كتبت صحيفة “الديار” تقول: فيما لا يزال فيروس “كورونا” يجتاح” العالم وسط انتهازية اميركية للاستحواذ على “اللقاحات”، دخل لبنان في اليوم الاول من حال التعبئة العامة والطوارئ الصحية، في حالة من الشلل، فخلت معظم الشوارع من المارة والسيارات، وكان الالتزام شبه تام بالاقفال، وفيما تمردت المصارف على قرارات الحكومة وقررت الاقفال حتى 29 الجاري، ما يستدعي تدخل النائب العام المالي، عمدت الاجهزة الامنية والبلديات على الزام المخالفين بالتقيد بقرارات مجلس الوزراء التي ستبقى جلساته مفتوحة لمتابعة التطورات “الفيروسية” “ليبنى على الشيء مقتضاه” تخفيفا للاجراءات او زيادتها مع اعلان وزير الصحة الدكتور حمد حسن بان الاسبوعين المقبلين هما الاكثر خطورة، ولذلك يبقى من المبكر الاجابة عن السؤال حول مرحلة ما بعد 29 اذار، الا ان ثمة اتجاهاً حكومياً لمواجهة “الاسوأ” عبر اعتماد “النموذج” البريطاني القائم على ترك “الكورونا” يأخذ مداه تحت نظرية “التطعيم للجميع” خصوصا اذا انتشر “الوباء” في مخيمات اللاجئينالفلسطينيين، والنازحين السوريين، حيث الاكتظاظ السكاني، عندها ستفقد الاجهزة الطبية السيطرة عليه، وستدخل البلاد في حال من “الفوضى” الصحية، لذلك سيتم التشديد على الالتزام بالقرارات الحكومية لكي لا يقع المحظور.. وفي خضم بحث الحكومة اليوم عن مخارج لوقف السقوط المستمر في الهاوية الاقتصادية عبر التعجيل “بالخطة الاتقاذية”، سجل لبنان “وصمة” عار في تاريخه من خلال الرضوخ للضغوط الاميركية بعد “تهريب” قرار قضائي بنكهة سياسية تحت جنح “حالة الهلع” السائدة في البلاد، حيث تم وقف الملاحقة بحق “جزار الخيام” عامر الفاخوري، بحجة مرور الزمن تمهيدا لاخراجه من لبنان قبل دخول قرار باقفال المطار حيز التنفيذ غدا ويبقى التعويل على مدعي عام التمييزالقاضي غسان عويدات الذي طلب استرداد الملف مساء امس ويتجه الى تمييز القرار القضائي اليوم، وذلك بعد بروز ردود فعل سلبية من اكثر من جهة.
تبني “النموذج” البريطاني
وفيما بلغ عدد الحالات المثبتة بفيروس كورونا في لبنان 120 اصابة، 3 منها مجهولة المصدر، تم تسجيل حالتي شفاء امس ليصبح عدد الذين تعافوا الى 3، كما اعلنت الرهبانية اليسوعية اصابة 11 يسوعيا من رهبان ديري بكفيا وبيروت “بفيروس كورونا”، منهم يتلقون العلاج في المستشفى، كشفت اوساط مطلعة على اعمال خلية ازمة “الكورونا”، انالحكومة اللبنانية تضع في حسبانها الاسوأ لمواجهة خطر انتشار “الوباء”، وفي حال فقدان السيطرة لن تجد الدولةاللبنانية الا خيار اللجوء الى “النموذج” البريطاني القائم على نظرية “بناء المناعة للجميع”، اي ترك “الوباء” ينتشر “كتطعيم” واقعي، وهذا الاجراء سيكون ضروريا اذا ما انتشر “كورونا” في مخيمات اللاجئين السوريين او في المخيمات الفلسطينية، ووفقا لتلك الاوساط، فان هذا الاجراء لا يرتبط ابدا بخلفيات سياسية او عنصرية فالدولة اللبنانية مسؤولة عن كل من هو موجود على اراضيها، لكن المنظمات الدولية المفترض ان تكون معنية بالعناية بالنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين لا تقوم بواجبها كما يجب، وحتى الان الوضع قيد السيطرة، لكن اذا ما انهارت الاوضاع الصحية ستكون الدولة اللبنانية عاجزة عن التعامل مع الوضع، وعندها لن يكون من مفر الا بالتعامل بواقعية مع هذا الانهيار، خصوصا اذا ما عجزت المستشفيات عن استيعاب الحالات الخطرة..
وتجدر الاشارة الى ان قرار رئيس الوزراء بوريس جونسون التفرد في الرد على الوباء بهذه الطريقة، دون بقية دول العالم يتعرض لانتقادات في بريطانيا، ثم خصوصا ان سياسة انتشار الوباء على قاعدة واسعة بمحاولة بناء مناعة للسكان، لايزال امراً مشكوكاً بنجاحه، وهناك قلق من الفوضى التي ستصيب المجتمع البريطاني اذا ما حصلت وفيات جماعية. وذلك في غياب الشفافية والثقة بدأت تهتز وما يقلق الناس هو أن رد الوزراء ليس مقنعا للخبراءالعلميين. وقاومت الحكومة البريطانية فكرة فرض حجر صحي مشدد وعزل اجتماعي واسع على غرار ما فعلته الصين لأن الوزراء يعتقدون انه سيقود لحالة من التعب العام ويسمح للفيروس بالعودة مرة أخرى.
