كتبت صحيفة ” نداء الوطن ” تقول : تبدو السلطة وكأنها تدور حول نفسها في مقاربتها لمختلف زوايا الأزمة، لا هي قادرة على الإصلاح لأنه “يٌقصقص أجنحتها” ولا هي قادرة على المجاهرة بنيّتها تدفيع الناس ثمن نهبها للخزينة… وبين البينين تحاول اجتراح الخطط وتمارس سياسة “جسّ النبض” بتسريبات تبدأ على شكل مسوّدات حكومية وتنتهي بالتنصل من مضامينها عند افتضاح نواياها الخبيثة. وجديدها في هذا المجال ما رشح عن اتجاهها إلى إنشاء “صندوق اقتصادي” تضع فيه بعضاً من أصول الدولة في محاولة لابتداع مخلوق هجين مهمته ابتلاع أموال المودعين وتأميم ودائعهم مع ما تبقى من مؤسسات وقطاعات مدرارة للمال العام.
هذا الصندوق الذي تصفه أوساط اقتصادية بأنه أشبه بـ”صندوق سلبطة” يؤمن هروب السلطة إلى الأمام في خطة الحكومة المالية، الغاية الأساس منه هي محاكاة “الخصخصة” بشكل مشوّه ومشبوه لا يمتّ إلى خصخصة قطاعات الدولة ولا إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص بأي صلة علمية، إنما هو حسبما أكدت هذه الأوساط لـ”نداء الوطن” مجرد صندوق “تمّت هندسة فكرته، من جهة للسطو رسمياً ونهائياً على أموال المودعين من دون الإضطرار إلى إعلان “الهيركات”، ومن جهة أخرى لقطع الطريق على مطالب صندوق النقد الدولي وعلى توصياته الإصلاحية المرتقبة”. وتوضح الأوساط أنّ “صندوق النقد قد يوصي فعلاً بخصخصة بعض أصول الدولة لكن وفق قواعد النظام الاقتصادي الحر بما فيه من تحقيق لشروط المنافسة وضخ السيولة عبر اجتذاب المستثمرين وتطوير القطاعات، في حين أنّ الصندوق اللبناني المطروح ضمن خطة الحكومة غرضه “الاحتكار والتأميم” ولا يستجلب أي سيولة بل يغطي دفترياً على العجز المصرفي ويقتطع من أموال المودعين مقابل التعويض على الكبار منهم، وفق صيغة تستهدف السطو على أملاك الدولة التي تعود ملكيتها بالأساس إلى كل المواطنين اللبنانيين دون تمييز بين مودع وغير مودع، ولا تملك السلطة أي صك ملكية يتيح لها توزيع أسهم القطاع العام على بعضهم دون بعضهم الآخر”.
وإذ تشدد على أنّ “الخصخصة ضرورية في الحالة اللبنانية إذا تمت بهدف معالجة الاستنزاف الحاصل في قطاعات الدولة”، تشير الأوساط في الوقت عينه إلى أنّ “الشراكة مع القطاع الخاص تقوم على مبدأ المنافسة وحماية حقوق المستهلكين أما ما يُطرح راهناً فهو أبعد ما يكون عن الخصخصة والشراكة وأقرب ما يكون إلى صندوق تديره مافيا الحكم ويؤمن جرعة “أوكسيجين” جديدة تمدّ بعمر نظام المحاصصة وتتيح له فرض سطوته على كل ما هو خاص وعام في البلد وتحويله إلى صندوق مغانم ومحاصصة جديد في قبضة السلطة”… وليس بعيداً من هذه النزعة المتحكمة بالطبقة الحاكمة، انتهت عملية صندوق إعالة المواطنين الأشد فقراً إلى ما يشبه “الفضيحة” ليل أمس مع إعلان إرجاء تقديم مساعدة الـ400 ألف ليرة إلى الأسر الأشد فقراً التي كان مقرراً البدء بها اليوم إلى وقت لاحق تحدده المؤسسة العسكرية بعد انتهائها من إعادة التدقيق باللوائح الإسمية المستفيدة من هذه المساعدات المالية، وأوضحت مصادر مواكبة لـ”نداء الوطن” أنّ هذا الإرجاء فرضته معطيات تكشّفت خلال الساعات الأخيرة وأظهرت وجود أسماء منتفعة ضمن هذه اللوائح دفعت بها جهات سياسية وحزبية وهي في واقع الحال غير مستحقة للمساعدة، وعندما اكتشفت قيادة الجيش هذا الموضوع آثرت على نفسها عدم التورط في هكذا “لوائح مفخخة” وطلبت إعادة التدقيق بكل الأسماء قبل شروعها في تنفيذ قرار مجلس الوزراء.
وعلى وقع توالي مسلسل الفضائح، يترقب اللبنانيون ما سيحمله إليهم رئيس الحكومة حسان دياب خلال إطلالته الإعلامية المرتقبة هذا الأسبوع من “مخرجات حلول” عملية للأزمة البنيوية الضاربة في جذور الوضع الاقتصادي والنقدي في البلد. وبينما يخشى بعض المراقبين ألّا تكون سوى مجرد إطلالة “نرجسية” تقتصر على التباهي بإنجازات مفترضة للحكومة وبأدائها في مواجهة “كورونا” مقابل تقديم “وعود وردية” للناس على شاكلة تأكيد العزم على النهوض الاقتصادي وإعادة هيكلة الدين العام وعدم المسّ بصغار المودعين مصرفياً وعدم المسّ بصغار المكلفين ضرائبياً، تحرص دوائر السراي الحكومي من ناحيتها على إحاطة الإطلالة الإعلامية الموعودة لدياب بشيء من “التشويق” والتكتم بانتظار بلورة صورتها النهائية شكلاً ومضموناً، وهي إذ آثرت عدم الخوض في تفاصيلها اكتفت بالتأكيد لـ”نداء الوطن” أنّ الموعد المبدئي للمقابلة هو مساء غد الأربعاء، موضحةً أنّ “3 إعلاميين سيتولون إدارتها (عُرف منهم سمر بو خليل وألبير كوستانيان)، على أن تكون مدتها 60 دقيقة يقدّم خلالها رئيس الحكومة أكبر قدر ممكن من الإجابات على الأسئلة والاستفسارات المطروحة على الساحتين الداخلية والخارجية حيال جدول أعمال الحكومة، لا سيما ما يتعلق بخطتها الإصلاحية والمالية، سواءً لجهة شرح ركائز هذه الخطة وجوهرها أو لناحية تبديد كل ما أحاطها من شائعات وفبركات”.
الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن : صندوق السلبطة”… تأميم الودائع والأصول! فضيحة “اللوائح المفخّخة” ترجئ الـ400 ألف… ودياب يشرح خطته “في 60 دقيقة”