أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن “الدولة اللبنانية تعمل حاليا على إعداد خطة مالية اقتصادية شاملة، ضمن برنامج إنقاذي وطني، وقد شارفت هذه الخطة على الانتهاء، وهي تهدف إلى حل المشاكل الاقتصادية والمالية والبنيوية واستعادة الثقة بالاقتصاد، كما إلى خفض الدين العام ووضع المالية العامة على مسار مستدام وإعادة النشاط والثقة إلى القطاع المالي”.
وعرض الرئيس عون التحديات الصعبة التي يواجهها لبنان، على الصعد الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية، خصوصا في ظل انعكاسات أزمة وباء “كورونا”، لافتا الى أن “برنامج الحكومة الاصلاحي يحتاج إلى دعم مالي خارجي، وخصوصا من الدول الصديقة ومن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، لدعم ميزان المدفوعات ولتطوير قطاعاتنا الحيوية من مياه وكهرباء وبنوك ونقل”.
وذكر الرئيس عون المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة بمسؤولياتهم “تجاه أزمة النازحين واللاجئين في لبنان، خصوصا مع تفشي وباء كورونا، لجهة تأمين الوقاية والعناية الطبية في المخيمات وتوفير المساعدات اللازمة للقاطنين فيها من خلال الخطة التي وضعتها الدولة اللبنانية وليس بمعزل عنها”.
من جهته، عرض رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب الجهود التي تقوم بها الحكومة لإصلاح الوضعين الاقتصادي والمالي، مشيرا إلى أن “الحكومة تضع اللمسات الأخيرة على خطة متكاملة تعالج الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة التي نحن بأمس الحاجة اليها”، وقال: “لقد عملنا بلا هوادة لإيجاد التوازن الصائب بين ما هو منصف وانساني لشعبنا وما هو مقبول في اطار المجتمع الدولي”.
ولفت الرئيس دياب إلى أن الحكومة “خلصت الى ان لبنان يحتاج الى اعادة هيكلة دينه بالدولار والليرة اللبنانية”، متعهدا “اجراء برنامج كامل لتعزيز اعادة تشكيل القطاع المصرفي وميزانية المصرف المركزي”، وقال:” دعوني الفت انتباهكم ايضا الى ان فخامة الرئيس عون وحكومتي قررا اجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي وفاء منا بوعد الشفافية، ولتعزيز موقفنا التفاوضي في هذه الفترة الصعبة من تاريخ لبنان”.
وتوجه الرئيس دياب الى مجموعة الدعم الدولية داعيا اياها الى “دعم لبنان بالقدر المناسب من التمويلات الخارجية على الرغم من الاوضاع الدولية الصعبة للغاية”، وقال: “لقد قطعنا اشواطا كبيرة في اقناع شعبنا بضرورة اتخاذ خيارات صعبة في شتى الميادين، ومن العدل ان نأمل بالمقابل الحصول على دعمكم في التفكير خارج حدود المألوف لإيجاد سبل من شأنها ان تخفف مصاعب شعب يعاني منذ قرابة نصف قرن”.
كلام الرئيسين عون ودياب جاء في خلال الاجتماع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية أعضاء “مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان”، والذي عقد في قصر بعبدا عند العاشرة من قبل ظهر اليوم بحضور رئيس الحكومة وعدد من الوزراء والمستشارين.
وحضر الاجتماع عن الجانب اللبناني إلى رئيس الحكومة، نائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي، وزير المالية غازي وزني، وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة، وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفيه ووزير الصحة العامة حمد حسن، الى مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي، المدير العام في رئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير وعدد من المستشارين.
ومن جانب مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان شارك ممثل المجموعة المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش، وسفراء دول المجموعة لدى لبنان، وهم سفراء: روسيا الكسندر زاسبكين، الصين وانغ كيجيان، فرنسا برونو فوشيه، بريطانيا كريستوفر رامبلينغ، الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا وجامعة الدول العربية عبد الرحمن الصلح، القائمة بأعمال السفارة الايطالية روبيرتا دي ليتشيه، القائم بأعمال سفارة ألمانيا ميكاييل روس، رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي رالف جوزف طراف ومسؤول الشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومار جاه.
رئيس الجمهورية
في مستهل الاجتماع ألقى رئيس الجمهورية الكلمة التالية: “بداية اسمحوا لي أصحاب السعادة أن أعبر عن عميق الحزن والأسف لما يحصل لشعوبكم وفي أوطانكم بسبب وباء “كوفيد 19″، وجميعكم تمثلون دولا أصابتها المأساة عميقا.
وأود أن أطلب الوقوف دقيقة صمت عن أرواح جميع ضحايا هذا الوباء، في لبنان وفي كل أنحاء العالم وعن روح فقيدة الجسم الديبلوماسي في لبنان سفيرة الفليبين السيدة برنارديتا كاتالا.
أصحاب السعادة، الحضور الكريم،
أرحب بكم سفراء دول صديقة طالما واكبت لبنان في أزماته المتعددة، الى حد تأسيس مجموعة دعم دولية في العام 2013 بهدف حشد الدعم لمساعدة لبنان ومؤسساته، خصوصا مع تفاقم أزمة النازحين السوريين. ونحن إذ نشكر اهتمامكم ومساندتكم على مدار تلك السنوات نتطلع لمزيد من التعاون في ما بيننا.
لقد أعلنت “مجموعة الدعم” في آخر اجتماع لها في باريس، في كانون الاول من العام 2019، عن استعداد المجتمع الدولي لدعم لبنان على تخطي أزمته المالية والاقتصادية مشروط بقيام حكومة فاعلة وذات مصداقية وقادرة على مكافحة الفساد وتنفيذ حزمة أساسية من الاصلاحات الاقتصادية.
وعلى وقع التحركات الشعبية، وفي ظل أزمة اقتصادية مالية اجتماعية متصاعدة، وعلى الرغم من كل العوائق والعراقيل السياسية تشكلت الحكومة المرجوة في مطلع العام الحالي، وتعهدت في بيانها الوزاري اطلاق خطة طوارئ إنقاذيه وسلة إصلاحات ومكافحة الفساد ومعالجات في المالية العامة مع إجراءات اقتصادية للانتقال من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج. وهذه الخطة إذا وضعت على السكة من شأنها أن ترفع لبنان شيئا فشيئا من الهاوية التي يتدلى اليها.
