية والمالية؟ وبالتالي هل ستتمكن من إثبات نفسها كحكومة فاعلة ومنتجة، وستنزع عنها سلسلة الاوصاف التي اطلقت عليها، كمثل القول انها حكومة إدارة أزمة، وحكومة بدل عن ضائع، وحكومة الممكن، وحكومة العين البصيرة واليد القصيرة، ولن تستطيع ان “تشيل الزير من البير”؟
“ناطرنا ع الكوع”!
كل هذه الاسئلة، سبقت الحكومة الى غرفة الامتحان التي دخلت اليها منذ لحظة نيلها الثقة، مُضافاً اليها التشكيك الكامل بها سلفاً من قوى المعارضة مجتمعة، وكذلك “الحذر منها” من بعض مؤلّفيها، وعلى وجه التحديد من قبل “حزب الله” الذي قارَبها بشبه “لا ثقة” وكحكومة “اضطرارية” ارتضى بها لتسهيل تشكيل حكومة في البلد لا اكثر.
وعلى ما يقول مرجع سياسي لـ”الجمهورية” في هذا المجال، فإنّ “الحكومة، وبعدما نالت ثقة مجلس النواب، دخلت اليوم في الجد، ولا يجب ان يحكم عليها سلفاً قبل ان نرى خيرها من شرّها، كما فعل بعض مزايدي السياسة او بعض مكوّنات الحراك. كل الناس تراقب الحكومة وترصد عملها، يعني أنها تُمتحَن من قبل الجميع، ما يعني انها محكومة بأن تعمل بصدقية وشفافية وتقدم إنجازات سريعة، وإلّا فإنها ستسقط سريعاً، فجوع الناس يكبر، والمجتمع الدولي بمؤسساته المالية والائتمانية “ناطرنا ع الكوع”، علماً انّ باب المساعدات الدولية للبنان ليس مقفلاً، تِبعاً لما يؤكده الموفدون الدوليون السياسيون والاقتصاديون الى لبنان، شرط ان يساعد لبنان نفسه، علماً انّ ثمة اقتراحات إصلاحية لطالما شَدّدت المؤسسات الدولية على إجرائها، لم يعد ثمة ما يبرّر التأخّر فيها، وخصوصاً في ما يتعلق بمتطلبات مؤتمر “سيدر” والدول المانحة”.
مجموعة الدعم
وكان لافتاً في هذا السياق، بيان مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان الذي صدر أمس غداة نيل الحكومة الثقة، والذي تضمّن دعوة حكومة دياب الى “اتخاذ مجموعة من التدابير والإصلاحات الملموسة وذات المصداقية والشاملة بسرعة وبشكل حازم لوقف ومعاكسة الأزمات المتفاقمة، ولتلبية احتياجات ومطالب الشعب اللبناني”.
وأكدت المجموعة استعدادها لـ”دعم لبنان في الوقت الذي يبذل فيه الجهود لاستعادة الاستقرار الاقتصادي ومصداقية القطاع المالي، ومراجعة ميزانية 2020 بشكل نقدي يضمن الاستدامة، وتنفيذ الإصلاحات القطاعية الرئيسية مثل قطاع الطاقة، وإصلاح المؤسسات التابعة للدولة لضمان الكفاءة ومصلحة المستهلك، وإقرار وتنفيذ قوانين مشتريات فعّالة”.
وإذ عبّرت عن دعمها “القوي المستمر للبنان وشعبه: واكدت على حماية حق التظاهر السلمي، شددت على تطبيق القرارين 1701 و1559، وسائر القرارات الدولية ذات الصلة، وأعربت عن استعدادها لـ”دعم الجهود الموثقة لقادة الحكومة لمحاربة الفساد والتهرّب الضريبي، بما في ذلك اعتماد وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، قانون هيئة مكافحة الفساد وإصلاح القضاء، بالإضافة إلى غيرها من التدابير الضامنة لإقرار تغييرات ملموسة في إطار الشفافية والمساءلة الكاملة”.
باريس
يتزامن ذلك مع الدعوة الفرنسية المتجددة للحكومة اللبنانية لـ”التحرك سريعاً” من أجل تلبية “تطلعات الشعب”.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنّه “يقع حالياً على عاتق هذه الحكومة التحرك سريعاً من أجل تلبية التطلعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعبّر عنها اللبنانيون منذ عدة أشهر”. وأشارت إلى أنّ المجتمع الدولي “ينتظر إصلاحات عميقة وجريئة من قبل السلطات اللبنانية، خصوصاً في ما يتعلق بالشفافية الاقتصادية، القدرة على التحمّل الاقتصادي والمالي، مكافحة الفساد واستقلال القضاء”.
