كتبت صحيفة “الديار ” تقول : تحدّى لبنان وباء “كورونا” وسجّل خطوة لم تتجرأ اي دولة في العالم على القيام بها. فقد بدأ بإجلاء مواطنيه المغتربين الراغبين بالعودة، وهذا التحدي اصعب واخطر المغامرات التي يخوضها لبنان، في وقت يحصد تفشي الوباء الابرياء في اصقاع العالم دون رحمة.
الدولة اللبنانية استمعت الى أنين ابنائها المنتشرين في الخارج وقرّرت ان يعودوا، ولكن ضمن خطة صحيّة “مبكّلة”، فقد وصل الى مطار رفيق الحريري الدولي امس 79 لبنانيا من ابو ظبي و78 من الرياض على متن طائرتين تابعتين للـ “ميدل ايست” وأشرف فريق طبي تابع لوزارة الصحة العامة على التأكد من الاستمارات الخاصة بالمسافرين والتدقيق في المعلومات الصحية كافة، كما تمّ اجراء فحوصات الـ “P.C.R” ليصار بعدها الى نقلهم بالباصات الى الفنادق المخصصة لهم ريثما تظهر النتائج.
وقد خضع كل الوافدين لعملية تعقيم قبل مغادرتهم المطار الى الفندق، كما ولم تظهر اي عوارض تستدعي نقل احد من المسافرين الى المستشفى، علما ان سيارات الصليب الاحمر اللبناني كانت مستنفرة تحسبا لأي طارئ.
إذا المرحلة الاولى من عودة المغتربين تمت بسلامة وسط اجراءات وترتيبات من قبل الاجهزة المعنية في المطار، واستنادا الى الفحوص الاولية.
وتقول المعلومات ان اقامة العائدين في الفنادق ستكون موقتة الى حين صدور نتائج الفحوصات التي اجريت في المطار والتي على اساسها يمكن ان يذهب، من تكون نتائجه المخبرية سلبية، الى الحجر المنزلي 14 يوما، اما من تكون نتيجته ايجابية فيتم نقله الى مستشفى بيروت الحكومي او الى مستشفيات اخرى جاهزة لاستقبال هذه الحالات.
وفي المعلومات ايضا، ان عملية اجلاء المغتربين يمكن ان تستمرّ، اذا نجحت تجربة امس، اي في حال الإلتزام بالاجراءات المقررة، لا سيما اولئك الذين من المقرر ان يغادروا الى الحجر الصحي المنزلي، وفي حال العكس سوف تتخذ قرارات اخرى، بعد ان يرفع التقرير بها الى مجلس الوزراء بناء على عدد الاصابات التي ستظهرها التحاليل.
دياب… والتحدي
هذا وتعتبر مغامرة العودة، تحدّياً للحكومة ولرئىسها الدكتور حسان دياب الذي تفقد صباح امس الاجراءات اللوجستية والطبية والامنية في المطار تحضيرا لعودة اللبنانيين من الخارج، وما الكلام الذي قاله بعد الجولة، إلا ليؤكد ان الحكومة تسعى لإراحة اللبنانيين وطمأنتهم، فقال: “حكومتنا معنية بكل لبناني في الداخل والخارج، وتسعى هذه الحكومة الى ازالة الحواجز الطائفية والمذهبية والمناطقية والسياسية، وهي حكومة بناء الجسور بين المناطق والاحزاب”.
وشدد دياب على “ان الحكومة تصل الليل بالنهار من اجل ولادة لبنان الجديد بكل مقوماته”.
تقسيم العائدين
بدوره، اشرف وزير الصحة حمد حسن والفريق الطبي في المطار على عودة اللبنانيين وقال: تمّ تقسيم العائدين من قبل فريق وزارة الصحة الى أربعة أقسام: الذين أجروا فحص ”pcr” حملوا سوارا أخضر فخصصت لهم أماكن محددة، ومن حمل السوار الاصفر هم من لم يخضعوا لفحص “pcr” وخصصت لهم مقاعد أخرى، والقسم الثالث لديهم السوار الأزرق ولديهم أمراض مزمنة انما ليست لديهم عوارض كورونا، جلسوا في أماكن محددة لهم ايضا، والقسم الأخير لديهم السوار الأحمر وهم الذين يمكن ان يكونوا يعانون من عوارض خصصت لهم مقاعد محددة أيضا. ولدى وصولهم الى المطار في بيروت من يحمل السوار الأخضر بإمكانه المغادرة مباشرة بعد اخضاعه لفحوصات من قبل الفريق الطبي، فيما يبقى الآخرون في قاعات المطار مقسمين الى ثلاث فئات، وبعد تعبئة الاستمارات وأخذ جميع العينات منهم يصعدون الى باصات النقل المشترك، كل ثمانية أشخاص فقط. ولدى وصولهم الى الفنادق يقوم فريق اخر من وزارة الصحة المواكب لهم بالتأكد من ان كل الظروف اللوجستية مؤمنة لعدم حصول اي اختلاط ومن وضعهم الكمامات والقفازات. وبعد ست ساعات تصدر نتائج الفحوصات التي أجريت في المطار، فمن تكون نتائج فحوصاته سلبية وبحسب الاستمارة بإمكانه الذهاب الى منزله والخضوع الى حجر الزامي مدته 14 يوما، وذلك بمواكبة من القوى الامنية والبلديات ومؤسسات المجتمع المدني، ومن لا يستطيع الذهاب الى منزله يبقى في الفنادق بالحجر الصحي لمدة 14 يوما. ومن تكون نتيجة فحوصاته ايجابية سيتم نقله الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي او الى مستشفيات اخرى، والتي اصبحت تقريبا جاهزة لاستقبال هذه الحالات”، مضيفا “ما قمنا به ليس استعراضيا بل هو عمل جبار، قامت به حكومة مواجهة التحديات”.