الحضور الكريم،
كان لبنان يستعد لإطلاق ورشة عمل لمعالجة أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية حين ضرب وباء “كوفيد 19” العالم، فاضطر الى إعلان حالة طوارئ صحية استدعت التعبئة العامة، ما فرمل الى حد ما انطلاقته وفاقم من أزماته وأضاف إليها أزمة الصحة. ونحن اليوم نجابه كل هذه الأزمات والتداعيات ونرحب بأي مساعدة دولية من أصدقاء لبنان. وسوف أعرض أمامكم الان التحديات التي تواجهنا والسبل التي نعتمدها في المعالجة، وما الذي نتوخاه من مساعدة نأمل أن تأخذوها بعين الاعتبار في مقاربتكم للوضع اللبناني.
أولا – من الناحية الاقتصادية:
يعاني لبنان من أزمة غير مسبوقة تتسم بانكماش اقتصادي كبير وبتراجع الطلب الداخلي والاستيراد وبنقص حاد بالعملات الأجنبية وبارتفاع البطالة ومعدلات الفقر، كما بارتفاع الأسعار وانخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية من خلال السوق الموازية، بالإضافة إلى العجز في المالية العامة نتيجة لتراجع الإيرادات الضريبية.
لهذه الأسباب مجتمعة، ومن أجل وقف استنفاد الاحتياطيات الخارجية التي وصلت إلى مستوى منخفض للغاية، وفي محاولة لاحتواء عجز الميزانية، قررت الدولة اللبنانية في 7 آذار 2020 تعليق سداد استحقاقات سندات اليوروبوند، وتم تعيين استشاريين دوليين، مالي وقانوني لمؤازرة الحكومة في هذا المجال.
إن الدولة اللبنانية تعمل حاليا على إعداد خطة مالية اقتصادية شاملة، ضمن برنامج إنقاذي وطني، بهدف تصحيح الاختلالات العميقة في الاقتصاد ومعالجة التشوهات التي نتجت عن ثلاثين سنة من السياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة، والتي سبقتها خمس عشرة سنة من حروب مدمرة أطاحت بالكثير من البنى الاقتصادية والصناعية وحتى الإنسانية.
وعلى الرغم من كل الأوضاع الطارئة فإن هذه الخطة قد أشرفت على الانتهاء، وتهدف إلى حل المشاكل الاقتصادية والمالية والبنيوية، واستعادة الثقة بالاقتصاد، وخفض الدين العام ووضع المالية العامة على مسار مستدام، وإعادة النشاط والثقة إلى القطاع المالي عبر تحقيق الشفافية من خلال التدقيق المالي والمحاسبي الذي قرره مجلس الوزراء لكشف الخسائر المتراكمة في مصرف لبنان وتصحيحها، وعبر إعادة الاعتبار إلى التسليفات للقطاعات الإنتاجية وتطبيق تدابير إصلاحية لتعزيز النمو وزيادة الإنتاجية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد اللبناني، بالإضافة إلى تصحيح ميزان المدفوعات، بالتوازي مع إصلاح مالي يركز على استئصال الفساد وتحسين الامتثال الضريبي وضبط الهدر وحسن إدارة القطاع العام. علما أن الخطة تسعى في كل مراحلها، إلى تجنيب الفئات الأكثر ضعفا وإلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي.
ونظرا لخطورة الوضع المالي الحالي وللآثار الاقتصادية الكبيرة على اللبنانيين وعلى المقيمين والنازحين، سيحتاج برنامجنا الإصلاحي إلى دعم مالي خارجي، وخصوصا من الدول الصديقة ومن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، لدعم ميزان المدفوعات وتطوير قطاعاتنا الحيوية من مياه وكهرباء وبنوك ونقل… وإننا نعول أيضا وبشكل كبير على التمويل الذي تم التعهد به والبالغ 11 مليار دولار في مؤتمر “CEDRE” والتي ستخصص بشكل أساسي للاستثمار في مشاريع البنية التحتية.
ثانيا- من الناحية الاجتماعية:
إن الامن الاجتماعي هو شرط من شروط الامن القومي. من هنا ضرورة العناية الكاملة بأطياف شعبنا كافة خصوصا من يعاني الفقر أو النقص الحاد في الموارد الحياتية التي تؤمن الحد الادنى من الحياة الكريمة عبر تقديم الإعانات اللازمة، غذائيا وطبيا وماليا.
وعليه فقد عمدت وزارة الشؤون الاجتماعية على وضع خطة طوارئ للتصدي للمآسي الناتجة والتي سوف تنتج عن الأزمة الداهمة بالتشاور مع كل الوزارات المعنية والمجتمع الأهلي، تعتمد معايير شفافة وتؤمن الاستجابة للاحتياجات في حدود الموارد العامة المتاحة ومساعدة الأسر اللبنانية لتخطي الأزمة المستجدة.
ثالثا- من الناحية الصحية:
لقد تحول فيروس “كوفيد 19” المستجد وباء عالميا ضرب كل الدول، حاصدا بوتيرة متصاعدة عشرات الألاف من الضحايا.
أما في لبنان فقد ساعدتنا سرعة اتخاذ التدابير والإجراءات في الحد من انتشار هذا الوباء وبقائه ضمن الإطار المعقول حتى الآن، ونسعى جاهدين ليبقى تصاعد أعداد الإصابات ضمن قدرتنا على استيعابها، ونسعى أيضا لإعادة أبنائنا المغتربين الى الوطن ضمن الإمكانات المتوافرة.
مما لا شك فيه أن الاكتفاء الوطني الذاتي في الأزمات الصحية هو من مقومات صمود الدول في هكذا أزمات، وأعني توافر الأطقم الطبية والتمريضية والإسعافية والمعدات والأجهزة وأساليب الوقاية من ألبسة وكمامات وقفازات ومعقمات بالإضافة الى الأدوية المطلوبة.
