كتبت صحيفة “اللواء ” تقول : يناقش مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية عند العاشرة من صباح غد في قصر بعبدا، جدول أعمال وصف ”بالفضفاض” من دون إسقاط الاجتماعات المالية، التي تدور حول فلك واحد، يكاد يعصف بما تبقى من استقرار وصدقية مؤسسات، وحتى قبول دولي وعربي وهو استحقاقات سندات “اليوروبوند” المتتالية، من آذار إلى تموز من هذه السنة..
ولفتت مصادر وزارية لـ”اللواء” الى ان هناك خطة سيصار الى اعتمادها لمعالجة استحقاق سندات اليوروبوند اذ اي خيار سيعتمد يستدعي قيام خطة واكدت ان اي قرارات تنفيذية تحتاج حكما الى مجلس الوزراء.
واكدت المصادر ان خيار جدولة الدفع هو اكثر الأحتمالات ترجيحا، معتبرة انه لا بد من انتظار موقف الجهات الدائنة حيال قرار الدولة اللبنانية.
وكشفت مصادر معارضة ان هذا التوجه يترافق مع خطط لجدولة الدين، بالتوازي مع خطط للتقشف.
واستبق الرئيس حسان دياب اجتماعه مع وفد صندوق النقد الدولي غداً لبحث مسألة المساعدة التقنية، بلقاء مع وفد من مؤسّسة التمويل الدولية (وهي عضو في البنك الدولي) تهتم بتمويل مشاريع إنمائية بالتعاون مع القطاع الخاص، وتركز البحث في تمويل مشاريع إنمائية لقطاعي النقل والمطار.
وبالموازاة، تبحث لجنة المال والموازنة النيابية في حضور وزير المال وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف، مسألة استحقاق اليوروبوندز، في وقت رأت فيه وكالة “فيتش” ان إعادة هيكلة دين الحكومة قد يأخذ اشكالاً مختلفة، والمفاوضات مع حملة السندات قد تكون معقدة..
وسط حالة الانتظار هذه، كشفت مصادر دبلوماسية “شرقية” لـ “اللواء” ان الحكومة الجديدة تحت مجهر المراقبة الإقليمية والدولية، انطلاقاً من الحرص على عدم انجرار الوضع اللبناني إلى التوتير أو التفجير نظراً للانعكاسات السلبية الكبيرة على مجمل الأوضاع في المنطقة.
واتهمت المصادر الولايات المتحدة الأميركية، من دون ان تسميها مباشرة، بالتدخل لحرف أهداف الحراك عن الوجهة الأساسية، بما هي حركة احتجاج على الأوضاع المعيشية والمالية السيئة.
وإذ أكدت المصادر دعمها لحكومة الرئيس دياب، حذّرت من بطء المعالجة، والدوران في الحلقة المفرغة، مشيرة الي ان التأخير باتجاه إجراءات تطبيقية، من شأنه ان يجعل الإجراءات بلا جدوى ذلك لأن لبنان، كالمريض، في غرفة العناية الفائقة، في سباق مع الشفاء وتدهور وضعه.
مجلس وزراء غداً في بعبدا
ومع ترقب وصول وفد صندوق النقد الدولي الى لبنان عصر اليوم، واصل رئيس الحكومة حسان دياب لقاءاته مع المعنيين بمعالجة الازمة المالية ومسألة سداد سندات اليوروبوند، حيث التقى امس، وفد مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، في حضور وزراء: الاقتصاد راوول نعمه، والصناعة عماد حب الله، الاشغال العامة والنقل ميشال النجار، والطاقة ريمون غجر والأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، وخصص لموضوعي النقل والمطار، على ان تُعقد اجتماعات لاحقة لقطاعات الكهرباء والاتصالات، وسط تأكيد على تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص. فيما يعقد مجلس الوزراء جلسة له قبل ظهر غدٍ في القصر الجمهوري وعلى جدول اعماله حسبما ذكرت مصادر رسمية لـ”اللواء” 32 بنداً إجرائياً لكن الاهم فيها، بند وضع خطة الطواريء الانقاذية اوالخطة التنفيذية للبيان الوزاري ضمن المائة يوم، حيث يفترض وضع خطة اوبرنامج بالعناوين العامة والاولويات وبعض الامور والخطوات التنفيذية.
وفهم ان اجتماعاً مالياً قد يسبق الجلسة غداً أو يليها، مماثل للاجتماع الذي عقد الخميس الماضي في قصر بعبدا.
وكشف بعض الوزراء ان التكتم على جدول أعمال الجلسة تمّ بناءً لطلب الرئيس دياب، الذي عقد اجتماعاً مسائياً، بعيداً عن الإعلام في إطار البحث عن الموقف الرسمي من مسألة استحقاقات سندات “اليوروبوند”، ضم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزير السابق كميل أبو سليمان وعدداً من ذوي الخبراء والاختصاص في المسائل المالية والنقد.
