مرة جديدة يخلط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «الاوراق» الداخلية، ففي خطوة مفاجئة عقب تصعيد ممنهج وصل الى حد المطالبة بتقليص ولاية العهد، وبعد حراك لم يثمر في ايجاد قاعدة صلبة تجتمع من حولها المعارضة، لغياب الدعم الخارجي والحد الادنى من التفاهم مع «القوات» «المستقبل» على استراتيجية موحدة للمواجهة، اختار فتح صفحة جديدة مع رئيس الجمهورية ميشال عون، و«التيار الوطني الحر»، فزار بعبدا معتمدا خطاب تهدئة عشية لقاء الاربعاء في القصر الجمهوري، وعشية تعيينات اساسية في الدولة يسعى لحفظ حصته فيها، تاركا الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري وحيدا في مواجهته المفتوحة مع الرئيس وتياره السياسي، بعدما اعتمدت القوات اللبنانية خطابا اكثر «عقلانية» من «بيت الوسط».
وعلى خط المصالحات ايضا انتهت جلسة «غسيل القلوب» بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب الى تفاهمات «مبدئية» على تنظيم العلاقة بين الحكومة و«عين التينة» بعد «سوء التفاهم» الاخير، فيما اطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بخطاب هادىء فتح من خلاله «الباب» على مصراعيه امام نقاش الخطة الاقتصادية، مؤكدا «بالمعلومات» انها قابلة للتعديل، مشيرا الى انه لا استسلام لشروط صندوق النقد الدولي، نافيا وجود نية لدى حزب الله لتدمير القطاع المصرفي واصفا الكلام انه «حكي فاضي وبلا طعمة وسخيف»، كما وصف الكلام عن محاولة السيطرة على حاكمية مصرف لبنان بانها «مسخرة»، كما نفى الاتهامات «بتهريب» الدولارات الى الخارج، ولفت الى ان «حزب الله» بجيب دولار على البلد وما بهرب على سوريا وايران». في غضون ذلك، بدأت المرحلة الثانية من تخفيف اجراءات التعبئة العامة، بزحمة امام المصارف وعلى الطرق في اكثر من منطقة، فيما اعلنت وزارة الصحة تسجيل 3 حالات كورونا جديدة، كلها من وافدين الى لبنان، رفعت عدد الحالات الى740 اصابة.
اذا وعشية اللقاء التشاوري في بعبدا غدا، زار النائب الاسبق وليد جنبلاط بعبدا، ووفق اوساط سياسية مطلعة، ابلغ جنبلاط الرئيس ميشال عون ان مواقفه من الحكومة ليست سلبية بالمطلق وهو معارض لها على «القطعة» ولا يرغب في تأزيم الاجواء في البلاد، وطالب بأن تحافظ هذه الحكومة على الحد الادنى من التوازنات السياسية والطائفية التي لا تزال جزءا اساسيا من النظام اللبناني الحالي، وقال انه كما لا يرغب هو بالغاء احد، لن يقبل بأن يتم الغاؤه، ومن هنا طرح جنبلاط ملف التعيينات واشار بوضوح الى ان لديه اقتراحات لاسماء لمواقع كل من نائب حاكم مصرف لبنان، وعضو هيئة الاسواق المالية، وقائد الشرطة القضائية. ووفقا لتلك الاوساط لم يتطرق الجانبان الى مسألة مطالبة الحزب التقدمي الاشتراكي بتقليص مدة العهد، فلا عون فاتح جنبلاط بالامر ولا الاخير برر هذا «الشعار» وكان التجاهل سيد الموقف حول هذا الملف الذي يبدو شعارا غير قابل للتطبيق وجزء من المماحكات السياسية.
دور بري…
وعلم في هذا السياق، ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لعب دورا محوريا من خلال اتصالات مكوكية مع كل من جنبلاط والحريري لاقناعهما بحضور لقاء الاربعاء في بعبدا لما فيه من ضرورة «لتنفيس» الاحتقان السياسي في البلاد، وكذلك المشاركة الفعلية للضغط لتحسين الخطة الاقتصادية وليس «البصم» عليها، لكن رئيس كتلة المستقبل اصر على المقاطعة متهما العهد ورئيس التيار الوطني الحر بمحاولة عزله، وضرب واضعاف موقع رئاسة الحكومة «السنية»، وقال انه لن يعطيهما «التغطية» المطلوبة لذلك. في المقابل تجاوب جنبلاط مع الامر خصوصا بعدما لاحظ صعوبة «ولادة» جبهة معارضة ثلاثية مع «المستقبل» «والقوات»، وهذا ما دفعه الى التفرد في قراره، دون التنسيق مع شركائه السابقين في السلطة، واختار البقاء الى جانب الرئيس بري الذي يقوم بدور كبير «بدوزنة» العلاقة بين الحكومة «والمعارضة».
«الاشتراكي» : لم «نطعن احد»...