وذكّرت الخارجية الفرنسية بأنّ “فرنسا تبقى إلى جانب اللبنانيين، كما فعلت دوماً”، مضيفة أنّها تؤكد مجدداً “تمسّكها بسيادة واستقرار وأمن لبنان الذي لا بدّ من فصله عن التوترات والأزمات الإقليمية”.
الدولة مستنفَرة
في اليوم التالي لنيل الثقة، بَدت الدولة مستنفَرة اقتصادياً ومالياً. وضمن هذا السياق، يأتي الاجتماع الذي سيعقد في القصر الجمهوري في بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب ونائب رئيس الحكومة زينة عكر، وزير المالية غازي وزني، وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير.
وبحسب المعلومات، فإنّ الاجتماع سيتناول في البحث الوضع الداخلي بتأزماته الاقتصادية والمالية. أمّا الأساس فهو ما يتعلق باستحقاق سندات اليوروبوند، حيث سيبحث الاجتماع بين خيارين وحسنات وسيئات كلّ منهما: الاول دفع السندات في مواعيدها اعتباراً من 9 آذار المقبل، حيث يتوجّب على لبنان دفع مليار و200 مليون دولار. والثاني عدم الدفع والشروع في مفاوضات مع الدائنين لتأجيل سدادها.
وأشارت المصادر الى انه في ضوء هذا البحث، سيتم اتخاذ القرار في هذا الشأن في مجلس الوزراء، وليس بالضرورة ان يتخذ هذا القرار في جلسة اليوم، مع الاشارة الى انّ الرأي الغالب هو عدم الدفع، الّا اذا حالت اسباب اخرى دون ذلك، وألزَمت لبنان بالدفع.
وعلمت “الجمهورية” من مصادر رئاسة الحكومة انّ الرئيس دياب أصبح لديه تصوّر أولي للواقع المالي والنقدي والخيارات المتاحة، بناء على سلسلة الاجتماعات التي عقدها في السراي في الساعات الاخيرة، وهو أمام 3 خيارات يدرس ارتدادات كلّ منها، وهي:
– الدفع الذي سيؤدي حتماً الى مشكلة نقص في السيولة.
– عدم الدفع يعني إعلان الافلاس default.
– إعادة الجدولة وتبديل السندات (swap)، وهذا يعني ترحيل الدين الذي لن يحل المشكلة. وبالتالي، سيكون امام الاجتماع الرئاسي المالي اليوم في بعبدا اتخاذ أهون القرارت او الاقل سلبية لأنّ الثلاثة موجعة.
وكشفت مصادر مواكبة للمشاورات الحاصلة حول القرار “انّ الخيارات ليست كلها متاحة، وهناك وجهة نظر تُوصي بعدم فصل الاستحقاقات المالية الثلاثة عن بعضها وتقديم حل متكامل لكل استحقاقات الـ2020″.
وفي هذا الاطار ينتظر الرئيس دياب أجوبة من حاكم مصرف لبنان يفترض ان يقدّمها على طاولة الاجتماع المالي اليوم، تتضمن إمكانية إجراء تسوية نتيجة المفاوضات مع المصارف. ورأت المصادر انّ هذا الاجتماع، والذي سيليه جلسة لمجلس الوزراء استكمالاً له، ليس بالضرورة ان يخرج بقرار وربما سيترك الأمر لمزيد من الدرس والتشاور.
وتحدثت المصادر عن وجهة النظر الثانية التي يتم بحثها في الكواليس، والتي تميل الى دفع لحملة السندات الاجانب فقط وقدرها مليار دولار، الدفعة الاولى منها 500 مليون دولار في آذار المقبل.
وقالت مصادر هذا الفريق لـ”الجمهورية”: انّ التخلّف عن دفع الدين الخارجي سيرمي كل الثقة التي بناها لبنان في السنوات الماضية مع المجتمع الدولي في سلة المهملات، وسيعرّض لبنان الى مخاطر عدم إقراضه مجدداً باعتبار انه أعلن الافلاس، بالاضافة الى مخاطر رفع دعوات ضده يمكن ان تؤدي الى وضع اليد على جزء من الاصول والممتلكات تماماً كما يحصل بين الدائن واي مصرف.