عزل بعض المناطق سيصبح ضرورياً اذا استمر التفلت
هذا وأعلن وزير الصحة حمد حسن في مؤتمر صحافي أن “كل الفحوصات التي أُجريت للمسافرين اللبنانيين العائدين من الرياض كانت سلبية، ونتائج الفحوصات لركاب طائرة أبو ظبي تصدر مساء اليوم”.
وأكد حسن أن “كل مسافر سيخرج من الفندق عليه التزام الحجر المنزليّ الإلزاميّ لمدّة 15 يوماً والانتباه جيداً”، مشددا على ان “التقييم كان جيّداً جداً لخطوة عودة اللبنانيين من الخارج”.
من جهة أخرى، اعتبر حسن أن “عزل بعض المناطق سيُصبح ضروريًا إذا استمر التفلت”.
”عداد” كورونا ما عدد المصابين الجدد؟
فقد اعلنت وزارة الصحة عن ارتفاع عدد الاصابات بفيروس “كورونا” الى 527 والوفيات الى 18.
هذا واعتبرت مصادر طبية تراجع وتيرة الاصابات بكورونا ايجابياً، ولكن أشارت الى أن على الجسم الطبي متابعة الايام المقبلة لمعرفة ما اذا كان التراجع سببه قلة الفحوصات بنهاية الاسبوع ام ان التعبئة العامة بدأت تعطي نتائجها. وكان بلغ عدد الحالات المثبتة مخبريا في مستشفى الحريري الجامعي ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة، بالاضافة الى المختبرات الخاصة 527 حالة بزيادة 7 حالات عن امس الاول، علما ان عدد الفحوصات التي اجريت في الساعات الاربع والعشرين الماضية بلغ 389 فحصا.
وتمّ تسجيل حالة وفاة جديدة، ليصبح عدد الوفيات 18 وفاة.
سير السيارات والشاحنات
وأعلنت وزارة الداخلية والبلديات انه اعتباراً من صباح اليوم تخصص الاثنين والاربعاء والجمعة لسير السيارات والشاحنات ذات الأرقام المفردة، وأيام الثلاثاء والخميس والسبت للأرقام المزدوجة لتخفيف الحركة في فترة التعبئة العامة.
كما شددت على ضرورة التقيد بالشروط الصحية واجراءات الوقاية والعدد المسموح به في السيارة.
كذلك، أصدر وزير الداخلية والبلديات مذكرى اخرى عدل بموجبها أوقات فتح وإقفال المؤسسات المستثناة من التعبئة العامة.
وأعلن فهمي انه حرصاً على سلامة المرضى الذين يحتاجون الى مراجعات دورية للمستشفيات، وإلحاقا لقرار توقيت سير السيارات والشاحنات، تم تكليف الدفاع المدني مهمة مساعدة المواطنين المرضى، لا سيما مرضى غسيل الكلى والامراض المستعصية عند الضرورة.
الشعانين في زمن “الكورونا”
حتى ان “الفيروس” المتخفي القاتل، جعل المسيحيين في لبنان الذين يتبعون التقويم الغربي، يحتفلون في بيوتهم بذكرى دخول السيّد المسيح الى اورشليم على الحمار حيث استقبله الاهالي بسعف النخيل وأغصان الزيتون.
الاطفال حرموا من هذا التقليد السنوي، وحملوا الشموع داخل البيوت وصلّوا.
المسيحيون التزموا بقرار التعبئة العامة وتابعوا القداديس الاحتفالية عبر شاشات التلفزة او عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتحوّلت البيوت الى كنائس حيث ارتفعت الصلوات والتضرّعات واضاءة الشموع.
وقد ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الشعانين في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، كما ترأس مطارنة وكهنة الرعايا القداديس في كنائس المناطق وأديرتها من دون المؤمنين، وقد ركّزت العظات على العودة الى الإيمان والتوبة.
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار : لبنان يتحدى “كورونا” ويعيد أول دفعة من المغتربين ولا إصابات في الرحلة الأولى