الاسبوعان الاخطر؟
من جهته اكد وزير الصحة حمد حسن ان الأسبوعين المقبلين هما الأخطر وقد يكون عامل الطقس عاملاً مساعداً لتخفيف الاجراءات، وشدد على أن القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء والإجراءات التي تدعو الوزارات المعنية إلى التشدد في تطبيقها تهدف إلى التخفيف من وطأة الإصابات وانتشار الوباء كي لا يتحول إلى كارثة، خصوصًا أن الوباء يتدحرج بسرعة كبيرة من بلد إلى آخر، وبات كارثة عالمية. وأكد الوزير حسن أن لدى الحكومة اللبنانية خططا تسير بوتيرة مضبوطة، وعلى قدر ما يكون التعاون بين مختلف مكونات المجتمع لتطبيق الإجراءات المتخذة، يتم الحد من انتشارالوباء فلا يصل لبنان إلى مكان لا يستطيع أحد ضبطه. واضاف: إننا نواجه الأزمة باللحم الحي، ولولا تفهم المجتمع وتحسسه بالمسؤولية لكنا أصبحنا في مكان آخر، إذ إن الكثير من المنظومات الصحية للدول المتطورة قد أثبتت عدم قدرتها على المواجهة. لذا، نعول على الوعي والحس الإنساني والمسؤولية الإجتماعية رغم كل الضغوطات ونثق بقدرة اللبنانيين على تخطي الرهانات والتحديات الصعبة.
اليوم الاول من التعبئة
ومع بدء سريان مفعول قرار التعبئة العامة الذي اتخذته الحكومة، قامت القوى الأمنية، من قوى امن داخلي، ومخابرات الجيش، وشرطة البلديات، بدوريات في الشوارع التي بدت خالية، وبدأت البلديات بالتعاون مع القوى الامنية بعمليات رش المبيدات والمعقمات في الشوارع الداخلية ومحيطها، وتنفيذا لمقررات مجلس الوزراء، اصدر المدير العام للطيران المدني في مطار رفيق الحريري الدولي بالتكليف فادي الحسن تعميما اوقف من خلاله جميع الرحلات الجوية التجارية والخاصة من وإلى مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت اعتبارا من منتصف ليل الأربعاء/الخميس الواقع في 18 آذار 2020 ضمنا، ويستثنى من ذلك الطائرات العسكرية، طائرات الإسعاف الجوي، الطائرات التي تعبر الأجواء اللبنانية، طائرات الشحن، الطائرات التي تنقل كلا من البعثات الدبلوماسية المعتمدة في لبنان، أفراد المنظمات الدولية، قوات اليونيفيل والأشخاص العاملون لدى الشركات المرتبطة بعمليات الحفر في البلوك رقم 4.
وفيما اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ضرورة التشدد في تطبيق إجراءات مجلس الوزراء لمواجهة فيروس”كورونا” في إنتظار إنحساره من خلال متابعته تنفيذ هذه الإجراءات وتلقيه سلسلة تقارير من الوزارات والأجهزة الأمنية المعنية حول التقيد بالقرارات، تفقد رئيس مجلس الوزراء حسان دياب ظهر امس غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث في السراي واطلع على خطة عمل الغرفة وأعطى توجيهاته لتفعيلها، خصوصاً لجهة متابعة الغرفة بكافة المعلومات المتعلقة بفيروس “الكورونا”، إضافة الى وضع ممثلي الوزارات بتصرف غرفــة العمليات.
المانيا “تفضح” ترامب
عالميا، تجاوزت حصيلة الوفيات بفيروس كورونا الـ7 الاف ضحية، تجاوزت في ايطاليا الفي حالة مع تسجيل 349 وفاة اضافية في الساعات الـ24 الماضية، أعلن مسؤول أميركي أنه سيتم الكشف، اليوم، عن أول جرعة تجريبية كلقاح محتمل لفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، وفي وقت تتقدم الجهود الصينية لانتاج لقاح فعال، فضحت برلين “اطماع” رئيس الولايات الاميركية دونالد ترامب وانعدام اخلاقه من خلال محاولاته الاستحواذ على لقاح لكورونا يعمل على انتاجه مختبر الماني، وأكد وزير الداخلية هورست زيهوفر صحة معلومات صحيفة “دي فيلت” الألمانية حول محاولة قام بهاترامب لوضع يده على المختبر الالماني من خلال عرض مبلغ مالي ضخم عليه، وحذرت الحكومة الالمانية من انها ستبذل كل ما بوسعها حتى ينجح المشروع في أوروبا، وقال وزير الخارجية هايكو ماس ان “الباحثين الألمان يلعبون دورا أساسيا في تطوير أدوية ولقاحات ولا يمكن أن نسمح لآخرين بالسعي لحيازة حصرية نتائجهم.. ويدور اختبار القوة بين الولايات المتحدة وألمانيا حول مختبر “كيور فاك” في توبينغن بجنوب غرب البلاد، وهو من المختبرات التي تعمل في العالم على تطوير لقاح ضد “كوفيد ـ19” مستفيدة من مساعدات من الحكومة الألمانية. وتؤكد الشركة أن “بضعة اشهر” فقط تفصلها عن عرض مشروع لقاح للحصول على المصادقة السريرية عليه.
