بدأ مجلس النواب اللبناني أمس، جلساته التشريعية التي تمتد على ثلاثة أيام بعد نحو ثلاثة أشهر على آخر جلسة تشريعية وأكثر من شهرين على الجلسة التي خُصصت لمنح الثقة للحكومة. وتم اختيار قصر اليونيسكو مقراً بديلاً لمقر المجلس، للحفاظ على التباعد بين النواب، وعلى جدول أعمال الاجتماعات 66 بنداً، أبرزها قانون تشريع القنّب وقانون العفو العام الذي يبدو الاتجاه لتأجيله نتيجة الخلاف حوله.
واقر المجلس تشريع القنب الهندي (الحشيشة) للاستخدام الطبي كما اقر انشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وبعد أن اكتملت التحضيرات وانتشرت القوى الأمنية على المداخل المؤدية إلى قصر اليونيسكو وقطع الطرق حوله، خضع النواب لعملية تعقيم كما ثُبّت جهاز لقياس الحرارة قدمته السفارة الصينية في لبنان التي أشرفت أمس، على تركيبه، كما وُزّعت الأقنعة على النواب والإعلاميين.
وخُصص لرئيس البرلمان نبيه بري، مكتب على المسرح، محاط بأمناء السر والمقررين، فيما توزع النواب على المقاعد التي كُتبت عليها أسماؤهم، مع ترك مسافات بينهم التزاماً بالتدابير الوقائية. وجلس رئيس الحكومة حسان دياب والأعضاء على مقاعد بالقرب من النواب.
ومع بدء الجلسة التشريعية، اعترض النائب نديم الجميل على الظهور المسلح لعناصر مدنية، قائلاً: «كأننا دخلنا إلى وكر ميليشيا لا إلى جلسة، بسبب هذا الانتشار الأمني الكثيف والمسلح»، ليردّ بري مؤكداً أن قوى الأمن الداخلي في الخارج وشرطة مجلس النواب في الداخل»، ما استدعى تدخل النائب سامي الجميل قائلاً: «تأكدنا أن العناصر الموجودة في الخارج ليست عناصر أمن بل عناصر حزبية مسلحة، ومنطق الدولة والدستور لا يسمح لنا كأبناء دولة بأن نمر أمام مسلحين».
وفي مداخلة له رد بري على من يتهمون المجلس النيابي بالتقصير، مؤكداً أن «المجلس يقوم بدوره وأكثر تشريعياً ورقابياً مهما قالوا ومهما يقولون».
وحول ارتفاع سعر صرف الدولار قال بري: «الحرية لها حدودها وترك الأمور هكذا من دون أن تتحول إلى محاسبة وقضاء وأمن بالنسبة لارتفاع سعر الدولار قد يدفع الأمور إلى التفاقم، فيجب أن يتابع الصيارفة، وقد نستفيق على ارتفاع للدولار لدرجة لا يتحملها اللبنانيون».
ورد رئيس الحكومة حسان دياب قائلاً: «منذ أكثر من شهر هناك عدد كبير من محال الصيرفة أقفلناها وكانت هناك مخالفات تجب معالجتها. وهذا موضوع نعالجه وهناك إجراءات جديدة سنقوم بها».
وأقر البرلمان 16 مشروع قانون في الجلستين اللتين عقدهما أمس، من أصل 66 بنداً موزّعة بين مشروع واقتراح مدرجة على جدول الأعمال. ومن بينها إقرار إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وتخلل الجلسة اعتراض نيابي على ما ورد في أسباب رد رئاسة الجمهورية القانون المتعلق بالإجازة للحكومة على طريقة الـBOT أو الشراكة الخاصة، بإنشاء نفق بيروت – البقاع. وقالت النائبة بولا يعقوبيان إن «ما ورد في الأسباب الموجبة لإعادة القانون المتعلق بالـBOT هو كأنه توبيخ للمجلس النيابي»، فرد الرئيس بري بالقول: «ما ورد في أسلوب الرد هو أسلوب المستشارين والمجلس النيابي صاحب الصلاحية المطلقة، وهذا الكلام لا يساعد على التعاون»، طالباً شطب هذا الكلام أو أي كلمة تُلحق أي أذى، تصريحاً أو تلميحاً، بالمجلس النيابي».
ورغم عدم طرح مشروع قانون العفو العام أمس، كان هو الحاضر الأبرز في سجال بين الكتل النيابية استحضرت خلاله اللغة الطائفية، وعكس وجود خلافات واضحة في مقاربة هذا القانون وبالتالي احتمال تأجيل بحثه.
وكتب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، عبر «تويتر»: «منذ اللحظة الأولى كنا واضحين بإصدار قانون عفو يستثني كل من على يده دماء. أما وقوف البعض ضده اليوم طمعاً بتطييف المسألة أو ظناً أنه سيستعيد شعبية خسرها في طائفته وجميع الطوائف فهو موقف غير أخلاقي وغير إنساني وسيرتد على أصحابه».
وقبل بدء الجلسة، قال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، في حديث إذاعي: «إن الاتجاه العام هو لكيفية إيجاد قانون مشترك مدروس، يأخذ في عين الاعتبار من يجب ألا يشمله قانون العفو العام وصيانة الحقوق المرتبطة بهذا العفو، وألا يكون هذا العفو شاملاً، بانتظار القرار الذي سيُتخذ في الجلسات المقبلة».
وأعلن «حزب الله» على لسان النائبين حسين الحاج حسن وإبراهيم الموسوي تأييده قانون عفو عام. وقال الحاج حسن: «ندعم قانوناً يستثني الجرائم التي تمس بأمن الدولة والجرائم المتعلقة بالمال العام». ولفت الموسوي إلى «أن كتلة الوفاء والمقاومة تدعم قانون العفو العام بقوة ونريد أن نسهم في إطلاق أكبر عدد من الموجودين في السجون اللبنانية».