كتبت صحيفة “النهار” تقول: يمكن القول ان لبنان بدأ امس الحلقة الثانية من المواجهة الأصعب والأشرس مع انتشار فيروس كورونا والتي تستلزم مع اعلان الدولة حال التعبئة الشاملة اعتبارا من البارحة ان يتحمل اللبنانيون والمقيمون في لبنان اقصى درجات التزام الانعزال داخل المنازل والتجنب الأقصى للحركة بما يضع البلد امام الاختبار الذي يتوقف عليه وقف التدهور الأسوأ الذي قد ينقله الى مرحلة ثالثة تتفاقم أخطارها أضعافا مضاعفة او يبدأ بنجاحه في كسر سلسلة الانتشار للفيروس. وإذ ارتفع عدد الإصابات في لبنان مع اليوم الأول من التعبئة لمواجهة انتشار الفيروس الى 109 إصابات فيما سجل ارتفاع حالات الشفاء الى ثلاث، بات في حكم المثبت ان أمكانات الحد من انتشار الفيروس صارت امام ساعة الحقيقة في ظل مجموعة معطيات برزت بقوة في الساعات الأخيرة، ذلك انه في اليوم الأول من التعبئة كان مشهد لبنان اشبه ما يكون بمشاهد لم يعرفها حتى في عز حقبات الحروب واكثر لجهة خلو الشوراع وانعدام الحركة العامة وإقفال شبه شامل للمؤسسات العامة والخاصة باستثناء القليل منها التي لحظتها استثناءات الخطة الحكومية للتعبئة المدنية والصحية . ومع ان درجات الاستجابة الشعبية اللبنانية لقرار التزام المنازل شهد تفاوتا بين منطقة واُخرى على امتداد المناطق والمدن، فان المنسوب العام للاستجابة يعتبر معقولا ومحفزا على مزيد من الدفع بل والضغط بمنتهى الحزم لتشجيع المواطنين على توسيع غير محدود والى اقصى الحدود للالتزام بعدم مغادرة المنازل بشكل كاسح لان الأسبوعين المقبلين سيكونان الفترة الحاسمة الحقيقية لتجنب الحلقات الأشد خطورة من الازمة. وفي حين أعلنت وزارة الصحة ان عدد الحالات المثبتة بالإصابات بلغ امس 109 وصف وزير الصحة حمد حسن الأسبوعين المقبلين بانهما الأخطر وقد يكون عامل الطقس عاملا مساعدا لتخفيف الإجراءات. وعاد حسن ليلا وأعلن ان عدد الإصابات بلغ 120 إصابة ولفت الى ان 80 في المئة من الذين تأكدت اصابتهم بكورونا في لبنان لا يعانون من أعراض. وفي ما يتصل بالإجراءات الجديدة المتخذة في اطار تنفيذ خطة التعبئة فان ابرز ما نفذ امس تمثل أولا في بداية اقفال المعابر البرية وأبرزها معبر المصنع ومن ثم معابر البقاع الشمالي وعكار مع سوريا . وستبلغ عملية اقفال المعابر ذروتها مع توقيف حركة الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي اعتبارا من منتصف ليل الأربعاء الخميس علما ان الإجراء يشمل كل الرحلات والبلدان باستثناء الحالات الخاصة التي حددها المرسوم الحكومي للخاص بإعلان حالة التعبئة .
مواجهة الوزير والمصارف
غير ان تطورا مفاجئا برز في سياق تنفيذ الإجراءات التي لحظتها خطة التعبئة وادى الى مواجهة حادة هي الأولى من نوعها بين وزير المال غازي وزني وجمعية المصارف . فقد قررت جمعية المصارف فجأة مساء امس بعد اجتماع بين الجمعية واتحاد موظفيها ان تقفل كل فروع المصارف من 17 آذار الى 29 منه واتخاذ تدابير لتأمين خدمة السحب بالليرة اللبنانية من أجهزة الصراف الآلي والاستمرار في العمل ببطاقات الدفع كما هو قائم حاليا وتأمين الرواتب الموطنة وغير الموطنة بالعملة اللبنانية وتامين العمليات التجارية الملحة . وآثار قرار جمعية المصارف غضب وزير المال غازي وزني الذي سارع الى الإعلان ان قرار الجمعية هو “بمثابة اخبار الى النيابة العامة وهي مدعوة الى التحرك سريعا في ضوء قرار جمعية المصارف المتسرع بالإقفال من دون الالتفات الى تسيير مصالح الناس ولو بالحد الأدنى كما جاء في قرارات مجلس الوزراء “. وعلى الأثر أصدرت جمعية المصارف بيانا علقت فيه على موقف وزني معتبرة ان قرارتها امس “جاءت منسجمة تماما مع قرارات مجلس الوزراء بحيث ستؤمن المصارف الحد اللازم والمفروض لتسيير العمل وتأمين الخدمات المصرفية الأساسية لعملائها كما ان هذه الإجراءات تتماشى مع الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها مصرف لبنا”. ولفتت الى ان القطاع المصرفي يضم 27 الف موظف “يتمتعون كسائر المواطنين بحق الحفاظ على سلامتهم”. وعلم ان وفدا من الجمعية سيقوم قبل ظهر اليوم بزيارة وزير المال في مكتبه للبحث في هذا الموضوع وإيجاد الحل الملائم له .
