كتبت صحيفة “الشرق” تقول: دائرة المواجهة السياسية التي فتحتها الجلسة التشريعية اول امس مرشحة للمزيد من التوسع والتفاعل والارتداد سلبا على الاوضاع المعيشية بعدما قفز سعر صرف الدولار الى ما فوق الـ3600 ليرة، بحيث لم تعد تساوي رواتب من لم يُحرم منها حتى اليوم اقل من ربع قيمتها.
الكباش على أشده بين اهل السياسة انفسهم وبين المسؤولين والقطاع المالي في ظل محاولة لم تعد خافية على أحد لرمي كرة نار مسؤولية كل الازمة بتراكماته عليه وغسل الايدي من اقترافاتهم. الجولة الجديدة الموعودة مسرحها اليوم قصر بعبدا استنادا الى كلام الرئيس حسّان دياب اول امس، فماذا ستحمل وهل يحتمل البلد المنهار وشعبه الذي يفترش الشارع هذا الكمّ من الترف بالسجالات العقيمة بدل الانكباب على الانقاذ؟
عشية جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم في قصر بعبدا، والتي قال رئيس الحكومة حسان دياب ان ستعقبها مواقف متشددة له من ازمة سعر صرف الدولار، شاكيا قلة التنسيق بين الحكومة وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، اطّلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الحاكم امس في بعبدا، على الاوضاع النقدية في البلاد واجراءات المصرف المركزي لمعالجتها. الى ذلك، عُقد اجتماع في السراي الحكومي ليل اول أمس، ضم رئيس الحكومة ووزير المال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان وتم البحث في ارتفاع سعر صرف الدولار والتعميم المتعلق بسحوبات بالليرة اللبنانية من ودائع بالعملات الأجنبية بسعر السوق وتفعيل التنسيق بين السلطة التنفيذية والسلطة النقدية للحد من التراجع. وكان سعر صرف الدولار لدى الصرافين سجّل امس، ما بين 3500 ليرة لبنانية (شراء) و3600 ليرة (مبيع) للدولار الواحد.
وفي السياق، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري “ان مظلة الامان الاجتماعي الحقيقية للبنانيين، هي ان تبادر الحكومة الآن وقبل فوات الاوان الى ممارسة سلطاتها القانونية والاجرائية لوقف الانهيار الدراماتيكي لسعر صرف الليرة اللبنانية”. وقال:”على الحكومة ألا تبقى في موقع المتفرج او الشاهد على ما يجري من فلتان مالي والادعاء بالحرص على عدم تجويع الناس”.
وسط هذه الاجواء، أكد الرئيس دياب الدور الذي تقوم به الحكومة لناحية عملية الإصلاح، والإسراع في إنجاز خطة الإنقاذ المالية، وذلك خلال لقائه في السراي، السفير الفرنسي برونو فوشيه ترافقه المستشارة الأولى سالينا غرونيه كاتالانو والمستشار المالي جوليان فولود والمستشارة السياسية ستيفاني صالحة في حضور مستشار الرئيس للشؤون الدبلوملسية السفير جبران صوفان ومدير مكتبه القاضي خالد عكاري . ونوه دياب بدور فرنسا في مساعدة لبنان خاصة عبر ترجمة مقررات مؤتمر “سيدر”.
وامس، ولليوم الثالث على التوالي، سجلت تحركات احتجاجية في الشارع اعتراضا على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، ومطالبة بإقرار العفو العام.
ونفذت اعتصامات امام عدد من المرافق العامة والوزارات ، وتجمع كحتجن في الحمرا والرينغ في بيروت، وفي ساحات صيدا وطرابلس وبعلبك.
وشهد المساء تصعيدا في التحركات وقطعا لاوتوسترادي الجية وضبية، وطرقات في البقاع، وقد اعادت القوى الامنية فتحه.
من جهة ثانية كشفت مصادر مصرفية واسعة الاطلاع على العلاقة بين السلطات السياسية والقطاع المصرفي الخلفيات الحقيقية لإعلان دياب أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا ينسق في التعاميم التي يصدرها مع الحكومة، موضحة أن الحكومة تعتبر أن حاكم مصرف لبنان يصعّب بهذه التعاميم عمل الحكومة على إيجاد الإخراج الذي يسمح لها باقتطاع قسم من الودائع الموجودة في المصارف، ويلتف على القرارات التي تنوي اتخاذها لمعالجة مسألة الدين العام على حساب المودعين. فبعدما سقط مشروع الـ”هيركات” المباشر الذي يقضي باقتطاع نسبة مئوية من الودائع بفعل النقمة الشعبية وخشية السياسيين من ارتداد مثل هذا القرار عليهم، بدا الاتجاه الحكومي الى تنفيذ الـ”هيركات” المقنع من خلال السماح بسحب الودائع بالليرة اللبنانية بحسب السعر المعتمد رسميا من مصرف لبنان (أي 1507 ليرات)، على أن تستفيد الحكومة من فارق الأسعار لإطفاء الدين العام أو القسم الأكبر منه.
صحيا، وفي وقت ينعقد قبل جلسة مجلس الوزراء في بعبدا اليوم، المجلسُ الاعلى للدفاع للبحث في اجراءات التعبئة العامة للمرحلة المقبلة والتي يتوقّع ان يوصي بتمديدها اسبوعين وإن مع بعض التخفيف في الاجراءات، سجّلت وزارة الصحة العامة 6 حالات كورونا جديدة (من اصل 1357 فحصا اجريت في الساعات الاربعة والعشرين الماضية)، رفعت العدد التراكمي الى 688 اصابة. وقد واصلت فرق الصحة اليوم جولاتها على المناطق لاجراء فحوص “بي سي آر” عشوائية.
في الغضون، أعلن وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب من قصر بعبدا ان اجتماعات متلاحقة ستعقد مع لجان الأهل والروابط واتحادات المدارس والقطاع العام للوصول إلى حل مقبول بشأن العام الدراسي، وقال:”علينا أن نتخذ قرارا وسطيا يناسب الأهل والمدارس في موضوع الأقساط”. وأوضح “ان القرار بشأن الامتحانات الرسمية سيتخذ قريبا، وقرار إعطاء الإفادات هو أبغض الحلال”.
في الاثناء، بقيت وقائع تطيير نصاب جلسة مجلس النواب اول امس، واتهام دياب وإن غير المباشر للمستقبل والاشتراكي بتطييره عمدا لتوجيه ضربة الى الحكومة، يتفاعل. فقد أكدت كتلة “اللقاء الديمقراطي” “إن موقفنا واضح جداً في ما يتعلق برفض استكمال إنشاء سد بسري، فقد تقدمت الكتلة باقتراح قانون لتحويل مرج بسري الى محمية، ثم صوّتنا إلى جانب اقتراح القانون الرامي لوقف السد الذي طُرح في جلسة الأمس، فيما إسقاط صفة العجلة عنه كان بسبب عدم تأييد كتل أخرى لهذه الصفة.
واشارت إلى “ان الكتلة دعمت إقتراح قانون رفع الحصانة عن الوزراء السابقين والحاليين، وعضو اللقاء النائب بلال عبدالله وافق على الاقتراح ووقّعه خلال النقاش في اللجان النيابية، إلا أن الكتلة أصرت في الجلسة التشريعية على إقرار قانون استقلالية القضاء أولاً كمقدمة لهذا الإقتراح كي لا يتحول الأمر وسيلة للتشفي والكيدية السياسية”.