إن الاكتفاء البشري في لبنان متوافر ومتفان وله كل الشكر والامتنان. أما التجهيزات والمعدات والادوية، فقد حاولت الصناعة الوطنية سد بعض الثغرات، وأحيي هنا الشباب اللبناني الذي شحذت الأزمة روح الابتكار لديه فسجل محاولات اختراعات نحن بأمس الحاجة اليها. ولكن يبقى الحيز الأكبر للاستيراد، مع كل الأعباء المالية الضخمة والطارئة التي يرتبها علينا.
رابعا- أزمة النازحين السوريين:
ما زالت أزمة النازحين السوريين تلقي بثقلها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي اللبناني منذ سنوات وقد سبق أن توجهت مرارا وتكرارا الى المجتمع الدولي شارحا تداعياتها السلبية على وطننا وداعيا لتأمين عودتهم الآمنة الى بلادهم، وأكرر الدعوة اليوم خصوصا مع الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان.
ومع الخطر الداهم لتفشي وباء “كوفيد 19” وارتفاع منسوب هذا الخطر على أبواب مخيمات النازحين وايضا اللاجئين، فإن لبنان، المثقل بأعبائه، يتوجه مجددا الى المجتمع الدولي لإعادة تذكيره بمسؤولياته تجاه هذه الأزمة الإنسانية، والى منظمات الامم المتحدة ووكالاتها وبرامجها، لتأمين الوقاية والعناية الطبية في المخيمات وتوفير المساعدات اللازمة للقاطنين فيها من خلال الخطة التي وضعتها الدولة اللبنانية وليس بمعزل عنها.
أصحاب السعادة،
منذ أيام وصف سعادة الامين العام للأمم المتحدة جائحة “كوفيد 19” بأنها أسوأ أزمة عالمية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وكان سبق أن وصفت أزمة النازحين السوريين بأنها أسوأ أزمة انسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
إن لبنان اليوم يجمع على أرضه عبء أكبر وأسوأ أزمتين أصابتا العالم منذ خمسة وسبعين عاما، وإذا كان وباء “كوفيد 19” قدرا سيئا طال معظم الدول ونلنا منه قسطنا، فإن أزمة النزوح تحملناها منفردين، وقد تخطت كلفتها علينا 25 مليار دولار باعتراف المؤسسات الدولية. ولا حل يلوح في المدى المنظور.
أصحاب السعادة، الحضور الكريم،
إن العالم ما بعد “كوفيد 19” لن يكون كما قبله، سيكون عالما مثخنا بجراح إنسانية ومرهقا بتداعيات اقتصادية، فهل سيبقى عالم التوحش الاقتصادي والمالي وعالم “أنا قوي إذا أنا على حق”، أم ستجعل منه المعاناة التي صهرته، عالما أكثر إنسانية وأكثر تضامنا؟. كل أملنا أن تنتصر الإنسانية”.
رئيس الحكومة
ثم ألقى رئيس الحكومة الكلمة التالية: “انه لمن دواعي سروري ايضا ان ارحب بكم اليوم في القصر الجمهوري. خلال الايام الـ 54 المنصرمة، اطلقت حكومتي مروحة واسعة من السياسات والاجراءات لمعالجة العديد من الازمات. في الواقع، تقع على عاتقنا المهمة الكبرى بأن نتعامل مع ارث الماضي الذي ادى الى:
1- الازمة الاقتصادية الحالية التي ترخي بظلالها على النمو والعمالة،
2- ازمة مالية تترافق مع عجز مزدوج كبير مالي وفي الحساب الجاري،
3- ارتفاع كبير في حجم الدين العام والخاص،
4- وازمة نقدية تقيد بشكل حاد نفاذ المودعين الى اموالهم التي جنوها بشق الأنفس.
بسبب هذه العاصفة العارمة، نزل اللبنانيون الى الشارع في شهر تشرين الاول 2019، ينادون بوضع حد للفساد وسوء الادارة وغياب الشفافية. وقد قلت منذ اليوم الاول انني سمعت شكاويهم وانني سأتصرف على هذا الاساس. وكما لو ان الوضع لم يكن اصلا معقدا جدا، اتت جائحة كوفيد-19 لتثقلنا بالمزيد من المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية.
فخامة الرئيس، اصحاب السعادة، حضرة السيدات والسادة،
ان التحديات الهائلة التي نواجهها لن تثبط على الاطلاق عزيمة حكومتي لتقويم الوضع كما ينبغي والتصرف بحزم لتأمين مستقبل مشرق للشعب اللبناني تدريجيا، سيما وانه سيعيش حتما اوقاتا عصيبة جدا الى أن تطبق الاصلاحات الملائمة. بمساعدة خبراء، تضع حكومتي اللمسات الاخيرة على خطة متكاملة تعالج الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة التي نحن بأمس الحاجة اليها. نعرف ما يجب فعله ولدينا الارادة لنفعله. ولكن من غير المقبول التسبب بصعوبات للبنانيين دون اعطائهم الخيارات المثلى لانتعاش اقتصادي سريع ولامكانية استعادة جزء كبير من خسائرهم على الاقل. من غير العادل ان نرى شعبنا يعاني دون ان يكون لدينا برنامج جاد يمنح الامل، يحاسب المسيئين ويسعى بشراسة لاستعادة الاصول والاموال المنهوبة.
خلال هذه الايام الـ 54، اضطرت حكومتي الى اتخاذ القرار التاريخي الصعب بتعليق سداد سندات اليوروبوند، بعد تقييمات طويلة ومعقدة لمختلف الخيارات. ويسرني نوعا ما اننا وضعنا انفسنا على سكة مفاوضات النية الحسنة وانكم عبرتم جميعا عن دعمكم لهذه الخطوة الحكيمة. بعد هذه الحركة المهمة، اخترنا استشاريينا المالي والقانوني وبدأنا بالعمل على مدار الساعة على عدة جبهات. كما ان حكومتي امضت ساعات طوال وهي تنظر في عدد كبير من الخيارات للخروج من الازمات بأكبر سرعة وإنصاف ممكنين. وخلصنا الى ان لبنان يحتاج الى اعادة هيكلة دينه بالدولار والليرة اللبنانية ليتمكن من الوصول الى معدل مستدام للدين بالنسبة الى اجمالي الناتج المحلي خلال السنوات المقبلة، على ان تشمل هذه النسبة كل الدعم المالي الخارجي، اضافة الى اموال التزامات “سيدر”. كذلك، نتعهد اجراء برنامجا كاملا لتعزيز اعادة تشكيل القطاع المصرفي وميزانية المصرف المركزي.
