كتبت صحيفة “الشرق” تقول: لم يعد المسار التصاعدي لعدّاد الاصابات بفيروس الكورونا وحده يستفز اللبنانيين بعد “التطبيع” مع الأمر الواقع الناشئ منذ نحو اسبوعين وتفلت الارقام من عقالها، اذ يبدو، للاسف” انهم اعتبارا من اليوم سيركزون انظارهم على عدّاد الوفيات.
وسجلت امس حالة وفاة ثانية في مستشفى رفيق الحريري لمريض خمسيني، رافعا نسبة الهلع لديهم كون “الضحية الثانية” ليس مسنّاً ولم يكن يعاني من مشاكل صحية، كما انه لم يكن خارج لبنان، ذنبه الوحيد انه استاذ نقل اليه العدوى احد تلامذته.
هذه الوفاة تطرح اشكالية جديدة مع الكورونا وكيفية المقاربة الرسمية والسياسية للأزمة. ومع ان مسار الاجراءات الوقائية يتجه بدوره تصاعديا مع حزمة جديدة من الاقفالات طاولت المطاعم والمقاهي والملاهي ودور اللهو واعلان المصالح المستقلة والمؤسسات العامة التوقف عن العمل حتى الاحد، فإن المطلوب على ما تظهر الوقائع والحيثيات يبدو على الارجح اعلان حال طوارئ صحية في البلاد للحد من انتشار الفيروس قبل ان يصبح الندم من دون جدوى بعد فوات الاوان، في دولة عاجزة منهارة لا تتوافر فيها ادنى مقومات الصمود.
في المقابل ظهرت بارقة أمل وسط هذا الجو القاتم اذ اعلنت وزارة الصحة عن شفاء اول مصابة بعدما ظهرت نتيجة فحصها سلبية لمرتين.
من جانبه، أعلن مستشفى سيدة المعونات الجامعي في جبيل انه “بعد الانتهاء من اجراء الفحوصات المخبرية على العاملين فيه والذين كانوا على تواصل مباشر مع أحد المرضى المصابين، تبيّن إصابة 10 أشخاص من طاقمه. ثانيا، إن جميع العاملين الذين شخّصوا بإصابتهم بالفيروس لم يظهروا أي عوارض مرتبطة وهم بصحة جيدة. وتم استقبالهم في قسم جُهّز لهم خصيصا وتم عزله نهائيا عن المستشفى وتتم مرافقتهم ومتابعتهم من قبل فريق طبي وتمريضي خاص طوال فترة حجرهم الصحي. ثالثا، ما زال يتواجد في المستشفى أحد المرضى الذي أصيب بفيروس كورونا وهو في حال حرجة وتتم متابعته في إحدى غرف العزل”.
وسط هذه الاجواء الضاغطة والمقلقة، عقد اجتماع طارئ للجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس كورونا عند الرابعة في السراي، ستتخذ خلاله اجراءات صارمة ومهمة جداً وفق المعلومات. واذ اعلنت نقابة المطاعم الاقفال احترازيا وتعليق العمل في اكثر من نقابة، افيد ان لجنة الطوارئ ستتخذ اجراءات صارمة لناحية اقفال المطاعم والمقاهي ومراكز التجمع الكبيرة وستشدد على استمرار اقفال المدارس والجامعات والادارات العامة اضافة الى اجراءات تنظم عمل مؤسسات القطاع الخاص بشكل يحد من الاكتظاظ وستعلن عن تدابير اضافية موسعة عند المعابر.
وقال الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء الركن محمود الاسمر ان وزارة الصحة اعلنت تجهيز مستشفيات حكومية في مناطق عدة والمستشفيات الخاصة اعلنت ايضا جهوزيتها لحالات الكورونا، مضيفا “التوصيات التي نصدرها تطاول القطاعين العام والخاص وهي توصيات لمصلحة الشعب ونطلب من المواطنين تطبيق التعاميم الصادرة بحذافيرها”. وتابع “مدير عام الطيران المدني سيحضر الاجتماع لنستمع اليه لكي نرى ما هو الموقف الواجب اتخاذه لحماية البلد”. في المقابل، افادت مصادر معنيّة بالإجراءات الوقائية في المطار أن لا قرار إتّخذ بإقفال المطار حتى الآن وتقول إن مسألة وقف الطيران من الدول الموبوءة ستبحث في اجتماع السراي.
ودخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على خط الوقاية من انتشار كورونا فاصدر مديره العام محمد كركي مذكرة بالتشخيص المخبري للفيروس محدداالتعرفة القصوى بـ150 الف ليره للفحص في احد المختبرات المعتمدة.
من جهته، غرّد أمين عام مجلس الوزراء محمود مكية على “تويتر”، قائلا “في انتظار توصيات اللجنة التقنية، التوجه اليوم للطلب من الادارات كافة وضع جداول مناوبة بالحدّ الأدنى من عدد الموظفين بما يؤمن السلامة العامة ومقتضيات الوقاية من جهة، وإنجاز المعاملات التي ترتدي طابع العجلة من جهة مقابلة”.
في الموازاة، اعلنت السفارة السعودية في بيروت عن “التنسيق مع طيران الشرق الاوسط لتسيير رحلة السبت 14 آذار الثامنة صباحاً الى مطار الملك خالد في الرياض ورحلة أخرى الاحد 15 آذار الثامنة صباحاً الى مطار الملك عبد العزيز للمواطنين السعوديّين الراغبين في العودة الى المملكة”.
وقبيل اجتماع اللجنة، وفي سلسلة تغريدات كتب الرئيس سعد الحريري عبر تويتر: “اذا كانت القضايا السياسية والاقتصادية محل خلافات تحتمل الاجتهاد والتباين في وجهات النظر فان خطر فيروس الكورونا يستدعي عدم التردد في اتخاذ الاجراءات التي تحمي سلامة المواطنين والمقيمين وتعلو على اية مصالح والتزامات سياسية”. وأضاف: “اقفلوا الابواب في وجه الكورونا من اي دولة أتى شقيقة او صديقة بعيدة او قريبة ولتكن سلامة اللبنانيين تتقدم على اي اعتبار”.
سياسيا، عرض رئيس الحكومة حسان دياب في السراي التطورات مع ممثل الامين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش الذي قال: لقائي مع الرئيس دياب جاء قبل زيارتي الامم المتحدة في نيويورك لاطلاع مجلس الامن على التطورات في لبنان وتنفيذ مندرجات القرار الرقم 1701 والقرارات الاخرى. وتحدثنا عن الخطوات التي تقوم بها الحكومة، والتقدم الحاصل على صعيد تحسين الوضع في مختلف القطاعات، ومنها الاقتصادي، اضافة الى البحث في مواضيع اخرى. واستمعت الى وجهة نظر الرئيس قبل مغادرتي لنقل الرسائل والمعطيات خلال زيارتي الى نيويورك.