الرئيسية / صحف ومقالات / الأخبار : حزب المصرف يهدّد الاستقرار
عناوين-الصحف-1-582x330

الأخبار : حزب المصرف يهدّد الاستقرار

كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : يشتد الصراع بين نهجين؛ نهج يكرسه حسان دياب، المصرّ على ترك بصمته، كأول رئيس حكومة يتجرأ على محاولة ‏نبش معاقل النظام الفاسد، ونهج يكرسه المتضررون من هذه العملية واصفين إياها بالانقلابية حيناً وبالانتقامية أحياناً. ‏لكن بين هذا وذاك، لا يزال الانهيار الاقتصادي يتسارع، ولا يزال رياض سلامة يغدق بتعاميمه التي تعمق الأزمة. ‏أخطر ما شهدته الأيام الماضية، هو الهجوم الطائفي لحماية النهج الذي يمثله سلامة، قبل ان يتوّج النائب السابق وليد ‏جنبلاط الحملة باتهام “خصومه” بمحاولة الانقلاب. واللافت أن كلامه الموجَّه إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ‏وحزب الله، صدر على منبر سعودي. فهل أنه مستنفر حصراً، كغيره من رفاقه في حزب المصرف، للدفاع عن ثروته ‏التي يتهددها حسان دياب حين يقول إن 98 في المئة من الودائع لن يُمس، ما يعني حكماً المس بـ2 في المئة منها، وهي ‏التي تخصّ جنبلاط وأقرانه ممن أثروا على حساب باقي طبقات المجتمع؟ أم أن الرجل قرر، مرة جديدة، مع غيره من ‏أعضاء حزب الـ2 في المئة، المغامرة باستقرار البلاد، أمنياً، عبر تحريك الشارع وركوب موجة المحتجين على نتائج ‏الانهيار الاقتصادي، لتنفيذ الأجندة السعودية – الغربية التي رفض سعد الحريري المضي بها في تشرين الثاني 2017؟

‏المؤشرات السياسية، خطابياً وميدانياً، لا توحي سوى بأن البلاد تُدفع دفعاً إلى الاهتزاز الأمني. تدفعها، من جهة، ‏‏”ديناميات الانهيار الاقتصادي”، ومن جهة أخرى مغامرات جنبلاط ورفاقه في حزب المصرف، الذين يريدون منع ‏أي تغيير، والاستمرار في النهج الذي أوصل البلاد إلى الانهيار، ولو على حساب الاستقرار العام. في جميع الأحوال، ‏الصراع يدور اليوم على حاكم مصرف لبنان، كعنوان لسياسة أدّت إلى ما تعيشه البلاد اليوم‎.‎

من دون أي تحرك رسمي فعلي ينهي عربدة سلامة في المصرف المركزي، سيخسر دياب الجولة الأولى أمام ‏الحاكم، الذي عرف كيف يضرب تحت الحزام، مستعيناً بسلاح الطوائف وزعمائها، وبشبكة مصالح تخشى على ‏مصيرها ومصير أموالها في غيابه. فجأة تحوّل سلامة إلى ممثل لـ”السنّية السياسية” على لسان نهاد المشنوق في ‏دار الفتوى، والمارونية السياسية في بكركي، وضمانة لسعر الصرف، لدى الرئيس نبيه بري، رغم تجاوزه عتبة ‏الـ4000 ليرة لكل دولار. صُوّر كأنه المظلوم الذي أريد له أن يتحمل آثام الطبقة الحاكمة. لم يكن ينقص سوى أن ‏يحلف الفقراء باسمه، ويُرفع على الأكتاف‎.

بالرغم من أن سعر الدولار في تصاعد، وزاد خلال 4 أيام أكثر من ألف ليرة، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لحزب ‏المصارف وطبقة ال2 في المئة لتحميل المسؤولية لمن يحملها قانوناً. قانوناً مصرف لبنان يتحمّل مسؤولية سلامة ‏النقد والاستقرار الاقتصادي. وقد وصلت هذه السلامة إلى الحضيض. ليس هذا وحسب. رياض سلامة بنى مجده ‏على “إنجاز” تثبيت سعر صرف الليرة، فإذ يصبح للدولار خمسة أسعار صرف. السعر الرسمي (1515 ليرة) ‏والسعر المعلن من جمعية المصارف، أي 2600 ليرة، والسعر المحدد من قبل سلامة للصرافين، أمس، أي ‏‏3200، وسعر السوق الذي، إضافة إلى السعر الناتج عن الهندسات المالية التي يجريها عدد من المصارف والمقدر ‏بـ5460 ليرة (استبدال الدولار الطازج بـ2.1 دولار تُصرف بالسعر الذي تحدده جمعية المصارف‎).

