كتبت “الانباء” تقول: وكأنه كُتب على اللبنانيين عدم الارتياح الى مستقبلهم ومصيرهم في هذه الفترة العصيبة التي تزداد قساوة، فما كادوا يتنفسون الصعداء لإمكانية السيطرة على فيروس كورونا والإعلان عن تصنيف لبنان من الدول التي تمكنت من محاصرة الوباء بشكل لافت، حتى عاد عدّاد كورونا إلى الارتفاع مجدداً مُسجّلًا أرقاماً قياسية بين العائدين والمقيمين، ما دفع بوزير الصحة حمد حسن بعد الاجتماع الطارئ الذي عُقد في السراي الحكومي بحضور رئيس الحكومة حسان دياب إلى القول بأننا “عدنا الى المربع الأول”، وإنه قد يضطر الى الطلب من مجلس الوزراء إقفال البلاد لمدة 48 ساعة لإعادة تصويب الأمور كما كانت في بداية قرار التعبئة العامة.
هذه المستجدات الصحية المقلقة دفعت المعنيين بالشأن الصحي ووزارة الصحة والطواقم الطبية وهيئات المجتمع المدني إلى إعادة النظر في طريقة العمل بعد التراخي الذي حصل الاسبوع الماضي.
مصادر طبية مواكبة كشفت عبر “الأنباء” الأسباب التي أدت إلى ظهور أعداد جديدة من المصابين خاصة في صفوف العسكريين كما تبيّن أمس في المحكمة العسكرية، عازية ذلك إلى اخفاء معلومات عن ظهور هذه الإصابات وإلى عدم الالتزام بالحجر المنزلي المفروض على العائدين من دول الاغتراب والذين لم تظهر عليهم عوارض المرض نتيجة فحص الpcr ليتبين لاحقًا أنهم مصابون بالكورونا وينقلون العدوى الى من حولهم كما جرى مع عنصر الجيش في المحكمة العسكرية، مؤكدة ان التكتم عن الاصابات هو جريمة بحد ذاته.
المصادر توقعت اجراءات صارمة الأسبوع المقبل من خلال الدعوة لمجلس الدفاع الأعلى وعودة التشدد في خطة التعبئة العامة التي ستواكب المرحلة الثالثة من إعادة المغتربين الذين سيخضعون الى تدابير صارمة.
إلى ذلك بقي الشأن الاقتصادي والتدابير المتخذة لمعالجة الأزمة النقدية على حالها من المراوحة والتردد والتأخير في سلوكيات الحكومة التي لم تستطع بعد لجم التدهور الخطير، رغم الاجتماعات المتواصلة لمجلس الوزراء وكل الاتصالات المحلية والخارجية التي يجريها رئيس الحكومة والوزراء المعنيين. حتى الملفات التي تم فتحها وكشف فضائح فيها، فهي لم ترتقِ بعد الى مستوى يمكن التعويل عليه بمحاسبة حقيقية ومعالجة جذرية. أما الآمال المعلقة على المساعدات المرتقبة من صندوق النقد الدولي فلا تزال في اطار الأماني بانتظار الزيارة المتوقعة لممثل الصندوق الى لبنان وما سينتج عنها.
وفي هذا السياق، لفت وزير الاقتصاد السابق آلان حكيم في حديث مع “الأنباء” الى وجود عوائق كثيرة تمنع صندوق النقد من تقديم المساعدات المطلوبة للبنان، ومنها أن مجلس ادارة هذا الصندوق معروف ممن يتشكل ومن هي الدول الداعمة له، ولذلك فإن شروط المساعدة يجب أن تكون واقعية وطبيعية للقبول بالملف الذي يتمثل بتنفيذ القضايا المتداولة بدءاً بإصلاح الكهرباء والإدارة العامة والقضاء، ووقف الهدر والتهريب والمعابر غير الشرعية والاصلاح الجمركي ومنع الصفقات والسمسرات والتلاعب بالأسعار والغش والدولار الذي يُهرب الى سوريا، والنظر بقضية الفيول المغشوش وعدم لفلفتها.
واعتبر حكيم انه “إذا لم يكن للحكومة خطة واضحة وشاملة في كل تلك البنود، فلن يعيرها صندوق النقد اهتمامه”، سائلا: “كيف يمكن ان تطبق خطة في بلد حدوده متفلتة من أية مراقبة ويعاني من فلتان في كل قطاعاته المنتجة؟”.
ورأى حكيم أنه “من هذا المنطلق فإن صندوق النقد قد يساعد على المستوى الصحي، لكنه لن يقدم مساعدات مالية واقتصادية لدولة لا تحترم حدودها وتخضع لرقابة جهات معينة”، لافتا إلى أن “مسألة حصول لبنان على مساعدة صندوق النقد قد تستغرق وقتا ما بين 3 الى 5 سنوات حتى يتأكد الصندوق من أن مسار الاصلاحات سلك طريقه الصحيح”.