الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: بومبيو لـ”النهار” ندعم لبنان شرط احترام الشعب
flag-big

النهار: بومبيو لـ”النهار” ندعم لبنان شرط احترام الشعب

وسط انفجار عبثي شهدته الجلسة الثالثة التشريعية لمجلس النواب عاكسة الفوضى السياسية والتخبط الواسع الذي يطبع الواقع السلطوي والسياسي الداخلي في مواجهة اعتى الازمات واشدها خطورة، بدا لافتا ان يجد لبنان فسحة من اهتمام أميركي بأوضاعه راهنا من باب ازمة كورونا كما من منظار رؤية الإدارة الأميركية اليه.

وفي هذا السياق تحديدا اكد وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو للزميلة روزانا بو منصف التي شاركت عن “النهار” في طاولة مستديرة من بعد، حول تداعيات وباء كورونا ان ” لبنان يشكل بصراحة تحديا كبيرا في الشرق الاوسط. وقد طلبنا من الحكومة اللبنانية ان تحترم ارادة الشعب اللبناني فيما ان المساعدة الانسانية التي تقدمها الولايات المتحدة هي من اجل دعمه” في اشارة منه الى ما اعلنته السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن مساعدة بقيمة 13.3 مليون دولار من ضمن مساعدات قدمتها الولايات المتحدة الى مجموعة كبيرة من دول المنطقة والعالم، اذ اعلنت وزارة الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية تقديم دعم يبلغ 500 مليون دولار أميركي في شكل مساعدات طارئة صحيًا وإنسانيًا واقتصاديًا ووضعت ذلك على رأس أولويات التمويل للمنظمات المتعددة الأطراف والجمعيات الأهلية التي تساعد المجتمعات في العالم في التعامل مع الوباء.

وقال بومبيو ردا على سؤال “النهار”عن مدى امكان ادراج هذه المساعدات في مسار منفصل عن التحفظات الاميركية على الحكومة وفي ظل سياسة عقوبات اميركية مستمرة على “حزب الله” :”ان الشعب اللبناني تظاهر في الشارع قبل وباء الكورونا مطالبا بالشفافية والعدالة وابعاد الفساد السياسي عن عمل الحكومة. وقد كنا واضحين في القول اننا على استعداد لمساعدة حكومة في لبنان مستعدة للتجاوب مع مطالب الشعب”. واضاف” انه امر غير طبيعي ان تمارس منظمة متهمة بالارهاب نفوذا في الحكومة يضر او يؤثر سلبا على الشعب اللبناني. فلبنان بلد لديه تقليد طويل من العمل الديموقراطي، وهذه الديموقراطية هي ما يطالب به الشعب اللبناني. وبمقدار ما تظهر الحكومة تجاوبا مع مطالب الشعب عندئذ، فان التحديات المالية التي يواجهها لبنان اليوم هي امر سنأخذه بجدية والحاح كبيرين ولن نقدم المساعدة نحن فقط بل سنبذل جهدنا من اجل ان تفعل بالمثل دول في المنطقة وكذلك دول اوروبية نحن على تشاور مستمر معها. سنكون هنا من اجل دعم لبنان حين تظهر الحكومة والقيادات اللبنانية استعدادا للتجاوب مع ما يطالب به الشعب اللبناني”.

وتحدث بامبيو عن المقاربة الاميركية لتقديم المساعدات الانسانية التي تشمل اكثر من 100 دولة وما يقارب 22.6 مليون دولار للمنظمات الانسانية التي تساعد في العراق ولبنان والاردن واليمن وسوريا. كما تحدث عن قنوات انسانية لمساعدة الشعب الايراني في مواجهة الوباء وعن العمل مع الامم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني حتى في المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا في هذا الاطار. واشار الى مساع لوقف النار في سوريا وليبيا وسوريا واليمن وتركيز الاهتمام على مواجهة الوباء. وعن وقف الدعم المالي لمنظمة الصحة العالمية، قال “ان لا دولة في العالم اكثر سخاء من الولايات المتحدة في ما يتعلق بالصحة العالمية ومواجهة الوباء وان هذا كان قائما بالامس وهو قائم اليوم كما سيكون عليه الواقع غدا باعتبار انها من التقاليد الاميركية دعم الصحة العالمية”. لكنه اشار الى التحرك البطيء لمنظمة الصحة وفشلها في التجاوب مع ما يتطلع اليه العالم من حماية ولذلك فثمة ضرورة لاعادة النظر فيها”. واعتبران “الصين تهربت من التزاماتها واخفت معلومات عن وباء كورونا ولم تبلغها لمنظمة الصحة العالمية في الوقت المناسب”. ودعا إلى ضرورة محاسبة النظام الإيراني “بسبب خرق القوانين الدولية وإطلاق القمر الاصطناعي العسكري وأن الأمر سيخضع لتحقيق في مجلس الأمن الدولي.”

“حلبة” اسقاط المشاريع!