يرتكز الملخص على التحليل المعمق الذي اجرته حكومتي وفريق المستشارين والخبراء بالنسبة الى الخسائر التي تراكمت في النظام على مر السنين. دعوني الفت انتباهكم ايضا الى ان فخامة الرئيس عون وحكومتي قررا اجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي وفاء منا بوعد الشفافية، ولتعزيز موقفنا التفاوضي في هذه الفترة الصعبة من تاريخ لبنان.
وقد تشاركَت حكومتي ايضا مع مؤسسات دولية وحشدت دعما منها لمواجهة مختلف الازمات. في هذا السياق، شكلنا فرقا مشتركة مع البنك الدولي لتقييم الوضع النقدي والمالي، ناهيك عن المسائل الاجتماعية والضريبية والاقتصادية. واود ان اغتنم هذه الفرصة لشكر فريق البنك الدولي على تفرغه واستعداده الملفتَين للمساعدة. اما بالنسبة الى صندوق النقد الدولي، فقد استقبلنا بعثة منه بدأنا معها حوارا بناء، تلته مسائل مركزة جيدا تتعلق بالدعم الفني، بما في ذلك آليات فرض قيود على السحوبات (كابيتال كونترول)، وذلك بعد محادثاتي مع المديرة التنفيذية جورجييفا. بناء عليه، سوف نطلب عما قريب من نظرائنا المتعددي الاطراف بأن يبدوا آراءهم بخطة لبنان بهدف ردم الهوة بين مواقفنا. بدورها، تقوم وزارة المال بمخاطبة شركائنا المتعددي الاطراف والثنائيين بانتظام لموافاتهم بمستجدات مواضيع الساعة والاستماع الى تعليقاتهم.
اصحاب السعادة، حضرة السيدات والسادة،
سوف تصبح خطة حكومتي متوفرة قريبا، ونحن اليوم نضع اللمسات الاخيرة عليها. لقد عملنا بلا هوادة لإيجاد التوازن الصائب بين ما هو منصف وانساني لشعبنا وما هو مقبول في اطار المجتمع الدولي. لا شك في انكم مهتمون بلبنان ولبنان بحاجة الى دعمكم، لا سيما وان لدينا هوة كبيرة ينبغي ردمها. ونحن ملتزمون ردم اكبر قدر منها من خلال أجندتنا الاصلاحية ومن خلال استعادة الاصول المكتسبة بطرق غير شرعية. ونحن نأمل ان تدعمونا بناء عليه بالقدر المناسب من التمويلات الخارجية على الرغم من الاوضاع الدولية الصعبة للغاية. لقد قطعنا اشواطا كبيرة في اقناع شعبنا بضرورة اتخاذ خيارات صعبة في شتى الميادين، ومن العدل ان نأمل بالمقابل الحصول على دعمكم في التفكير خارج حدود المألوف لإيجاد سبل من شأنها ان تخفف مصاعب شعب يعاني منذ قرابة نصف قرن.
ختاما، اود ان اشدد على ان حكومتنا سوف تتعامل مع الشعب اللبناني ومعكم بأعلى درجات الشفافية. وسبق ان ابدينا منسوبا عاليا من الجدية والوضوح في تقويم وضعنا، كما ظهر بوضوح في مؤتمر المستثمرين الذي عقدته وزارة المالية والذي تلقينا عليه اصداء ايجابية للغاية، بصورة اساسية من حيث دقة التشخيص. ومن ضمن شرعيتنا، سوف نستمر في اخبار اللبنانيين الحقيقة وسوف نعول على دعمهم على الرغم من الفترة العصيبة القصيرة التي تنتظرنا. كذلك، سوف نعول على قدرتكم على التعبئة لدعمنا في مجالس المؤسسات من حيث تخصيص الموارد المالية، ودعم مسعانا الهادف الى استرداد اصول لبنان، وسنتطلع الى ردود فعلكم الايجابية طوال العملية الاصلاحية بغية اعادة النمو المستدام والازدهار للبنان في سياق مستقر وبأقرب وقت ممكن. ومن اصل مجمل الاصلاحات التي تعهدت حكومتي اجراءها خلال الايام المئة الاولى، 57% منها اصبحت اليوم جاهزة للتصويت عليها في مجلس النواب”.
وزير المالية
وألقى بعدها وزير المالية الكلمة التالية: “ان حكومة الـ 54 يوما ورثت ازمات حادة اقتصادية ومالية واجتماعية غير مسبوقة. وحكومة ال54 يوما اضطرت الى اتخاذ قرارات صعبة وضرورية ومصيرية للاقتصاد الوطني.
تتضمن مداخلتي اربعة محاور هي:
– اعطاء صورة واضحة عن الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان في العام 2020.
– قرار الحكومة بخصوص تعليق سداد الدين.
– قرار التواصل مع صندوق النقد الدولي.
– البرنامج الاصلاحي الشامل.
في المحور الاول، للأسف الشديد فإن جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية صعبة ودقيقة ومتدهورة. وإذا ما نظرنا الى الوضع الاقتصادي، لوجدنا انه يشهد انكماشا اقتصاديا حيث نتوقع ان يكون النمو سلبيا بأكثر من 10%. وفي المالية العامة نتوقع عجزا يقارب 7% من الناتج المحلي. وبخصوص الدين العام، فوضعه لا يزال مرتفعا جدا وغير قابل للاحتمال، إذ نتوقع ان يتجاوز 170% من الناتج المحلي، فيما الوضع الاجتماعي يشهد ارتفاعا في مستوى البطالة، من المتوقع ان تفوق 40%، وان تتجاوز نسبة الفقر 45 وحتى 50% من الشعب اللبناني. اضافة الى هذه الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المجتمعة، فإننا نشهد في العام 2020 ايضا ازمات مصرفية ونقدية حادة تظهر بوضوح في شح العملات الصعبة، وتدهور سعر صرف الليرة التي خسرت خلال الاشهر الاخيرة اكثر من 50% من قيمتها، الى استنزاف احتياطات مصرف لبنان من العملات الاجنبية. وهذه الامور ادت في نهاية المطاف الى ارتفاع معدلات التضخم الذي سيقارب في هذه السنة 25%.
بالنسبة للمحور الثاني، فقد قرر لبنان في كلمة لرئيس الحكومة في آذار من العام 2020 تعليق سداد الدين العام. وهذا القرار ليس نابعا عن عدم رغبة لبنان في تسديد الدين العام، بل من عدم قدرته على سداد هذا الدين. واذا نظرنا الى احتياطات مصرف لبنان من العملات الاجنبية التي بدأت تسنزف، فأنها بلغت حاليا نحو 22 مليار دولار. لذلك فقد فضلت الحكومة عوض سداد استحقاقات الدين بالعملات الاجنبية، تخصيص هذه العملات الاجنبية لاستيراد المواد الغذائية الاولية الى لبنان. ولقد كانت الحكومة اللبنانية مضطرة الى اتخاذ مثل هذا القرار، ولم تكن مخيرة فيه. ولو كان بمقدورها سداد الدين لكانت قامت به بشكل سريع جدا.
وفي المحور الثالث، عندما واجهت الحكومة صعوبات في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي والمالي ووجدت حاجة لإعداد برنامج اقتصادي ومالي يستطيع ان يتوافق مع متطلبات المجتمع الدولي، فإنها طلبت مساعدات تقنية من صندوق النقد الدولي. وكانت اللقاءات معه ايجابية وبناءة بكل معنى الكلمة. وهو قدم توصيات الى الحكومة اللبنانية نأخذها بعين الاعتبار في ما يتعلق خصوصا بإعداد البرنامج الاقتصادي الشامل.
وفي المحور الرابع، ان البرنامج الاقتصادي الشامل يتضمن محاور اساسية، تم اعتمادها بعدما اخذنا بالاعتبار ان النظام الاقتصادي القائم حاليا والذي يقال عنه الريعي قد سقط واصبح لبنان مضطرا في السنوات المقبلة الى ان يحظى بنموذج اقتصادي جديد. والخطوات الاساسية التي يتضمنها هذا البرنامج، هي: الاصلاح في المالية العامة، اعادة هيكلة الدين العام سواء بالعملة المحلية او بالعملات الاجنبية، اعادة هيكلة القطاع المصرفي الخاص منه وما هو متعلق بمصرف لبنان، اعادة الهيكلة من اجل تحفيز النمو الاقتصادي، واصلاحات اجتماعية.
وهذا البرنامج الشامل اخذ في الاعتبار التوصيات التي اتت من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وكل محاوره لا يمكن ان تعطي نتائج من دون المساعدات الخارجية. ولذلك، فإننا نأمل ان تكون المرحلة المقبلة هي مرحلة الدعم المالي للبنان كإحدى الشروط الاساسية والضرورية للخروج من الازمة”.
بيفاني
وبعد كلمة وزير المالية، قدم المدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني عرضا مفصلا عن الأوضاع المالية والنقدية في البلاد، وخطة الحكومة لمواجهة الظروف الراهنة، لا سيما لجهة اعادة هيكلة الدين العام واصلاح النظام المصرفي، واعادة هيكلة مصرف لبنان اضافة الى خطة اصلاح ضريبي.
وفصل بيفاني كل هذه الخطط وفق التصور الذي وضعته الحكومة بالتعاون مع الاستشاريين الدوليين. لافتا الى ان “المصادر التي ستساعد في تطوير القطاع الاقتصادي، تتركز خصوصا من خلال حملة السندات بعد اعادة الهيكلة والدعم الخارجي، ومن خلال اقتصاد منتج وبيئة مؤاتية والتعاون مع اسواق الرساميل الدولية”، لافتا الى ان دعم اصدقاء لبنان اساسي في هذا المجال”.
وزير الشؤون
ثم تحدث الوزير المشرفيه، فقال: “نجد ان نسبة 22% من الشعب اللبناني باتت ما دون خط الفقر المدقع و45% تحت خط الفقر العادي، وهذا سجل قبل الازمة الاقتصادية الحالية. وقد ادت ازمة النازحين السوريين الى لبنان الى مضاعفة عدد الفقراء بين عامي 2012-2017. والبنك الدولي يقدر عدد الفقراء في آذار من العام 2020 ب45% من عدد السكان. وهناك بعض المناطق تشهد تركيزا لنسبة الفقراء اكثر من الاخرى ما سيؤدي الى نقص في اليد العاملة البشرية، اضافة الى فقدان الرأسمال البشري الذي يقدر ب46% من انتاجية الاجيال المقبلة. وقد استتبع الوضع الحالي ضرورة ايجاد برنامج شبكات الامان لوقف تفاقم الفقر والحفاظ على الرأسمال البشري لدى الاسر الاكثر فقرا”.
اضاف: “الى كل ذلك، اضيفت ازمة وباء الكورونا المستجدة، ومنع التجول يساعد في تسطير المسار التصاعدي، وعدد الحالات النشطة آخذة في الانخفاض. وإننا بمساعدة وزارة الداخلية والبلديات قمنا بإطلاق مشروع جديد هو عبارة عن منصة بين الوزارتين تتعلق بالتأثير الفاعل، حيث يطلب من المخاتير والبلديات تعبئة استمارات من اجل اجراء مسح يجري حفظه الكترونيا، على ان يرسل الى مكتب رئيس الحكومة حيث سيتم تقييمه للحصول على الارقام الواضحة بالنسبة الى كل فئة من السكان لنعرف من هم الاكثر حاجة. وسيكون هناك خط ساخن لمعالجة مختلف الاوضاع، وتقديم المساعدات اللازمة. هذه تجربة من اجل مكافحة الفقر تبين لنا عدد من هم بحاجة الى المستفيدين من العائلات، اضافة الى احصاء المساكن ومستوى التربية ونسب العمالة”.
