كتبت صحيفة الأنباء تقول: مرة جديدة تدق الدولة النفير ثم يأتي إعلانها مخففًا من دون معرفة الموانع التي تعيق حتى اللحظة إعلان حالة الطوارئ الصحية بشكل صريح، وإن كان تصريح رئيس الحكومة حسان دياب أمس حمل لهجة متشددة مطلوبة للحد من تفشي فيروس كورونا، حيث دعا المواطنين للإلتزام بحظر تجول ذاتي حفاظاً على سلامتهم وسلامة عائلاتهم وأولادهم وأحبائهم.
ومع إرتفاع عدد المصابين بالفيروس في لبنان إلى 230 حالة مكتشفة، فإن عملية حسابية تفضي إلى أن عدد المصابين مرشّح ليصل إلى 1500 حالة نهاية هذا الشهر، ما يجعل دعوة دياب أقل الإيمان في مثل هذه الظروف، وكانت سبقتها دعوات ومناشدات أطلقتها القيادات السياسية على إختلافها، وقد تميّز منذ بدء هذه الأزمة بموقفها التحذيري المتقدم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، الذي يتابع تفاصيل هذا الوباء منذ ظهوره الأول في مدينة ووهان الصينية وانتقاله الى العالم ووصوله الى لبنان، وتكاد لا يمر يوم إلّا ولجنبلاط تحذير أو توجيه، مطالباً بإلحاح إعتماد أقصى درجات الحيطة والحذر، مناشداً اللبنانيين ضرورة الإلتزام بالحظر الذاتي، منبهاً من مغبة الإستخفاف بالإجراءات، المطلوبة حفاظاً على سلامة المصابين به وسلامة الذين تنتقل العدوى إليهم، فيما فرق العمل من الحزب التقدمي الإشتراكي تعمل ليل نهار في حالة استنفار شاملة بالتعاون مع كل الجهات المعنية لمحاولة تطبيق حالة طوارئ، كان طالب بها “فوراً” رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط.
وكانت دعوات ونداءات مماثلة من الرئيس سعد الحريري، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس الكتائب سامي الجميّل، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وكلّها صبت في هذا الإتجاه.
وفي قرارا رئيس الحكومة طلبٌ واضح من قيادة الجيش والقوى الأمنية والبلديات التشدد بإجراءاتها، لإلزام المواطنين منازلهم وعدم مغادرتها، إلّا في حالات الضرورة القصوى، مع ملاحقة المخالفين أمام المراجع القضائية، مطالباً وزارة الداخلية وقيادة الجيش الإعلان عن الخطة الملزمة لضمان عدم خروج المواطنين لفرض الإلتزام بهذه التدابير، محذراً من أن فيروس كورونا ينتظر أمام عتبات المنازل، داعياً المواطنين إلى حظر تجول ذاتي لأن الدولة لا تستطيع وحدها حصر هذا الوباء.
تردد إعلان الحكومة لحال طوارئ عامة في البلاد، برّرته مصادر أمنية عبر “الأنباء” بالقول إن ذلك مرده لأسباب “منها ما هو سياسي يتعلق ببعض الأحزاب والتيارات التي لديها توجس من إعلان حالة طوارئ وتسليم الجيش حفظ الأمن، خاصة وأن هناك مناطق محظور على الجيش دخولها وتطبيق القانون فيها، كذلك فإن التيار الوطني الحر يعارض تسلم الأمن للجيش لأسباب خاصة به”.
المصادر الأمنية وصفت التدبير الذي أعلنه الرئيس دياب بتكليف وزارة داخلية والجيش بوضع الخطة التي يرونها مناسبةً لفرض الحظر على الناس، بأنه “نصف حالة طوارئ”، وفي حال إستمرار الإستخفاف بالإجراءات التي تطالب بها وزارة الصحة، فلا بد حينها من إعلان حالة طوارئ عامة كما فعل الأردن وبعض الدول الأخرى.
المصادر الأمنية كشفت لـ “الأنباء” أن إجتماعا قريباً سيعقد بين وزير الداخلية محمد فهمي وقائد الجيش، بحضور كل من مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، مدير عام الأمن العام عباس ابراهيم ومدير عام أمن الدولة للإتفاق على خطة امنية تشمل كل المناطق اللبنانية، وذلك بالتنسيق مع بعض القوى السياسية والأحزاب ذات الحضور الشعبي على الأرض لفرض حظر ذاتي، والمساعدة في توقيف المخالفين وسوقهم إلى العدالة.
وتؤكد المصادر الأمنية أن بعض الأحزاب أبدت إستعدادها لمساعدة الجيش والقوى الأمنية شرط أن تلحظ الخطة إستثناءات وفترات سماح للمواطنين لشراء حاجاتهم الغذائية والصحية وما شابه.
توازياً، كان لافتاً موقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في ذكرى الإسراء والمعراج، لجهة مطالبته لإصدار العفو العام الشامل وقوله “أما آن الأوان لإطلاق سراح الموقوفين الإسلاميين ورفع الظلم عن المظلومين، في حين يطلق سراح عملاء إسرائيل خلال أشهر، والموقوفين الإسلاميين لا يبت بأمرهم حتى الآن”.
وربطاً بموقف المفتي دريان، غرّد رئيس التقدمي جنبلاط قائلاً “في هذا الظرف الدقيق والبالغ الخطوة أما إنتشار وباء كورونا، قد يكون من المستحسن إطلاق سراح بعض الموق رحمةً بهم ورحمةً بقوى الأمن والمواطن، بعضهم لا يحاكم والآخر ينتظر، لكن اليوم الحالة إستثنائية ودول أخرى فعلت نفس الشيء”.
إلا أن مصادر الحكومة ليست بهذا الوارد، وكأن الأمر ليس ضاغطا، ونفت هذه المصادر عبر “الأنباء” علمها بالإعلان عن عفو عام للمساجين في الوقت الحاضر، وقالت إن “لا شيء يشير إلى تحريك موضوع السجون والعفو عن الموقوفين الإسلاميين، فهذا الموضوع يتطلب إجماعا وطنيا وقرارا من الحكومة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، وحتى الساعة ليس هناك بوادر إيجابية بهذا الخصوص، وربما يحصل ذلك في حال تفاقم الوضع الصحي أكثر، فعندها لا حول ولا قوة”.