وقالت مصادر وثيقة الصلة بدوائر السراي الحكومي ان الاتجاه بات شبه أكيد لعدم دفع مستحقات “اليوروبوند” والتوجه إلى إعادة جدولة أو إعادة هيكلة الدين، الأمر الذي يفرض مفاوضات بين الحكومة والدائنين.
وأكدت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني هذا التوجه في تقرير لها بعد تحليل ميزانية مصرف لبنان، إذ أعلنت ان ”وضع لبنان المالي يُشير إلى إعادة هيكلة للدين، لكنها لفتت إلى ان إعادة هيكلة دين الحكومة قد يأخذ اشكالاً مختلفة والمفاوضات مع حملة السندات قد تكون معقدة”.
وفي تطوّر لافت يُعزّز هذا التوجه الرسمي وان كان غير نهائي بعد، رأى الرئيس فؤاد السنيورة، الذي شغل على مدى سنوات منصب وزير للمالية، ان على الحكومة اللبنانية ان لا تسدد سندات “اليوروبوند” المستحقة في 9 آذار المقبل بشرط التفاوض مع الدائنين حول خطة إصلاحية يمكن ان تعيد الثقة بلبنان.
وقال السنيورة خلال دردشة مع مجموعة من الصحافيين، من بينهم “اللواء”: “لو كنت وزيرا للمالية لما كنت سددت ديون اليوروبوند المستحقة في آذار بل لقمت بذلك بطريقة منظمة على قاعدة التفاوض مع الدائنين لإعادة جدولة وهيكلة الديون، ولكن لاستعادة الثقة بلبنان يجب على الحكومة تقديم خطة إصلاحية كاملة والعمل على تطبيقها”.
ورأى أنّ “قرار عدم الدفع من دون أن يكون مترافقاً بخطة إصلاحية يُعدّ جريمة”.
ودافع السنيورة عن خطوة اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، وقال: “هناك سعي لشيطنة صندوق النقد الدولي، إلا أنّه هو الوحيد القادر على إعادة الثقة بلبنان في وقت فقد المجتمع الدولي الثقة فيه، ولا سيّما في ظل انهيار النظام المصرفي الذي كان دعامة لبنان على مدى سبعين عاما”.
ويعقد وفد صندوق النقد اجتماعين غداً الخميس، الأول مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والثاني مع لجنة الرقابة على المصارف في الثانية عشرة ظهراً، كما يعقد لقاء مع الرئيس دياب ووزير المالية غازي وزني، كما يزور الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، في اطار ما وصف “المشورة التقنية”، للبحث في استحقاق اليوروبوند، وتستمر مهمة الوفد اسبوعا او اكثر، وسط مؤشرات واضحة تتجه الى تأجيل الدفع وترجيح جدولة الدين العام او إعادة هيكلته.
ونقلت محطة “ام تي في” عن مصادر صندوق النقد قولها ان “الصندوق سيقدم تساؤلات وإقترحات في الكهرباء والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وان لبنان طلب الدعم الفني لا أكثر.
هبوط الأسعار
وكانت وكالة “بلومبيرغ” قد كشفت ان سندات “اليوروبوند” اللبنانية سجلت انخفاضاً قياسياً، حيث هبطت إلى ما أقل من 35 سنتاً للدولار.
وفي معرض تعليقها على الوضع المالي والاقتصادي الذي وصلت إليه البلاد، انتقدت الوكالة الأميركية سياسيي لبنان، مشيرة إلى ان هؤلاء يخشون من ان يطالب صندوق النقد الدولي زيادة الضرائب وتحرير سعر صرف الليرة الثابت منذ التسعينيات، ولفتت إلى ان حجم الدين السيادي يزيد عن 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، إذ يحتل لبنان المركز السادس عالمياً لجهة أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي، والمستثمرون الأجانب يدرسون احتمال تخلف الدولة عن سداد ديونها.
وفي سياق متصل، كشفت معلومات ان عدداً من المصارف اللبنانية باعت حصتها من سندات “اليوروبوند” إلى جهات ومؤسسات مالية خارجية، قبل هبوط هذه الأسعار، مما استدعى ردوداً سياسية ومخاوف من ان تكون هذه الخطوة جزءاً من ضغوط المصارف على الدولة في عملية التفاوض لتسديد الديون الخارجية.
ومن أجل ذلك، طلبت وزيرة العدل ماري كلود نجم من النائب العام التمييزي غسان عويدات، أن يوجه إلى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، كتاباً يطلب فيه من الهيئة إيداعه كل المعلومات المتوافرة لديها عن عمليات متعلقة بسندات اليوروبوند جرت في الأيام الماضية، وذلك لتبيان حقيقة ما يتم التداول به في الإعلام من أنّ بعض المصارف اللبنانية وضعت سنداتها باسم بعض المؤسسات خارج لبنان لتمارس على الدولة ضغوطاً في عملية التفاوض معها لتسديد المستحقات.
