يتسارع تفشّي كورونا في الولايات المتحدة حيث تخلّى الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فكرة عزل ولاية نيويورك، في وقت يُواصل الفيروس المستجدّ انتشاره في أوروبا التي تسجّل ثلثي عدد الوفيات في العالم. وفي إسبانيا، أُعلِنت الأحد وفاة أكثر من 800 شخص خلال 24 ساعة، في عدد قياسي جديد.
وفي غياب لقاح أو علاج مثبت لوباء كوفيد-19، لا يزال أكثر من ثلاثة مليارات نسمة معزولين داخل منازلهم في جميع القارّات.
وأودى وباء كوفيد-19 بحياة ما لا يقل عن 33,244 شخصا في العالم منذ ظهوره في كانون الأول/ديسمبر في الصين، حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس الأحد الساعة 19,00بتوقيت غرينتش استنادا إلى مصادر رسمية.
ورجّح ترامب الأحد أن يصل معدّل الوفيّات في الولايات المتحدة جرّاء الفيروس إلى ذروته في غضون أسبوعين. وقال خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض “لذلك، سنمدّد إرشاداتنا حتّى 30 نيسان/أبريل لإبطاء انتشار” الفيروس، في إشارة منه إلى الإرشادات الحكوميّة المعطاة للمواطنين.
وأضاف ترامب أنّه سيكون هناك إعلان “مهمّ” يوم الثلاثاء بشأن خطط الحكومة واستراتيجيّتها للمضيّ قدماً في مكافحة الفيروس.
من جهته، حذّر الطبيب أنتوني فاوتشي، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأوبئة وخبير الأمراض المعدية، الأحد من إمكان أن يحصد فيروس كورونا أرواح ما بين مئة ومئتي ألف شخص في الولايات المتحدة.
وتُعتبر الولايات المتحدة، من حيث عدد الحالات، الدولة الأكثر تضرّرا من الفيروس، إذ سُجّلت فيها نحو 140 ألف إصابة.
في إسبانيا، سُجّلت 6,528 وفاة من أصل 78,747 إصابة. وفي ضوء هذه الأعداد، ثمّة أمل لدى السلطات الإسبانيّة في أن تكون ذروة العدوى اقتربت.
ويقول مدير مركز الطوارئ الصحية الإسبانية فيرناندو سيمون إن “مشكلتنا الأساسية في هذا الوقت هو ضمان ألا تمتلئ أقسام العناية الفائقة”.
ونبه سيمون الى أن “ست مناطق (من بين 17) بلغت سقف قدرة استيعابها وتقترب ثلاث أخرى من بلوغه”. وشملت التدابير المتخذة لمكافحة كوفيد-19 في إسبانيا إيقاف “الأنشطة غير الضرورية”.
وستشدد إسبانيا تدابير العزل السارية منذ منتصف آذار/مارس، وهي في الأصل من بين الأشدّ في العالم.
وقال رئيس الحكومة بيدرو سانشيز “على جميع العاملين في الأنشطة غير الضرورية التزام منازلهم خلال الأسبوعين المقبلين” حتى الخميس 19 نيسان/ابريل، بداية عطلة عيد الفصح.
تزامنا بدأ الحجر المنزلي يعطي أولى نتائجه ويتواصل تباطؤ انتشار العدوى في إيطاليا، الدولة الأكثر تضرراً من الوباء في العالم، حيث سُجّلت أكثر من 10 آلاف وفاة.
وقال مسؤول الصحة في لومبارديا، المنطقة الأكثر تضررا في شمال ايطاليا، جوليو غاييرا “نسجل في جميع أقسام الطوارئ انخفاضا (في توافد المرضى). وفي بعضها، يكون (التوافد) طفيفا، وفي أخرى أعلى بكثير”.
وفي وقت تعيش ايطاليا عزلا للأسبوع الثالث، ستوزّع الحكومة قسائم غذائية على الأشدّ فقراً خصوصاً المتضررين من اهتزاز الدورة الاقتصادية.
وتم نشر عناصر شرطة أمام المتاجر الكبرى في صقلية لمنع حصول أعمال نهب، بعدما حاول بعض الزبائن الخروج من سوبرماركت حاملين مواد غذائية لم يدفعوا ثمنها، موضحين أنه لم تعد لديهم نقود لشراء حاجاتهم.
في ألمانيا حيث انتحر وزير مال مقاطعة هيسن توماس شيفر بسبب “قلقه البالغ” من التداعيات الاقتصادية لتفشي الفيروس، أثارت مجموعتا “أديداس” و”إتش أند أم” موجة استنكار بإعلان نيتهما التوقف عن دفع إيجارات متاجرهما.
– “يأس وتضامن” –
على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي، يتسارع تفشي الفيروس الى حد كبير. فقد تضاعف عدد الوفيات في الولايات المتحدة منذ الأربعاء.
وأصدرت مراكز مكافحة الأمراض، الهيئة الصحّية الوطنيّة، بيانا قالت فيه إنها “تناشد سكان نيويورك ونيوجرزي وكونيتيكت تفادي أي تنقلات غير أساسية خلال الأيام الـ14 المقبلة مع دخول هذا الإجراء حيز التنفيذ فورا”.
وأعلنت الولايات المتحدة السبت وفاة طفل عمره أقل من سنة في ولاية إيلينوي، هو أصغر ضحايا هذا الوباء سنا.
في نيويورك كما في أماكن كثيرة من العالم، ينظر إلى الأطباء والطواقم الطبية على أنّهم أبطال في الخطوط الأمامية لهذه “الحرب” على الوباء، لكنهم يعانون نقصا في التجهيزات.
وقالت الممرضة في قسم إعادة التأهيل في احد مستشفيات العاصمة الاقتصادية للولايات المتحدة، ديانا توريس (33 عاما) لفرانس برس، “هناك شعور باليأس والتضامن بيننا في آن واحد. الكل خائف، نحاول أن نتكاتف”.
– “فترة طويلة من العزل” –
يتسارع انتشار الوباء في المملكة المتحدة حيث تخطت الحصيلة عتبة ألف وفاة السبت مع تسجيل 260 وفاة جديدة في يوم واحد.
وحذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في رسالة إلى المواطنين، “نحن نعلم أنّ الأمور ستّتجه إلى الأسوأ، قبل أن تبدأ بالتحسّن”، داعيا المواطنين إلى التزام تعليمات الحجر المنزلي الذي أعلِن مساء الإثنين لثلاثة أسابيع.
من جهته، قال الوزير مايكل غوف إنه سينبغي على البريطانيين “الاستعداد لفترة طويلة” من العزل.
وطلبت السلطات الإيرانية من المواطنين البقاء في العزل وحذّرت من أن القيود على التنقل ستُمدد، في وقت سّجلت 123 وفاة إضافية في 4 ساعات في البلاد، وهي إحدى الدول الأكثر تأثراً في العالم مع أكثر من 2600 وفاة.
أما الصين، منشأ الوباء، التي يبدو أنها تمكنت من وقف تفشي المرض على أراضيها، فقد أغلقت موقتاً منذ السبت حدودها أمام معظم الأجانب وحدّت بشكل كبير من رحلاتها الدولية لمنع عودة الفيروس “من الخارج”.
وبعدما كانت آخر بلد كبير لم يتخذ أي تدابير حجر منزلي معمم بعد، أعلنت روسيا أنها ستقيّد الحركة على حدودها اعتبارا من الإثنين.