كل ذلك ليس مهماً. جوقة الدفاع عن سلامة قامت بواجبها على أكمل وجه، ونجحت في هذه الجولة، لكنها لم ‏تطمئن للمستقبل. حسان دياب، بأفعاله التي لا يمكن توقعها، لا يطمئنها. الأخطر ما قاله نهاد المشنوق من دار ‏الفتوى. إعلانه أن “هناك مؤامرة على السنية السياسية وسنواجهها”، بدت تهديداً صريحاً واستعداداً للذهاب بعيداً ‏في الصراع‎.

من دار الفتوى إلى بكركي. هناك أيضاً وقف البطريرك بشارة الراعي بالمرصاد. سأل من المستفيد من زعزعة ‏حاكمية مصرف لبنان؟ وهو إذ رأى أن خطوة من هذا النوع ستقضي على ثقة اللبنانيين والدول بلبنان، وصل إلى ‏اعتبار المس بسلامة جزءاً من مخطط لتغيير وجه لبنان‎.

التهويل المالي تولاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري. قال لـ”النهار: “إذا لم يبق مصرف لبنان، ليعلم الجميع أن ‏أموال المودعين قد طارت إلى الأبد”، واضعاً موقفه هذا في سياق الدفاع عن لبنان وليس عن سلامة‎.

موقف جبران باسيل بدا مفاجئاً في تراجعه. بعدما كان رأس حربة في مشروع إقالة سلامة، عاد خطوة إلى ‏الوراء. هل نبّهته السفيرة الأميركية إلى “خطورة” المس بالوديعة الأميركية الاولى في لبنان، فصرّح أمس بأن ‏‏”الدولة” مسؤولة أيضاً لا سلامة وحده؟ أم أنه حصراً يوزّع المسؤوليات بناءً على نصيحة الشركة التي تقدّم له ‏نصائح تحسين الصورة، فقرر أن يغلّف موقفه الحاد من سلامة بما يُرضي “حزب المصرف”؟‎

أكثر القلقين من المحاسبة هو وليد جنبلاط. لم تعد قضيته تعييناً من هنا أو من هناك. وضع موقفه في خانة مواجهة ‏النهج الانقلابي للرئيس اللبناني وحزب الله. قال لقناة “العربية” السعودية إن حسان دياب لا شيء، مضيفاً “إن ‏العماد عون استأنف سياسة الإلغاء التي بدأها عام 88‏‎”.‎

خلاصة الأمر أن حزب المصرف كشّر عن أنيابه. كل منهم يغطي موقفه بـ”حرصٍ ما”. لكن أكثرهم حريصون ‏على ثرواتهم الشخصية، وثروات المقربين منهم التي تضخّمت براية سلامة. بعضهم يشكو، ضمناً، عدم إقدام ‏رئيسي الجمهورية والحكومة على استشارته قبل طرح موضوع بأهمية إقالة رياض سلامة من منصبه، ملمّحاً ‏إلى موقع الطائفة التي “يمثلها” في نظام ما بعد الطائف. وبعضهم الآخر يخشى تمدّد “الطارئين على النظام” ‏داخل الدولة و”قدس أقداسها”، المصرف المركزي، فيما الغالبية لا تريد سوى حماية مصالحها المالية الشخصية ‏أولاً، والتي يرعاها سلامة‎.

استكمال معركة حكومة حسان دياب سيكون أمام محطة جديدة يوم الثلاثاء. ينعقد مجلس الوزراء لاستكمال ‏النقاش في الاقتراحات المتعلقة بما يسمّيه الوزراء “مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة”. بحسب جدول ‏الأعمال الذي سرّب عمداً، فإن النقاش سيطال‎:

‎- ‎إجراء تحقيق لتحديد الحسابات التي أجريت منها تحويلات مالية واتخاذ إجراءات بحق صاحبها‎.

‎- ‎اتخاذ تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة‎.

‎-‎مشروع قانون معجل يتعلق باسترداد تحاويل الى الخارج التي جرت بعد 17-10-2019‏‎.

الرد لم يتأخر من المتضررين، ومن وليد جنبلاط أيضاً، لكن هذه المرة بلسان وائل أبو فاعور، كان الرد باعتبار ‏جدول الأعمال حافلاً بالانتقام. في ذلك، يعترف حزب المصرف بأن أي تحقيق أو محاسبة تعني حُكماً المساس ‏به‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *