حذرت صحيفة “ذا ناشيونال انترست” الأميركية من وقوع الاقتصاد الأميركي “ضحية” لفايروس كورونا، مع ارتفاع التوقعات بركود اقتصادي قد يجعل من الدين العام والعجز يرتفعان “بسرعة صاروخية”.
وأشار مقال نشرته الصحيفة إلى أنه مع “حمام الدم الذي شهدته وول ستريت بعد حرب أسعار النفط بين روسيا والسعودية والركود المستحق منذ فترة طويلة، تواجه أميركا عاصفة محتملة من الممكن أن تغرق الاقتصاد في الركود خاصة مع بداية ظهور التأثير المميت لفيروس كورونا”.
وأضاف دانييل .ل. دافيز كاتب المقال أنه “مع كل السوء الذي قد تظهر عليه الأمور على المدى القريب، فإن الأخطار المحيطة بالبلاد على المدى البعيد ستكون أكثر سوءا بكثير”.
ونقل المقال عن ريتشارد هاتشيت، الرئيس التنفيذي للتحالف من أجل التأهب للوباء، الذي تم تعيينه من قبل الحكومة البريطانية للمساعدة في تطوير لقاح، قوله إن كورونا هو “أكثر الأمراض المخيفة التي واجهتها في حياتي المهنية”، مضيفا “ذلك يشمل إيبولا وميرس (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) وسارس (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد)”.
ويذهب المقال إلى أبعد من ذلك، فينقل عن باحثين من الجامعة الوطنية الأسترالية قولهم إن “التقديرات تشير إلى وفاة 236 ألف شخص بسبب الفيروس في عام 2020″، كما تقدر الخسائر المالية بـ”1.7 ترليون دولار”.
ويقول المقال إنه “إذا كان فيروس كورونا الأزمة الوحيدة التي تصارعها البلاد فإن الوضع سيكون مثيرا للقلق، لكن لسوء الحظ، فإن هناك العديد من التهديدات الرئيسية الأخرى التي ترافق تهديد كورونا”.
ويتابع “يوم الاثنين أغلق مؤشر داو جونز على انخفاض بأكثر من 2000 نقطة، بشكل هو الأسوأ منذ الأزمة المالية عام 2008″، مضيفا “السوق كان مرتعبا من التأثير السلبي العالمي لفيروس كورونا وخسر أكثر من 4700 نقطة منذ الثاني من يناير”.
لكن، يستدرك كاتب المقال “هذا هو الانخفاض الأكبر الذي يسجل بيوم واحد، كما أن أسعار النفط انخفضت بشكل هو الأكبر – الذي يسجل خلال يوم واحد- منذ عام 1991.
ويعزى هذا الانخفاض إلى فشل المسؤولين السعوديين والروس في التوصل إلى اتفاق على مستويات الإنتاج على ضوء انخفاض الطلب العالمي على النفط بسبب فايروس كورونا.
ويقول الكاتب “بالنسبة لأغلب الشركات النفطية الأميركية، فإن على النفط أن يباع بسعر 40 دولارا للبرميل من أجل تحقيق أرباح”، بينما انخفض سعر النفط يوم الاثنين إلى 32 دولارا للبرميل الواحد، وهناك توقعات بالانخفاض أكثر.
ويضيف المقال إن “الاقتصاد الذي سيكون مقيدا بتدابير مكافحة فيروس كورونا، والضربة التي سيتلقاها منتجو النفط في الولايات المتحدة”، ستؤذي اقتصاد الولايات المتحدة الذي يقول الخبراء إنه “مستعد للركود”، مضيفا “قد تكون التكلفة على الولايات المتحدة مدمرة”.
ويستشهد المقال بارتفاع نسبة الدين العام الأميركي مقابل الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 107 بالمئة، مقابل 30 بالمئة في عام 1981.
ويبلغ الدين المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الآن نحو 23 ترليون دولار.
ويقول المقال إنه بحلول عام 2025، “يمكن أن يساوي (قسط) سداد الديون وحده ميزانية الدفاع بالكامل”.
وحمل الكاتب “الجمهوريين والديمقراطيين” في الإدارات المتعاقبة مسؤولية تراكم الديون من خلال “التقاعس” عن حل هذه المشكلة، مضيفا أن “العديد من التحذيرات الواضحة أطلقت، عاما بعد عام، في حين سلك السياسيون الطريق الأسهل حتى لا تتضرر فرص إعادة انتخابهم.
ويضيف الكاتب “لكي نكون منصفين، فإن الخوف من فقدان الوظيفة، والذي يشترك فيه العديد من أعضاء الكونغرس، وأعضاء مجلس الشيوخ، والرؤساء، لا يفتقر إلى أساس، إذ غالبا ما تكلفهم السياسات التي من شأنها أن تثير عدم راحة الناخبين الاقتصادية على المدى القريب، غاليا في يوم الانتخابات”.
وينتقد الكاتب “البيئة السياسية في واشنطن بعد محاكمة الرئيس” مؤكدا إنها “بنفس السوء الذي كانت عليه منذ الحرب الأهلية”، مؤكدا “يبدو أن كلا الطرفين عازمان على استخدام أي قضية تنشأ كسلاح لهزيمة خصومهم بدلا من محاولة حل المشكلات التي تؤثر علينا جميعا”.
وأودى فيروس كورونا المستجد بحياة ثمانية أشخاص في الولايات المتحدة، الثلاثاء، فيما سجل نحو 300 إصابة جديدة، ما رفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 1004 حالات.
وارتفعت أعداد الوفيات، حتى مساء الثلاثاء بتوقيت واشنطن، إلى 30 بسبب الفيروس التاجي المميت.
وعلى الصعيد السياسي، سلم الرئيس دونالد ترامب للكونغرس خطته لمواجهة التداعيات الاقتصادية للفيروس.
وتتضمن الخطة، حسب مصادر مقربة، اقتراحين إما بإعفاءات ضريبية للأجور تستمر حتى نهاية العام أو إعفاءات ضريبية دائمة، فضلا عن مقترحات لحماية قطاعات الشحن والطيران والسفن السياحية.
وقال ترامب الثلاثاء “نود أن نحمي صناعة الشحن والسفن السياحية والطيران، لكن ينبغي على الجميع أن يتحلى باليقظة والهدوء، الأمور تمضي بشكل جيد ووضع المستهلك لدينا قوي.”
لكن الجمهوريين في مجلس الشيوخ أبدوا بعض القلق إزاء المزيد من الإنفاق الذي تضمنته الخطة والذي قدره زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ بنحو ثلاثمئة مليار دولار.
الديمقراطيون من جانبهم يعدون مقترحاتهم، وتشمل من بين أشياء أخرى فحوصا منخفضة التكلفة، وتأمينا على البطالة، وإجازات مرضية مدفوعة الأجر للعمال والموظفين.