وأشارت المصادر الى انّ كلفة استيراد المازوت سنوياً هي 5 مليارات دولار، وبالتالي يمكن التضحية بشهرين استهلاك بدل التضحية بمستقبل لبنان من اجل مليار دولار. وأضافت انّ الحديث عن استشارة ومفاوضات مع صندوق النقد ليس دقيقاً، لأنّ الوقت لم يعد كافياً للتفاوض حول الاستحقاق الاول، اما الثاني والثالث فيمكن الآن التفاوض حولهما باعتبار انّ هذه العملية تحتاج الى مسار طويل من التفاوض أقله شهرين، وبنتيجته يُبنى على الشيء مقتضاه.
دياب بدّل رأيه
الى ذلك، قال مصدر مالي انّ عمليات الضغط التي مارسها اقتصاديون وسياسيون ونواب ووسائل اعلام قد أتت ثمارها لجهة إقناع الحكومة بترجيح كفة بدء التفاوض ووقف دفع استحقاقات الدين، ومنها استحقاق آذار.
وفي المعلومات انّ رئيس الحكومة، وبعد الاستماع الى كلمة احد النواب خلال جلسة الثقة، والذي فَنّد الاسباب الموجبة التي تحتّم عدم دفع استحقاق اليوروبوند في آذار، بَدّل رأيه السابق لجهة ضرورة التسديد. وصارَح بعض الوزراء بالأمر، مؤكداً انه بات يميل الى تبنّي نظرية وقف التسديد وبدء التفاوض فوراً على إعادة جدولة الدين العام.
وفي المعلومات ايضاً، انّ الجهات التي تضغط لدفع لبنان الى تسديد استحقاق آذار قد تكون مستفيدة من الامر، خصوصاً انّ ملكية السندات تغيرت في الفترة الاخيرة، ولم يعد مستبعداً وجود مستثمرين لبنانيين اشتروا السندات بأسعار متدنية ويأملون تحقيق أرباح سريعة من خلال المضاربة.
ويبدو انّ التغيير الذي طرأ على موقف الحكومة لجهة ترجيح تأجيل الدفع، انعكس فوراً على أسعار سندات استحقاق آذار، فهبط سعرها من حوالى 85 سنتاً للسند، الى 74 سنتاً، أي ما نسبته حوالى 14 %.
الدائنون
الى ذلك، أعلنت شركتان ماليتان دوليتان (“غريلوك كابيتال” و”مانجارت ادفيسورز”) انّ مجموعة من الدائنين الدوليين للبنان، تشمل الشركتين، نظّمت “مجموعة نقاش غير رسمية” مع استمرار تفاقم وضع ديون البلاد.
وقال بيان صادر عن الشركتين إنّ المجموعة “ستبدأ تقييم خيارات في شأن كيفية إدارة المُقرضين لتطورات الوضع في لبنان. هذه المجموعة ستسهّل التواصل بين الدائنين المختلفين، وهي على أهبة الاستعداد للانخراط في أي مباحثات مع الجمهورية اللبنانية”.
هذا الموقف يؤشّر الى قرب بدء مفاوضات رسمية بين لبنان ودائنيه لإعادة جدولة الدين، وهذا أمر يدعو الى الاطمئنان، كما يرى خبراء ومتابعون للشأن المالي.
جدولة الدين
وكان مصدر حكومي قد أبلغ وكالة “رويترز” قوله امس: إنّ لبنان سيطلب من صندوق النقد الدولي مساعدة فنية لوضع خطة لتحقيق الاستقرار في ما يتعلق بأزمته المالية والاقتصادية، بما في ذلك كيفية إعادة هيكلة دينه العام.
أضاف المصدر الحكومي: إنّ لبنان يسعى الى مشورة من صندوق النقد الدولي “بشأن ما إذا كان سيسدّد استحقاقات السندات الدولية، في ظل مخاوف من أنّ أي إعادة صياغة لديون لبنان يجب أن تتم بطريقة منظمة لتجنّب إلحاق أضرار بالنظام المصرفي للبلاد”.
وفي وقت لاحق، نقلت “رويترز” عن متحدّث باسم صندوق النقد الدولي قوله: “تلقّينا طلباً من السلطات اللبنانية لتقديم مشورة وخبرة تقنية ونحن جاهزون للمساعدة”.
المصارف
من جهتها، وبعد التزامها الصمت، حذّرت المصارف أمس، عبر بيان وزّعته جمعية المصارف، من تخلّف لبنان عن سداد ديونه الخارجية لأنّ ذلك “يشكّل حدثاً جللاً تتوجّب مقاربته بكثير من الدقة والتحسّب”.