وتابع: “بخصوص ازمة اللاجئين السوريين فأننا نجد زهاء مليوني سوري يقيمون في مخيمات غير شرعية ويتوزعون على مختلف المحافظات، وهناك ملاجئ سكنية وغير سكنية دائمة وغير دائمة لهم. والحاجة الى اسرة ووحدات عناية فائقة تصبح ملحة وكبيرة جدا، ما يوازي نحو 200 سرير اضافي و25 وحدة عناية فائقة واجهزة تنفس اضافية اذا ما اصابهم وباء الكورونا. هناك الوقاية والتدريب والعناية الضرورية التي تقوم بإعطائها المفوضية العليا للاجئين اضافة الى تقديم العاملين الانسانيين والبرامج الخاصة”.
ورأى أن “الانكماش الاقتصادي سجل نسبة 12% اضافية في العام 2020 وقد ترتفع نسبة من هم تحت خط الفقر الى 52% نهاية العام بحسب تقارير البنك الدولي، من بينهم 22% تحت خط الفقر المدقع و44% من العاطلين عن العمل. ان كلفة اللاجئين سنويا تتراوح بين 4 و5 مليار دولار منها حوالي المليار دولار تكاليف مباشرة سنويا. ما يوازي نحو 25 مليار دولار بإجمالي السنوات المنصرمة”.
واوضح ان الحكومة “اطلقت برنامج مساعدات حيث سيتم توزيع 75 مليار ليرة لبنانية على حوالي 180000 اسرة بمعدل 400000 ليرة لكل مستفيد، ونحن نجمع البيانات للسير بذلك في اسرع وقت ممكن. كما نعمل على مضاعفة التعاون مع مختلف الوزارات اضافة الى تطوير اجراءات الملاءمة لوباء الكورونا، ونأمل ان نتمكن من الوصول الى الاطفال والمعوقين والمتقدمين في السن. ومن المهم ان نحصل على دعم برنامج الاستجابة لحاجات اللاجئين من المفوضية العليا للاجئين”.
وزير الصحة
ثم تحدث وزير الصحة العامة، فقال: “يزداد الاستنزاف اليوم لمالية وزارة الصحة العامة، خصوصا مع تفشي وباء كوفيد 19، وهنا اشير الى صعوبة التحويلات المالية لشراء المستلزمات والمعدات الطبية بالسرعة المطلوبة، ما يضع وزارة الصحة العامة والطاقم الطبي والمجتمع اللبناني في وجه تحديات صحية معقدة”.
واشار الى انه “بالنسبة للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، نلحظ غياب المؤسسات الدولية والأممية عامة عن خطط التدخل الصحية الميدانية، ولا يزال معظمها في صدد وضع خطط ودراسات وهذا هدر للوقت، ما قد يشكل كارثة وبائية وانسانية. وهذا سيكون بمثابة تحد عالمي للايفاء بالعهود المقطوعة في هذا الخصوص”.
واكد “نحن في وزارة الصحة العامة ننفذ سياسة صحية وقائية ولا نقارب التحديات الصحية من أي منطلق سياسي، وهذا ما نجحنا فيه حتى الآن. فحققنا الحماية الصحية الشاملة على كل الاراضي اللبنانية بمهنية وشفافية تامين، من دون التفرقة بين المجتمعات أو الجنسيات”.
حمرا
ثم قدمت السيدة رشا حمرا من وزارة الصحة، عرضا مفصلا عن الواقع الصحي الراهن في البلاد خصوصا بعد انتشار داء كورونا، تناولت فيه جهوزية المستشفيات الحكومية والخاصة لاستقبال المصابين بالداء، وعدد الاسرة المتوافرة فيها، لافتة الى ان “القطاع الصحي يحتاج لمساعدات فورية ولزيادة عدد المعدات التي تجري الاختبارات بواسطتها، بحيث يصبح في الامكان اجراء 2500 اختبار يوميا”، مشددة على “اهمية معالجة الحالات الملحة، وتدريب العاملين على اجراء الاختبارات، وتوفير الادوية الضرورية”.
اما في شأن النازحين السوريين، فذكرت حمرا بأنه “لا بد من تخصيص اسرة في المستشفيات للاجئين، كما يجب الاهتمام بنزلاء السجون وفئة العاطلين عن العمل”.
كوبيتش
وفي الختام القى يان كوبيتش الكلمة التالية: “اسمحوا لي ان اشكر صاحب الفخامة على دعوة اعضاء مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان الى هذا الاجتماع. ان العروض التي قدمت في هذا الاجتماع، ستسمح لنا بفهم استراتيجية الحكومة ورؤيتها، ونحن ندعمها في جهودها لإيجاد طريق للخروج من هذه الازمة التي ترخي بظلالها على واقع لبنان ومستقبله، اذا لم تتم معالجة الامور بسرعة وبطريقة موثوقة. وهذا يساعدنا على فهم المجالات الاساسية التي تحتاج الى حشد الدعم لها والمساعدات الاساسية، من اجل تخطي الازمة المصيرية التي تمثلها جائحة كوفيد 19. ان اعضاء المجموعة عبروا عن موقفهم في اعلان الاجتماع الذي عقدوه في باريس في 11 كانون الاول 2019 وفي الاجتماعات اللاحقة.
ان تفشي هذا المرض يشكل تحديا غير مسبوق لهذا البلد لأنه يتسبب بمشاكل كان لبنان يتخبط بها اصلا، وهي التي ادت الى احتجاجات 17 تشرين الاول. هناك الصعوبات الاقتصادية، نقص السيولة، ضعف المؤسسات، الفساد المستشري، ونقص الشفافية. كما ان هناك ازمات اجتماعية ومالية، وارتفاع كبير في عدم المساواة والبطالة، وهناك ضغوط اجتماعية تؤدي الى مزيد من اليأس. وترحب الامم المتحدة بالخطوات الاساسية التي اتخذها لبنان من اجل معالجة الازمة، كما نشجع بشكل خاص الجهود الآيلة الى التأكد من ان جميع مجموعات الشعب اللبناني يمكن ان تحصل على معدات لإجراء الاختبارات وعلى العلاج اللازم عبر شبكة المستشفيات المخصصة. يجب ان تكون الاستجابة متناسقة على صعيد حكومة لبنان، وتقدَم الخدمات نفسها لجميع المرضى بغض النظر عن وضعهم القانوني او عن جنسيتهم.