اين اصبحت الخطة الانقاذية؟
وفيما دخل “الكباش” بين المصارف التي اصرت على الاقفال حتى 29 الجاري ، ووزير المال غازي وزني مرحلة جديدة بعد دعوته النيابة العامة المالية للتحرك رفضا لاقفال هذا القطاع الحيوي، تعقد الحكومة اليوم جلسة للبحث في تعجيل الخطة الانقاذية، واستقبل الرئيس حسان دياب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امس، حيث جرى التداول بالوضعين المالي والنقدي خصوصا التداعيات الاقتصادية المتوقعة للاقفال الشامل في البلاد، وكيفية التعامل مع المستجدات المالية، وكذلك مساهمة القطاع المصرفي في عملية “الانقاذ”..
وبحسب اوساط وزارية مطلعة ستكون الخطة الاقتصادية الإنقاذية جاهزة خلال اربعة اسابيع على ابعد تقدير على ان تنفذ خلال ثلاث سنوات، وسيكون ملف الكهرباء “المفاجأة” السارة في الخطة حيث سيتم تلزيم شركات اجنبية هذا الملف وفق نظام “البي او تي” لتأمين الكهرباء 24 ساعة، كما يجري العمل على وضع اللمسات الاخيرة على قانون الضريبة على الثروة حيث سيتم اقتطاع نسبة لم تحدد بعد من الحسابات الكبيرة مع عدم المس بحسابات نحو 90 بالمئةمن المودعين الصغار
كما سيتم الغاء نظام “الوسطاء” في شراء النفط، وكذلك الدواء وستبادر الحكومة الى عملية الشراء من دولة إلى دولة” وهو ما سيؤمن وفرا ماليا كبيرا ستنخفض معه عجز الموازنة في الدولة..
في غضون ذلك، انتهت منتصف ليل امس فترة السماح المعطاة للحكومة اللبنانية بعد إعلانها تعليق سداد سندات الـ”يوروبوند” التي استحقت في 9 آذار الجاري، وفيما لم يعلن الدائنون الأجانب موقفهم من الموضوع يواصل صندوقا “أشمور” و”فيدليتي” في عملية التفاوض، ولن يعتمدا الخيار القضائي للضغط على لبنان، بحسب اوساط وزارية مطلعة، ولا يزال قرار اللجوء إلى المحاكم للبت بالموضوع، مستبعدا، لان هذا الخيار مكلف ماليا، كما ان لبنان لايملك اصولا في الخارج للحجز عليها، ولذلك فان مصلحة الدائنين في الاستمرار بالتفاوض مع الحكومة.
فضيحة “جزار الخيام”
وفي فضيحة قضائية – سياسية أخلت المحكمة العسكرية، برئاسة العميد حسين عبد الله، سبيل “جزار الخيام” العميل عامر الفاخوري “بحجة” سقوط الجرم بمرور الزمن العشري.. وذلك بعد ضغوط اميركية كبيرة، كان آخرها طلب السفيرة الاميركية الجديدة دوروثي شيا من رئيس الجمهورية ميشال عون ايجاد مخرج مقبول للملف لاقفال هذه القضية، لانها اولوية لدى ادارتها، وخلال تقديم اوراق اعتمادها مررت “تهديدا” دبلوماسياً بقولها ان استمرار احتجاز الفاخوري سيكون له مفاعيل سلبية على العلاقات الثنائية في المستقبل، وعلم في هذا السياق ان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس لن يستأنف القرار..
وكان المحكمة العسكرية الدائمة، قد اسقطت التهم بحق العميل الإسرائيلي، بعد قبول دفوع شكلية تقدم بها وكلاؤه بذريعة مرور الزمن على التهم الموجهة إليه، وقد احالت المحكمة على النيابة العامة طلب وكلاء الدفاع عن الفاخوري، فلم يكن من القاضي جرمانوس إلا أن ترك أمر التقدير للمحكمة، وهو ما رأت فيه اوساط سياسية بارزة تنفيذا “لاوامر” أميركية، وتساءلت عما اذا كان لبنان سيقبض ثمن هذا القرار؟ ام انه فقط ينفذ الاملاءات دون اي ثمن؟ وتساءلت عما اذا كان للكرامة الوطنية من ثمن؟.. تجدر الاشارة ان جلسة المحكمة كانت اقرب الى “التهريبة” في اليوم الاول من اقفال البلاد، ومن المتوقع ان يتم اخراج الفاخوري من لبنان قبل إقفال مطار رفيق الحريري الدولي يوم غد.