الى النادي!
غير ان المفارقة الدراماتيكية الأخرى التي تلازم لبنان في مواجهته المزدوجة تمثلت في تزامن اشتداد الحرب مع كورونا مع دخول لبنان عمليا نادي الدول المتعثرة اعتبارا من منتصف الليل الفائت بعدما انتهت فترة السماح المعطاة للحكومة عقب إعلانها تعليق سداد الديون وقرارها اطلاق المفاوضات مع الدائنين لاعادة هيكلة ديون لبنان . ومع ان أي اتجاه واضح وحاسم لم يظهر بعد حيال ما يمكن ان يقدم عليه الدائنون في ظل تخلف لبنان عن سداد ديونه فان ذلك لا يكفي للنوم على حرير أي اتجاهات او احتمالات سلبية لان الواقع الذي بدأت معالمه ترتسم منذ انتهاء فترة السماح تفتح الباب على شتى الاحتمالات . وإذ تردد مساء امس ان ثمة اتجاها لاعتماد حل ستتبلور معالمه تمهيدا لانطلاق المفاوضات بين لبنان والدائنين فان الحكومة تسعى الى تجنب تعامل الدائنين مع لبنان كبلد متخلف عن الدين تخلفا غير منظم . ولذلك فان الحكومة تستعد لانجاز برنامج ستقدمه للدائنين وعلى أساسه يبدأ التفاوض بين الفريقين لاعادة هيكلة الديون وجدولتها .
الفاخوري وسجن رومية!
وسط هذه الأجواء تفاعلت فجأة قضية القرار الذي أصدرته المحكمة العسكرية الدائمة باخلاء سبيل المتعامل مع آمر معتقل الخيام سابقا والمتعامل مع إسرائيل عامر الفاخوري والذي استند الى القبول بدفع مرور الزمن العشري على الجرم . وآثار القرار ضجة واسعة كما اثار تساؤلات لم تقف عند حدود الإطار القضائي المثير للجدل بل طاولت الجانب السياسي والديبلوماسي نظرا الى ان الفاخوري يحمل الجنسية الأميركية وجرت مراجعات حياله لتخليته وإعادته الى الولايات المتحدة. وصودف توقيت صدور القرار عن المحكمة العسكرية بعد فترة قصيرة جدا من تسلم السفيرة الأميركية الجديدة مهماتها في بيروت .
ولكن الفاخوري يستمر موقوفا بدعاوى مرفوعة ضده في بيروت من أهالي موقوفين سابقين فيما يتجه النائب العام التمييزي غسان عويدات نحو تمييز قرار الافراج.. ولكن تداعيات هذا القرار سرعان ما تمددت الى سجن روميه حيث اندلعت اعمال شغب واسعة احتجاجا على عدم اصدار مرسوم العفو الشامل واحتجاجا على تخلية الفاخوري وأفادت المعلومات ان السجناء تمكنوا ليلا من السيطرة على العديد من مباني السجن بعدما اشعلوا النيران في الفرش والثياب وباتوا يسيطرون على معظم السجن فيما احضرت تعزيزات امنية واسعة من قوى الامن والجيش لاحتواء الشغب.
o اصدر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة حسان دياب بيانا امس نفى فيه ما ورد في النهار حول إصابة ممثل شركة لازار للاستشارات المالية بفيروس كورونا واجراء رئيس الحكومة ووزراء فحوصات خشية انتقال العدوى اليهم . كما أصدرت شركة لازار بيانا اخر نفت فيه إصابة أي من فريق عملها في بيروت باي إصابة.