في الدعم لجهود الحكومة، عززت الامم المتحدة التزامها بتقديم المساعدات من اجل الوقاية والتخفيف من جائحة كورونا، وتقديم الخدمات للمجموعات الاكثر هشاشة بما فيها المساعدات الاولية والخدمات الصحية. وتحضر الأمم المتحدة نداء من اجل دعم الاستجابة المحلية والقومية لجائحة كوفيد 19، ودعم الجهوزية، والاستجابة للنظام الصحي اللبناني في مواجهة تفشي الكورونا، وتقوية التعهد والتواصل بين المجتمعات، ودعم ممارسات النظافة الشخصية الاساسية، وتقديم المساعدات للمجموعات الاكثر هشاشة، الذين دفعتهم الحرب في سوريا الى الانتقال الى لبنان، وتوسيع الدعم لعدد اكبر من المجموعات اللبنانية الهشة التي لا تغطيها المفوضية العليا للاجئين، والتي هي بحاجة الى المساعدة والوقاية من الازمات الحالية والسابقة.
بالنسبة الى الامم المتحدة ان الوضع في اوساط اللاجئين السوريين والفلسطينيين مهم جدا. تعمل المفوضية العليا للاجئين على تأمين حاجات هذه المجموعات، على سبيل المثال في المخيمات غير الرسمية والملاجئ، وهذا يشمل تقديم مناطق مخصصة للحجر من شأنها ان تستقبل ايضا مرضى عوارضهم خفيفة، وبإمكانها ايضا ان تستقبل حالات اكثر حرجا. ان الامم المتحدة وغيرها من الشركاء الدوليين يشددون على اهمية شبكات الامان الاجتماعية في حشد المساعدات من اجل التخفيف من هذه الهشاشة الحالية والمستجدة، خاصة في ظل ازمة كورونا.
ختاما اود ان اشدد على تضامننا والتزامنا في الامم المتحدة واعضاء المجتمع الدولي الاساسيين لمواصلة دعم لبنان وشعبه، في تطوير الوحدة والامن والاستقرار”.
فوشيه
وتحدث السفير فوشيه، فاعتبر انه “من المفيد اللقاء في ظل هذه الظروف الدولية الصعبة الناجمة خصوصا عن تفشي وباء الكورونا على المستوى الدولي، لبحث الازمات الثلاث التي يجتازها لبنان راهنا: الصحية منها والاقتصادية والاجتماعية. ورأى ان الازمة الدولية الراهنة مرعبة مع عدد كبير من الضحايا، وقد شكلت اوروبا القارة الاكثر تضررا مع نسبة تجاوزت ثلاثة ارباع الوفيات العالمية”.
وحيا فوشيه “الحكومة اللبنانية ووزير الصحة العامة بشكل خاص على ما قام به الجميع، حيث تمت ادارة الازمة باكرا من خلال اتخاذ اجراءات مبكرة وشجاعة، يجب ان تتواصل”. كما حيا “عملية اعادة اللبنانيين من الخارج والتي تمت وفق قواعد جد صارمة”.
ورأى أن “حاجات لبنان كثيرة، وفرنسا حاولت قدر المستطاع تقديم المساعدات الطبية والصحية وذلك منذ التاسع من شهر آذار الماضي وسط ظروف صعبة كوننا اخذناها من مخزوننا الاستراتيجي”، مشيرا الى الطلب الفوري لكافة الشركات والمؤسسات الفرنسية المختصة العاملة في لبنان بهدف توجيه اهتماماتها لتلبية متطلبات لبنان لمواجهة ازمة كورونا”.
وعن الازمة الاقتصادية والمالية الراهنة، اعتبر انه “من الواجب مجابهتها عبر اتخاذ التدابير اللازمة لا سيما وانها تجري في ظل ازمة دولية تتفاقم بدورها، حيث طلبت اكثر من 90 دولة مساعدات في الوقت الراهن”، مؤكدا ان “باستطاعة لبنان الحصول على مساعدات فورية، ومن الضروري له ان يقر برنامج الاصلاح الاقتصادي وان يتم اتخاذ القرارات التنفيذية في هذا الاطار”، داعيا الى “اعادة هيكلة الدين والقطاع المصرفي وتطبيق الاصلاحات اللازمة اضافة الى اتخاذ قرارات مالية شجاعة، واجراء اصلاحات في المالية العامة والكهرباء والقضاء وغيرها”.
وشدد فوشيه على ان “فرنسا تدعم حكومة الرئيس دياب التي تعمل بجهد كبير ليلا نهارا، وفي كل ما تقوم به”، مشيرا الى ان “هناك حلولا يجب اتخاذها على المدى القصير واخرى على المديين المتوسط والبعيد للحد من الازمة الاجتماعية لا سيما منها البطالة، إذ من المؤسف ان نرى دولا عديدة تستفيد من مستوى التعليم العالي والخبرة للشباب اللبناني الجامعي، الذي تدفعه البطالة الى ايجاد فرص عمل في الخارج”.
وقال: “ندعم كل الجهود المبذولة من اجل ارساء نظام منتج، ومقررات مؤتمر “سيدر” لا تزال قائمة، وهي حددت نحو 80 مشروعا استثماريا كبيرا، من المطلوب ادراج اولوياتها وآليات مراقبة تنفيذها لوضعها موضع التنفيذ واطلاق الاستثمار من دون تأخير”.
السفير طراف
كما تحدث السفير طراف، فأشار الى ان “الاتحاد الاوروبي يبقى من اكثر الذين يساهمون بتقديم المساعدات الى لبنان لا سيما في المجال الطبي وهي بلغت نحو 80 مليون يورو”، كاشفا ان الاتحاد “قد خصص مساعدات للبنان في الاسبوع الماضي بقيمة 168 مليون يورو في المجالات الاجتماعية والتربوية وغيرها”، متمنيا “ان تساهم هذه المساعدات في توطيد نظام اجتماعي يشهد نموا مستداما”.
ورأى ان “الاتحاد الاوروبي يقوم بوضع برامج مساعداته للبنان بالتعاون الوثيق مع الحكومة اللبنانية من خلال اقنية تعاون متعددة، بحيث تصل المساعدات التي يقدمها الى جميع من هم بحاجة اليها من اللبنانيين اضافة الى اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين”.
