كتبت صحيفة “نداء الوطن ” تقول : وكأنّ لبنان “مكتوب على جبينه” أن يعيش أبد الدهر بين فكّي كماشة: بلاء الأعداء وشقاء الأشقاء. بالأمس، وبينما الحدود الجنوبية كانت تنام ملء جفونها على وقع حصانة “العداوة” التي تحول دون تسلل فيروس كورونا من إسرائيل إلى الداخل اللبناني، لم تنفع في المقابل ”صفارات الإنذار المبكر” وكل المناشدات الوطنية لمنع تسلل الكورونا الإيراني إلى لبنان حتى كاد أوائل المطالبين بوقف الرحلات الجوية بين طهران وبيروت أن يُتهموا بالتآمر والعمالة، لولا أن استلحقت الحكومة ماء وجهها فبادرت مكرهةً إلى إخراج هذه الرحلات عن خط الملاحة السياسية لكن بعد أن فات الأوان وانتقلت البلاد من دائرة الاحتواء إلى مرحلة التفشي والانتشار.
واليوم، الخوف يتصاعد والهلع يتضاعف من تكرار سيناريو “الكورونا الإيراني” نفسه مع ”الكورونا السوري” الآخذ بالتمدد في بلاد الشام مع ما يختزنه ذلك من مضاعفات مضاعفة للفيروس في لبنان تحت وطأة حركة نزوح السوريين المتغلغلة بين اللبنانيين في مختلف المناطق والمحافظات… فهلا سارعت السلطة اللبنانية هذه المرة إلى التحرّر من “عقدة نقص المناعة” إزاء محور الممانعة وأن تولي الأولوية، ولو “لمرة وحيدة غير قابلة للتمديد”، إلى مصلحة شعبها فتبادر من تلقاء كرامتها الوطنية إلى قطع الطريق على الفيروس القاتل الوافد إلى اللبنانيين عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية مع سوريا، أم أنّ هذه السلطة ستبقى “ساقطة عسكرياً” في قبضة “وحدة المسار والمصير” في السراء والضراء… والوباء؟!
فالأنباء الواردة من سوريا تشي بأنّها تسير على خطى إيران في اتباع سياسة المكابرة والتكتم عن إصابات “كورونا” منذ بدايات رصده، ما فاقم من حدة انتشاره في المحافظات الإيرانية، ويفاقم اليوم من تفشيه في المحافظات السورية، لا سيما في دمشق وطرطوس واللاذقية وحمص، حسبما نقلت مصادر طبية عدة داخل مناطق نفوذ النظام السوري الذي، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أوعز لأطباء المستشفيات في هذه المحافظات بضرورة التكتم والامتناع عن تأكيد انتشار الكورونا لديهم، وسط معلومات ميدانية متواترة في البقاع نقلها سوريون قادمون إلى لبنان عبر نقطة المصنع، تفيد بأنّ الفيروس انتشر على نطاق واسع على الأراضي السورية وبعض المصابين به فارقوا الحياة، بحيث يتحدث هؤلاء عن أنّ مستوى الإصابات في سوريا بلغ بحسب التقديرات غير الرسمية أكثر من ألفي مصاب، وأضحت حصيلة الوفيات بالعشرات ممن يصار إلى تحديد سبب وفاتهم في التقارير الطبية بـ”الإلتهاب الرئوي”.
وتزامناً، سجل لبنان خلال الساعات الأخيرة أول حالة وفاة ناتجة عن الإصابة بفيروس كورونا بينما ارتفع عدّاد الإصابات إلى 52 مصاباً، 3 منهم وضعهم مصنّف بالـ”حرج”، في وقت بدأت سرعة انتشار الفيروس تخوض سباقاً محموماً مع القدرة الإستيعابية لمستشفى رفيق الحريري الجامعي الذي استنفد 50% منها، الأمر الذي حتّم إعلان حالة الطوارئ الاستشفائي والمسارعة إلى تجهيز أقسام مخصصة للحجر الصحي في مستشفيات أخرى، واعتماد مختبرات جامعية جديدة لإجراء فحص “الكورونا” بغية تخفيف الضغط عن مختبر المستشفى الحكومي الذي شارف هو الآخر على استنفاد قدرته الاستيعابية.
ولأنّه أصبح هناك داعٍ للهلع… استحوذ موضوع انتشار الكورونا على الحيّز الأكبر من مداولات مجلس الوزراء أمس، “فكان استعراض للإجراءات المتخذة والواجب اتخاذها لمواجهة تفشي الفيروس”، حسبما نقلت مصادر وزارية لـ”نداء الوطن”، موضحةً أنّ “وزير الصحة حمد حسن قدّم مداخلة مسهبة أمام الحكومة وأجاب على جملة من الأسئلة والاستفسارات، ليتركّز النقاش على تداعيات وقف الرحلات الجوية من والى لبنان، مع المحافظة على تأمين خطوط استقبال المواطنين الراغبين بالعودة من الدول التي تحظر السفر إلى لبنان. وخلص النقاش إلى الاتفاق على أنّ أي قرار بوقف رحلات الطيران يجب أن يتخذ بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، والاكتفاء راهناً بوقفها مع الدول الموبوءة مع استثناء اللبنانيين العائدين الى لبنان، كما تم الاتفاق على تكثيف الاجراءات الاحترازية من فحوصات وحجر طبي وتعزيز قدرات المستشفيات الحكومية، على أن يتم التواصل مع المستشفيات الخاصة للنظر في مدى جهوزيتها لمواجهة تطورات انتشار الفيروس”.
وعلى هذا الأساس، أكدت المصادر أنه “سيصار فوراً إلى تعزيز وتطوير المستشفيات الحكومية من خلال اقتطاع جزء من قرض مقدّم من البنك الدولي، وتخصيص مستشفيات حكومية بأكملها لاستقبال مصابي الكورونا”، مع إشارتها في هذا المجال إلى “تفويض وزير الصحة تفعيل وتعزيز الكادر البشري في المستشفيات الحكومية، في ضوء اتخاذ مجلس الوزراء قراراً بتحرير ثلاثة ملايين دولار من قيمة قرض البنك الدولي، لتمويل شراء معدات طارئة للمستشفيات الحكومية بصورة عاجلة
الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن : الكورونا السوري”… حذارِ “وحدة المسار والمصير”! رقعة “الانتشار” تتّسع… وسعة المستشفيات تضيق!