فيما يلتقي في القصر الجمهوري اليوم جزء من رؤساء الكتل النيابية تلبية لدعوة رئيس الجمهورية ميشال عون لوضعهم في أجواء الخطة الاقتصادية للحكومة بقصد توفير حد أدنى من توافق سياسي حولها يساعد طلب للبنان المقدّم إلى صندوق النقد الدولي، تبدو صورة المشهد السياسي ضبابية لناحية نتيجة حركة اللقاءات التي شهدتها الساعات الماضية من بعبدا وصولاً إلى عين التينة، التي استقبلت في يومين متتاليين رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، اللذين بقي كل منهما ساعة ونصف في ضيافة “ابو مصطفى”.
وعلمت “الأنباء” أن اللقاءين كانا في إطار ترتيب الوضع الداخلي للحكومة بعد تشظي صفوفها بنتيجة عدد من الملفات التي انقسم حولها مجلس الوزراء وتركت ندوباً واضحة في البنيان الحكومي. وقد سعى كل من دياب وباسيل الى إرساء تفاهمات مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لضمان عمل الحكومة بطريقة تكفل إعطاء انطباع مقبول عنها للخارج، وتحديداً لصندوق النقد بما يسهم في قبوله مد يد العون للبنان.
أمّا لائحة المشاركين في بعبدا اليوم فقد باتت شبه واضحة، وتشمل كل الكتل المتمثلة في الحكومة باستثناء تيار المردة، في حين تغيب الكتل النيابية المعارضة كل لسبب خاص بها، مع بقاء قرار كتلة “الجمهورية القوية” غير محسوم.
وعلمت “الأنباء” أنه حتى ليل الثلاثاء – الأربعاء لم يكن القرار النهائي قد اتخذ في معراب حول المشاركة أو عدمها بانتظار ساعات الصباح التي قد تحمل مفاجآت، في حين سيرسل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ملاحظاته على الخطة إلى القصر الجمهوري.
مصادر مطلعة وضعت في حديثها مع “الأنباء” قرار تيار المستقبل برفض المشاركة، في خانة التداعيات التي ظهرت بعد استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري والقناعة التي تكونت لديه بأنه “تعرّض لطعنة بالظهر من قبل العهد وسقوط التسوية الرئاسية”.
وأشارت المصادر الى أن “القوى الأخرى التي لن تشارك تترواح أسبابها بين عدم الرضى على أداء الحكومة وطريقة ادارتها للأزمة الاقتصادية والنقدية، وبين أسباب شخصية وحسابات سياسية”.
ورأت مصادر معارضة عبر “الأنباء” أن لقاء بعبدا “سيخرج بنصف نجاح بسبب عدم حضور قوى سياسية وازنة”، لكنها أملت أن تنسحب أجواء التهدئة على أكثر من جبهة، لأن المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة التواصل مع الجميع وفتح قنوات حوار ونقاش، لا بناء متاريس سياسية.
وفي موازاة ذلك، كان لافتاً المؤتمر الصحافي الذي عقده عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب انطوان حبشي وما كشفه حول ملف الكهرباء والفيول، معلنًا توجهه الى القضاء ليقدم كل ما لديه في هذا الموضوع بعدما شنّ هجوماً عنيفًا على وزراء الطاقة، الذين ردوا عليه بالمثل.
النائب حبشي أوضح في حديث مع “الأنباء” ان لا علاقة لمؤتمره الصحافي بلقاء بعبدا، وهذا الأمر لم يكن بحسابه، مذكرًا انه عقد مؤتمرًا مماثلاً في مطلع الشهر الماضي كشف فيه عن الفضائح المخيفة في ملف الكهرباء، وتوعّد في حينه انه سيذهب الى القضاء فور اكتمال المستندات المتعلقة بهذا الملف، ولمّا توفرت لديه كل الأوراق اللازمة ذهب الى القضاء. وشدد على الفصل بين هذا الموضوع وبين اللقاء الذي سيعقد في القصر الجمهوري، قائلا: “لا يمكننا ان نستمر كما في كل مرة، والآن القضية تأخذ بعدا مغايرًا لأنني مصمم على الذهاب بالموضوع الى النهاية”، مضيفا “نريد أن نبني دولة ولا نريد أن نورث ابناءنا مزرعة، وآن الأوان لنقول للفاسد: انت لص وسارق. لن نتستر على أحد، وإذا لم يكن هناك من محاسبة فكيف يمكننا محاربة الفساد لا سيما ونحن نتوجه اليوم الى صندوق النقد الدولي والجميع يطالبنا بالاصلاحات؟”.
كما شدد حبشي على أن الأهم هو اصلاح قطاع الكهرباء، قائلا “كلي أمل بأن القضاء الحر والنزيه سوف يذهب بهذا الموضوع الى النهاية”. وردا على وزيري الطاقة السابقين ندى بستاني وسيزار أبي خليل قال: “لا أريد الدخول في سجال معهما والمسألة في عهدة القضاء”.
على صعيد آخر، ومع صدور قرار مجلس الوزراء بتمديد التعبئة العامة لمدة أسبوعين حتى 24 أيار الجاري، نبهت مصادر وزارة الصحة عبر “الأنباء” لضرورة التقيد بالاجراءات الوقائية وعدم التراخي في تطبيق تدابير التعبئة، مشددة على ضرورة الاستمرار بالتقيد بالحجر المنزلي وعدم الاختلاط واستعمال كل الوسائل الوقائية.
وأشارت المصادر الى ان لا قدرة للبنان على احتواء الوباء في حال تفشيه مرة ثانية لأنه سيكون أقسى وأوسع انتشارا.
في هذا السياق، ومرة جديدة بعدما كان سباقا بالتحذير من الوباء قبل وصوله الى لبنان، كتب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على موقع “تويتر”: ”يبدو أن البعض في الجبل وفي غيرها من المناطق ينسى ان أزمة الكورونا في بدايتها. وكل التوقعات تقول بأن الوباء سيفتك مجدداً، لذا أذكّر الجميع من بلديات ومجتمع أهلي والحزب بأن التراخي جريمة، لذا على الدولة التشدد ووضع برنامج واضح لمصالح الناس وأهمية الاحتياطات. إنه طريق طويل لا مفر منه