وطالبَ البيان “حمايةً لمصالح المودعين، ومحافظة على بقاء لبنان ضمن إطار الأسواق المالية العالمية، وصوناً لعلاقاته مع المصارف المراسلة وجلّها من الدائنين الخارجيين”، بوجوب “سداد استحقاق آذار في موعده، والشروع فوراً في الإجراءات المطلوبة لمعالجة ملف الدين العام بكامله”.
السراي
والموضوع الاقتصادي والمالي الى جانب موضوع السندات، كان مدار بحث في اجتماع اقتصادي – مالي عقد عصراً في السراي الحكومي، في حضور ممثلين عن البنك الدولي. وجاء هذا الاجتماع استكمالاً للاجتماعات الاقتصادية والمالية السابقة، والهادفة الى وضع خطة اقتصادية ومالية كاملة للمرحلة المقبلة.
عون ودياب
الى ذلك، أكد رئيس الجمهورية امام السلك القنصلي، الذي زاره في القصر الجمهوري في بعبدا أمس، انّ “كل مَن مَدّ يده الى الخزينة سيُحاكم”، معرباً عن “ثقته بأن لبنان سيستعيد عافيته وريادته بعد معالجة اسباب الازمة الراهنة”.
وإذ اشار عون الى ما وصلت اليه الاوضاع، قال: “كلفة الاصلاح اليوم باتت اعلى من السابق. من هنا، فإننا جميعاً مسؤولون عن توعية المواطنين، خاصة في ظل ما نشهده من تعميم المتظاهرين لصفة الفساد على كافة المسؤولين، بحيث انّ أيّاً من الوزراء الذي لم يكن في الحكم او في اي من المواقع العامة في السابق بات في نظرهم سارقاً وفاسداً، وهذا لا يجوز. أضف الى ذلك انّ قسماً كبيراً من المتظاهرين بات يشكل فريقاً راديكالياً رافضاً لأيّ مقترح، بحيث بتنا معه لا نعلم ما الذي سيطلبه بعد وقد لا يعجبه أي من الاجراءات التي ستتخذها الحكومة”.
دياب
في هذا الوقت، كان رئيس الحكومة يَستهلّ ولايته الحكومية بزيارة دار الفتوى ولقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في زيارة هي الأولى له منذ تكليفه تشكيل الحكومة. وعكست أجواء السراي الحكومي، لـ”الجمهورية”، إقراراً من قبل رئيس الحكومة بصعوبة المهمة الموكلة الى حكومته وحساسيتها، وتصميماً من قبله على خوض الامتحان مهما كان صعباً، وتقديم إنجازات سريعة ونوعية تحرف الأزمة الراهنة عن مسارها الانحداري في الاتجاه الذي يضعها على سكة العلاج الصحيح والمطلوب.
وبحسب هذه الاجواء، فإنّ رهان الحكومة الاساسي هو على خطوات إنقاذية “مدروسة”، ستتضمّنها خطة الطوارىء التي أشار اليها رئيس الحكومة في البيان الوزاري، والتي وُضعت عناوينها العريضة على ان تنجز قبل نهاية الشهر الجاري، لتليها سريعاً فترة التطبيق العملي لها، أمّا النتائج الملموسة فستظهر في مدى غير بعيد. ومن شأن سلوك الحكومة هذا المنحى، أن يؤدي، ليس فقط الى طمأنة اللبنانيين الى مستقبلهم ويعزّز ثقتهم بها، بل الى إرسال رسالة ايجابية الى المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية حول جدية وصدقية توجّه الحكومة اللبنانية الى معالجة الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان، وهو الامر الذي يعدّل بالحد الأدنى النظرة الدولية تجاه لبنان من سلبية الى إيجابية.
عين التينة
وفيما استمر النقاش حول نصاب افتتاح جلسة الثقة، عكست أجواء عين التينة ارتياحاً بالغاً لرئيس المجلس، لانتهاء استحقاق الثقة، وفي جلسة هي الأقصر في تاريخ جلسات مناقشة البيانات الوزارية.
وبحسب هذه الاجواء، فإنّ الرئيس بري يعتبر انّ صفحة الثقة قد انتهت، وبالتالي فتحت صفحة جديدة أمام الحكومة، عنوانها الانصراف الكلي الى التصدي للوضع المالي بالدرجة الاولى، بما يطمئن اللبنانيين والمودعين. وبقدر ما انّ الثقة النيابية مهمة، فإنّ ثقة الناس بالحكومة وبإنجازاتها، توازيها وربما أكثر.