وبالعودة الى المشهد الداخلي اكتسبت النهاية المبكرة للجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب الثلثاء والأربعاء في قصر الاونيسكو دلالات معبرة ليس اقلها انها عكست حال التفكك الواسع التي تضرب مختلف القوى السياسية والكتل النيابية، بل لعلها كانت اقرب الى واقع الدولة كلا التي لا تملك الحد الأدنى من تصورات متوافق عليها على الأولويات التشريعية والتنفيذية لإنقاذ البلاد من أخطر التحديات التي تتهددها والتي لم تعرف مثيلا لها في تاريخ لبنان. اذ ان الجولة الثالثة من الجلسة التشريعية انتهت بسرعة فائقة وبفعل فقدان البورصة العامة على مواجهة الأولويات الأكثر الحاحا واستعجالاً لحاجات الناس في زمن المحنتين الصحية والمالية الى حلبة ملاكمة ومصارعة مفتوحة تبادلت عبرها الكتل تسديد اللكمات من خلال اسقاط متعاقب وكثيف للمشاريع واقتراحات القوانين الأساسية التي كانت معظم الكتل تتباهى بإعدادها وتقديمها وتعد النفس بجعلها هدايا للقواعد والمواطنين كإنجازات، فاذا بالصراع ينفتح على الغارب وراحت المشاريع تتساقط تباعا من خلال نزع صفة المعجل عنها او إعادة إحالتها على اللجان بما يعني إعادة النقاش حولها الى نقطة الصفر الى حين توافر مخارج تسووية وتوافقية لاقرارها بعد تعديلها. ولعل العناوين الكبيرة لبعض ابرز المشاريع والاقتراحات التي تساقطت بفعل تبادل اللكمات وتسجيل الردود تكفي لإظهار ما افضت اليه الجلسة من تظهير للتفكك التصاعدي الذي يعتري وضع معظم الطبقة السياسية في حين عادت الى الشارع بقوة معالم التعبير عن الانتفاضة الشعبية التي استعانت على يقظتها في زمن كورونا بالتظاهرات السيارة ولو من ضمن النظام الذي فرضته وزارة الداخلية للوحات باعتماد نظام التناوب بين المفرد والمزدوج. وإذ شهدت بيروت والعديد من المناطق يوما ثانيا امس للتظاهرات بالسيارات اندلعت على المسرح الكبير لقصر الاونيسكو جولات متواصلة من المشاحنات والسجالات الحادة في مواكبة ظاهرة اسقاط صفة العجلة وإعادة المشاريع الى اللجان او اسقاطها بالتصويت عن المشاريع والاقتراحات الأساسية والتي كان من ابرزها اقتراح تعديل دستوري برفع الحصانة عن الوزراء ومشروع تقصير ولاية مجلس النواب واقتراح رفض التنازل عن سندات الاوروبوند الى الخارج واقتراح تحديد الفائدة المرجعية لدى مصرف لبنان واقتراح وقف سائر الاعمال والأشغال في سد بحيرة بسري. ولم يمر من خروم شبك هذه المعركة الضارية سوى مشاريع قليلة مهمة مثل اقتراح قانون فتح اعتماد إضافي في الموازنة بـ 450 مليار ليرة لمستحقات المستشفيات. وإذ برزت في المناقشات ضجة واسعة حول التعاميم التي يصدرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بدا لافتا ان رئيس الحكومة حسان دياب توعد بتشدد حكومي في موضوع صرف الدولار والتعاميم محددا موعدا لذلك بعد جلسة مجلس الوزراء غدا الجمعة. وجاء ذلك فيما كشفت نهاية الجلسة أجواء احتقان خفية بين دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري واكبت فقدان النصاب في الجلسة الذي ربما كان متعمدا. فقبيل نهاية الجلسة طرح مشروع القانون الرامي الى فتح اعتماد إضافي في الموازنة بقيمة 1200 مليار ليرة مخصصة لشبكة الأمان الاجتماعي ودعم المزارعين والصناعيين وهو المشروع الذي بادر دياب الى وصفه في الجلسة بانه اهم القوانين مؤكدا “ان الظروف تستدعي عقد جلسة مسائية لإقراره”. وقد أغاظ كلام دياب الرئيس بري الذي سارع الى الرد بقوله “لا احد يفرض على المجلس شيئا”. ثم رفع الجلسة وغادر القاعة.

واعلن دياب بعد الجلسة انه ستكون له كلمة بعد جلسة الجمعة لمجلس الوزراء حول موضوع سعر صرف الليرة معترفا بان التنسيق بين السلطة التنفيذية ومصرف لبنان يجب ان يكون افضل، كما اكد ان الحكومة ستنجز الأسبوع المقبل الخطة المالية والاقتصادية. ولم تقف المواجهة بين رئاستي مجلس النواب والحكومة عند النهاية الصدامية للجلسة بل أصدرت لاحقا الأمانة العامة لمجلس النواب بيانا قالت فيه “على الحكومة ان تتعلم كيفية إرسال مشاريع القوانين الى مجلس النواب قبل التطاول عليه”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *