فاقم الانتشار المتسارع لفيروس كورونا من حدة الخسائر التي تعرضت لها الأسواق، سيما أسواق الأسهم والسلع، فمنذ 20 يناير الماضي، وتحديدا عند إعلان الصين عن أول حالة وفاة، استسلمت الأسواق للرعب الذي بدأ يجتاح العالم ففقدت نتيجتها أسواق الأسهم ما يقارب ثلاثة تريليونات دولار.
وتبع ذلك انتعاشة بسيطة في أسواق الأسهم، ثم بدأت موجة الهبوط الجديدة، مع تسارع انتشار الفيروس في كوريا الجنوبية وإيطاليا، والتحذيرات التي تبعتها من مركز مكافحة الأمراض الأميركي، لتتجاوز خسائر الأسواق في المجمل نحو ستة تريليونات دولار.
وتكبدت الأسواق الأميركية أعنف الخسائر، فمنذ 20 يناير وحتى نهاية فبراير فقد مؤشر داوجونز أكثر من 13%، في حين فقد ستاندرد آند بورز أكثر من 11 في المئة.
وسجلت المؤشرات في آخر أسبوع من فبراير أسوأ أداء أسبوعي لها منذ عام 2008، ونتيجة لذلك دخلت المؤشرات الأميركية فيما يعرف بعملية التصحيح .
وتكبد مؤشر داوجونز، الأسبوع الماضي، خسائر تجاوزت في المجمل 3500 نقطة، وكان أعنفها تعاملات الخميس والتي تعرض فيها المؤشر لأكبر خسائر يومية في تاريخه.
ولم تقتصر الخسائر على الأسواق الأميركية، فمؤشر شنغهاي المركب تراجع خلال الفترة بأكثر من ستة في المئة، ونيكاي الياباني 12 في المئة، ونفس النسبة تقريبا لمؤشر STOXX600
الهلع الذي أصاب الأسواق ترجمه مؤشر الخوف (فيكس) الذي قفز 231 في المئة، وسجل أعلى مستوى له منذ فبراير 2018، وتحديدا مع أزمة الرسوم الجمركية الأميركية.
هناك مجموعة عوامل أبرزها تأثير الفيروس على النمو الصيني، فالصين تمثل 16 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي، وتساهم بثلث النمو الاقتصادي العالمي، كما أنها تستحوذ على ثلث الصناعة العالمية، وهي لاعب رئيسي في التجارة العالمية.
أما العامل الثاني فيتمثل في القلق حول سلاسل التوريد، فكما ذكرنا الصين مركزا لعدد كبير من الأنشطة الصناعية، وبحسب آخر البيانات تراجع النشاط الصناعي الصيني خلال فبراير بأعلى وتيرة على الإطلاق، مع توقف ثلثي أنشطة الاقتصاد عن العمل.
ونتيجة لما سبق توقع غولدمان ساكس أن لا تحقق الشركات الأميركية نموا في أرباحها خلال العام الجاري، مما يعد عاملا إضافيا ساهم في هبوط الأسواق، ودفع المستثمرين لقنوات استثمارية بعيدا عن الأسهم.
كما أن انتشار الفيروس كبد مجموعة من القطاعات خسائر فادحة، في مقدمتها قطاع الطاقة والتعدين، فخسائر برنت تجاوزت 24 في المئة منذ بداية العام الجاري.
ومن القطاعات الأخرى التي تضررت قطاع السياحة والسفر، وقطاع السيارات، وقطاع النقل البحري.
أمام هذا المشهد كله بدأت مجموعة من التساؤلات حول الخيار الاستثماري الأمثل في 2020، فالدولار حظي باهتمام كبير هذا العام، وصعد بنحو 2 في المئة، واقترب من أعلى مستوياته في ثلاث سنوات.
في حين ارتفعت أونصة الذهب بأكثر من أربعة في المئة، وصعد مؤشر السندات الحكومية بأكثر من 2 في المئة، وهذا دليل واضح على توجه المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، فمؤشر الأسهم العالمية تراجع بأكثر من سبعة في المئة، ومؤشر السلع هبط بنسبة 12 في المئة في أول شهرين من 2020.