وعن المساعدات المالية والاقتصادية للبنان، اشار طراف الى ان “الاتحاد يعمل من خلال المصرف الاوروبي للاعمار والانماء والاستثمار، ما يسهل تأمين العديد مما يحتاجه لبنان كمساعدات”، مجددا “التزام الاتحاد بمقررات مؤتمر “سيدر”.
وأكد ان الاتحاد الاوروبي “ملتزم دعم الحكومة اللبنانية في جهودها لاعتماد الاصلاحات البنيوية الاساسية”، داعما “الحوكمة العادلة واستقلالية القضاء وكل الاصلاحات لوضعها موضع التنفيذ وفق ما تم الاعلان عنه”.
السفير البريطاني
وحيا السفير رامبلينغ في كلمته “الجهود المبذولة من الحكومة والقطاع الصحي والاستشفائي اللبناني الذي يقف في الصفوف الامامية لمواجهة وباء عالمي اثر في النظام الدولي لاول مرة بهذا الشكل الكبير منذ عدة اجيال”.
وكشف ان “المملكة المتحدة خصصت مساعدة للبنان بقيمة مليون دولار لمساعدته على مواجهة وباء كورونا، اضافة الى مساعدات اخرى بواسطة منظمة الصحة العالمية وتأمين اجهزة تنفس كمساهمة في سد الحاجات الطبية الملحة للبنان في هذه الفترة”.
وتحدث عن “ضرورة اجراء الاصلاحات المطلوبة في لبنان”، فاعتبر ان “تطوير نظام شفاف ومستدام من شأنه ان يشجع الدول المانحة لتقديم المساعدة للبنان، ما سيشكل ايضا جزءا اساسيا من الجواب المطلوب لحاجات لبنان”.
وحيا رامبلينغ “الجهود المبذولة لوضع استراتيجيات مواجهة للازمة الاقتصادية والمالية في لبنان، من قبل الحكومة”، مشيرا الى “وجوب وضعها موضع التنفيذ في السرعة المطلوبة”، مجددا دعم بلاده “للجيش اللبناني والقوى الامنية من اجل الحفاظ على الامن والاستقرار في لبنان الذي يبقى من الاولويات ايضا”.
السفيرة الاميركية
بعدها تحدثت السفيرة شيا، فاعتبرت انه “من المفيد جدا الاصغاء الى العرض الذي قدمه اعضاء الحكومة اللبنانية حول مواجهة لبنان لأزمة كورونا كما وللأزمة الاقتصادية والمالية”، مشيرة الى ان لبنان “لا يمكنه المضي قدما نحو مستقبل رخاء وازدهار من دون مواجهة الازمتين معا وتداعياتهما المتداخلة”.
ولفتت الى ان “المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة الاميركية كدعم لمتطلبات لبنان في مجال المساعدات الانسانية الى جانب مجموعة الدعم الدولية، لمواجهة تفشي وباء كورونا”، كاشفة ان “هناك المزيد من برامج المساعدات القائمة لتقديم ما يمكن تقديمه من حاجات الى لبنان ومساعدة الشعب اللبناني في حماية نفسه من هذا الوباء وتداعياته”.
وعرضت شيا لمختلف الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة “من خلال المؤسسات الدولية لمواجهة هذا الوباء، ومن بينها مساعدات قائمة واخرى جديدة، ومنها ما هو قيد الاعداد، ابرزها: في نيسان تأمين نحو 2000 وحدة فحص لكورونا، وفي آذار 10000 قارورة تعقيم للقوى المسلحة، اضافة الى 17000 قناع طبي و120000 قفاز تم توزيعها عبر المنظمات غير الحكومية، اضافة الى تأمين دورات تدريبية على مواجهة كورونا بالتنسيق مع الصليب الاحمر اللبناني، ومنح 400000 دولار الى اليونيسف لتأمين اقنعة ومعقمات وصابون في المدارس للاطفال اللبنانيين والفلسطينيين واطفال النازحين السوريين. وبرنامج مساعدات خصصت لنحو 5000 اسرة، اضافة الى برامج مساعدات تشمل تجهيزات ومساعدات تقنية وتكنولوجية ومالية للمؤسسات اللبنانية التي تعنى بفحص كورونا، ومن بينها وحدات الفحوص والات تنفس وادوية وغيرها”.
وتناولت اخيرا “المساعدات التي تقدمها بلادها الى الجيش والقوى المسلحة، اضافة الى الجامعة الاميركية ومستشفى الجامعة الاميركية لمواجهة هذا الوباء”، وقالت: “نحن ندعم جهود الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي لبحث كيف بامكاننا معا ان نساعد في تأمين حماية الشعب اللبناني من هذا الوباء”.
سفير الصين
بعد ذلك، تحدث سفير الصين شاكرا الرئيس عون على الدعوة، مؤكدا “ضرورة تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة داء كورونا”، وقال: “نتعاون بشكل وثيق مع الحكومة اللبنانية في مجالات تبادل المعلومات وفي اتخاذ اجراءات احترازية والتنسيق بين الجانبين وتقديم مساعدات قدر المستطاع في مجال المواد والادوية الضرورية من الصين، وتسهيل مساهمات الجالية الصينية والشركات الصينية العاملة في لبنان. وسنواصل هذا العمل بشكل فاعل”.
وأكد ان الصين “على استعداد للتعاون الاقتصادي والتجاري مع الحكومة اللبنانية لإطلاق مشاريع تتوافق مع المصالح المشتركة للبلدين في اطار التعاون والاحترام المتبادل”.
سفير روسيا
اما السفير الروسي، فشدد على “توحيد الجهود الانسانية لمواجهة التطورات في داء كورونا، وذلك بصرف النظر عن الاعتبارات السياسية”، مؤكدا ان بلاده “قدمت وستواصل تقديم المساعدات للبنان وفق حاجات الحكومة اللبنانية”.
الرئيس عون
وفي الختام، شكر الرئيس عون السفراء الحاضرين وممثل الامين العام للامم المتحدة وممثل البنك الدولي، وكل من سوف يساعد لبنان على مواجهة محنته الراهنة.