كذلك، طلبت وزيرة العدل من النائب العام التمييزي إجراء المقتضى اللازم ومراسلة هيئة الرقابة على الأسواق المالية في لندن لتبيان الحقيقة في موضوع حجم التداول بالسندات اللبنانية القصيرة الأجل، الذي تضاعف عشرات المرات من خلال صندوق اشمور، ما يطرح تساؤلات يجب إيضاحها.
لكن مصدراً مصرفياً أوضح ان المصارف هدفت من بيع حصتها من سندات “اليوروبوند” إلى التصدّي لازمة السيولة التي تواجهها، وبالتالي باعت السندات بخسارة 50 في المائة من قيمتها، مشيراً إلى ان الخطوة دليل على أرباح المصارف بفعل إرباك الوضع العام الناتج عن إرباك الحكومة.
لاءات حزب الله
من جهة ثانية، كشفت معلومات خاصة بـ”اللواء” ان “حزب الله” حدّد لاءات سبقت قرار الحكومة الاستعانة بصندوق النقد وهي:
1- رفض خصخصة املاك الدولة بالمطلق واعتماد الخصخصة الجزئية لبعض الأملاك واعتماد سياسة الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص.
2- إعادة هيكلة القطاعين المالي والمصرفي يجب ان لا تتحض القوانين اللبنانية، تحديداً لجهة فرض قيود على بعض اللبنانيين تحت تصنيفات طائفية ومذهبية، واللافت هنا ان المداولات الأخيرة بشأن وضع الليرة شهدت شبه اتفاق بين معظم القوى على تثبيت سعر الصرف على 1850 ليرة للدولار الواحد في كل الأسواق لكسر الاحتكار في السوق السوداء.
3- من غير المسموح ان يتدخل صندوق النقد بمسألة الحدود بين لبنان وسوريا، تحت حجة مراقبة المعابر الشرعية وغير الشرعية بين البلدين، نظراً إلى ان خلفية الموضوع تتعلق بمحاولة مراقبة خط محور المقاومة الممتد من لبنان إلى إيران.
4- رفض أي شكل من اشكال فرض صندوق النقد اجراء تغييرات في القوانين التشريعية والسياسة العامة للبنان، أو التدخل لفرض انتخابات نيابية مبكرة، إذ يتخوف الحزب من ان يكون الهدف من هذا الطرح الإفادة مما يقال عن التململ في الشارع الشيعي لخرق الثنائي في المجلس النيابي ومحاولة فرض رئيس مجلس جديد غير الرئيس نبيه برّي.
غير ان مصدراً مالياً أوضح ان صندوق النقد ليس في مهامه تحديد خيار لبنان بدفع سندات “اليوروبوند”، وان جل ما في الأمر ان الوفد سيقترح كيفية مد لبنان بالدعم المطلوب، لا سيما في ما خص تعزيز احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية وموازنة ميزان المدفوعات، في حين أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون المستشار البريطاني الأعلى للدفاع في شؤون الشرق الأوسط الجنرال جون لوريمير الذي زار قصر بعبدا والسراي واليرزة أمس، ان صندوق النقد سوف يقدم خبرته في الخطة التي ستعتمد في معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي يُعاني منها لبنان، وقال ان الأوضاع المضطربة في عدد من دول الشرق الأوسط عموماً وفي سوريا خصوصاً اثرت سلباً على الأوضاع في لبنان، وسوف نعمل على الحد من تداعياتها على الواقع اللبناني”.
الشهيد الثالث للانتفاضة
وعلى صعيد الحراك، شيع عقب صلاة ظهر أمس في بلدته تل حيات العكارية الشاب أحمد توفيق المعروف ”علوش”، الذي اعتبر الشهيد الثالث للانتفاضة، وهو كان توفي قبل يومين متأثراً بجروح اصيب بها في احداث شارع الجميزات في طرابلس، بعد عشرة أيام من انطلاقة انتفاضة 17 تشرين، وبقي يعالج على مدى الشهور الثلاثة الماضية من رصاصة في بطنه.
وتم التشييع بمواكبة مجموعة من شباب الحراك الذين طالبوا قائد الجيش بتحقيق شفاف يوضح ملابسات الحادث.
ومساءً قام رفاق الشهيد “علوش” بإضاءة الشموع في ساحة الشهداء عن روحه، بالتزامن مع مسيرة انطلقت من ساحة الشاعر خليل مطران في بعلبك باتجاه السوق التجاري، وحمل المشاركون فيها الشموع والإعلام اللبنانية، كما سجلت وقفتان في كل من حاصبيا وساحة العلم في صور تحية لروحه، تخللهما تلاوة للنشيد الوطني ودقيقة صمت واضاءة شموع.
يُشار إلى ان رفق علوش كانوا قطعوا طريق البحصاص في طرابلس لبعض الوقت وكذلك جسر “الرينغ” في بيروت، واوتوستراد جونية ليل أمس الأوّل تعبيراً عن غضبهم لوفاة زميلهم في الحراك