وبررت مصادر الحزب الاشتراكي الزيارة بانها جاءت ردا على مبادرة إيجابية من رئيس الجمهورية الذي أرسل موفداً من قبله الى المختارة في اليومين الماضيين، وقد تلقف جنبلاط «الرسالة» بايجابية خصوصا انه يضع حماية الجبل وابعاد نار الفتنة «فوق كل اعتبار». وبحسب تلك الاوساط ليست الزيارة «طعنة» لاحد، ولم يدخل «الاشتراكي» في تحالفات للقول انه «انقلب» عليها.
وبعد اللقاء قال جنبلاط «لا أسعى لتغيير الحكومة في هذا الجو الهائل من المصائب واقترحت بعض الأسماء سابقًا لنيابة حاكمية مصرف لبنان والشرطة القضائية وأعطيت إقتراحات لكنهم أتوا بإقتراحات سابقة ولن أطلب فليعينوا من يشاؤون. وردا على سؤال قال جنبلاط لا علاقة لي بأي احلاف ثنائية او ثلاثية وحساباتي خاصة ومبنية على ضرورة تنظيم العلاقة والخلاف مع التيار الوطني الحر، ولفت الى ان اقتصاد لبنان السابق انتهى والعالم كله وقال «بعد الكورونا سيتغير فكيف لبنان؟
الحريري «مستاء» من جنبلاط
ووفقا لاوساط نيابية مطلعة تركت هذه الزيارة وقعا سلبيا في «بيت الوسط» حيث عبر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن استيائه من مبادرة جنبلاط معتبرا امام زواره انها ليست المرة الاولى التي يفعلها «وليد بك»، وهو يريد مصالحه قبل اي شيء آخر، له حساباته، لكن اريد ان اطمئنه انه لن يحصل على شيء. وبحسب اوساط تيار المستقبل، فان ما حصل محاولة «غير مفهومة» لتعويم العهد واستدراج المعارضة الى «تغطية» الخطة وتحميلها مسؤولية لا «ناقة لها فيها ولا جمل».
ماذا دار بين الحريري وشيا؟
وكان الحريري قد بحث مع السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا في التطورات المحلية، وووفقا للمعلومات،غلب على اللقاء الطابع الاستكشافي من قبل السفيرة التي حاولت الوقوف على طبيعة معارضته للخطة الاقتصادية، كما حرصت على فهم طبيعة التحركات «العنفية» في الشارع خصوصا في طرابلس، ولم تحمل معها اي «رسالة» واضحة حيال طبيعة تعامل ادارتها مع الخطة الانقاذية للحكومة، ولفتت الى ان الامور «ما تزال «قيد الدرس» في واشنطن.
نصيحة حزب الله لدياب؟
وفي السياق نفسه، زار رئيس الحكومة حسان دياب عين التينة واجتمع الى الرئيس نبيه بري على مدى ساعة ونصف الساعة، ووفقا للمعلومات، الزيارة جاءت بناء على طلب دياب الذي تلقى نصيحة من حزب الله بضرورة انهاء «الجفاء» بين الرئاستين الثانية والثالثة والتي عقبت الجلسة التشريعية الاخيرة، خصوصا ان الرئيس بري سبق وبادر باتجاه السراي الحكومي وارسل الوزير السابق علي حين خليل لتوضيح الموقف، وعلم في هذا السياق ان الرجلين بحثا بكافة الامور بصراحة وتم تجاوز مرحلة «سوء التفاهم»، خصوصا ملف المساعدات المالية الذي اقرته الحكومة للقطاعات المتضررة من «كورونا» ولم يمر في مجلس النواب، وقد كان بري واضحا في دعمه للحكومة مثنيا على الجهود المبذولة في المجالين الصحي والاقتصادي لكنه طالب بعمل اكثر حسما على الارض لمكافحة التفلت الكبير في الاسـعار بعد انهيار سعر الليرة.
«رسالة» من نصرالله «للمعارضة»؟
من جهته اشاد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لرؤساء لكتل النيابية غدا متمنيا «اوسع مشاركة من الجميع لابداء الملاحظات وربما تؤدي الى اجراء تعديلات على هذه الخطة. ثم تطرق الى الوضع المالي والاقتصادي معتبرا ان الخطة الاقتصادية للحكومة انجازا ونقطة ايجابية تحسب لها. وفي هذا الاطار فتح نصرالله «باب النقاش» امام من يريد من القوى السياسية في خطوة فسرتها اوساط مطلعة بانها «رسالة» الى المقاطعين والمعارضين، وفي مقدمتهم تيار المستقبل، بضرورة عدم «الحرد» في هذه الظروف الصعبة، والتعامل بايجابية لمحاولة احداث تعديلات قد تكون ضرورية على الخطة، لان التصويب على الحكومة في هذه الظروف الصعبة غير مجد ولن يؤدي الى اسقاطها، لان الكل يعرف عدم وجودد بديل جاهز، ومن هنا قال نصرالله انه «لا مانع من النقاش بعد اقرار الخطة»، كاشفا عن ان معلوماته تفيد ان «الحكومة لديها هذه النية. مشددا على «ضرورة انقاذ البلد».
لا استسلام «للشروط»
وفي الملفين المالي والاقتصادي اكد نصرالله ان الحزب ليس بالمبدأ ضد طلب اي مساعدة من اي جهة في العالم ما عدا اعداء لبنان، ولكن يرفض الاستسلام بالمطلق لشروط صندوق النقد الدولي. وكشف انه «لم يحصل بعد تفويض من اي جهة في البلد للذهاب الى التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، لافتا الى ان «اي نقاش سيحصل معه سيخضع للنقاش في الحكومة..
لا خطة لتدمير المصارف…
وتوقف عند الاتهامات ضد «حزب الله» بانه يريد تدمير القطاع المصرفي او اسقاط القطاع المصرفي والسطو على هذا القطاع، وقال: «هذا كلام فاض وبلا اخلاق، والاتهامات ضد «حزب الله» قنابل دخانية. واشار الى «ارتكاب القطاع المصرفي اخطاء، وكان ملكيا اكثر من الاميركيين، كما ان الطريقة التي تعاملت بها المصارف مع ودائع الناس جعلتنا نرفع الصرخة وننتقد ما قامت به المصارف. وخاطب المصارف قائلا: «انتم اكبر المستفيدين وربحتم عشرات مليارات الدولارات، ولكن الى الان لم تقدموا على مساعدة بلدكم. ونفى نصرالله وجود اي دور للحزب في تهريب الدولارات الى سوريا او ايران، مشيرا الى ان الكل يعرف ان الحزب يدخل الدولار الى لبنان ولا يخرجه منه.
وفي سياق آخر، وصف السيد نصرالله قرار الحكومة الالمانية بحظر نشاط «حزب الله» بانه «خضوع للادارة الاميركية واسرائيل» معتبرا انه «جزء من الحرب على المقاومة في المنطقة، اضافة الى ان ما يقال عن ان له خلفيات تنافس سياسي في الانتخابات الالمانية»، مؤكدا ان «الالمان لم يقدموا اي دليل على وجود انشطة في المانيا، واشار الى انه منذ سنوات طويلة لم يعد لحزب الله وجود او انشطة في الغرب»، مطالبا «الاجهزة الاستخبارية بتقديم اي دليل اذا كان لديها.
انتفاضة ارثوذكسية؟
وبعد تجاوز الاعراف المعتادة في مجلس الوزراء مؤخرا اثر انتزاع منصب المفتش العام المالي في التفتيش المركزي من الطائفة الارثوذكسية، وتعيين ماروني مكانه قريب من التيار الوطني الحر، وفي ظل «الكباش الحاصل راهنا على موقع محافظ بيروت بين رئيس الحكومة حسان دياب الذي يريد تعيين مستشارته بترا خوري مكان المحافظ زياد شبيب المدعوم من قبل المطرانية الارثوذكسية، تداعى وزراء ونواب حاليون وسابقون من الطائفة الأرثوذكسية إلى مقر مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، حيث اجتمعوا بمتروبوليت بيروت المطران الياس عودة، وجرى التداول في عملية التهميش الممنهج الذي يطال الطائفة، وبعد اشادته بحضور الجميع على الرغم من خلاف انتماءاتهم السياسية، قال المطران عودة «نحن نتعامل باخلاق ولكن الاخلاق بدأت تفقد في البلد ولن نقبل بعد اليوم بالظلم. من جهتها حملت وزير الدفاع زينة عكر «رسالة» من رئيس الحكومة الى المجتمعين يؤكد فيها ان التعيينات المقبلة ستراعي الحقوق الارثوذكسية… وبعد الاجتماع قال نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي «الاستياء الشديد من جراء ما حصل في العديد من التعيينات ودعا الرئيس دياب الى اعادة النظر باسلوب التعاطي مع الطائفة.
«القوات» على خط «الفساد» النفطي؟
وفيما بلغ «الكباش» السياسي ذروته بين تيار المردة والتيار الوطني الحر على خلفية ملف الفساد في وزارة الطاقة، اثر اتهامات من قبل «بنشعي» بوجود كيدية سياسية تستهدف الموظفين المحسوبين عليه، تقدم عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب انطوان حبشي، بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية لتوسيع التحقيق ليشمل الوزراء المتعاقبين منذ ان استلم الوزارة الوزير جبران باسيل، وذلك لوجود ملفات فساد في وزارة الطاقة. وقد اعلنت الوزيرة السابقة ندى بستاني انها ستقدم يوم غد إفادتها في موضوع الفيول المغشوش، فيما من المقرر ان يقدم وزير الطاقة الاسبق محمد فنيش شهادته في الملف امام القاضي منصور باعتبار ان العقد مع الشركة الجزائرية قد وقع ابان وجوده في الوزارة. وبالامس قررت القاضية غادة عون فتح تحقيق في قضية باخرة الفيول «اسبو» والتي تبيّن أنها محمّلة ايضا بفيول غير مطابق للمواصفات، وكما في شحنة الفيول المغشوش السابقة تم إرفاق تقرير صادر عن شركات المراقبة في بلد المنشأ يؤكد جودة الفيول..؟