كتبت صحيفة “النهار” تقول: ستتحمل حكومة اللون الواحد عبء صراعات أهل البيت الواحد. لم يدع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى حفل اطلاق العمل لبدء الاستكشاف النفطي أمس. كان الاحتفال رئاسياً بامتياز، وتبع الرسالة الرئاسية التي وجهها الرئيس ميشال عون الى اللبنانيين أول من أمس، معطوفة على تغريدة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أمس، ليحجب دور الرئيس بري الذي يعتبر نفسه “حامي الحمى” في ما خص الدفاع عن حدود لبنان البحرية، والمكلف من “حزب الله” ادارة هذا الملف مع الموفدين الاميركيين الذين توالوا على زيارة لبنان. وانطلاق الاعمال من دون دعوة بري ولّد استياء في عين التينة، لا بد ان يترجم في الاستحقاقات المقبلة، وأولها ربما ملف التعيينات الذي يبحث مجلس الوزراء في جلسته اليوم، في الاليات التي يجب ان تنسحب على هذا الملف الذي سيثبت قدرة الحكومة على المضي باصلاحات الحد الادنى التي تظهر للمجتمع الدولي جدية التعامل مع الملفات المقبلة.
وفيما بدأت ملامح اشتباك سياسي بين الرئاستين الاولى والثانية على خلفية التشكيلات القضائية ترتسم في الأفق، لا تخفي أوساط وزارية الأهمية التي تعلقها الحكومة على التعيينات الادارية، خصوصاً تلك التي يترصدها المجتمع الدولي بعين الدقة والترقب، ولا سيما منها تلك المرتبطة بتعيين أعضاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء. وتبرز الأوساط ضرورة ملء الشواغر في هذا المجال، طبقا لما حاولت الحكومة الايحاء به في جلستها الأولى. ذلك أن الدول المانحة تقيم ارتباطاً وثيقاً بين المساعدات الموعودة لبيروت والشفافية في ملف الكهرباء، علما أن أوساطاً ديبلوماسية تذهب إلى حد اعتبار العودة إلى خيار البواخر مرادفاً للصفقات المشبوهة.
وأشارت أوساط عبر “المركزية” إلى ضرورة أن تبادر الحكومة إلى تعيين هيئة جديدة لإدارة قطاع النفط بكثير من الشفافية، وبعيداً من السجالات السياسية المعهودة، خصوصاً تلك التي باتت مزمنة على خط بعبدا- عين التينة.
وفي هذا المجال، تبدو الأوساط حريصة على تأكيد عزم حكومة الرئيس حسان دياب على تسجيل هذا الهدف في مرمى المشككين في قدرتها على تأمين المساعدات المطلوبة للبنان، كاشفة أن الوزراء رفضوا الركون إلى مبدأ المحاصصة المعتادة و”التنفيعات” وحشو الأزلام. وتوضح أنه من خلال هذه المقاربة غير المسيّسة، في الشكل وحتى اللحظة على الأقل، ترمي الحكومة إلى تـأكيد جديتها في وضع القطار الاصلاحي على السكة تحت أنظار “الثورة” من جهة، والشركاء الدوليين من جهة أخرى. وهي تتجه في ضوء هذا المسار إلى إجراء مسح إداري شامل لاستكشاف الحاجات الفعلية للإدارة، بعدما وقعت السلطة في فخ سلسلة الرتب والرواتب بفعل غياب الأرقام الواضحة لحجم التوظيف في الدولة وأروقتها.
وفي الانتظار، ترجح الأوساط الوزارية أن تبادر الحكومة إلى تعديل آلية التعيينات الادارية التي يعمل بها منذ العام 2010 بما يتماشى ومطالب “الثورة”.
وكان رئيس الجمهورية رعى ميدانياً أمس، بدء باخرة التنقيب عن النفط “تانغستن اكسبلورر” الحفر في “البلوك 4?، وحوله رئيس الوزراء حسان دياب، ووزير الطاقة والمياه ريمون غجر، ورئيس منطقة الشرق الاوسط وافريقيا لشركة “توتال” ستيفان ميشال، والمدير العام لشركة “نوفاتك لبنان” سلافا ميشين، ومدير قطاع الاستكشاف في شركة “إيني” اندريا كوزي، ورئيس هيئة قطاع النفط وليد نصر، وعدد من مسؤولي الشركات الاجنبية الثلاث.وقد حط عون على سطح الباخرة في طوافة خاصة لـ”توتال”، حيث جال ودياب وغجر ومسؤولي الشركات الاجنبية في ارجائها، واستمع الى شرح مفصل عن طريقة عملها وعملية التنقيب.
والقى نصر كلمة عرض فيها مراحل الإعداد لهذا اليوم، مؤكداً “ان هيئة البترول قامت بكل المهمات التي كان عليها القيام بها”. وأفاد “أن الحفر سيبدأ بعد يومين كي نصل الى 4100 متر من سطح المياه. وسيكون على السفينة ممثلون للهيئة والجيش اللبناني والامن العام والجمارك كي نتابع جميعاً اعمال الحفر بشكل يومي. كما ان شركة توتال ستقدم تقريراً يومياً الى هيئة البترول عن عملية الحفر وسبل اتمامها ونتائجها”.
وقال دياب: “انه يوم تاريخي نبدأ فيه الحفر في البحر لتحويل لبنان بلداً نفطياً”.
ورأى عون انه “يوم سعيد لنا ولكل اللبنانيين. ونأمل ان يتحقق هذا الحلم الذي حلمنا به وعملنا على تحقيقه. اليوم هو يوم تاريخي، فبداية اي مشروع كبير تعتبر بداية تاريخية”.
ويذكر انها ليست المرة الأولى يفتح لبنان موضوع التنقيب عن النفط، ذلك أن التوقّعات لاحتمال وجوده تعود الى منتصف الأربعينات من القرن الماضي، عندما بدأت محاولات حفر بئر تجريبية في المنحدر الغربي لجبل تربل شمالا. وجرت تجارب حفر لاحقة نفّذتها شركة “غيتي أويل” عام 1953، في يُحمر وسحمر (البقاع الغربي)، كما حفرت إحدى الشركات الألمانية عام 1960 لحساب الشركة اللبنانية للزيوت بئراً في منطقة القاع الى عمق 2557 متراً. وتولت شركة إيطالية هذه المرة لحساب الشركة اللبنانية للزيوت عام 1963 حفر بئرين إحداهما في منطقة تل ذنوب والأخرى في منطقة سُحمر البقاعية.