“الناس في وادٍ والسلطة في وادٍ”… فمن ينجو من فقر الحال والاختناق مالياً سيكون عرضةً، إن أصابه الوباء، للاختناق بين فكي كماشة تحكم الطوق على رقبته، من جهة المصارف التي لا تزال تحول دون تمرير التحويلات المالية لتأمين المستلزمات الطبية كما كشفت ممثلة تجمع مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي، ومن جهة أخرى شركات التأمين التي تتهرب من التغطية الاستشفائية لمرضى الكورونا حسبما أكد رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي. أما أهل الحكم فلا حياء لمن تنادي، هم من ناحية غارقون في كيفية قوننة نهب الودائع ولم يختلفوا سوى على الصيغة لا الجوهر، ومن ناحية ثانية يستغرقون في تناتش حزمة التعيينات المالية حتى سلكت خلال الساعات الأخيرة درب المحاصصة بشكل أرضى كل الأفرقاء المشاركين في الحكومة لتستقر العملية على تقديم الأسماء القديمة على مذبح التضحية بمن فيهم الممثلون للمكوّن السنّي المعارض. وعلى الأثر انفجرت نيران المعركة على أرضية الرئاسة الثالثة تحت وطأة ما جسّده بيان رؤساء الحكومات السابقين الأربعة سعد الحريري ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، في وجه رئيس حكومة “تتجه إلى القيام بتعيينات تُشتمّ منها الرغبة في السيطرة على المواقع الإدارية والمالية والنقدية للدولة”.
وبينما يواصل رئيس الحكومة حسان دياب اتباع سياسة إدارة “الدينة الطرشا” لأسلافه، إذ رفضت أوساطه الردّ على بيانهم باعتباره لا يجد نفسه معنياً في ما ورد ببيان رؤساء الحكومات ولا يرغب بمساجلتهم، غير أنّ “ما كُتب قد كُتب” وفق ما توضح مصادر مواكبة لملف التعيينات المالية “فكان الخاسر الأكبر فيها ممثلو سنّة المعارضة في المصرف المركزي الأمر الذي استفزّ رؤساء الحكومات السابقين ودفعهم إلى إعلاء الصوت في مواجهة “السيطرة والاستئثار والانتقام” كما وصفوه في بيانهم ربطاً بكون التعيينات المزمع إقرارها تقوم على توزيع الحصص بين المكونات السياسية للحكومة التي ستستأثر بكل المناصب المالية وتولّيها إلى موالين لها بما فيها المناصب السنّية”.
وعن مستجدات الملف، نقلت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ “تطورات إيجابية طرأت خلال الساعات الأخيرة على خط المشاورات التي تكثفت ليل الأحد بين الحلفاء في قوى 8 آذار وأفضت إلى الاتفاق على تذليل العقد والخلافات بين أفرقاء الحكومة حيال سلة التعيينات المالية المرتقبة، لا سيما غداة كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي عبّر من خلاله عن رفض إلحاق الغبن بأي من حلفائه”، مشيرةً في ضوء ذلك إلى أنه “تقرر إرضاء كل الأطراف في الحكومة وفق صيغة، من جهة تسترضي رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية عبر ضمان عدم استئثار “التيار الوطني الحر” بالحصة المسيحية، ومن ناحية ثانية ترضي رئيس المجلس النيابي نبيه بري من خلال طمأنته إلى أنّ إقصاء الأسماء القديمة لن يستثني المحسوبين على “التيار الوطني” بل سيشمل جميع الطاقم القديم”.
وفي هذا السياق، لفتت المصادر إلى أنّ “التخريجة قضت بأن تكون جميع الأسماء جديدة وألا يُعتمد أي اسم قديم لأي منصب في التعيينات المالية، وعلى هذا الأساس جرى توزيع الحصص بشكل يرضي كل الأفرقاء الممثلين في الحكومة، فتم التوافق على إرسال الأطراف أكثر من اسم إلى وزير المال لكي يصار إلى غربلتها تمهيداً لتقديم 3 سير ذاتية عن كل منصب إلى مجلس الوزراء ليختار إسماً منها”.
ورداً على سؤال، أجابت المصادر: “إذا حمل وزير المال الأسماء (اليوم) إلى جلسة مجلس الوزراء تُحدد جلسة التعيينات الخميس المقبل، أما إذا أرجئ موضوع طرح الأسماء مع السير الذاتية إلى الخميس فستكون جلسة التعيينات الأسبوع المقبل وهذا هو الأرجح”.